الأسبوع:
2025-07-03@20:52:56 GMT

بين الحرية والفوضى

تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT

بين الحرية والفوضى

الحرية حق طبيعي لكل فرد، لكن حين تُمارس بلا قيود أو ضوابط تتحول إلى أداة للفوضى، فالحرية المطلقة حين تتجاهل حقوق الآخرين وقيمهم التي ترسخت في وجدانهم تصبح فوضي مطلقة، وتعرض قيم المجتمع للانهيار. وكما أن التعبير عن الرأي حق أساسي مكفول لكل إنسان فإنه إذا استُخدم للإساءة أو التحريض أو محاولة طمس هوية الآخرين وفرض واقع غير حقيقي بقوة وسطوة انتشار الميديا يتحول إلى تهديد للسلم المجتمعي.

لن يسمح أحد تحت اسم الحرية أن يخرج علينا البعض علي مواقع الفيديو والتواصل بداعي الشهرة وركوب التريند ليعمم حالات فردية وسلوكيات شاذة على المجتمع بأسره، ما زال التعميم فاسدا حين نتحدث عن مجتمع يتخطى الـ 100 مليون شخص، مجتمع له من القيم والموروثات والأعراف ما يميزه عبر تاريخه الطويل الممتد.

إن احترام قيم المجتمع لا يعني تقييد الحرية، بل يعني تمام ممارستها بما يتوافق مع المبادئ الأخلاقية والقوانين، وتحقيق هذا التوازن الذى يُعزز التعايش السلمي بين الأفراد، ويُحافظ على الهوية الأصيلة للشعب، وفي الوقت نفسه يُتيح مساحة للإبداع والتطور لا يمكن إنكار أهميتها. لسنا دعاة جمود ولكن ندافع عن قيم وموروثات تربينا عليها ولا يجوز إغفالها تحت اسم الحداثة وحرية التعبير.

يظل احترام قيم المجتمع من أهم الركائز الأساسية للحفاظ على تماسكه واستقراره. فالمجتمعات تُبنى على منظومة من القيم التي تُحدد معايير السلوك المقبول وتنظم العلاقات بين الأفراد، لذلك يجب تحقيق توازن بين الحرية الشخصية واحترام قيم المجتمع لضمان عدم تحول الحرية إلى فوضى، فالحرية ليست انطلاقًا بلا قيود بل هي مسؤولية تُمارس في إطار يحترم حقوق الآخرين ويحافظ على استقرار المجتمع وأمنه ومستقبله.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: قیم المجتمع

إقرأ أيضاً:

المقاومة الشعبية السودانية إلى أين يجب أن تتجه

(1) بعد انتكاسة المسلمين في غزوة أحد بعد أن نزل الرماة من الجبل طلبا للغنيمة أراد بعض قادة قريش اقتحام المدينة والقضاء المبرم على العصبة الاسلامية ورغم رفض أبوسفيان للفكرة لتثبيت رمزية الانتصار ، إلا أن النبي القائد أصدر تعليماته للجيش الاسلامي المثخن بالجراح بالخروج لمنازلة جيش مكة وعسكر في حمراء الاسد ثلاثة أيام ثم عاد الجيش عزيزا إلى المدينة . كذلك بعد انفضاض جيش الاحزاب وفك الحصار عن المدينة عاد النبي صلى الله عليه وسلم الى داره وبدأ في خلع السلاح ولامة الحرب وجاءه جبريل وقال له إن الملائكة لم تضع أسلحتها ثم أشار اليه بقتال يهود بني قريظة الذين نقضوا عهد وثيقة المدينة وتآمروا مع الاحزاب ضد المسلمين ، ونادى المنادي من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة . عبرة هذه القصص تنم على ضرورة وحدة وتلاحم الجبهة الداخلية ، واستمرار حالة التعبئة العامة ورفع الجاهزية عند منازلة العدو في المعارك الوجودية حتى استئصال شافته وإزالة مخاطره.
(2)
إن فكرة المقاومة الشعبية أو المجتمع القائد بكل أبعادها الدعوية والسياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية هي الاصل في الرسالة المحمدية وهكذا كان دأب النبي صلى الله عليه وسلم في استنهاض طاقات المجتمع ، من يشتري الدار المجاورة للمسجد وله الجنة ، ومن يشتري بئر رومة وله الجنة، ومن يجهز جيش العسرة وله الجنة ، وأبوبكر وعبد الرحمن بن عوف كانا يبذلان الأموال والسلع الاستهلاكية لكل مجتمع المدينة عند الشدة ،فالمقاتل كان يجهز ذاته من خيله ورجله وسلاحه وزاده من ماله الخاص ويناجز الاعداء حتى يسقط شهيدا وربح البيع. هكذا كانت دولة الاسلام الأولى متماثلة القوة والعظمة في بنيتها المؤسسية والمجتمعية.
(3)
ثمة حالة من الاسترخاء والكمون اعترى المقاومة الشعبية مع استمرار تدفق دعم المجرم محمد بن زايد للمليشيا الارهابية بالمال والسلاح والمرتزقة، ومغازلة المرتزق حميدتي لمصر، ورسائله التخديرية لفت عضد وتلاحم الجبهة الداخلية المناصرة لمعركة الكرامة ، مع توالي الضغوط الإقليمية والدولية على القيادة السودانية بضرورة ابرام تسوية سياسية تعيد إنتاج وتدوير المليشيا المجرمة في المشهد السياسي .
إزاء هذه التطورات لابد من يقظة المقاومة الشعبية السودانية وتثبيت توجهاتها في معركة الكرامة وفي مرحلة ما بعد المعركة. ولعل أبرز هذه التوجهات هي ضرورة استمرار حالة التدريب والتسليح وسط كل قطاعات الشعب السوداني . وضرورة تكامل دور المقاومة الشعبية من تحرير الأرض من دنس المليشيا الارهابية الى إعادة الاعمار والخدمات .
إن التمويل المالي واللوجستي لمشاريع المقاومة الشعبية من تحرير الأرض إلى إعادة الاعمار يجب أن يكون من كل قطاعات المجتمع السوداني في الداخل والخارج. إن المقاومة الشعبية هي تجسيد وتمثيل لإرادة المجتمع السوداني بكل تنوعه الجغرافي والديني والاثني والفكري، والسياسي .
(4)
إن أدبيات المقاومة الشعبية في استثارة الحماسة والتعبئة واستنهاض طاقات المجتمع يجب أن تكون نابعة من التراث الثقافي والفني وقصص الملاحم والبطولات السودانية دون تحيزات ايديولوجية أحادية. إن الثابت الاستراتيجي للمقاومة الشعبية في معركة الكرامة هو القضاء الناجز على مليشيا آل دقلو الارهابية إما في الميدان أو التفاوض على الاستسلام ، وكذلك محاكمة كل قيادات القوى السياسية المدنية الداعمة للمليشيا وهذا الثابت خط أحمر غير قابل للاختراق بمساومات تعيد إنتاج المليشيا المجرمة وجناحها السياسي(تحالف صمود/ تأسيس)
(5)
إن المقاومة الشعبية يجب أن تكون نواة الاحتياط للجيش السوداني وتعمل تحت قيادة وإمرة الجيش . إن المقاومة الشعبية يجب أن تكون داعمة لقضايا البناء الوطني والوفاق والسلام والوحدة، والتحول الديمقراطي المستدام.
صفوة القول إن المقاومة الشعبية يجب أن تكون النواة الصلبة لترسيخ فكرة وثقافة المجتمع القائد لمشروع النهضة السودانية بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

عثمان جلال

السبت: 2025/6/28

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين، وما نحتاجه اليوم روحٌ وطنية تلملم ما تناثر من الهوية السورية
  • ناقد رياضي: الهلال دائمًا ما يسبق الآخرين بخطوة
  • الذكاء الاصطناعي يكتب ملاحظات المجتمع في منصة إكس
  • جبالي بعد انسحاب المعارضة بسبب الإيجار القديم: لكم كامل الحرية
  • أشباح المنصات على حافة الحرية: خطيب مسجد وشاعر أمام القانون
  • مادلين كُلّاب صيادة فلسطينية سميت عليها سفينة من أسطول الحرية
  • خبير اقتصادي: على أفريقيا ألا تنتظر المعجزات من الآخرين بعد الآن
  • الحرية المصري: جاهزون لخوض انتخابات الشيوخ على غالبية المقاعد
  • ربة المنزل(عمل بلا مقابل) / حنين عساف
  • المقاومة الشعبية السودانية إلى أين يجب أن تتجه