تظاهر العشرات من المواطنين في مدينة دمت بمحافظة الضالع (جنوبي اليمن)، احتجاجاً وتنديداً بجريمة مقتل "بكيل عبدالملك الهمام"، البائع المتجول، الذي قُتل بدم بارد على يد متحصلين حوثيين تابعين لمصلحة الضرائب في المدينة.

وطالب المتظاهرون بمحاسبة الجناة وإنزال أقصى العقوبات بحقهم، وسط حالة من السخط الشعبي تجاه الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها المليشيا ضد المدنيين.

وبحسب مصادر محلية ردد المتظاهرون من سكان دمت هتافات تندد بالممارسات القمعية التي تنتهجها المليشيا ضد المواطنين، مشددين على ضرورة تنفيذ حكم القصاص بحق المتورطين.

وذكرت المصادر أن المظاهرة جاءت على خلفية حادثة مقتل "بكيل عبدالملك الهمام"، بائع الفاكهة المتجول، الذي اعترض صباح الثلاثاء على دفع جبايات غير قانونية فرضها محصلو الضرائب الحوثيون. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، عاد المحصلون برفقة مسلحين وأطلقوا النار عليه، ما أدى إلى مقتله على الفور.

وفي تصريح سابق، وصف الناطق باسم إدارة أمن مديرية دمت، النقيب محمد علي السعيدي، الجريمة بأنها "تصرف فردي"، وهو ما أثار موجة غضب واسعة بين الأهالي، الذين اعتبروا التصريح محاولة للتنصل من المسؤولية وإخفاء معالم الجريمة.

وأشارت مصادر قبلية إلى أن مثل هذه الجرائم تعكس حالة الفوضى والعنف التي تمارسها المليشيا الحوثية ضد المدنيين، محذرة من عواقب تجاهل المطالب الشعبية بتسليم الجناة وإقامة العدالة.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

توحّش الميليشيات الحوثية يتجاوز الخطوط.. مؤيدوها تحت سيف القمع بعد الخصوم

في مشهد يعكس اتساع دائرة القمع الحوثي وتحول سلطتهم إلى كيان لا يرحم أحدًا، بات الموالون أنفسهم في مرمى العنف والانتهاك، كما حدث مؤخرًا مع الناشط المؤيد للجماعة فارس أبو بارعة، الذي تعرّض لاعتداء مسلح مروّع أمام منزله في صنعاء، على يد مجهولين يُعتقد أنهم مرتبطون بقيادات نافذة في الجماعة، بعد أيام فقط من منشور انتقد فيه فساد أحد أركانها.

الحادثة فتحت كشفت حقيقة ما يدعيه النظام القائم في صنعاء، وسلوكه القمعي الذي لم يعد يفرّق بين خصومه ومن كان بالأمس جزءًا من أدواته الإعلامية والدعائية.

فارس أبو بارعة، ناشط موالٍ للحوثيين ومرتبط إعلاميًا بميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، نشر قبل أيام منشورًا على حسابه في "فيسبوك" هاجم فيه القيادي في الجماعة عبد المجيد الحوثي، رئيس هيئة الأوقاف، متهمًا إياه بتعيين زوج ابنته مديرًا لمكتب الهيئة في محافظة إب، عقب ما وصفه بـ"تصفية معنوية" للمدير السابق أثناء احتجازه.

لم يمضِ على المنشور أكثر من ثلاثة أيام، حتى تعرّض أبو بارعة لهجوم مسلح من قبل سبعة رجال مدججين بالسلاح والهراوات، هاجموه أمام منزله وأمام عيني طفله الصغير، البالغ من العمر ست سنوات، والذي طاله الاعتداء أيضًا أثناء محاولة والده حمايته بجسده.

زوجة أبو بارعة، وفي منشور مقتضب على حساب زوجها، وصفت حالته الصحية بأنه "بين الحياة والموت"، مؤكدة أنه نُقل إلى المستشفى وهو يعاني كسورًا في اليد والأصابع وجراحًا متعددة، وسط غياب تام لأي تحرك أمني أو رسمي من سلطات صنعاء.

ما يلفت الانتباه أن الجهات الأمنية التابعة للجماعة، كعادتها، لم تعلن فتح أي تحقيق، في حين تتوالى الأسئلة بشأن هوية الجناة، الذين استقلوا سيارة "مجهولة الهوية" ثم فرّوا من موقع الجريمة دون أن يتعرضوا للملاحقة أو التعقب، الأمر الذي يُغذّي الشكوك بوجود توجيه أو غطاء رسمي للاعتداء.

يتفق متابعون وناشطون يمنيون على أن الحادثة تمثل نموذجًا صارخًا لطبيعة الحكم القائم في صنعاء، والذي يُدار وفق ما وصفه البعض بـ"المزاج النزق"، حيث يغدو القمع خيارًا دائمًا، يتخذ أشكالًا شتى: من إرسال مسلحين لتأديب المعارضين، إلى تفجير البيوت، ومداهمات المنازل، والاعتقال التعسفي، والتشهير والتشريد... وكلها أدوات تستخدمها الجماعة ضد من يعارضها أو حتى ينتقدها نقدًا داخليًا.

الكاتب والسياسي المعروف محمد المقالح، علّق على الاعتداء قائلًا إن ما تعرّض له أبو بارعة يختلف في الشكل فقط عن اعتداءات سابقة، بينها الاعتداء على الدكتور إبراهيم الكبسي، والذي أُخذ إلى قسم الشرطة بعد تعرضه لضرب مبرح وتحطيم سيارته، ثم خُيّر بين السجن والصمت، فاختار الصمت.

واعتبر المقالح أن أبو بارعة لم يُؤخذ إلى قسم الشرطة ولم يُعرض عليه الخيار ذاته، لأن "الجهة المعتدية في حالته لا تزال مجهولة"، مضيفًا بسخرية: "ربما السيارة فقط مجهولة، لا المعتدون"، قبل أن يعلن تضامنه الكامل مع الناشط المصاب.

لكن ناشطين آخرين رأوا أن التفرقة بين مسلحين بزي أمني وآخرين مدنيين باتت بلا معنى، طالما أن الجميع يتحركون تحت مظلة سلطة واحدة، وصفوها بـ"العصابة التي تحكم بلا قانون ولا مساءلة".

في أول منشور له بعد الحادث، كتب أبو بارعة – رغم آلامه وإصاباته – أنه لن يتراجع عن كشف الفساد مهما كان الثمن، مؤكدًا أن هدفه ليس الانتقام، بل محاسبة المعتدين في إطار القانون. وخاطب قادة الأمن الحوثيين قائلًا: "الأمن ليس شعارات.. بل فعل. والعدالة لا تأتي بالتمني، بل بالإرادة والقرار".

لكنه لم يوجّه الاتهام لأي جهة مباشرة، معتبرًا أن "من الصعب استبعاد أحد، في ظل غياب أي تحرك أمني حقيقي"، في إشارة ضمنية إلى البيئة الأمنية المختنقة في صنعاء، التي أصبحت غير آمنة حتى للموالين للجماعة.

الكثير من النشطاء الموالين في صنعاء أصبحو تحت مطرقة الانتهاكات الحوثية، فالولاء لم يعد كافيًا لحمايتهم، فإن خالفت مزاج المتنفذين أو لامست ملفاتهم الحساسة، فمصيرك الاعتداء أو الاختفاء".

في الوقت الذي تواصل فيه ميليشيا الحوثي الحديث عن "الدولة والعدالة ومحاربة الفساد"، تتسع قائمة ضحاياها لتشمل معارضين، وأكاديميين، وناشطين، وأخيرًا مؤيدين حاولوا ممارسة النقد الذاتي... ليجدوا أنفسهم بين الحياة والموت.

وما يفاقم خطورة الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي بحق حتى الموالين لها، هو الطابع العنصري والطبقي الذي بات واضحًا في تعاملها مع المنتقدين. فبينما يتم تجاهل الانتقادات الصادرة عن نشطاء محسوبين على عائلات هاشمية أو من يُعرفون بـ"آل البيت"، بل وتُعامل على أنها "نقدٌ بنّاء"، يُقابل نفس النقد حين يصدر عن نشطاء من خلفيات اجتماعية "دونية" – وفق التصنيف الحوثي – أو ممن لا ينتمون لصعدة أو للسلالة الحاكمة، بـالعنف والتأديب والإذلال.

قضية فارس أبو بارعة تمثل هذا الواقع بوضوح، إذ لم يشفع له ولاؤه السياسي والإعلامي للجماعة، لأنه لا ينتمي لدوائرها الطبقية المغلقة، مما جعل انتقاده يُعامل كجريمة تستحق العقاب، بعكس ما يحدث مع آخرين من داخل "السلالة" تُغض الطرف عن مواقفهم الأكثر حدة.

ويرى ناشطون أن هذا التمييز العنصري داخل صفوف الموالين أنفسهم يعكس بنية فكرية عنصرية تتعامل مع اليمنيين وفق مبدأ "السيد والخادم"، ويؤكد أن الجماعة لا تسعى لبناء دولة أو مشروع وطني، بل إلى تثبيت منظومة سلالية ترى النقد امتيازًا لا يُمنح إلا لـ"الصفوة"، بينما يعامل غيرهم كخونة أو خصوم في حال تجرؤوا على الكلام. 

ويصف أحد النشطاء في صنعاء أن المشهد في المدينة مرعب، ليس فقط للرافضين للحوثيين، بل حتى للمؤمنين بهم، فالجماعة لم تعد تسمح بوجود أي رأي، حتى لو كان نابعًا من قلب مؤيديها. فارس أبو بارعة ليس أول من يدفع ثمن كلمة، وقد لا يكون الأخير، ما لم يُرفع الصوت مجددًا ضد سلطةٍ لم تعد ترى أمامها سوى سلاحها، ولا تسمع إلا صدى بطشها.

مقالات مشابهة

  • في ظل احتجاجات غاضبة.. حلف قبائل حضرموت يلوّح بخطوات قادمة لإنقاذ المحافظة
  • توحّش الميليشيات الحوثية يتجاوز الخطوط.. مؤيدوها تحت سيف القمع بعد الخصوم
  • احتجاجات تعم حضرموت تنديداً بانهيار الخدمات
  • حضرموت.. احتجاجات شعبية غاضبة واقتحام مقر السلطة المحلية بالمكلا تنديداً بانهيار خدمة الكهرباء
  • حضرموت.. احتجاجات غاضبة في المكلا تنديدا بتردي الأوضاع وانقطاع الكهرباء
  • مقتل شاب وفصل رأسه عن جسده في جريمة مروعة هزت صنعاء
  • اليمن: العملة الحوثية المزورة «جريمة» تهدد الاقتصاد
  • وفاة أربعة من أسرة واحدة في حادث مروّع بإب
  • «الشرطة السياحية» يُناقش أفضل الممارسات والتجارب والمبادرات
  • نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة