جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-28@19:24:42 GMT

تاريخ يُكتب في أنقرة

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

تاريخ يُكتب في أنقرة

 

سالم بن سلطان العبري

 

عندما بدأت مراسمُ استقبال سلطان عُمان على أرض قصر الرئاسة التركيّ في غابات أتاتورك، عادت عقاربُ الزمن بجنود العسكر العثمانيين إلى زمن سلاطينهم الذين خلدهمُ التاريخُ في بطولاتهم وانتصاراتهم.

ولكنّ السلطان الذي اصطفوا لتحيته وأعلنوا جاهزيّتهم واستعدادهم أمامه هو قائدٌ عصريٌّ، يحملُ إرث أمجاد الفتوحات والبطولات.

فقد كانوا أمام سلطانٍ لدولةٍ عظيمةٍ، كانت في يومٍ من الأيام إمبراطوريةً خلدها التاريخُ، كما خُلّدت الدولةُ العثمانيةُ التي رفعت راية الإسلام شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوب الأناضول. وكذلك، كان العُمانيون ينشرون الإسلام في سواحل أفريقيا وكنجنيقا، ويعبرون المحيطات بشراعهم إلى كانتون الصينية.

وبينما كانت السفينةُ العُمانيةُ "سلطانة" تُبحرُ لتُرسل أول سفيرٍ عربيٍّ إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أرض الديمقراطية الجديدة، كانت تركيا الحرةُ تؤسسُ دستورها الانتخابيّ. تلك المشاهدُ كلها ربما تجسدت في مخيلة العسكر الأتراك الذين وقفوا لاستقبال سلطان دولةٍ عظيمةٍ أخرى، هي سلطنةُ عُمان.

وصل حضرة صاحب الجلالة السلطانُ هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى تركيا، وكان في استقباله الرئيسُ رجب طيب أردوغان، الذي يدركُ تمامًا أن ضيفه ليس كأيّ ضيفٍ آخر. فهو ليس رئيسًا أو أميرًا أو شيخًا، بل هو "سلطان"، والسلطانُ في تاريخ تركيا هو رمزُ القيادة والحكمة والمجد والتاريخ والمستقبل.

يُدركُ الرئيسُ التركيُّ أن سلطنة عُمان ليست دولةً عادية؛ بل هي دولةٌ ذاتُ عمقٍ رفيع المستوى، بشعبها، وإسلامها، وتاريخها. وكقارئٍ للتاريخ الإسلاميّ، يعلمُ أن عُمان وأهلها قد ورد ذكرُهم على لسان رسول الله محمدٍ، صلى الله عليه وسلم، بأعظم الصفات. كما إنه يعلمُ أن السلطان هيثم بن طارق جاء من أجل الخير والسلام، وتبادل المصالح النبيلة؛ فهو سلطانُ أرضٍ لا تُنبتُ إلا الطيب، ولا يخرجُ منها إلا ما يفيدُ الجميع.

وانعكاسًا لهذه القيم، كانت الاتفاقياتُ التي جرى توقيعُها بين الجانبين تمهيدًا لعهدٍ جديدٍ من التعاون في مجالات التعليم، الصحة، الاقتصاد، التجارة، والثقافة. بل حتى الشتاء التركيّ القارس ستدفئهُ غازاتُ عُمان.

ومن بين الخطوات التاريخية التي شهدتها الزيارةُ، كان الاتفاقُ على التعاون في الصناعات العسكرية، مما يمثلُ نقلةً نوعيةً لسلطنة عُمان في عهدها الجديد. هذا العهدُ الذي يقودهُ السلطانُ هيثم بن طارق، القائدُ الذي عاهد شعبه، في اليوم المبارك 11 يناير 2020، أن يكرس حياته لرفع شأن عُمان عاليًا.

إنها زيارةٌ لا تنحصرُ في مظاهر الاستقبال الرسمية؛ بل تجسدُ تاريخًا عريقًا، وروابط أخويةً بين دولتين وشعبين يجمعُهما الإسلامُ، التاريخُ، والمستقبلُ المشرقُ. وها هو تاريخٌ جديدٌ يُكتبُ بأنقرة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دراسات تجريبية مبتكرة بمركز السلطان قابوس لعلاج السرطان

يواصل مركز السلطان قابوس المتكامل لعلاج وبحوث أمراض السرطان إنجازاته في دعم الابتكار وتطوير القطاع الصحي حيث نجح في تنفيذ 16 تجربة سريرية معتمدة بالتعاون مع مؤسسات بحثية وطنية وعالمية، ما يعكس الثقة المتزايدة في جودة وأخلاقيات البحث العلمي التجريبي في المدينة الطبية الجامعية.

ويطمح المركز إلى التوسع في نشاطه البحثي من خلال زيادة عدد الدراسات السريرية سنوياً، مع التركيز على الأولويات الصحية الوطنية في مجال الأورام، وتقديم خيارات علاجية مبتكرة مبنية على الأدلة العلمية.

ويسعى قسم الأبحاث السريرية والتجريبية في المركز إلى دعم الابتكار في الرعاية الصحية، وتعزيز مكانة المدينة الطبية الجامعية كمؤسسة رائدة في البحث العلمي والأخلاقيات الطبية. وذلك بالتركيز على تطوير البنية التنظيمية، وبناء القدرات الوطنية المؤهلة، وتوفير فرص للمرضى للوصول إلى أحدث العلاجات، مع الالتزام بأعلى معايير الجودة والممارسات الكلينيكية الجيدة.

نتائج بارزة

نفذ المركز 16 تجربة سريرية في مجالي الأورام والرعاية الحرجة، وشارك فيها أكثر من 670 متطوعاً؛ ما يعكس جودة البرامج البحثية وثقة المجتمع في جهود المركز. وقد أسهمت نتائج الدراسات في تحسين سبل تشخيص وعلاج السرطان.

والدراسات البحثية تكون باقتراح باحثين من داخل المركز، أو تنفيذ مشاريع بحثية بالتنسيق مع جامعات ومجموعات بحثية وطنية ودولية أو مصنعي الأدوية.

وتم اختيار المتطوعين للتجارب السريرية وفق معايير علمية محددة لكل تجربة، وذلك بموافقة لجنة الأخلاقيات. ولضمان سلامة وحقوق المشاركين يحرص الفريق على توفير معلومات شاملة للمتطوعين حول الدراسة البحثية، ووضع المريض تحت الرقابة الطبية المستمرة، وتطبيق إرشادات الممارسات الكلينيكية الجيدة، والتدقيق الداخلي، وإدارة الطوارئ والتحقق من السلامة الدوائية.

مواجهة التحديات

يقوم المركز باتباع عدة استراتيجيات منها تنظيم حملات توعية مجتمعية للمساعدة في تعزيز فهم الجمهور للتجارب السريرية وتشجيعهم على المشاركة، وتعزيز الشفافية والالتزام الأخلاقي لبناء الثقة مع المرضى، بالإضافة إلى تطوير وتحديث الإجراءات التشغيلية بانتظام؛ وذلك لضمان جودة الدراسات والتزامها بالمعايير الدولية.

ويعد تدريب الكوادر البحثية أمرا ضروريا لتعزيز القدرات والحفاظ على المعايير العالية للتجارب السريرية، والتكيف مع احتياجات البحوث المتغيرة ومنذ تشغيل القسم، نفذ الفريق 21 حلقة تدريبية، استهدفت تعزيز القدرات الوطنية في مجال الأبحاث السريرية والعمل على بناء فريق بحثي مؤهل يمتلك المهارات والمعرفة اللازمة لإدارة وتنفيذ الدراسات وفق أعلى المعايير، وشملت الحلقات تدريب أول مجموعة من ممرضي تنسيق الأبحاث في سلطنة عمان، ما يمثل خطوة رائدة في تمكين الكوادر التمريضية وتوفير دعم متخصص للفرق البحثية.

وتساهم هذه الاستراتيجيات مجتمعة في خلق بيئة بحثية مستدامة وفعالة تضع سلامة المشاركين والنزاهة العلمية في مقدمة أولوياتها.

الصيدلية البحثية

وتمكن المركز من تشغيل الصيدلية البحثية الأولى في سلطنة عمان، كإضافة محورية للنشاط البحثي التي تهدف إلى تأمين التخزين وصرف الأدوية قيد البحث بشكل آمن، وتوثيق استخدامها بدقة لضمان تتبع كل جرعة تُعطى للمرضى، مما يعزز الموثوقية وسلامة البيانات. كما تسهم في تعزيز سلامة المرضى والامتثال للبروتوكولات المعتمدة، من خلال مراجعة الجرعات، وإعداد العلاج وفق متطلبات كل دراسة.

ويضطلع الصيدلي البحثي بدور حيوي في مراقبة التداخلات الدوائية، وتقديم المشورة للفريق البحثي والطبي، وضمان جاهزية الأدوية في الوقت المناسب، بما يدعم سلاسة سير الدراسات ويُعزز النتائج العلاجية حيث تُدار وفق أعلى المعايير الدولية لضمان الجودة والامتثال.

وحرصًا على الاستدامة المالية، أسهمت المشاريع البحثية التجريبية في توليد إيرادات ذاتية دعمت العمليات التشغيلية وقلّلت الاعتماد على التمويل الخارجي، معززةً بذلك الاستقلالية والابتكار المؤسسي ويعتمد القسم على نموذج تمويل مستدام من شراكات أكاديمية وصناعية، مع الحفاظ على الاستقلال الأخلاقي والتدقيق الداخلي، والتزام كامل بإجراءات الجودة.

ويعمل المركز على تعزيز التعاون مع المراكز البحثية الوطنية والعالمية من خلال نهج استراتيجي شامل يهدف إلى بناء شراكات فعالة ومستدامة تدعم التقدم في مجالات علاج وأبحاث السرطان.

يتم ذلك عبر عدة محاور رئيسية، أبرزها: توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون مع مؤسسات بحثية مرموقة داخل السلطنة وخارجها، لتحديد أطر العمل المشترك وتسهيل تبادل البيانات والمصادر البحثية.

تنظيم برامج لتبادل الخبرات والكوادر، تتيح للباحثين والأطباء التدريب في مراكز عالمية متقدمة، واستقبال خبراء دوليين في المدينة الطبية الجامعية لتقديم ورش عمل ومحاضرات تخصصية. تنفيذ دراسات بحثية مشتركة، خصوصاً في المجالات ذات الأولوية الوطنية مثل الأورام النادرة أو الجينات السائدة محلياً، مما يعزز فرص النشر العلمي والمشاركة في المؤتمرات العالمية. تنظيم زيارات علمية متبادلة تسمح ببناء شبكة علاقات مهنية وأكاديمية تدعم تطوير البحث والابتكار، وتفتح المجال أمام فرص التمويل الدولي والدعم التقني.

توسيع نطاق الأبحاث

يسعى المركز إلى التوسع في نشاطه البحثي من خلال زيادة عدد الدراسات السريرية المنفذة سنوياً، مع التركيز على الأولويات الصحية الوطنية في مجال الأورام، وذلك لتوفير خيارات علاجية مبتكرة مبنية على الأدلة العلمية. كما يهدف إلى توسيع الشراكات الدولية عبر التعاون مع مؤسسات بحثية وجامعات مرموقة، ما يتيح نقل المعرفة وتعزيز جودة الدراسات.

كما يعمل القسم على نشر ثقافة البحث في المجتمع، من خلال الحملات التوعوية وتفعيل مشاركة المرضى والمجتمع في تصميم الدراسات، مما يعزز الشفافية والثقة. يتزامن معها تطوير البنية التحتية للمراكز البحثية، بما يشمل تجهيز مختبرات، وصيدلية بحثية، وأنظمة إلكترونية متكاملة لإدارة البيانات. ولضمان استدامة هذه الجهود، يتم التركيز على تدريب جيل جديد من الباحثين ومنسقي الأبحاث، من خلال الإنضمام إلى برامج تدريبية متخصصة والحصول على شهادات معتمدة، ما يعزز الكفاءات الوطنية ويدعم نمو بيئة بحثية متكاملة.

مقالات مشابهة

  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • يعلن هيثم محمد صالح عن فقدان ترخيص مزاولة مهنة صيدلة رقم (00008034)
  • ما معنى قهر الرجال الذي استعاذ منه النبي؟.. الإفتاء تجيب
  • معهد "سرب" يعلن فتح باب التسجيل في البرامج التدريبية
  • ما مدى نجاسة بول القطط وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به؟.. الإفتاء توضح
  • هيثم: العمل على توطين الخدمات الطبية بالولايات
  • سيرته سبقاه.. تعيين اللواء طارق شرابي مديرا للإدارة العامة لشرطة التموين
  • دراسات تجريبية مبتكرة بمركز السلطان قابوس لعلاج السرطان
  • جورج عبد الله.. الثائر الذي عاد بروح لم تنكسر رغم سنوات سجنة الـ41
  • جورج عبد الله.. الثائر الذي عاد بروح مقاومة رغم سنوات سجنة الـ41