المشهد الأخير في حياة رئيس باكستان الجنرال ضياء الحق قبل مقتله في عام 1988، تمثل في قذائف الدبابات "إم 1 إيه 1 أبرامز" التي أطلقها الامريكيون وفشلت في إصابة أهدافها.

إقرأ المزيد غزو أمريكي لروسيا أوقع 24 قتيلا في صفوف القوات المهاجمة

مع الزمن يزداد الغموض الذي أحاط بمقتل ضياء الحق، كما هو الأمر في جميع القضايا الكبرى المشابهة، ويصبح من الصعب حل مثل هذا اللغز على الرغم من الرواية الرسمية والظروف المحيطة بالواقعة والتي تبدو من بعيد بسيطة للوهلة الأولى.

تلك النهاية المأساوية للجنرال الباكستاني القوي ضياء الحق بدأت منذ وقت طويل سابق بإصرار قيادة القوات المسلحة الباكستانية أمام الرئيس والحكومة على ضرورة استبدال الدبابات القديمة في القوات المدرعة بأخرى حديثة، وجرى اقتراح شراء أحدث طرازات الدبابات الأمريكية في ذلك الوقت "أم – 1"

مضى الأمر على هذا النحو وتقرر إجراء اختبار للقدرات القتالية والتقنية لهذه الدبابة الأمريكية في موقع خاص بتجريب هذا النوع من الأسلحة بالقرب من  مدينة باهاوالبور، الواقعة على بعد 450 كم جنوب العاصمة إسلام أباد.

وصلت مجموعة من العسكريين الأمريكيين المتخصصين لاستعراض أحدث دباباتهم أمام الباكستانيين، وترأس هذه المهمة الفنية العسكرية، رئيس البعثة العسكرية الأمريكية في باكستان، العميد هربرت واسوم.

قائد القوات المدرعة في باكستان الجنرال محمود دوراني اتصل مساء 15 أغسطس 1988 بالرئيس ضياء الحق وطلب منه المشاركة شخصيا في اختبارات الدبابات الأمريكية.

الجنرال ضياء الحق لم يكن راغبا في ذلك، ربما بسب إحساس داخلي بالخطر، وحاول التملص والاعتذار عن المشاركة بمختلف الطرق، إلا أن الجنرال دوراني أصر مشددا على أن رئيس البلاد هو أيضا رئيس أركان للجيش، ومشاركته في اختبارات الدبابات الأمريكية سيكون موضع تقدير كبير في الولايات المتحدة.

قبل ضياء بالمشاركة وحدد موعدا للاختبارات في 17 أغسطس 1988، وفي صباح اليوم المذكور وصل الرئيس الباكستاني ضياء الحق والجنرال دوراني، إضافة إلى نائب رئيس أركان القوات البرية، الجنرال ميرزا أسلم بيك، ومجموعة من الجنرالات الباكستانيين رفيعي المستوى إلى باهاوالبور، ومن الجانب الأمريكي وصل إلى تلك المدينة السفير الأمريكي في باكستان أرنولد رافيل، والعميد هربرت واسوم والعديد من المتخصصين في المركبات المدرعة من المصانع الأمريكية المنتجة للدبابة "إم -1".

ناورت الكوادر الأمريكية بأحدث الدبابات أمام أعين المسؤولين الباكستانيين واستعرضت قدراتها على الحركة بمعنويات عالية، ثم أرادت إظهار قدراتها في إصابة الأهداف. أطلق الخبراء الأمريكيون نيران مدافع دباباتهم لكنهم لم يصيبوا الأهداف، وتعكر مزاج وفدهم العسكري الرسمي!

بالمقابل، قيل إن الجنرال ضياء الحق كان في مزاج رائق في ذلك اليوم، وأنه دعا جميع الحاضرين إلى ركوب الطائرة الرئاسية "هرقل" في رحلة العودة.

في تلك اللحظة، اعتذر نائب رئيس أركان القوات البرية الباكستانية الجنرال ميرزا أسلم بيك بشكل غير متوقع عن السفر مع الرئيس، مشيرا إلى أنه مضطر إلى السفر بشكل عاجل لحضور اجتماع مهم للغاية، واستقل طائرة أخرى.

لا المزاج الرائق رغم عدم إصابة الدبابات الأمريكية لأهدافها، ولا الطقس الجميل في يوم 17 أغسطس 1988، ولا خبرة قائد الطائرة الرئاسية الباكستانية ومهارته الشهيرة، لم تساعد في تجنب الكارثة.

ما أن أقلعت الطائرة الرئاسية بالجنرال ضياء الحق ومساعدوه ومعهم السفير الأمريكي، حتى تحولت إلى كرة ملتهبة، هوت وتحطمت على الأرض. وبرواية أخرى انقلبت الطائرة "هرقل" في الجو وانحنت مقدمتها إلى الأسفل، وسقطت ثم انفجرت باصطدامها بالأرض.

وقعت الكارثة التي أودت بحياة جميع ركاب الطائرة الرئاسية الباكستانية وعددهم 30 شخصا، وشكلت الحكومة الباكستانية على الفور لجنة للتحقيق، ترأسها العميد البحري في سلاح الجو، عباس ميرزا، وضمت 4 خبراء باكستانيين و6 أمريكيين.

تحقيق اللجنة الخاصة استمر لمدة شهرين، إلا أن تقريرها الذي صيغ في 350 صفحة احتوى على أسئلة أكثر من الإجابات، وفيما كان وزير الاتصالات قد أعلن أنه تم العثور على "الصندوق الأسود"، إلا أنه لم يظهر أي نتيجة،  ثبت لاحقا أن الطائرة الرئاسية الباكستانية لم يكن بها صندوق أسود على الإطلاق.

وهكذا تناقضت تصريحات مختلف المسؤولين الحكوميين الباكستانيين والشهود وأعضاء لجنة التحقيق، ما زاد القضية تعقيدا ورجح بعض المسؤولين الأمريكيين العسكريين رواية الخلل الفني، على الرغم من ذلك يسيء إلى سمعة طائرات "سي – 130 هرقل" التي لم تنفجر أي منها بهذه الطريقة، وكانت في ذلك الحين 2000 طائرة من هذا النوع تعمل في 50 دولة.   

تقرير لجنة التحقيق في المحصلة لم يجب على السؤال الأكثر أهمية، من تسبب في هذه الكارثة؟ علاوة على ذلك  لم يستقل نائب رئيس أركان القوات البرية الباكستانية، الجنرال ميرزا أسلم بيك، طائرة الرئيس بعد اختبار دبابات "إم -1"، وفضل العودة على متن طائرة أخرى أقلعت بعد دقيقة من إقلاع هرقل. لماذا لم ينضم هذا المسؤول إلى بقية المشاركين الذين كانوا يعتزمون مواصلة تبادل الآراء على متن الطائرة؟

اللافت أن الجنرال ميرزا أسلم بيك في أعقاب وفاة ضياء الحق، تولى منصب رئيس أركان القوات البرية، الذي كان يشغله الرئيس الراحل!

صناديق المانغو.. لغز الألغاز:

من بين الأحداث الغريبة التي وقعت في  مطار مدينة باهاوالبور، أن الطائرة قبل أن تقلع وعلى متنها الرئيس وضيوفه الرفيعين حُمّلت بصناديق المانغو المحلي الأفضل على مستوى العالم، لماذا؟ تبين أن تلك الصناديق كانت هدية للأمريكيين.

خبراء طرحوا المزيد من التساؤلات بهذا الشأن قائلين، هل ثمن هذه الفاكهة في روالبندي أو إسلام أباد أغلى؟! وهل جرى فحص صناديق المانغو قبل وضعها في الطائرة الرئاسية؟ أسئلة تتوالى من دون انقطاع!

بعد عشرة أشهر فقط من الكارثة، أرسل مكتب التحقيقات الفيدرالي خبيرا متخصصا في التخريب في وسائل النقل الجوي إلى باكستان، في حين أفاد مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي أوليفر ريفيل حينها بأن وزير الخارجية وقتها جورج شولتز اتصل بمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي ونصحه "بعدم التورط في هذه القصة المظلمة".

سقط "هرقل"  الباكستاني وطويت صفحة الجنرال ضياء الحق الذي كان وصل السلطة بعد أن أطاح في انقلاب عسكري برئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو في 5  يوليو عام 1977، وحملت "صناديق المانغو" سرها معها إلى العدم.

المصدر:

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا أرشيف أسلحة ومعدات عسكرية إسلام آباد الدبابات الأمریکیة فی ذلک

إقرأ أيضاً:

تصدرت قطاع الطيران.. القطرية تستكمل تزويد 54 طائرة بوينغ 777 بخدمة Starlink

أكملت الخطوط الجوية القطرية، التي توجت مؤخراً بلقب أفضل شركة طيران في العالم لعام 2025 من قبل سكاي تراكس العالمية، برنامج تزويد 54 طائرة من طراز بوينغ 777 بخدمة Starlink ، في خطوة تعكس التزامها بتقديم أسرع خدمة اتصال لاسلكي بالإنترنت على متن الطائرة بسرعة قياسية.

وبتحقيقها لهذا الإنجاز، تصبح الخطوط الجوية القطرية المُشغّّل لأكبر عدد من الطائرات عريضة البدن المجهزة بخدمة Starlink، وشركة الطيران الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تقدم هذه الخدمة. كما أنها تعزز مكانة الناقلة القطرية كشركة رائدة عالمياً في مجال الربط الجوي للرحلات طويلة المدى والمجهزة بأسرع خدمة إنترنت على متن الطائرة.

ورغم أن الجدول الزمني الأصلي لبرنامج تجهيز طائرات بوينغ 777 بخدمة Starlink كان مُخططًا له أن يمتد على مدار عامين، فقد نجحت الخطوط الجوية القطرية في استكماله خلال تسعة أشهر فقط، أي بسرعة تجاوزت الفترة الأولية المخطط لها بنسبة تقارب 50%. ومن خلال تقليص مدة التجهيز من ثلاثة أيام إلى 9.5 ساعات فقط لكل طائرة، تمكنت الشركة من استكمال البرنامج دون أي تأثير على جدول عملياتها التشغيلية.

ومن جهته، قال م. بدر محمد المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية: "يعكس هذا الإنجاز الجديد استثمارنا الاستراتيجي في إعادة تعريف تجربة السفر وفي تجاوز توقعات مسافرينا. لقد وعدنا بتوفير أفضل وأسرع خدمة اتصال لاسلكي بالإنترنت على متن الطائرة في القطاع كله، ومع Starlink تمكنا من الوفاء بوعدنا  بسرعة وعلى نطاق غير مسبوق. ومع استكمال هذا البرنامج الرائد  لتزويد طائرات بوينغ 777 بخدمة Starlink، نركّز الآن على المرحلة التالية والمتمثلة في تزويد أسطول طائراتنا من طراز إيرباص A350 لنواصل توفير هذه التجربة الاستثنائية عبر المزيد من مسارات شبكة وجهاتنا المتنامية التي تزيد عن 170 وجهة عالمية."

ويمكن للمسافرين في جميع المقصورات، سواءً كانوا على متن  الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال أو الدرجة السياحية، الاتصال المجاني كليّاً بخدمة Starlink، من وقت الإقلاع وحتى الهبوط، وبسرعة تصل إلى 500 ميجابايت في الثانية لكل طائرة، ليستمتعوا باستخدامه للبث المباشر أو الألعاب أو العمل تماماً كما لو كانوا في المنزل – إن لم يكن أفضل.

وبناء على النجاح الذي حققه برنامج تزويد طائرات بوينج 777 بخدمة Starlink، تعمل الخطوط الجوية القطرية الآن على تجهيز أسطول طائراتها من طراز إيرباص A350، وذلك بهدف استكمال تزويد هذا النوع من الطائرات بخدمة Starlink خلال العام المقبل.

ومنذ إطلاق خدمة Starlink لأول مرة في العالم على طائرة من طراز بوينغ 777 في أكتوبر 2024، شغّلت الخطوط الجوية القطرية أكثر من 15,000 رحلة معززة بخدمة أسرع خدمة إنترنت على متن الطائرة ، لتواصل بذلك الارتقاء بتجربة السفر الحديثة من خلال تقديم خدمات عالمية المستوى وابتكارات رائدة.

مقالات مشابهة

  • مشروع مقاتلة ألمانية ألهم «الشبح» الأمريكية
  • اصطدام محرك طائرة بجسر تصعيد الركاب.. صور
  • كشف سبب السقوط المفاجئ من السماء للطائرة الهندية المنكوبة بتحقيق أولي
  • موافقة أمريكية على بيع لبنان عتاد صيانة لطائرات إيه 29 سوبر توكانو
  • طائرة ركاب سودانية تنجو من كارثة محققة
  • جيش الاحتلال يؤكد سقوط طائرة مسيّرة جنوب لبنان ويستبعد تسريب معلومات
  • إسقاط طائرة مسيرة في السليمانية شمالي العراق
  • ذعر على متن طائرة أمريكية بعد صراخ راكب مدعيًا حيازته قنبلة
  • بعد اعتراض طائرة «كوكايين» في كوليما.. أزمة دبلوماسية بين السلفادور والمكسيك
  • تصدرت قطاع الطيران.. القطرية تستكمل تزويد 54 طائرة بوينغ 777 بخدمة Starlink