عبد الله علي إبراهيم

هذه كتابات عن زيارات قصيرة لإثيوبيا (2006م) والسنغال (2008م) وجنوب السودان (1980م) ساقتني، ضمن أشياء أخرى، إلى مشاهد إسلامية فيها ومآثر. واصطحبت فيها، كما لا مهرب منه، خطاب الهوية السودانية الذي "اندلع" جنباً إلى جنب مع الحرب الأهلية التي دارت منذ 1983م ودفعت بسؤال الهوية إلى مركز الدائرة في السياسة.


يكفي استعارّ الجدال يومها حول مشروعية أن تكون الخرطوم، بعد اختيار الجامعة العربية لها، عاصمة للثقافة العربية لسنة 2005م. فرفضتْ رموزٌ ثقافية مرموقة ذلك التعيين للخرطوم، لأن السودان أفريقي محضٌ، وليس من العروبة في شيء.
ولم أملك والحال كذلك، إلا أن أصطحب، خلال زياراتي، حجاجي حول الهوية السودانية مع من سمَّيتُهم بالخلعاء. وهم عندي المتمردون من بين شباب العرب المسلمين السودانيين الذين جاهروا بنزعتهم الأفريقية، مُطَلِّقين ما نشأوا عليه من هوية عربية إسلامية طلاقَ بينونة. وعاتبني من ظن مصطلحي؛ الخلعاء، حطَّاً لهم، وأنه ذمٌّ، كأني أزعم أن الهوية العربية مما لا يقبل الاجتهاد وإعادة النظر. ولم أقصد ذلك.
استوقفني ذلك الرهط من شباب الجلابة الذي خلع عروبته وإسلاميته (أو الإسلاموعروبية كما يسمونها) ليعرض بهويته الأفريقية "الخالصة" في عَرَصات البلد منذ منتصف الثمانينيات. وقلت إنهم يثيرون إشفاقي، لا حنقي، لأنهم ضحايا سياسات عربية وإسلامية نزعت من وجدانهم تلك المعاني نزعاً وألجأتهم إلى هويه أفريقية ظنوا بها خلاصهم من العروبة والإسلام وما هو كذلك.
فقد هدَّت كاهلَ هؤلاء الشباب سياساتُ للدولة في السودان جعلت هوية الجماعة العربية الإسلامية هويةً للدولة الوطنية التي تزخر بهويات غيرها كثيرٍ. وقد بلغت تلك السياسة ذروتها على يد دولة الإنقاذ (1989م-2019م) على أنها لم تَسْتَنَّها أول مرة. واستقوى جفاء هؤلاء الخلعاء للإسلاموعربية بعد هجراتهم إلى بلاد العرب، فاكتشفوا- على حين غِرَّة- وَهْمَ الفارق بين ثقافتهم البيضاء (أي العربية) وسحناتهم السوداء. وبدت لهم هويتهم العربية التي نشأوا عليها مجرد زعمٍ لم يقبل به العرب أسياد الاسم. وحقنهم اقتصاد هذه الهجرة لبلاد العرب العاربة، لو شئت، بالمرارات. فخَلُصوا إلى أن عروبتهم مجرد اختلاق.

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يستهدف مراكز المساعدات وخيام النازحين جنوب ووسط غزة

أكد يوسف أبو كويك، مراسل قناة القاهرة الإخبارية في قطاع غزة، أن المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين لا تزال تتكرر يوميًا، لا سيما قرب مراكز توزيع المساعدات، حيث استشهد صباح اليوم خمسة فلسطينيين قرب دوار العالم غرب مدينة رفح الفلسطينية أثناء اقترابهم من أحد مراكز توزيع المساعدات الأمريكية، في وقت نُقل فيه المصابون إلى مستشفى ناصر الطبي بمدينة خان يونس.

بين القصف والمجاعة.. غزة تواجه الموت المزدوج وسط صمت دوليانتشال جثماني شهيدين من منطقة معن شرقي خان يونس جنوبي غزة11 شهيدا وعشرات المصابين في قصف إسرائيلي وإطلاق نار قرب مركز مساعدات في غزةمؤسسة غزة الإنسانية تعلن إعادة فتح مواقع توزيع المساعدات بعد إغلاقها

وأوضح "أبو كويك" خلال مداخلة هاتفية عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"،  أن مستشفى ناصر استقبل أيضًا خمسة شهداء آخرين، بينهم طفلتان وسيدة، نتيجة قصف استهدف خيمة للنازحين في منطقة المواصي غرب المدينة، ليرتفع بذلك عدد الشهداء الذين استقبلهم المستشفى منذ فجر اليوم إلى عشرة من أصل 11 شهيدًا سقطوا في الساعات الأولى.

وأشار مراسل قناة القاهرة الإخبارية، إلى أن جنوب محور نتساريم، وتحديدًا شمال مخيم البريج، شهد صباحًا تدفق آلاف المواطنين إلى مراكز المساعدات، حيث تمكن البعض من الحصول على طرود غذائية قبل أن يستهدفهم الجيش الإسرائيلي بالقصف، ما أدى إلى استشهاد مواطن وإصابة آخرين، ما أجبر المئات على التراجع نحو أطراف مخيمي البريج والنصيرات.

وأضاف أبو كويك أن شهادات من الميدان أفادت بأن من لم يتمكن من استلام المساعدات اضطر للبقاء في محيط مراكز التوزيع بانتظار وصول شاحنات جديدة، لكن القوات الإسرائيلية باغتت المدنيين بإطلاق النار، ما أثار خشية من تكرار المجازر في ظل انعدام أي حماية إنسانية أو دولية لهذه التجمعات.

واختتم مراسل القاهرة الإخبارية من غزة بأن العدوان الإسرائيلي متواصل من منتصف الليلة الماضية، عبر غارات مكثفة استهدفت المناطق الشرقية من حي التفاح وشرق جباليا البلد، بالإضافة إلى استخدام روبوتات مفخخة فجّر أحدها صباح اليوم، ما أسفر عن دمار واسع في الأحياء السكنية، كما يواصل الاحتلال الضغط لتهجير سكان أحياء عباد الرحمن والنهضة في جباليا، ضمن خطة تفريغ ممنهجة للمناطق الشمالية، تحت مزاعم استهداف من يصفهم بـ"المنظمات الإرهابية".

طباعة شارك القاهرة الإخبارية غزة قطاع غزة الاحتلال

مقالات مشابهة

  • برلماني: دور مصر في غزة يؤكد ريادة القاهرة في الدفاع عن القضايا العربية
  • اليمن يغسل عار النكسة العربية في حزيران يونيو 67
  • جيش الاحتلال يعلن الاستيلاء على المستشفى الأوروبي والعثور على جثة محمد السنوار
  • الدويري: المقاومة بغزة تقود حرب استنزاف تختلف عن تلك التي قادتها الجيوش العربية
  • الاحتلال يستهدف مراكز المساعدات وخيام النازحين جنوب ووسط غزة
  • نتنياهو: أدعو إلى تحديد هوية الجناة المسؤولين عن حريق كنيس الحاخام يوسف
  • كأس العرب فيفا 2025: دليلك الشامل للبطولة العربية الأضخم في قطر
  • كاتب سعودي يدعو لوقف احتكار مصر للجامعة العربية.. ويقترح بديلا
  • ضيوف برنامج خادم الحرمين يقضون أول أيام التشريق وسط منظومة متكاملة من الخدمات والتقنيات المتطورة التي يسّرت أداء المناسك
  • جنوب السودان.. سالفا كير يعلن الطوارئ في ولايتين وتحذيرات من عسكرة الحياة المدنية