ردع العدوان.. التوقيت ومواقف الأطراف والنظام السوري وحلفائه
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
بعد هدوء دام ما يقارب 5 سنوات، تشهد مناطق الشمال السوري تصعيدا عسكريا متسارعا إثر قيام فصائل المعارضة السورية بهجوم مفاجئ الأربعاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري على مواقع النظام في ريف حلب الغربي.
وأسفرت العملية التي أطلق عليها "ردع العدوان" عن سيطرة المعارضة على مساحات شاسعة من ريفي حلب الغربي وإدلب الشرقي خلال أقل من 48 ساعة على بدء الهجوم.
وشكّلت المعارضة غرفة "إدارة العمليات العسكرية" مع بداية الهجوم، وتضم هيئة تحرير الشام وأخرى من الجيش الوطني السوري التابع للمعارضة، إضافة إلى عدد من فصائل المعارضة في إدلب.
وقالت إن الهجوم يأتي في إطار كبح جماح النظام الذي يهدد ببدء عمل عسكري على محافظة إدلب، ويصعّد القصف عليها بالمدفعية والصواريخ والطائرات الملغمة.
وكانت آخر اشتباكات شهدتها هذه المناطق في مارس/آذار 2020 بعد توقيع اتفاقية "سوتشي" بين تركيا وروسيا، إلا أنها كانت تشهد بين الحين والآخر خروقات من قِبل النظام وروسيا، تؤدي إلى وقوع ضحايا أغلبهم مدنيون.
واليوم تأتي هذه العملية في ظروف دولية وإقليمية متداخلة، إثر التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، وكانت سوريا إحدى ساحاته عبر استهداف المواقع التابعة لإيران وحزب الله.
أهداف متعددةوحددت فصائل المعارضة السورية الأهداف العامة من هذه العملية والمتمثلة بكسر مخططات النظام عبر توجيه ضربة استباقية مدروسة لمواقع قواته والمليشيات التابعة له.
وأكد الناطق باسم غرفة "العمليات العسكرية" القيادي حسن عبد الغني أن الدفاع عن المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة "ليس خيارا بل هو واجب"، مشددا على أن "هدفهم الثابت هو إعادة المهجرين إلى ديارهم".
لكن التطورات الميدانية المتلاحقة، والتقدم المستمر لقوات المعارضة يشير إلى أن هناك أهدافًا أكبر من تلك التي تم الإعلان عنها، وفي هذا السياق يقول قائد حركة أحرار الشام عامر الشيخ عبر صفحته على منصة إكس إن عملية ردع العدوان مستمرة حتى تحقيق أهدافها المتمثلة بوقف اعتداءات النظام، وإبعاد خطر المليشيات الإيرانية عن مناطق سيطرة المعارضة، وتهيئة الظروف المناسبة لعودة الناس إلى أرضهم بأمان.
وبحسب مراقبين فإنه يمكن رسم الأهداف العامة لهذه العملية بتوسيع مناطق سيطرة المعارضة، وتأمين عودة المدنيين إلى منازلهم وتخفيف الضغط السكاني الهائل على باقي المناطق، إلى جانب تحييد سلاح المدفعية والطائرات المسيّرة التي تستهدف المدنيين في مناطق المعارضة.
وحسب فريق "منسقو استجابة سوريا" فإن أرياف حلب وإدلب تعرضت منذ بداية العام الجاري وحتى 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لأكثر من 256 هجوما بـ874 طائرة مسيّرة انتحارية من قوات النظام السوري، أدت لمقتل 34 مدنيا وإصابة 88، من بينهم نساء وأطفال.
من ناحيته، يرى المحلل الإستراتيجي العقيد أحمد حمادة في حديثه مع الجزيرة نت أن الهدف الجغرافي من هذه العملية مفتوح لأن الواقع الميداني هو من يحكمه من جهة، ولأن الفصائل التي شنت هذا الهجوم لم تعلن هدفها النهائي من هذه العملية من جهة أخرى، إذ قد يشمل كل مناطق خفض التصعيد التي تم الاتفاق عليها عام 2017، والتي تمتد إلى منطقة مورك في ريف حماة الشمالي، وقد يتوسع لتشمل مدينة حلب أيضا.
وبالإضافة إلى الدفاع عن المناطق المحررة، التي كانت تتعرض لاستهدافات متكررة من النظام وحلفائه عن طريق القصف المدفعي أو الجوي أو حتى عبر الطائرات المفخخة في الآونة الأخيرة، يبدو واضحا أن هناك أهدافًا سياسية لهذه العملية تتمثل بتحريك الملف السوري، وإعادة الاهتمام الدولي به، بعد حالة الجمود التي مرَ بها خلال السنوات الست الماضية، وذلك بحسب العقيد حمادة.
تطورات ميدانية متسارعةقد يكون التقدم الميداني المتسارع، والسيطرة على مواقع جديدة لقوات النظام السوري من أبرز ما يميز هذه العملية، إذ استطاعت قوات المعارضة في الساعات الأولى من إطلاق العملية السيطرة على مواقع وتلال مهمة في ريف حلب الغربي أبرزها الشيخ عقيل وعنجارة و"الفوج 46″ الإستراتيجي.
وبذلك تكون مساحة المنطقة التي سيطرت عليها المعارضة في اليوم الأول للعملية وصلت إلى 245 كيلومترا مربعا، وأصبحت على بُعد 5 كيلومترات من مدينة حلب، إلى جانب مقتل العشرات من قوات النظام، واغتنام العديد من الأسلحة والمدافع منها مستودع صواريخ "كورنيت"، وذلك بحسب غرفة "إدارة العمليات العسكرية".
واختتمت فصائل المعارضة مواجهات اليوم الثاني محققة تقدّما سريعا ولافتا على مختلف جبهات ريف حلب الغربي والريف الشرقي لإدلب، إضافة إلى الزربة وخان العسل ما مكّنها من قطع الطريق الدولي حلب – دمشق.
كما تمكّنت من استهداف مواقع لقوات النظام في قلب مدينة حلب لأول مرة منذ بدء العملية، وسط أنباء تشير إلى وصول طلائع الفصائل إلى مشارف مدينة حلب، بعد إعلان غرفة "العمليات العسكرية" أمس السيطرة على كامل الريف الغربي لمدينة حلب.
وتعليقًا على هذا التقدم السريع، يوضح القيادي السابق في المعارضة العسكرية العقيد عبد الجبار العكيدي، في حديثه للجزيرة نت، أن أسباب ذلك تكمن في التخطيط العسكري، والإدارة الموحدة للعمليات، إضافة إلى وجود أسلحة محلية، والانهيار السريع لقوات النظام والمليشيات التابعة له في ظل عدم وجود مشاركة فعلية للطيران الروسي حتى الآن.
وكانت المعارضة السورية أعلنت أمس الخميس لأول مرة استخدام طائرات مسيّرة باسم "كتائب شاهين" قصفت من خلالها طائرات مروحية للنظام في مطار النيرب العسكري.
أما أهم عامل برأي العكيدي فهو "توحد الفصائل بغرفة عمليات واحدة هي إدارة العمليات العسكرية، ونبذ الخلافات بين الفصائل، التي تقاتل الآن كتفا إلى كتف، رغم أنها منذ أيام كانت تتقاتل مع بعضها".
وفي أول تعليق للنظام السوري على الهجوم، أعلنت وزارة الدفاع أن فصائل المعارضة شنت هجوما واسعا الأربعاء، على عدد من القرى والبلدات والنقاط العسكرية في ريفي حلب وإدلب، مشيرة إلى أنها "تصدت له" ومؤكدة أن الهجوم لا يزال مستمرا.
وجاء في بيان للوزارة صباح الخميس أن -ما سمتها- التنظيمات الإرهابية المسلحة المنضوية تحت جبهة النصرة والموجودة في ريفي حلب وإدلب قامت "بشن هجوم كبير وعلى جبهة واسعة صباح يوم الأربعاء بأعداد كبيرة من الإرهابيين وباستخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة مستهدفة القرى والبلدات الآمنة ونقاطنا العسكرية في تلك المناطق".
وقال البيان إنه تم التصدي للهجوم "الذي ما زال مستمرا حتى الآن، وكبدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح، وتقوم قواتنا بمواجهة التنظيمات الإرهابية بمختلف الوسائط النارية وبالتعاون مع القوات الصديقة".
منذ بداية التصعيد الإقليمي في المنطقة بعد عملية طوفان الأقصى، تحاول المعارضة السورية استغلال الهوامش الممكنة لتغيير الواقع الجيوسياسي من جهة، ولتأمين المناطق التي تسيطر عليها من اعتداءات النظام التي تزايدت في الفترة الأخيرة من جهة ثانية.
وبحسب الخبير العسكري أحمد حمادة، فإن المعارضة تحاول في هذا التوقيت استغلال ما يسمى سياسة "تحجيم النفوذ الإيراني" في سوريا، ويترافق ذلك مع مخاوف المعارضة من تحركات المليشيات التابعة لإيران وحزب الله في سوريا، وسعيها لإعادة نقاط انتشارها وتمركزها في مناطق بعيدة عن الحدود الإسرائيلية مثل أرياف حلب وإدلب ودير الزور.
ويتابع حمادة أن كل ذلك يأتي وسط شرخ قوي بين النظام وحزب الله بعد أن يئس الأخير من مساعدة النظام السوري له في التصعيد الإسرائيلي الأخير ضده.
وعلى المستوى الدولي يأتي هذا الهجوم وسط استنزاف روسيا، أكبر داعمي النظام بالملف الأوكراني، وتعقيبا على هذه النقطة أشار الخبير العسكري العراقي مهند العزاوي للجزيرة نت إلى التقارير التي تحدثت عن وجود دعم غربي عسكري للمعارضة السورية لأول مرة، وذلك بغرض فتح جبهة جديدة ضد روسيا التي لم تعد سوريا أولوية عندها بسبب انشغالها بالحرب في أوكرانيا.
ماذا عن الموقف التركي؟على الرغم من أن تركيا تعد الضامنة لمناطق خفض التصعيد من ناحية المعارضة، فلم يصدر عنها موقف رسمي حتى الآن من العمليات التي تخوضها المعارضة السورية في الشمال السوري، غير أن وكالة رويترز نقلت عن مصادر أمنية تركية (لم تسمها) أن عملية المعارضة السورية باتجاه حلب تقع ضمن حدود منطقة خفض التصعيد بإدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في 2019.
وأضافت المصادر أن العملية المحدودة لجماعات المعارضة توسعت بعد أن غادرت قوات النظام السوري مواقعها، موضحة أن العملية جاءت عقب هجمات النظام على المنطقة.
وبناء هذه التصريحات التركية يرجح الباحث بمركز الحوار السوري أحمد قربي "أن تكون العملية قائمة بموافقة ضمنية من تركيا على الأقل في الوقت الحالي، لأن تركيا تريد استغلال الظرف الحالي وتراجع النفوذ الإيراني، في ظل التداخل الدولي من مختلف الأطراف الفاعلة بالشأن السوري من أجل تقوية أوراقها في سوريا، والضغط على النظام السوري في ملف تطبيع العلاقات بين البلدين".
ويعتقد القربي، في حديثه للجزيرة نت، أن العملية قائمة على سيناريوهين، الأول ناتج عن توافقات ضمنية بين تركيا وروسيا، خاصة أن الطيران الروسي لم يتدخل بفعالية عقب تقدم فصائل المعارضة السورية، والثاني أن روسيا تراقب ما يحصل على الأرض ثم بعد ذلك قد تقوم بالتدخل لصالح النظام، سواء في حال كان التقدم الحالي خارج الرغبة الروسية، أو أنه يتجاوز الحدود المتوافق عليها بين كل من أنقرة وموسكو.
وكان مسار التطبيع التركي مع النظام السوري قد وصل إلى طريق مسدود نتيجة إصرار النظام على خروج الجيش التركي من الأراضي السورية بصفته "محتلا"، بينما تصرّ تركيا على البقاء حتى تشكيل دستور جديد للبلاد وتطبيق الحل السياسي وفقًا للقرار الأممي 2254.
مقابل الموقف الإيراني الواضح من عملية "ردع العدوان" والذي تجلى من خلال المشاركة الفعلية في المعارك، التي أدت إلى مقتل العميد كيومرث بورهاشمي، أحد كبار المستشارين العسكريين الإيرانيين في هجوم شنه مسلحون شمال حلب بحسب ما أفادت به وكالة "تسنيم" الإيرانية أمس الخميس.
وترافق ذلك مع موقف سياسي لإيران أكثر وضوحا عندما أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي أمس الخميس تصاعد أنشطة فصائل المعارضة في سوريا خلال اليومين الماضيين، معتبرا ذلك جزءا من "خطة أميركية وإسرائيلية لزعزعة أمن المنطقة".
وأكد بقائي أن تحركات الفصائل "تمثل انتهاكا صارخا لاتفاقات أستانا" التي تشمل مناطق خفض التصعيد في أطراف حلب وإدلب، مما يعرض "الإنجازات الإيجابية لهذه العملية (أستانا) إلى خطر جدي".
مقابل هذا الموقف الإيراني بدا الموقف الروسي غامضا على الصعيد العسكري من خلال المشاركة المحدودة لسلاح الجو الذي اشتهر باتباع سياسة "الأرض المحروقة" منذ تدخله إلى جانب النظام عام 2015، مما أثار كثيرا من التساؤلات حول وجود تنسيق أو اتفاق (تركي – روسي) خاصة أن هذه العمليات تدور في مناطق "خفض التصعيد" المتفق عليها بين الطرفين.
أما الموقف الرسمي الروسي فقد تأخر حتى اليوم الثالث من بدء المعارك، وجاء على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التي قالت إن قوى الغرب الكبرى مستمرة في ممارساتها وهجماتها العدائية ضد دمشق، مؤكدة استمرار دعم روسيا لسوريا وشعبها.
وأشارت إلى أن "سياسة قوى الغرب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا في نشر الفوضى عبر جماعات مسلحة وإرهابية، باتت مفضوحة".
من ناحيته، كشف الخبير العسكري والإستراتيجي العميد أحمد رحال، للجزيرة نت، أن سبب الإحجام الروسي عن المشاركة الفعلية بالمعارك يعود لسببين: الأول أن روسيا تريد أن تضغط على النظام بملف التطبيع مع تركيا، وتريده أن يعرف حجمه وإمكانياته العسكرية المتواضعة هو وإيران.
ويضيف رحال أن السبب الثاني يعود إلى مخاوف القوات الروسية من عمليات مفاجئة قد تتعرض لها قواتها في قاعدة حميميم من قِبَل قوات المعارضة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فصائل المعارضة السوریة العملیات العسکریة ریف حلب الغربی النظام السوری خفض التصعید هذه العملیة المعارضة فی ردع العدوان قوات النظام للجزیرة نت فی ریف حلب حلب وإدلب مدینة حلب فی سوریا من جهة
إقرأ أيضاً:
مواطنون من مختلف المحافظات:الظروف المعيشية التي خلفها العدوان والحصار زادتنا تراحماً وألفة في العيد
لم تثنهم الظروف الاقتصادية الصعبة عن إحياء هذه الفرحة الدينية بكل تفاصيلها، الكل مبتهج ومسرور ومظاهر العيد تزين الشوارع والأماكن العامة، فلا مغبون ولا مهموم ولا جائع في العيد، طالما وجسور الإحسان متجذرة في مبادئ شعبنا اليمني الإيماني، هكذا يعيشون عيدهم بمحبة وتراحم وتآلف:
الثورة / أسماء البزاز
من محافظة صنعاء يقول الحسين عبدالكريم السقاف: حقيقة عيد الأضحى المبارك من أهم المناسبات الدينية العظيمة التي استقبلناها بأداء الشعائر الدينية الجليلة وجميع أبناء الشعب اليمني استقبلوا العيد بالفرحة ومتابعة شعائر الحج الأعظم.
وأضاف: البعض من أبناء الشعب اليمني يشترون أضاحي العيد، لأن معظم الناس بسبب الظروف الصعبة التي سببها العدوان أصبحوا غير قادرين على شراء أضحية العيد ومن أجمل الأشياء في مجتمعنا هو بروز مظاهر الترابط بين أبناء الشعب اليمني، فمن يشتري أضحية العيد تجده يوزع اللحوم على جيرانه وعلى الفقراء والمساكين تقربا لله تعالى ليدخل السعادة على قلوبهم.
وقال السقاف: كما أن لهذا المناسبة الدينية العظيمة مظاهر جميلة في مجتمعنا فهي مناسبة يحييها اليمنيون بزيارة الأهل والأقارب وتفقد الأرحام والعطاء والعطف على الفقراء والجيران.
كما أن المساجد في بلادنا بحمد الله نجدها عامرة بالمصلين وبالذكر والتكبير والتهليل والدعاء لله تعالى بالنصر القريب لمجاهدينا من أبناء القوات المسلحة والأمن الذين يواجهون في هذه المرحلة الكيان الصهيوني الغاصب وطواغيت العالم انتصاراً لمظلومية أهلنا في غزة، ويدعون الله لأهل فلسطين بالانتصار على عدوهم وأن يثبت أقدام المجاهدين، ومن هنا تبرز جماليات هذه المناسبة الدينية الجليلة وعظمة الشعب اليمني المؤمن المجاهد والصامد، وخلال مناسبة عيد الأضحى المبارك نتمنى أن يعم الخير والرحمة كل أرجاء وطننا أكثر مما هو موجود وأن يحرص الناس جميعاً على عمل الخبر والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة وكثرة الدعاء، لأنها أيام مباركة يستجيب الله فيها لدعاء عباده المؤمنين.
عشنا تفاصيله
ومن محافظة عمران تقول نجلاء حمدين: الحمد لله رب العالمين الحمد لله القائل: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَـمِينَ).
وأضافت حمدين: إنها فريضة مقدسة بقدسية الدين الإلهي وشعيرة عظيمة من شعائر الله، استقبلناها ببهجة وفرح وبتكبيره وتعظيمه وتقديسه بتلبية (الله أكبرالله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد والحمدلله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك ولا ند ولا ولي لنا سواك).
وتابعت: في يمن الإيمان يمن العز والكرامة حل علينا عيد الأضحى المبارك بما فيه من منسك عظيم من مناسك الله وهو الحج الأكبر، استقبلناه أولاً بالبراءة من أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء البشرية أمريكا وإسرائيل وعظيم أن ترتبط هذه المناسبة بنبي يسطر اسمه في أكثر سور القرآن وهو نبي الله إبراهيم الذي مثل أسطورة التسليم المطلق لله والامتثال لأمره في رؤياه لابنه إسماعيل وأمر الله بالذبح له حيث خلد الله هذه الحادثة على مر العصور والأزمان لأهمية التسليم المطلق له.
وختمت حديثها بالقول: بالتكبيرات والتلبية وبصيام يوم عرفة والفرحة وذبح الأضاحي يُظهر اليمنيون أساليب احتفالهم واهتمامهم بهذه المناسبة، حتى جاء صباح يوم العيد والكل بلباس جديد وتوافد الناس إلى الجبانات أو إلى المساجد لسماع خطبتي العيد وللصلاة ومن ثم انطلق الجميع لذبح الأضاحي والمعاودة لزيارة الأرحام والأقارب وكذلك العلماء وزيارة مقابر الشهداء وزيارة جبهات الإسناد لغزة في القوة الصاروخية والبحرية، وتوزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والمساكين والأقارب وتبادل التهاني والتبريكات وزيارة الأرحام وزيارة روضات الشهداء .
التسابق في الخيرات
ومن محافظة ذمار تقول شفاء يحيى: ما إن يخطر على بال الإنسان العيد في اليمن حتى يتصدر إلى الذاكرة صوت المآذن التي يتردد صداها بالتكبير والتهليل سواء قبل أيام العيد أو يوم العيد ولاسيما عيد الأضحى، وتمر المشاهد في الخيال من أمام أسواق المواشي المزدحمة بالأنعام التي ستكون أضاحي حمدًا وشكرًا لله على نعمة الهداية والولاية والفضل والامتنان لله على نعمة الدين الحنيف، دين إبراهيم -عليه السلام- وملته.
وتابعت: بالطبع إن اليمنيين كمجتمع مسلم ومحافظ ومن ذرية نبي الله إسماعيل ابن النبي إبراهيم -عليهم السلام- يحافظ على مثل هذه المناسك وطقوسها، بل أصبحت جزءاً متوارثاً لديه أبّاً عن جد، تتداولها الأجيال اليمنية جيلاً بعد جيل، فما إن يتسلل فجر يوم العيد حتى يستيقظ أفراد الأسرة اليمنية لإحياء ذلك الفجر بالصلاة والتسبيح، فتسمع التكبير يدوي في جميع أزقة وحارات البلاد، فيجتمع شغف الذهاب إلى المساجد مع روحانية العيد وما إن تتسلل أشعة الشمس من نوافذ البيوت حتى تجد الأطفال مع آبائهم يتسابقون لأداء الصلاة وسماع خطبة العيد، والنساء في البيوت بعد الصلاة يقمن بتهيئة المنازل، ليكون المنزل في ذلك اليوم يشرح الصدر من نظافة وروائح طيبة ويجتمع أفراد الأسرة للخروج من البيت لزيارة الأرحام وروضات الشهداء وأسرهم وأسر المرابطين والجرحى ولربما هذه من أقدس مراحل هذا اليوم، فلا يكتفي اليمني بزيارة الأحياء فقط وإنما أيضا بزيارة الأحبة ممن رحلوا.
مبينة أن زيارة المقابر شيء أساسي وكذا تفقد الفقراء والمحتاجين وهي من أجمل محطات يوم العيد في اليمن، حيث ترى البسمة مرسومة على وجه كل يمني ويمنية، وكيف لا تُرسم وذلك اليوم هو اليوم الأجمل للغني والفقير، ففي يمن الإيمان والحكمة؛ شعبٌ يداوي جراح غيره وإن كان أولى، ويؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة.
مضيفة: كثير من التفاصيل في هذا اليوم هي مصدر للسعادة ليس بالرفاهية والبذخ؛ وإنما بالاستقرار والأمان والراحة التي هي مصدر إلهي يمده الله لهذا الشعب، لأنه في أوج سعادته تجده يذكر الله كما لوكان في أوج احتياجه.
وتابعت: طبقات هذا الشعب متعددة وشرائحه مختلفة، فهناك المجاهدون المرابطون حماة الوطن، من لولاهم لما كان العيد عيد وهناك المدنيون وهناك رجال الأمن وغيرهم، إلا أن الجميع يجتمع عيدهم في ذكر الله ورسوله والحمد والشكر لله على نعمه والكلام الحسن فيما بينهم.
ولائم الإحسان
ومن محافظة حجة تقول فاطمة الجرب: الحمدلله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام، إنه عيد الله الأكبر، بهذا التهليل والتكبير والتحميد لله سبحانه وتعالى أعلنا فرحتنا بتمام نعمة الله علينا، ولنيل الأجر الكبير من الله تعالى بفعل الطاعات وقدمنا الأضاحي قرابين لله سبحانه وتعالى لإطعام البائس والفقير، تأسياً بنبي الله إبراهيم -عليه السلام- وتعظيما وتقديسا لله سبحانه وتعالى، وتعد شعيرة من شعائر الله سبحانه وتعالى.
وأضافت: ففي يوم العيد رأينا الكل مكبراً ومهللاً يلبسون الجديد، الكل يتجه ليصلي صلاة العيد من الصغار والكبار وتبادلنا التحية والمباركة بهذه المناسبة وبهذه الفرحة رأينا شوارع المدن والقرى ممتلئة بالزائرين لأرحامهم، ورأينا البسمة في وجه الصغير والكبير والغني والفقير، وأبرز ما يقومون به هو ذبح الأضاحي وإطلاق الألعاب النارية والولائم والضيافات والتجمعات بين الأهل والأقارب والأصدقاء.
مبينة أن ما يميز هذا اليوم هو جانب الإحسان، فالكل يتسابقون لإدخال الفرحة والسرور إلى من لا يملك أضحية في بيته، وفي فترة العصر تكثر الجلسات العيدية الممتلئة باللون اليمني من إنشاد وغيره وخاصة في جلسات الرجال، هذا ما يتميز به اليمنيون عن سائر كل الشعوب.
الكل مبتهج
ومن محافظة تعز يقول محمد المنصور: لم تعقنا الظروف المعيشية والاقتصادية عن إحياء هذه الفرحة الدينية الغالية على قلوبنا وإسعاد أطفالنا وأسرنا وتوفير مستلزمات العيد بالقدر الميسور ويكفينا في هذه المناسبة التقارب والتزاور والترابط المجتمعي وتعميق التراحم بين الأفراد، فمن له زاد من الطعام يحسن لمن لا زاد له، فالكل سعيد ومسرور والكل مبتهج، فلا محتاج ولا جائع في العيد وهذا ما نتمنى تكريسه طوال العام وليس في أيام العيد وحسب.
لم الشمل والتسامح
ومن الحديدة يقول فؤاد حمدي: اكتست أيام العيد بالسعادة والراحة وعكستها وجوه الأطفال وزيارات الأرحام ومظاهر الجمال في مختلف الأماكن والشوارع وكأن العيد يقول لنا: لا مكان اليوم إلا للفرحة والتكبير والحمد والتهليل والعطف على الفقراء والمساكين ولم الشمل والتسامح والتزاور والتعاطف، هذا ما لمسناه وما رأيناه وما نتطلع لأن نراه في كل بقاع المسلمين عامة وفلسطين خاصة.