أعادت الولايات المتحدة الأنظار إلى الحرب الروسية الأوكرانية بعد قرار وصفه كثيرون بالدراماتيكي وقد يغير مسار الصراع جذريا، ويرجح كفة موسكو في الميدان، ويضعها في موقف قوة أمام طاولة المفاوضات.

ويزيد القرار الأميركي -الذي يقضي بتعليق شحنات أسلحة لأوكرانيا، بينها منظومات دفاعية- الطين بلة في ظل تزايد هجمات روسيا بالصواريخ والمسيّرات وصفها خبراء عسكريون بأنها الأكبر منذ بداية الحرب قبل أكثر من 3 سنوات.

وحاولت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التقليل من أهمية القرار وتداعياته، إذ حصرته في إطار تقييم الذخائر التي تقدمها للخارج، ومراجعة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بما ينسجم مع أولويات واشنطن الدفاعية.

وفي ظل هذا الصخب، تقول دوائر مقربة من صناعة القرار الأميركي إن القرار مؤقت وليس إستراتيجيا، ويهدف إلى إعادة المخزون العسكري الأميركي لسابق عهده والتحوط من نزاع محتمل مع إيران في الشرق الأوسط، حسب جيمس روبنز نائب وزير الدفاع الأميركي السابق.

ولطالما تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإنهاء هذه الحرب، لكنه بدا منحازا إلى الموقف الروسي، وشدد مرارا على أن أوكرانيا لا تمتلك أوراق قوة على الطاولة، لكن هذا لا يعني قطع المساعدات بشكل دائم عن كييف، كما يقول روبنز في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر".

ومع ذلك، أقر روبنز بأن الخطوة أيضا تشكل ضغطا دبلوماسيا أميركيا على أوكرانيا وأوروبا للتوصل إلى ترتيبات بشأن الحرب، إذ يؤدي ترامب دور الوسيط بحيث "لا يحبط الأوكرانيين، ولا يشجع الروس بشكل مفرط".

طعنة في الظهر

وعلى الطرف الآخر من المعادلة، تتساقط الأوراق تباعا من أوكرانيا في ظل تصريحات أميركية متتالية يرى مراقبون أنها تقف في صف روسيا وقرارات عسكرية تعقّد موقف كييف ميدانيا.

وجاء القرار الأميركي في وقت تبدو فيه أوكرانيا بأمس الحاجة لأسلحة الدفاع الجوي وصواريخ باتريوت الاعتراضية، ليبدو كأنه "طعنة خائنة في الظهر"، كما وصفها الدبلوماسي الأوكراني السابق فولوديمير شوماكوف.

إعلان

ومن شأن القرار الأميركي أن يكشف السماء الأوكرانية أمام الهجمات الروسية في منعطف خطير -وفق أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف حسني عبيدي- في ظل تصميم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تحقيق أهدافه.

ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض لا تبدو العلاقات الأميركية الأوكرانية في أفضل أحوالها، كما أن مستقبل المساعدات الأميركية لكييف يبدو قاتما.

وبحسب شوماكوف، فإن ترامب متحيز وموالٍ لموسكو في ظل تهديداته لأوكرانيا ورفعه العقوبات عن روسيا.

وفي محاولة لتعديل ميزان الكفة أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توقيع بلاده اتفاقية مع شركة "سويفت بيت" الأميركية لإنتاج مئات آلاف المسيّرات هذا العام.

إعلان الاستسلام

وفي ظل هذا المشهد القاتم لا يستبعد الدبلوماسي الأوكراني أن تكون غاية واشنطن دفع كييف إلى الاستسلام وتشجيع روسيا في ضرباتها العسكرية.

لكن روسيا تضع شروطا تراها كييف "غير مقبولة"، مثل الاعتراف بالأقاليم الأوكرانية الأربعة التي ضمتها موسكو خلال الحرب ونزع السلاح -كما يقول شوماكوف- في وقت تطالب فيه أوكرانيا بضمانات لإنهاء النزاع.

وبناء على هذه التطورات لا تستطيع أوروبا تغطية الاحتياجات العسكرية والمالية لأوكرانيا، مما سيدفع الروس إلى رفع وتيرة الهجمات على أوكرانيا.

ولا يستبعد بعض المراقبين أن تكون الخطوة الأميركية تهدف إلى أبعد من ذلك، من خلال دفع أوروبا وأوكرانيا لطاولة مفاوضات من موقف ضعف تنحاز إلى شروط روسية ترى القارة العجوز أنها تعجيزية ولا يمكن قبولها، مثل وقف توسع حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى حدود روسيا.

وكانت وكالة بلومبيرغ نقلت عن مسؤول مطلع قوله إن المسؤولين الأوروبيين مصدومون بسبب قرار واشنطن وقف إمدادات الذخائر الأميركية لأوكرانيا.

بدوره، كشف موقع بوليتيكو الأميركي عن مصادر تأكيدها أن حكومات أوروبية تدرس خططا لشراء أسلحة أميركية الصنع من ميزانياتها الدفاعية لنقلها إلى أوكرانيا، على أن تُحتسب هذه الأموال ضمن مساهمة هذه الدول في الإنفاق الدفاعي الجديد لحلف شمال الأطلسي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القرار الأمیرکی

إقرأ أيضاً:

عاجل. أوكرانيا تستدعي القائم بالأعمال الأميركي بعد تعليق واشنطن إرسال أسلحة

أوكرانيا تستدعي القائم بالأعمال الأميركي بعد تعليق واشنطن إرسال أسلحة اعلان

قال مسؤولون أمريكيون إن الولايات المتحدة أوقفت شحنات بعض صواريخ الدفاع الجوي وغيرها من الأسلحة التي وعدت بها كييف سابقًا وسط مخاوف من أن مخزونها الخاص قد انخفض كثيرًا، وذلك وسط مخاوف من أن مخزونها الخاص قد انخفض أكثر من اللازم.

كانت بعض الذخائر قد وُعِدت في السابق لأوكرانيا في ظل إدارة بايدن لدعم دفاعاتها. ومع ذلك، يبدو أن الإدارة الأمريكية قد عدلت بعض تلك القرارات بسبب المخاوف على المصالح الأمريكية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، في بيان لها: "تم اتخاذ هذا القرار لوضع مصالح أمريكا أولًا بعد مراجعة الدعم والمساعدة العسكرية التي تقدمها بلادنا لدول أخرى في جميع أنحاء العالم".

وأضافت كيلي ساخرةً: "لا تزال قوة القوات المسلحة الأمريكية غير مشكوك فيها - فقط اسألوا إيران".

وخلصت مراجعة البنتاجون إلى أن المخزونات كانت منخفضة للغاية في بعض الأسلحة التي تم التعهد بها سابقًا، لذلك لن يتم إرسال شحنات معلقة من بعض الأصناف، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس.

ولم تقدم وزارة الدفاع الأمريكية تفاصيل عن الأسلحة المحددة التي تم تعليق إرسالها.

وقال المتحدث باسمها شون بارنيل: "لم يكن الجيش الأمريكي أكثر جاهزية وقدرة من أي وقت مضى"، مضيفًا أن حزمة التخفيضات الضريبية والإنفاق الكبيرة التي تمر عبر الكونجرس الأمريكي "تضمن تحديث أسلحتنا وأنظمتنا الدفاعية للحماية من تهديدات القرن الحادي والعشرين لأجيال قادمة".

قد يكون توقف بعض الأسلحة من الولايات المتحدة ضربة كبيرة لأوكرانيا، حيث كثفت موسكو ضرباتها الجوية على أوكرانيا بشكل كبير في الآونة الأخيرة، حيث أصبحت هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ والقصف أكثر تواتراً وكثافة.

أطلقت روسيا عددًا قياسيًا من الطائرات بدون طيار ضد أوكرانيا بلغ 5438 طائرة بدون طيار خلال شهر يونيو، وفقًا لبيانات القوات الجوية الأوكرانية، أو ما يزيد بنحو الربع عن وابل موسكو السابق الذي بلغ 4198 طائرة بدون طيار في مارس.

هل تستطيع ألمانيا التدخل؟

لقد ضغطت واشنطن مرارًا وتكرارًا على الحلفاء لتوفير أنظمة الدفاع الجوي لأوكرانيا والتدخل بالمزيد من إمدادات الأسلحة.

قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس يوم الثلاثاء إن قرار توريد صواريخ كروز من طراز توروس إلى أوكرانيا لا يزال قيد الدراسة. إلا أنه شدد على أن ألمانيا لن تصبح طرفًا في الحرب.

وقال ميرتس للصحافة المحلية: "لقد كان من الواضح دائماً أنه إذا قمنا بتوريد صواريخ توروس، فإن هذا السلاح لن يستخدمه الجنود الألمان، بل الأوكرانيون".

وأشار إلى أن نفس المبدأ ينطبق على صواريخ كروز الأخرى التي زودت بها المملكة المتحدة وفرنسا أوكرانيا بالفعل.

يشبه صاروخ توروس إلى حد كبير صواريخ سكالب الفرنسية البريطانية وصواريخ ستورم شادو الفرنسية البريطانية من حيث المدى والسرعة والحمولة.

ويكمن الاختلاف الرئيسي في تصميم الرأس الحربي، حيث يمكن برمجة صواريخ توروس لتنفجر بعد اختراق الأهداف المحصنة، مثل المخابئ والمنشآت المحصنة - وهو السبب الرئيسي وراء طلب كييف للصواريخ الألمانية الصنع من برلين منذ بداية الغزو الروسي الشامل في أوائل عام 2022.

المصادر الإضافية • AP

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • تحقيق في توقف إدارة ترامب عن فرض عقوبات جديدة على روسيا وسط انتقادات ديمقراطية
  • بوتين لـ ترامب: روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا ولا تراجع عن إزالة الأسباب الجذرية للنزاع
  • بوتين لترامب: روسيا لن تتخلى عن أهدافها في أوكرانيا
  • أوكرانيا أمام تهديد مزدوج.. قنابل روسية وانسحاب أميركي
  • روسيا: فرصة لتسريع نهاية الحرب.. أوكرانيا تحذر من تبعات تأخير الأسلحة الأمريكية
  • في غياب الدعم الأميركي.. أوكرانيا تواجه صعوبات لاحتواء التقدم الروسي
  • روسيا ترحب بتعليق السلاح الأمريكي لأوكرانيا
  • عاجل. أوكرانيا تستدعي القائم بالأعمال الأميركي بعد تعليق واشنطن إرسال أسلحة
  • نشرة أخبار العالم| ترامب يعلن موافق إسرائيل على هدنة غزة وينتظر موافقة حماس.. وواشنطن توقف تسليم بعض الأسلحة لأوكرانيا.. ووزير الدفاع الإسرائيلي يُهدّد اليمن