يحيى حامد: مذبحة رابعة أثبتت أن الغرب لن يدعم الديمقراطية بمصر
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
قال وزير الاستثمار المصري الأسبق يحيى حامد، إنه بعد مرور عقد من الزمن على سفك الدماء في آب/ أغسطس 2013، لا يوجد لدى المصريين سبب يجعلهم يثقون بالغربيين حين يتحدثون عن حقوق الإنسان.
وفي مقاله المنشور على موقع "ميدل إيست آي" ذكّر حامد بأنه "قبل عقد من الزمن، ذبح العسكر في مصر ما يقرب من ألف مصري بدم بارد في خضم احتجاجات كانت تنظم داخل ميدان رابعة في القاهرة.
ولفت إلى أنه لا يوجد من بين الأخطاء التي ارتكبت في عهد الرئيس المدني الأول لمصر، محمد مرسي، ما يقترب من الإجرام والفساد والوحشية السافرة التي اتسمت بها السنوات الستون السابقة، أو العشر التالية.
وعن دور الغرب فيما يحدث في مصر والمنطقة، قال حامد إن الديمقراطية في المنطقة، ليست مفضلة على الطغاة المألوفين لدى الغرب، وإن ما يسميه الغرب "استقرارا" هو عينه النظام المستبد الوحشي القمعي الفاسد الذي يحول دون تطور المنطقة أو تقدمها.
وتابع بأن دعم الغرب للاستبداد في المنطقة يتعدى الخطابات والكلام، إلى التمويل والمساعدات العسكرية، والمساندة الدبلوماسية، وإضفاء المصداقية على الساحة العالمية.
وتاليا المقال كاملا كما ترجمته "عربي21":
تحل في أغسطس (آب) 2023 الذكرى السنوية العاشرة لأسوأ مذبحة في تاريخ مصر. قبل عقد من الزمن، ذبح العسكر في مصر ما يقرب من ألف مصري بدم بارد في خضم احتجاجات كانت تنظم داخل ميدان رابعة في القاهرة. وكانت الغاية من ذلك هي التأسيس لعهد جديد من القمع والتوحش لتمكين وتمتين الحكم القادم للجنرال عبد الفتاح السيسي.
كان أولئك المصريون قد احتشدوا في القاهرة دعماً لمحمد مرسي، الرئيس الأول والوحيد المنتخب ديمقراطياً في تاريخ البلاد. كنت جزءاً من تلك الإدارة، ولا أجد غضاضة في القول بأننا ولئن كنا قد ارتكبنا أخطاء أثناء وجودنا في السلطة إلا أنه لا يوجد من بين هذه الأخطاء ما يقترب من الإجرام والفساد والوحشية السافرة التي اتسمت بها السنون الستون السابقة أو السنون العشر التالية.
إن الديمقراطية عمل شاق. لم تكن تجربة مصر القصيرة مع الديمقراطية مثالية، أو حتى بالضرورة جيدة. ولكن الديمقراطية تتحقق من خلال التقدم المتقطع على مراحل وليس وجبة واحدة.
لا ريب في أن مصر تستحق الدعم على تجربتها في التحول الديمقراطي، ولكن من الواضح أن ذلك لم يكن الموقف الذي اتخذه الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص. لكم يسهب المسؤولون الغربيون في الحديث عن الديمقراطية، إلا أن وعدهم بتشجيع الديمقراطية لا ينالك منه شيء إلا إذا كنت تعيش في مكان تغدو الديمقراطية فيه وسيلة لإقامة نظام حكم يخدم المصالح الغربية ويدعمها.
إذا كنتم تعيشون في مصر أو في الباكستان فاعلموا أن ديمقراطيتكم ليست مفضلة على الطغاة المألوفين لدى الغرب. ولذلك فإن الغرب يوجه إلى شعوب تلك البلدان رسالة مختلفة خلاصتها "إنكم لا تستحقون الديمقراطية، ولا يحق لكم حتى أن تحاولوا. لن تمنحوا الفرصة لتفشلوا ثم تحاولوا من جديد. بل تستحقون نظاماً مستبداً وحشياً، قمعياً، فاسداً، يحول دون تطوركم أو تقدمكم." وذلك هو ما يسميه الغرب الاستقرار.
وذلك بالضبط هو ما دعمته وشجعت عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مصر.
طوال العام الذي قضاه مرسي في الحكم ظل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يرفض لقاءه، ولكنه كان على استعداد للقاء السيسي خلال عام من قيام هذا الأخير بقتل وسجن آلاف المصريين.
في عهد الرئيس جو بايدن، الذي يزعم أنه يسعى إلى تعزيز الديمقراطية، ونظم مؤتمر قمة من أجل تلك الغاية، لم تتغير السياسة الأمريكية تجاه مصر عما كانت عليه في عهد سلفه دونالد ترامب، الذي كان على الأقل صادقاً مع نفسه ومع الناس، لا يظهر خلاف ما يبطن.
دعم الطغاة المستبدين
لا يقتصر هذا الدعم الغربي للطغاة على الخطابة، بل يأتي مصحوباً بالمليارات من الدولارات، تمويلاً، ومساعدات عسكرية، ومساندة دبلوماسية وإضفاء مصداقية في الساحة العالمية.
من المفارقة أن يشفق الأمريكيون على الديمقراطية في بلادهم إذ تتعرض للعدوان، بينما لا يبالون بالنضال من أجل الديمقراطية في أماكن أخرى مثل مصر، حيث يرونها ذات طبيعة مختلفة تماماً، وذلك على الرغم من أن السياسة الأمريكية في دعم الطغاة والسلطويين تؤثر بشكل كبير على حياة ملايين البشر. في مصر، تمثل ذلك في قتل وسجن وخطف الآلاف ممن يجرؤون على الصدع بمعارضة النظام، ناهيك عما يتعرض له المنفيون من مضايقات مستمرة.
الطفلة التي كانت في العاشرة من عمرها عندما سجن والدها قبل عقد من الزمن – لا لسبب سوى العمل من أجل مصر حرة وكريمة – غدت الآن فتاة في العشرين من عمرها. والفتى الذي كان حين وقع الانقلاب في الخامسة عشرة من عمره، بات الآن في الخامسة والعشرين. كيف يا ترى ينظر هؤلاء إلى الولايات المتحدة؟
والمرأة التي كانت ضحية تحرش جنسي على يد قوات الأمن التابعة للسيسي، ما هو يا ترى شعورها تجاه داعميه في الولايات المتحدة؟ والمنفيون، الذين أجبروا على ترك بيوتهم وأهليهم، ثم رفضت طلبات لجوئهم من قبل بلدان تدعم السيسي، كيف ينظرون إلى الولايات المتحدة؟
وعلى نطاق أوسع، كيف ينظر المصريون بالمجمل إلى الغرب، إذا ما أخذنا بالاعتبار إخفاقه المستمر في دعم الحقوق الأساسية؟ والجواب على ذلك، وبشكل متزايد، بشيء من اللامبالاة، إن لم يكن العداوة التامة.
قبل عشر سنين، كانت هناك رغبة شاملة في قلب الصفحة، ونسيان سياسات الماضي، مثل دعم الغرب للانقلاب في إيران في خمسينيات القرن الماضي، أو دعمه المستمر للانقلابات في أمريكا الوسطى. حينها ساد اعتقاد مفرط في المثالية بأن المصريين يمكنهم أن يتوقعوا الدعم لعملية التحول الديمقراطي في بلدهم. إلا أن إحسان الظن لم يبق اليوم منه شيء.
بعد مرور عشر سنين على ترحيب الغرب بالقتل الجماعي للمصريين، ها هو النظام الذي فرشوا له البساط الأحمر يغدوا فاشلاً، وها هي مصر في حالة من الدمار الشامل. ومع ذلك توجد لدى الغرب فرصة كي يحول كلماته إلى أفعال. فبينما لا يعول المصريون على الانتخابات القادمة ولا يأملون أنها سوف تأتي بتغيير ذي معنى، إلا أن بإمكان الغرب في الحد الأدنى التوقف عن ممارسة النفاق ودعم إجراء انتخابات تكون بحق حرة ونزيهة.
ولكن من غير المحتمل أن يحدث ذلك، ولم يعد المصريون يثقون بمعسول الكلام الصادر عن الغرب حول تشجيع التحولات الديمقراطية. هناك حادثة شهيرة نجمت عن عدم تمكن رئيس سابق للولايات المتحدة من ضبط مصطلحاته، ولكنه ما لبث أن لملم شتات فكره، ناصحاً كل بلد نام يسعى نحو الديمقراطية: "لا، لن تتمكنوا من استغفالي تارة أخرى."
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة المصري السيسي مرسي الديمقراطية مصر السيسي مرسي ديمقراطية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الدیمقراطیة فی فی مصر إلا أن
إقرأ أيضاً:
الشعب الفلسطيني باق والاحتلال إلى زوال
مرّ على المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية مائة وثمانية وعشرون عاماً خلت؛ وقد أسس لإنشاء الدولة العصابة إسرائيل في ايار/ مايو عام 1948 بدعم النظم الغربية وفي المقدمة منها بريطانيا وفرنسا وتالياً أمريكا. وقبل ذلك رحلت احتلالات عديدة عن الوطن الفلسطيني وبقي الشعب الفلسطيني وسيزول الاحتلال الإسرائيلي بكفاح الشعب الفلسطيني ومقاومته وتشبثه بأرض الأباء الأجداد.
المفسدون بالأرض
أنشأت أنظمة الغرب الاستعماري الكيان الصهيوني (العصابة المسماة إسرائيل) في قلب الوطن العربي، في فلسطين، عام 1948، ليعيث في الأرض فساداً وقتلاً واعتقالاً وتدميراً، ويكون خنجراً مغروساً في خاصرة الأمة، يخدم مصالح الغرب في نهب خيرات العرب بعد تجويعهم وتجهيلهم.
ورغم درب الآلام الطويل، ما زال الشعب الفلسطيني من جنبات وطنه التاريخي، الذي تبلغ مساحته 27,009 كيلومترات مربعة، يوجّه رسالته للمستعمرين الصهاينة: لقد زرعكم الغرب في قلب العالم العربي لتفسدوا وتعتدوا، لكن الأرض لأهلها، والمحتل إلى زوال.
نتيجة الزيادة الطبيعية العالية بين الفلسطينيين، ارتفع مجموعهم، ليصل إلى (15) مليون فلسطيني خلال منتصف العام الحالي 2025، في مقابل مليون وأربعمائة ألف فلسطيني عشية نكبة الفلسطينيين الكبرى في شهر أيار/مايو من عام 1948.ولترسيخ العصابة إسرائيل؛ تشكل الجيش الصهيوني في عام 1948 من العصابات الصهيونية الإجرامية، الهاغانا والأرغون والايتسل؛ تلك العصابات التي ارتكبت مجازر وعمليات إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني؛ الأمر الذي أدى إلى تهجير (850) ألف فلسطيني بدعم مطلق من المحتل البريطاني؛ ليصبحوا لاجئين في فيافي الأرض.
مجازر مستمرة ومعطيات مثيرة
لم تتوقف المجازر الصهيونية بعد عام 1948؛ حيث استمر الجيش الصهيوني بارتكاب المجاز وعمليات الإبادة الجماعية بعد العام المذكور؛ وسقط نتيجة ذلك أكثر من (200) ألف شهيد فلسطيني ثلثهم سقط في قطاع غزة العزة حتى اللحظة تموز / يوليو 2025؛ كما جرح مئات الآلاف، فضلاً عن أسر أكثر من مليون ومائتي ألف فلسطيني منذ عام 1948 قتل المئات منهم تحت تعذيب السجان الصهيوني وبقي عشرة الاف يقبعون في زنازين المحتل الصهيوني حتى اللحظة الراهنة، وما تزال عمليات التقتيل والإبادة الجماعية مستمرة من قبل العصابة المنقلتة إسرائيل التي صنعتها نظم الغرب وتستمر في دعمها للقيام بتلك العمليات، وكأن شريعة الغاب هي السائدة في ظل استمرار عمل المنظمات الدولية التي ترفع شعار حقوق الإنسان والعدالة، وهي بكل تأكيد غائبة وتتحكم بها نظم الغرب وخاصة أمريكا.
كفاح حتى النصر
ستُصبح إسرائيل ـ هذه العصابة ـ عبئاً على شعوب الغرب، وبالتالي سيزداد الضغط على الحكومات الغربية للتخلّي عن دعمها للكيان الذي أنشأته قبل 77 عاماً. لم يتوقف كفاح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والضفة الغربية، والداخل المحتل، وظلّ مستمراً بكل السبل المتاحة. وكأن لسان حال الفلسطينيين، أصحاب الحق، يقول للمستعمرين الصهاينة: ارحلوا عن وطننا، فلسطين، التي تبلغ مساحتها 27,009 كيلومترات مربعة، وعودوا إلى بلدانكم، فأنتم تنتمون إلى 110 دول في العالم، أما نحن فأصحاب الأرض الحقيقيون.
نتيجة الزيادة الطبيعية العالية بين الفلسطينيين، ارتفع مجموعهم، ليصل إلى (15) مليون فلسطيني خلال منتصف العام الحالي 2025، في مقابل مليون وأربعمائة ألف فلسطيني عشية نكبة الفلسطينيين الكبرى في شهر أيار/مايو من عام 1948.
أنشأت أنظمة الغرب الاستعماري الكيان الصهيوني (العصابة المسماة إسرائيل) في قلب الوطن العربي، في فلسطين، عام 1948، ليعيث في الأرض فساداً وقتلاً واعتقالاً وتدميراً، ويكون خنجراً مغروساً في خاصرة الأمة، يخدم مصالح الغرب في نهب خيرات العرب بعد تجويعهم وتجهيلهم.والثابت أنه على الرغم من السياسات الإسرائيلية التي أدت إلى عمليات التهجير الكبيرة التي طالت نحو (70) في المائة من الشعب الفلسطيني خلال عامي 1948 و1967 والسنوات اللاحقة، فإن (80) في المائة من الفلسطينيين يتمركزون في حدود فلسطين التاريخية والدول العربية المجاورة.
يقطن نحو خمسين في المائة من مجموع الفلسطينيين داخل فلسطين التاريخية، التي تبلغ مساحتها 27,009 كيلومترات مربعة، أي في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، والداخل المحتل. ووفقاً للإسقاطات السكانية، يتضاعف عدد الشعب الفلسطيني كل عشرين عاماً، حيث يُتوقّع أن يبلغ عددهم نحو 30 مليوناً بحلول عام 2050، غالبيتهم من الأطفال.
في المقابل، بلغ عدد المستوطنين اليهود الصهاينة في فلسطين والمستعمرات القائمة خلال العام الجاري نحو سبعة ملايين ومئتي ألف، وتنحدر أصولهم من 110 دول حول العالم. هؤلاء لا ينتمون إلى هذه الأرض، ويجب أن يعودوا إلى بلدانهم الأصلية. أما كفاح الشعب الفلسطيني، فماضٍ حتى النصر والتحرير."
*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا