حديث "إن من البيان لسحرًا".. كيف تؤثر الكلمات في العقول والقلوب؟
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
يُعد المثل العربي "إن من البيان لسحرا" من أشهر الأقوال التي نقلتها كتب الحديث والتراث الأدبي العربي، لاسيما في صحيح البخاري، حيث ورد على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا المثل الذي يعكس عمق تأثير الكلمة والبلاغة في النفس البشرية، يتخذ اليوم معانٍ متنوعة تتراوح بين الأدب والسياسة والتأثير الاجتماعي، وفي السطور التالية نلقي الضوء على معاني هذا المثل، تفسيره في التراث الإسلامي، وكيفية تطبيقه في الحياة المعاصرة.
ورد المثل في حديث عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنه، حيث ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من البيان لسحرا"، مشيراً إلى قدرة البيان أو الكلام المؤثر على تغيير مشاعر الناس وإقناعهم، حتى لو كانت المحتويات غير صحيحة أو تم تقديمها بطريقة مغلوطة. وقد جاء هذا الحديث في سياق ما عُرف في تاريخ الإسلام بشخصية عمرو بن الأهتم وزبَرْقان بن بدر، اللذين تميزوا ببلاغتهم وفصاحتهم، وقد أثاروا إعجاب الناس حين قدما خطاباً بليغاً، فاستدعى ذلك تعليق النبي صلى الله عليه وسلم على أن "البيان سحر".
السحر في هذا السياق لا يعني المعنى التقليدي المعروف في الثقافة الشعبية، بل هو تشبيه فني يقصد به تأثير الكلمات البليغة في القلوب والأذهان. الكلمة التي تحتوي على الفصاحة والبلاغة، وذات التأثير السريع، يمكن أن تكون مشابهة للسحر في قدرتها على التأثير الفوري على المستمع. هنا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يصف البيان بهذا الوصف لتبيان تأثيره العميق على النفوس، حيث يمكن للبيان أن يظهر الباطل في صورة الحق، مما يجعله يبدو مقنعًا وسحريًا في تأثيره على المتلقي.
في الأدب العربي، يُعتبر البيان من أعلى درجات الفصاحة، فهو لا يتوقف على الكلمات فقط بل على كيفية استخدامها لتوضيح المعاني، وتوجيه المشاعر، وخلق التأثير في ذهن المستمع. البيان في الإسلام ليس مجرد تزيين للكلام، بل هو أداة لنقل الحقيقة، ولهذا يتسم بالصدق والوضوح، بعيداً عن الأغراض الخادعة. وقد يمر البيان من حيث بلاغته إلى مرحلة تُشبه السحر في التأثير، فالكلمات الجميلة والمُنسقة قد تجذب القلوب وتؤثر في الأذهان بطريقة لا تُقاوم، حتى لو كانت بعيدة عن الحقيقة.
من خلال هذا الحديث، يمكن استنباط عدة دروس وعبر تتعلق باستخدام الكلام. أولها أن المسلم ينبغي أن يكون حريصاً على استخدام البيان في الحق، وأن يتجنب استخدام الكلمات كأداة لخداع الآخرين أو ترويج الباطل. والحديث يُحذر من تأثير الكلام المغلوط الذي يمكن أن يتسلل إلى القلوب بوسائل مؤثرة كالسحر.
ثانيًا، يظهر لنا الحديث أهمية فصاحة البيان في نقل الرسائل. قد يكون للكلمات في مواقف معينة تأثير كبير، خصوصًا في الخطاب العام أو الدعوي. النبي صلى الله عليه وسلم كان يولي أهمية كبيرة للبلاغة في الخطاب، وقد اتخذ منها وسيلة لشرح المبادئ الإسلامية بشكل يُستوعب بسهولة ويؤثر في الناس.
تطبيقات المثل في العصر الحديث
في العصر الحديث، يمكننا أن نرى تأثير "السحر البياني" في العديد من المجالات، خاصة في السياسة والإعلام. المتحدثون السياسيون، الإعلاميون، وحتى القادة الاجتماعيون، يستخدمون الكلمات بحذر شديد للوصول إلى قلوب الجماهير والتأثير في توجهاتهم. نحن نعيش في عصر السوشيال ميديا، حيث يمكن أن تكون الكلمات المدروسة بعناية سببًا في تغيير الرأي العام أو تحفيز حركات اجتماعية ضخمة. وبالتالي، لا بد من الحرص على أن تكون تلك الكلمات مؤثرة ولكن صادقة.
إن "من البيان لسحرا" ليس مجرد مثل تقليدي يُروى في الكتب، بل هو درس في كيفية تأثير الكلمات على النفوس والأذهان. في عالم اليوم، قد نواجه تحديات في مواجهة "سحر" البيان حينما يُستخدم في غير محله، ولكن في الوقت ذاته، يمكن أن تكون الكلمات البليغة والواقعية أداة قوية لنقل الحقائق والدعوة إلى الخير. يجب على المسلم أن يكون واعيًا لهذا التأثير، وأن يحرص على استخدام بيانه فيما يرضي الله ويخدم الحق، بعيدًا عن الأساليب التي تضلل وتخدع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البلاغة السحر البيان حديث النبی صلى الله علیه وسلم من البیان یمکن أن أن تکون
إقرأ أيضاً:
مهند شعبان: ذهبية التتابع بالخماسي الحديث ثمرة تعب كبير رغم الإصابة
أعرب مهند شعبان بطل مصر في الخماسي الحديث عن سعادته الكبيرة بالتتويج بالميدالية الذهبية لمنافسات التتابع المختلط في بطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث، التي تستضيفها مدينة الإسكندرية، مؤكدا أن الفوز جاء بعد منافسة قوية مع منتخبي كوريا الجنوبية وفرنسا.
وقال شعبان في تصريحات صحفية: “المنافسة كانت شرسة جدا، خصوصا أمام فرق قوية شاركت في بطولات الكبار أكثر من مرة لكننا كنا في أعلى جاهزية اليوم، والحمد لله توّجنا بالميدالية الذهبية”.
وكشف شعبان عن تعرضه لإصابة طفيفة خلال مشاركته في نهائي بطولة كأس العالم الماضية، وهو ما دفعه لتقليل الضغط في بعض المنافسات الفردية للحفاظ على حالته البدنية استعدادا للمشاركة الأهم المقبلة.
وأوضح: “في الفردي كنت أحقق نتائج قوية وكنت في المركز الرابع، لكن شعرت بألم، والإصابة كانت بسيطة لكنها كانت مهددة بالتفاقم إلى مزق عضلي، ففضلنا التراجع والتركيز على التتابع، والحمد لله نجحنا في تحقيق الذهب”.
واختتم مهند شعبان تصريحاته مؤكدا أنه سيبدأ مرحلة الإعداد لبطولة العالم المقبلة خلال الأسابيع القليلة القادمة، قائلا: “الهدف الآن هو التعافي التام والدخول في معسكر قوي للتحضير للبطولة المقبلة وأتمنى أكون جاهز بنسبة 100%، وإن شاء الله نقدر ننافس على ميدالية جديدة باسم مصر”
جاء تتويج مهند شعبان وفريدة خليل بالميدالية الذهبية في منافسات التتابع المختلط للكبار، ليواصل المنتخب الوطني المصري تألقه في بطولة العالم للتتابعات،
وكانت فريدة خليل ومهند شعبان قد توجا بذهبية تتابع المختلط للكبار عصر اليوم، لترفع مصر عدد ميدالياتها في البطولة إلى 6 ميداليات حتى الآن، بواقع 4 ذهبيات في تتابع السيدات وتتابع الناشئات، والتتابع المختلط للكبار، والتتابع المختلط للناشئين، وفضية تتابع الناشئين، وبرونزية تتابع الرجال.
وتشهد بطولة العالم للتتابعات التي تستضيفها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بالإسكندرية خلال الفترة من 7 إلى 14 يوليو الجاري، مشاركة أكثر من 340 لاعبا ولاعبة من 36 دول مشاركة 340 لاعبًا ولاعبة من 36 دولة.