القصف الإسرائيلي مستمر على قطاع «غزة».. و«الأونروا» تحذر من مستويات حرجة لـ«الجوع»
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلى عدوانها على قطاع غزة، براً وبحراً وجواً، ما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا إلى 44 ألفاً و249 شهيداً منذ 7 أكتوبر 2023، أغلبهم من النساء والأطفال، وإصابة 104 آلاف و746 آخرين، فى حصيلة غير نهائية، فيما استشهد وأصيب عدد من المواطنين، بينهم أطفال ونساء، فجر أمس، فى قصف طائرات الاحتلال الحربية مدينة غزة، وبيت لاهيا شمال القطاع، إذ استشهد 8 مواطنين، فى قصف الاحتلال لمدرسة التابعين بغزة، واستشهد 4 آخرون، فى قصف بالطائرات لمنزل فى شارع بغداد بحى الشجاعية شرق غزة، بجانب استشهاد 3 وإصابة آخرين، فى قصف لبوابة مستشفى كمال عدوان فى بيت لاهيا، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
واقتحمت قوات الاحتلال، أمس، مخيم الفارعة برفقة جرافتين عسكريتين وسمعت أصوات إطلاق نار، وداهمت منزلاً فيما اعتدت جرافات الاحتلال على ممتلكات المواطنين، وشرعت فى تدمير واسع للبنية التحتية، وفى وقت لاحق، اعتقلت قوات الاحتلال الأسيرين المحررين إياد وحازم مصطفى المسلمانى، والشاب إسلام شفيق خراز، بعد مداهمة منازل ذويهما فى طوباس، بحسب إفادة مدير نادى الأسير فى طوباس كمال بنى عودة.
وفى سياق آخر، استدعت قوات الاحتلال الإسرائيلى، أمس، أمين سر حركة فتح فى قرية كيسان شرق بيت لحم أحمد غزال لمراجعة مخابراتها، كما داهمت منزله وعبثت بمحتوياته وسلمته بلاغاً لمراجعة مخابراتها، وفى شرق نابلس، أصيب عدد من المواطنين بالاختناق بالغاز السام، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلى المزارعين فى قرية سالم شرق نابلس، فيما أفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال هاجمت المزارعين فى المنطقة الشرقية من القرية، خلال توجههم إلى أراضيهم، ومنعتهم من قطف ثمار الزيتون، وأطلقت قنابل الغاز السام، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق، بينهم أطفال ونساء.
جدير بالذكر أن قوات الاحتلال والمستعمرين نفذوا منذ بدء موسم الزيتون 407 اعتداءات، وارتكب جيش الاحتلال 120 حالة اعتداء، و242 حالة اعتداء للمستعمرين، و45 حالة اعتداء نفذتها الجهتان معاً، مبينة أن هذه الاعتداءات تراوحت بين الاعتداء الجسدى العنيف، الأمر الذى أدى إلى استشهاد مواطن على يد مستعمرين فى قرية سبسطية فى محافظة نابلس، ومواطنة برصاص الجيش فى بلدة فقوعة فى محافظة جنين، إضافة إلى حملات الاعتقال وتقييد الحركة ومنع الوصول والتخويف والترهيب بأشكالها كافة، وفقاً لـ«هيئة مقاومة الجدار والاستيطان».
وعلى جانب أممى حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، أمس الأربعاء، من تداعيات وصول الجوع فى قطاع غزة إلى مستويات حرجة، مطالبة بوقف إطلاق النار فوراً، إذ وصل الجوع فى غزة إلى مستويات حرجة، حيث يبحث الناس عن بقايا الطعام فى النفايات التى مضى عليها أسابيع، ومع دخول فصل الشتاء، تتدهور الأوضاع بسرعة ويصبح البقاء مستحيلاً دون مساعدات إنسانية عاجلة، يجب وقف إطلاق النار الآن، وفقاً لبيان مقتضب على منصة «إكس».
فيما أفاد نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، بأن الأمم المتحدة قامت بإحدى وأربعين محاولة هذا الشهر للوصول إلى المواطنين المحاصرين فى مناطق بشمال غزة بمساعدات منقذة للحياة، لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلى منعت جميع هذه المحاولات، وأن سلطات الاحتلال رفضت 37 من هذه البعثات، علماً بأن تلك التى تمت الموافقة عليها وعددها 4 بعثات، قوبلت بعوائق على الأرض ولم تحقق سوى جزء من مهامها، موضحاً أن أجزاء من شمال غزة تخضع للحصار لأكثر من 50 يوماً، فيما يتعرض الأهالى لقصف مكثف وهم بحاجة ماسة للمساعدة.
ودعا مقررو الأمم المتحدة إلى «امتثال كامل» لمذكرة الاعتقال التى أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، وأن «الجنائية الدولية» أصدرت مذكرات الاعتقال بسبب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مضيفاً أن مذكرات الاعتقال الصادرة يمكن أن تساعد فى إنقاذ الأرواح، ويجب احترامها والامتثال لها بالكامل، وأن «قرار المحكمة الجنائية الدولية هو من أجل العدالة والمساءلة، ويشكل خطوة تاريخية»، وفقاً لبيان مشترك لمقررى الأمم المتحدة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة الاحتلال إسرائيل الأونروا الاحتلال الإسرائیلى قوات الاحتلال الأمم المتحدة فى قصف
إقرأ أيضاً:
فيما يندفع العالم إلى الهاوية النووية... أين المعارضة؟
ترجمة - أحمد شافعي
مرة أخرى ترجع الأسلحة النووية لتتصدر عناوين الأخبار، بخطرها القاتل، وتاريخها الأسود، وانتشارها المستقبلي، والأخبار كالعادة مثيرة للقلق، تشارف تخوم اليأس. فقد قررت روسيا الأسبوع الماضي أن تنسحب رسميا من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى (INF) الموقعة سنة 1987 والتي تحظر الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى، ويأتي هذا القرار ليقوض عمودا أساسيا في الحد العالمي من التسلح. وسوف يعجّل هذا من سباق التسلح النووي المحموم أصلا في أوروبا وآسيا في لحظة يتبادل فيها زعيما الولايات المتحدة وروسيا السخرية على غرار تلاميذ المدارس. هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الغرب مرارا بالأسلحة النووية خلال حربه في أوكرانيا. ففي نوفمبر الماضي، أطلقت القوات الروسية صاروخها الجديد متوسط المدى المجاوز لسرعة الصوت القادر على حمل رؤوس نووية المعروف باسم أورشنيك، على مدينة دنيبرو. ينطلق الصاروخ «كالنيزك» بسرعة تماثل سرعة الصوت عشر مرات ويمكنه الوصول إلى أي مدينة في أوروبا حسبما يتباهى بوتن، ولو صدق في ذلك فهو انتهاك سافر لمعاهدة القوات النووية متوسطة المدى. وتلقي موسكو باللوم في قرارها هذا بنبذ المعاهدة على أعمال الناتو العدائية. غير أن تغاضيها عن المعاهدة عمليا أمر قديم، وأبرز أشكال ذلك نشرها صواريخ في كاليننجراد، وهي الجيب الروسي القائم على بحر البلطيق وبيلاروسيا.
أما وقد قيل ذلك، فإن لورسيا حقا في ما يتعلق بالناتو. فقد تراجع دونالد ترامب عن معاهدة القوات النووية متوسطة المدى للمرة الأولى في عام 2018. وأعقب ذلك بزيادة هائلة لدى دول الناتو الأوروبية من الصواريخ والقاذفات والطائرات ذات القدرات النووية المصنوعة في الغالب في الولايات المتحدة، وكان طبيعيا أن يثير ذلك قلق موسكو.
وكان يجدر به أن يثير قلق الأوروبيين أيضا. وقد حدث في ثمانينيات القرن العشرين أن أثار نشر صواريخ بيرشنج وصواريخ كروز الأمريكية احتجاجات عنيفة في أرجاء القارة. وعلى النقيض، نرى صمتا غريبا يصاحب العد التنازلي المشؤوم لقيامة العالم، وقد اقترب أكثر من ذي قبل من الكارثة، فبات على بعد تسع وثمانين ثانية من منتصف الليل.
وجاء زعم ترامب المغالي فيه الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة نقلت غواصات نووية فباتت أقرب إلى روسيا ردا على التهديدات الفجة من الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف المعروف بكونه ألعوبة لبوتن. وتلك أيضا كانت لحظة رعب. وكان يمكن لهذه المواجهة الصبيانية أن تحقق غرضا نافعا لو أنها نبهت الرأي العام الأوروبي الغافل إلى الخطر المتفاقم للمواجهة النووية. لعل الناس اطمأنوا، أو لعل لديهم مشكلات أخرى مثيرة للقلق. ولعل حكومات بلاد من قبيل بريطانيا ـ المشكوك في إخفائها قنابل جاذبية نووية أمريكية في قاعدة جوية بشرق أنجليا ـ عاجزة مرة أخرى عن قول الحق. (ترفض حكومة المملكة المتحدة القول بما إذا كانت الأسلحة النووية الأمريكية موجودة الآن في قاعدة لاكنهيث الجوية الملكية أم لا).
مهما يكن السبب، يقع على عاتق أبناء الحرب الباردة ـ وبنات جرينهاوس كومون، وورثة متظاهري حظر القنبلة وداعمي حملة نزع السلاح النووي الدءوبين ـ أن يحذروا بصوت أعلى بأن هذا هو طريق الهلاك. لكن لماذا يكونون وحدهم الذين يدقون ناقوس الخطر؟ فالأمر كله يتكرر، ولا فارق إلا أنه في هذه المرة أسوأ، وأن الجميع واقعون في مرماه. وإذا لم يتم الحد من الأسلحة النووية بما بلغته اليوم من قوة أكبر كثيرا فقد يتحول الكوكب كله إلى ساحة قتل. ويجب أن نرى في الاحتفال الذي أقيم الأسبوع الماضي في الذكرى الثمانين لقنبلتي هيروشيما ونجازاكي الذريتين تحذيرا وتذكرة في الوقت نفسه.
تتسارع وتيرة تراكم الأسلحة النووية في أوروبا. فالولايات المتحدة تخزن فعليا قنابل نووية في ألمانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا وتركيا. والآن عرضت المملكة المتحدة أيضا منشآت، وتشتري طائرات ذات قدرة نووية. وسوف تستضيف ألمانيا صواريخ توماهاوك كروز وصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت في العام القادم. وتوسع الولايات المتحدة قواعدها الصاروخية في بولندا ورومانيا.
وتنضم دول من الناتو من قبيل الدنمارك والنرويج إلى تدريبات صاروخية تستهدف على سبيل المثال ترسيخ «السيطرة» على بحر البلطيق.
وكل هذا مبرر باسم الدفاع عن النفس، في مواجهة روسيا البوتنية بالذات. وبالمثل قرار الناتو في يونيو برفع ميزانيات الدفاع الوطنية إلى نسبة 5% من إجمالي الناتج الوطني. وليست الصورة العالمية أقل إزعاجا. فالدول التسع المسلحة نوويا ـ بريطانيا والصين وفرنسا والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية وباكستان وروسيا والولايات المتحدة ـ أنفقت 100.2 مليار دولار، أو 3.169 دولار في الثانية على الأسلحة النووية خلال العام الماضي، حسب ما ذكرته الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (Ican).
وهذا يمثل زيادة بنسبة 11% عن عام 2023.
بموجب خطة موازنة 2026 التي اقترحها ترامب، سوف تزيد الولايات المتحدة ـ وهي بالفعل أكبر المنفقين في العالم ـ من تمويل القوات النووية بما فيها صاروخ سنتينل الباليستي العابر للقارات الجديد، وتبلغ نسبة الزيادة 26% لتصل إلى 87 مليار دولار. وفي سياق مساعي الصين للقيام بدورها في زعزعة أمن العالم فقد زادت ترسانتها النووية إلى أكثر من الضعف منذ 2020 لتصل إلى خمسمائة رأس نووي.
فمن الذي يشك في الوجهة التي يمضي إليها كل هذا؟ للمرة الأولى منذ الحرب الباردة، تمضي أوروبا وآسيا والشرق الأوسط إلى التحول إلى ساحات معارك نووية محتملة، مع فارق واحد يتمثل في أن القنابل الذرية والصواريخ لم تعد تعتبر اليوم أدوات للردع وإنما للهجوم وللفوز بالحروب. وانتشار الرؤوس التكتيكية منخفضة القوة يتيح، افتراضا، إمكانية نشوب حرب نووية «محدودة». وفور أن يتم تجاوز هذا الخط الأحمر، فقد تتبعه سلسلة ردود أفعال لا يمكن إيقافها.
وتتهاوى شبكات الأمان بانهيار اتفاقيات الحد من التسلح ـ فمعاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة (ستارت الجديدة) توشك على الانتهاء في فبراير 2026.
والدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار ملزمة بموجب «حسن النية» بنزع أسلحتها تدريجيا، ولكنها بدلا من ذلك تسارع من وتيرة التسلح. وأنظمة الذكاء الاصطناعي اللاإنسانية قد تزيد خطر قيام قيامة بالصدفة. والدول المارقة من قبيل إسرائيل وكوريا الشمالية تتجاوز الحدود باستمرار. وتهور ترامب، وجنون بوتن، يزيدان الإحساس بأننا نعيش في ساحة عالمية للرماية.
لعل الأمر كان بالغ الاختلاف من قبل. في يونيو من عام 1945 قال فريق من علماء الفيزياء النووية بجامعة شيكاغو بقيادة جيمس فرانك للرئيس هاري ترومان إن هجمة مفاجئة بقنبلة ذرية على اليابان أمر «لا يشار به». وتنبأوا بأن يؤدي تفجير سلاح جديد سباق تسلح عالميا لا يمكن السيطرة عليه. وقوبلت تحذيراتهم بالرفض. والآن تحاول الأمم المتحدة من جديد. وتماشيا مع معاهدة 2021 التي تحظر الأسلحة النوية، تم تكليف لجنة دولية رفيعة المستوى في الشهر الماضي بدراسة «الآثار المادية والعواقب المجتمعية» للحرب النووية على «نطاق محلي وإقليمي وكوكبي».
التحدي هائل، والنتيجة غير مضمونة. لكن شخصا ما في مكان ما بطريقة ما لا بد أن يدعو إلى إيقاف الجنون. ولا يزال ممكنا أن نرجو، خلافا لحال عام 1945، أن يسود رأي الحكماء.
سيمون تيسدال من كتاب أعمدة الرأي ومتخصص في الشؤون العالمية