كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن تقرير سري لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، يسلط الضوء على سلسلة من الأعطال التقنية والعملية التي تعاني منها الطائرة المقاتلة المتطورة "إف-35"، التي تعد واحدة من أغلى الطائرات الحربية في التاريخ بتكلفة تطوير تجاوزت 1.8 تريليون دولار.

وتحدث التقرير -الذي أعده مراسل الصحيفة من نيويورك دانييل إديلسون- عن مشاكل كبيرة قد تؤثر على فعالية الطائرة المقاتلة، في وقت تشكل فيه نسختها الإسرائيلية، المعروفة بـ"أدير"، أحد الأعمدة الأساسية في سلاح الجو الإسرائيلي.

مشاكل التخفي وإصابة الأهداف

ومن أبرز القضايا التي يثيرها التقرير هي الأعطال المتكررة في نظام التخفي للطائرة "إف-35″، حيث تم تصميم هذه الطائرة لتكون شبحية، مما يعني أنها تستطيع اختراق الأجواء المعادية دون أن يتم رصدها من قبل أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة.

لكن التقرير أشار إلى أن هذا النظام لا يعمل بالكفاءة المتوقعة، ويواجه صعوبة في الحفاظ على ميزات التخفي في بيئات القتال الحقيقية. ويتوقع أن تكون هذه الأنظمة أكثر فعالية في إخفاء الطائرة من الأنظمة الجوية المتقدمة التابعة للدول المعادية، مثل أنظمة الدفاع الروسية والصينية.

ورغم التصريحات السابقة لشركة "لوكهيد مارتن"، التي أكدت أن الطائرة قادرة على التخفي حتى في ظروف معقدة، كشف التقرير عن تدهور تدريجي في أداء هذا النظام، مما يؤدي إلى زيادة فرص رصد الطائرة أثناء المهمات.

وهناك مشكلة أخرى تتعلق بنظام التشخيص والإنذار للطائرة، إذ إنه من المفترض أن يقوم هذا النظام باكتشاف الأعطال في المكونات المختلفة للطائرة تلقائيا وتنبيه الطيارين والفنيين بشكل سريع. إلا أن هذا النظام يعاني من عيوب كبيرة، حيث يرسل الإنذارات الكاذبة بوتيرة عالية، مما يعقد مهمة فرق الصيانة في تحديد الأعطال الحقيقية.

وذكر التقرير أن هذه الإنذارات تحدث بمعدل مرة واحدة كل ساعة، مقارنة بالمعيار الطبيعي المتمثل في مرة واحدة كل 50 ساعة. وتؤدي هذه الزيادة غير الطبيعية في الإنذارات الكاذبة إلى إضاعة الوقت والموارد في معالجة مشاكل وهمية، وتزيد من تعقيد عمليات الصيانة.

وبالإضافة إلى الأعطال في الأنظمة الأساسية للطائرة، يتناول التقرير مشكلة أخرى تتعلق بالمدفع المدمج في طراز "إف-35". ورغم أنه كان يُعتقد أن هذا المدفع سيكون سلاحا فعالا في الطائرة، فإنه يواجه صعوبات في إصابة الأهداف، بسبب "مشاكل تصميمية وهيكلية".

ورغم الجهود العديدة التي بذلتها شركة "لوكهيد مارتن" لحل هذه المشكلة، فإن المدفع لا يزال غير قادر على تقديم الأداء المتوقع منه في ميادين القتال. ويعتبر هذا من العيوب الكبيرة بالنسبة لطائرة مصممة لتكون قادرة على مواجهة الطائرات المتطورة من الجيل الخامس، مثل طائرات "سو-57″ الروسية و"جي-20" الصينية.

الاختراق الإلكتروني

كما أن إحدى المشاكل التي ظهرت في التقرير تتعلق بصيانة طلاء الشبح للطائرة، الذي يستخدم لجعل الطائرة غير مرئية على شاشات الرادار، ويتطلب صيانة دقيقة لضمان فعاليته.

ولم تلتزم بعض الطائرات التي تم استخدامها بمعايير الطلاء اللازمة، مما يعرض الطائرة للاكتشاف أثناء العمليات. وتتعلق هذه المشكلة أساسا بالصيانة اللوجيستية، التي تأثرت بالضغط الكبير على المعدات والموارد المتاحة.

كما يشير التقرير إلى واحدة من القضايا الأمنية الرئيسية المتعلقة بتعرض الطائرة لهجمات إلكترونية، في ظل الحرب الإلكترونية الحديثة، حيث أصبحت هذه الطائرات بحاجة إلى تقنيات أمان متطورة لضمان سلامتها ضد هذه التهديدات.

ولفت التقرير النظر إلى أن "إف-35" قد تكون عرضة للاختراقات الإلكترونية، وهو ما يشكل تهديدا خطيرا أثناء العمليات القتالية. ورغم تأكيدات "لوكهيد مارتن" بأنها استثمرت بشكل كبير في أنظمة حماية الطائرة ضد هذه الهجمات، فإن هناك قلقا متزايدا بشأن فعالية هذه الأنظمة في التصدي للتهديدات المتطورة.

نجاحات في إسرائيل

على الرغم من الانتقادات والتقارير السلبية، تستخدم إسرائيل الطائرة "إف-35" بشكل فعال في العديد من المهام العسكرية.

وقالت الصحفية إنه منذ وصول الطائرة إلى إسرائيل في عام 2016، شاركت في العديد من العمليات الهجومية في سوريا وغزة، بالإضافة إلى مواجهة التهديدات الإيرانية في المنطقة. وأضافت أن إسرائيل تنسب إليها الفضل في العديد من الإنجازات، بما في ذلك إسقاط الطائرات الإيرانية بدون طيار في الهجمات الإيرانية الأخيرة.

وفي حين أن الولايات المتحدة باعت أكثر من ألف طائرة مقاتلة من طراز "إف-35" إلى دول حول العالم، يعتقد معد التقرير دانييل إديلسون أن الهجوم التشغيلي العالمي لهذه الطائرات ينسب أيضا إلى سلاح الجو الإسرائيلي.

وذكرت الصحيفة بعض المهمات التي شاركت فيها هذه الطائرات، حيث شاركت "أدير" أيضا في عملية حارس الأسوار (سيف القدس) في قطاع غزة عام 2021، وفي الحرب الحالية. بل استخدمت أيضا في العملية العسكرية ضد اليمن واستهداف محمد الضيف ومهاجمة أهداف في إيران والقنصلية الإيرانية في دمشق، التي أدت إلى اغتيال قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان، حسن مهدوي.

ورغم ذلك، شدد التقرير على أن هذه الطائرات تواجه العديد من التحديات المتعلقة بتكاليف الصيانة والصعوبات التقنية التي تثير القلق داخل الأوساط العسكرية.

ومع أن طائرة "إف-35" تتمتع بقدرات تكنولوجية متقدمة للغاية، فإن تقرير البنتاغون "يثير تساؤلات عما إذا كانت هذه الطائرة تبرر تكلفتها العالية. ففي حين يرى البعض أنها تمثل تقدما هائلا في التكنولوجيا الحربية، يرى آخرون أن الأعطال المستمرة ومشاكل الصيانة قد تجعلها غير فعّالة في المدى الطويل".

وعقب التصريحات المتفائلة من "لوكهيد مارتن" بشأن تحسينات مستقبلية، يظل السؤال قائما: هل هذه الطائرة هي الأداة المثلى لمهام الطيران الحربي، أم أنها مجرد تكنولوجيا باهظة الثمن تواجه تحديات حقيقية في التشغيل الفعلي؟

ويختم التقرير بالتأكيد على أن المشاكل التقنية تثير قلقا متزايدا حول مستقبل هذه الطائرة في مجالات مثل الموثوقية والصيانة والتكلفة، على الرغم من أنها كانت تُعتبر ثورة في مجال الطيران الحربي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات لوکهید مارتن هذه الطائرات هذه الطائرة هذا النظام العدید من

إقرأ أيضاً:

بعد عودتها “منهكة”.. البنتاغون يكشف: حاملة الطائرات “ترومان” نفذت أكثر من 13 ألف طلعة على اليمن

يمانيون | تحليل
في إعلان يكشف حجم المشاركة الأمريكية المباشرة في العدوان على اليمن، أفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن حاملة الطائرات “هاري إس ترومان”، التي وصلت يوم الأحد إلى قاعدة “نورفولك” البحرية بالولايات المتحدة، نفّذت أكثر من 13,000 طلعة جوية قتالية خلال فترة انتشارها في البحر الأحمر، ضمن العمليات العسكرية الأمريكية ضد اليمن.

هذا الإعلان –الصادر عن خدمة توزيع المعلومات المرئية الدفاعية التابعة للبنتاغون– يتزامن مع مغادرة “ترومان” مياه البحر الأحمر بعد تعرضها لضربات نوعية من القوات المسلحة اليمنية، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشراً على فشل استراتيجي أمريكي في إخضاع الجبهة اليمنية أو كسر إرادتها القتالية.

13 ألف طلعة… والنتيجة: انسحاب مرّ
وبحسب البيان، فإن طائرات مجموعة “ترومان” حلّقت لأكثر من 25 ألف ساعة، وقطعت حاملة الطائرات أكثر من 240,000 ميل بحري، ما يشير إلى كثافة العمليات التي قامت بها في إطار العدوان الأمريكي المستمر على اليمن..غير أن الأرقام الكبيرة هذه لم تُترجم إلى نتائج ميدانية ملموسة، وهو ما تجلّى بوضوح في قرار سحب “ترومان” من ساحة المواجهة بعد إخفاقها في إحداث اختراق في المعادلة اليمنية.

قناة “13 نيوز ناو” الأمريكية وصفت عودة “ترومان” إلى الوطن بـ”المغادرة المتأخرة بعد سلسلة من الإخفاقات”، مشيرة إلى أن الحاملة لم تتمكن من تأمين أهدافها، رغم قوتها النارية الكبيرة، بسبب تعاظم قدرات الدفاع اليمني البحري والجوي.

الردع اليمني يرسم قواعد جديدة للصراع
تأتي مغادرة “ترومان” عقب أشهر من الاشتباك غير المتكافئ بين آلة الحرب الأمريكية المتطورة، وقوات يمنية محاصرة لكنها صاعدة بثبات في ميدان الردع البحري والجوي..وقد شكّل استهداف حاملة الطائرات الأمريكية من قبل القوات المسلحة اليمنية، سابقة لافتة، كسرت ما تبقى من هيبة بحرية واشنطن في المنطقة، ودشّنت مرحلة جديدة في المعادلة الاستراتيجية.

ويرى محللون أن إخفاق “ترومان” في فرض التفوّق الجوي الأمريكي المطلوب، لا يعكس فقط فشل حملة عسكرية، بل يؤشر على أن واشنطن بدأت تفقد قدرتها على فرض معادلات الردع التقليدية، في ظل تطور أدوات المقاومة اليمنية، واتساع نطاق الاشتباك الجيوسياسي في المنطقة.

حرب الاستنزاف: اليمن يقاتل بأسلوب “النكء الذكي”
اللافت في إعلان البنتاغون، أنه جاء بعد أيام فقط من تزايد الضربات البحرية والجوية اليمنية ضد التحركات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، الأمر الذي أعاد طرح سؤال جوهري: من يملك المبادرة فعلياً؟

تشير الوقائع إلى أن القوات المسلحة اليمنية، التي تمكنت من تحويل استراتيجيتها إلى نمط “النكء الذكي”، استطاعت أن تستنزف حاملة الطائرات الأمريكية من دون خوض مواجهة مفتوحة، مكتفية بالضغط المتواصل، والتلويح بقوة الردع، ما أجبر واشنطن على الانسحاب “تحت جنح الهزيمة الصامتة”، بحسب توصيف أحد الخبراء العسكريين الأمريكيين.

صعود اليمن… وسقوط مبدأ “التفوق الأمريكي البحري”
الإعلان الأمريكي عن أرقام الطلعات وساعات التحليق، رغم ما يحمله من محاولة للتفاخر، يكشف عمليًا حجم الموارد المهدورة مقابل نتائج صفرية على الأرض.. فما الفائدة من آلاف الطلعات، إذا كان الهدف الأساسي –كسر إرادة صنعاء– لم يتحقق؟ بل على العكس، خرجت صنعاء من هذه المرحلة أكثر حضورًا وتأثيرًا، بينما انكمشت القوة الأمريكية إلى حدود القواعد الآمنة في البحرين وجيبوتي.

ما حدث مع “ترومان” ليس حادثة عابرة، بل تحوّل استراتيجي، يؤكد نهاية عصر التفوق الأمريكي المطلق في البحار، وولادة قوى مقاومة قادرة على إزعاج وتطويق حاملات الطائرات، عبر تكتيكات هجينة وأسلحة غير تقليدية.

اليمن يغيّر قواعد الاشتباك
في ظل هذا التطور، يمكن القول إن اليمن، برغم الحصار والعدوان، استطاع أن يفرض معادلة “لا تفوق بلا ثمن”، وهو ما يفسّر لماذا أُجبرت “ترومان” على الانسحاب، ولماذا يتحدث البنتاغون بلغة الأرقام أكثر من الإنجازات.

وعليه، فإن الحديث عن أكثر من 13 ألف طلعة جوية خلال العدوان على اليمن، لم يعد دليلاً على قوة أمريكا، بل بات شاهدًا جديدًا على فشلها في مواجهة إرادة شعب يرفض الركوع.

مقالات مشابهة

  • بعد الرحيل عن الريال.. تقرير يكشف وجهة مودريتش المقبلة
  • تقرير فرنسي يحذر من جماعة الإخوان.. باحث سياسي يكشف التفاصيل
  • تقرير يكشف أين تذهب رواتب الأتراك… بند واحد يبتلع كل شيء!
  • تقرير: "شبكة العنكبوت" الأوكرانية كشفت كلفة الحرب على روسيا
  • الجيش الأمريكي يكشف عن أكثر العمليات كثافة قتالية في التاريخ
  • الأسباب التي أدت سقوط طائرة دلتا .. فيديو
  • آخر المستجدات بشأن النازحين السوريين إلى شمال لبنان.. تقريرٌ لـUNHCR يكشف التفاصيل
  • التجارة الخارجية تحت المجهر.. المركزي يكشف في تقرير إحصائي أبرز الشركاء التجاريين
  • بعد عودتها “منهكة”.. البنتاغون يكشف: حاملة الطائرات “ترومان” نفذت أكثر من 13 ألف طلعة على اليمن
  • الحوثيون : سنسقط طائرات الاحتلال الإسرائيلي التي تقصف بلادنا