الوطن:
2025-07-30@15:16:50 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: إيتاء الزكاة (1)

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: إيتاء الزكاة (1)

جلس سيدنا جبريل الأمين عليه السلام، أمام سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يراه الصحابة الأجلاء رضوان الله تعالى عليهم فى صورة رجل غريب، وها هو سيد الخَلق، صلى الله عليه وسلم، يخبره عن الإسلام فى كلام شريف جامع، فيقول: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيمَ الصلاة، وتُؤتى الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً».

فأول الإسلام أن ينطق المرء بشهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وسلم».

وأول شىء بعد الشهادة هو إقامة الصلاة، والصلاة عبادة خالصة لله تعالى، وإقامتها تقتضى توفية حقوقها وأركانها، ثم بعد ذلك يأتى إيتاء الزكاة، والزكاة قدر قليل من المال يخرجه الغنى لثمانية أصناف من البشر هم المذكورون فى قول المولى سبحانه وتعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» [التوبة: 60]؛ أى: تُخرج زكاة المال لثمانية أصناف، الصنف الأول هم الفقراء، والثانى المساكين، والثالث العُمّال (الموظّفون) المكلّفون بجَمعها، والرابع الأشخاص الذين تُراد استمالة نفوسهم إلى الإسلام، حتى نُنقذ مهجهم من النار، والخامس العبيد لعتقهم من رقِّ العبودية، والسادس المدينون الذين لزمتهم ديون فى غير معصية الله تعالى ولا يجدون المال الذى يدفعونه لدائنيهم، والسابع فى سبيل الله، وهو مَصرف واسع المدلول، فيشمل تجهيز الجيوش للدفاع، ويجوز صرفه على طلبة العلم، ويجوز صرفه على مريد الحجّ، وقال بعض العلماء: إنه يشمل جميع وجوه الخير.

والثامن هو ابن السبيل، وهو المسافر الذى انقطع عن ماله فى سفره، فيُعطى من الزكاة ما يساعده على بلوغ موطنه، حتى لو كان غنيّاً فى بلده. وقد اشترط العلماء فيه ألا يكون سفره فى معصية.

وهذا معناه أن الزكاة تقتضى من المسلم أن يكون له دور اجتماعى بين أبناء مجتمعه، بحيث يتفقّد أحوالهم، ويعلم المستحقين للزكاة منهم، ويحدّد وجه استحقاق كل منهم، وأن يكون مدركاً للأحوال العامة فى مجتمعه ووطنه وأن يُشارك فيها بشيء من زكاة ماله من خلال سهم فى سبيل الله، ومن هذا السهم تُبنى الجسور، والقناطر، والحصون، والمساجد، ويكفّن الموتى، وغير ذلك من وجوه الخير.وهذا الدور الاجتماعى الذى يعين فيه الغنى الفقراء، سواء أكانوا من مجاوريه وأبناء بيئته وحيِّه أم كانوا من الغرباء، ويُشارك فى إعمار وطنه ببناء ما يحتاجه أبناؤه من جسور وقناطر ومساجد وحصون وتجهيز جيوش، أقول هذا الدور الاجتماعى جعله شرع الله تعالى عبادة يتعبّد الإنسان بها ربَّه تعالى، بل هو أحد أركان هذا الدين الشريف.وهذا يبين مدى رعاية شرع الله تعالى للبشر وعنايته بهم، حتى إنه جعل ذلك عبادة يتعبد بها المسلم ربَّه ويتقرّب بها إليه.وها هنا مسألة لا بد من الانتباه إليها، وهى أن البعض قد يظن أن الزكاة ركن يأتى بعد الصلاة، وذلك لأنه معطوف عليها بالواو فى قوله، صلى الله عليه وسلم: «وتقيمَ الصلاة، وتُؤتىَ الزكاة»، والحق أن العلماء قالوا: إن الواو العاطفة لا تقتضى ترتيباً ولا مَعيَّة؛ أى: ليس ما بعدها تالياً لما قبلها ولا معه فى نفس الوقت، بل إنها تقتضى أن المعطوف بها والمعطوف عليه مجتمعان فى هذا الأمر، وليس شرطاً أن يكون هذا منهما معاً فى نفس الوقت، فإذا قلتَ مثَلاً: (جاء زيد وعمرو) لا يعنى هذا أن مجىء عمرو متأخر عن مجىء زيد، ولا يُفهم أيضاً أنهما جاءَا معاً، بل المعنى أن المجىء حصل منهما، دون النظر إلى سبق أحدهما على الآخر أو مجيئهما معاً.

وبِناءً على هذا نفهم أن عطف إيتاء الزكاة على إقامة الصلاة معناه أن المسلم بمجرد إسلامه بنطقه الشهادتين صار مأموراً بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ما دام لا يمنعه مانع من هذه العبادات، فهى كلها على قدم المساواة.وهذا معناه أن الزكاة التى هى لون من مساعدة البشر عبادة كالصلاة والصيام والحج، وهذا يبين مدى رُقى هذا الدين الشريف ورعايته للإنسان وعنايته به

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: رسول الله صلى الله عليه وسلم أركان الإسلام صلى الله علیه وسلم الله تعالى ه تعالى

إقرأ أيضاً:

التنوع الثقافي لدى الشباب الرياضي

 

 

موضوع التنوع الثقافي مرتبط بشكل مباشر بمستوى التربية التي يتلقها النشء والشباب داخل الأسرة بالدرجة الأولى، ومن خلال الاحتكاك والاختلاط بالمحيط الذي يتعامل معه، ومنه المحيط الرياضي، ويعزز ذلك من التعليم الإيماني الديني الذي ينشأ عليه الشباب، والتعليم بكل مراحله الأساسي والثانوي والجامعي، وفي مجتمعنا اليمني حتما سوف نستبعد أي فكرة للتنوع الثقافي الديني، لأن شعب الإيمان لا يدين ولا يعترف ولا يؤمن إلا بدين خاتم المرسلين الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لذلك فإننا سوف نتحدث عن ثقافة متداولة بين الشباب من باب التنوع في السلوكيات المكتسبة من الأسرة والمجتمع، والعمل والتعليم، وهذا التنوع بالتأكيد له تأثير إيجابي وسلبي، لكن ايجابياته أكثر بكثير نتيجة لارتباطه بدين التسامح والسلام والمحبة الإسلام الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
لماذا الحديث في هذا الموضوع؟ لأن العالم في تاريخ 29/ يوليو 2025م، وخلافاً للعام الماضي يحتفلون باليوم العالمي للتنوع الثقافي ومحاربة التمييز العنصري، وأنا أرى أننا نحن أحق بأن نذكر بالتنوع الثقافي وأثره الإيجابي، وأن نتطرق إلى التمييز العنصري الذي نبذه الإسلام مع صعود المؤذن بلال بن رباح على المنبر لدعوة الناس للصلاة، فهو أول مؤذن في الإسلام رغم أنه كان عبدا لبني جمح، وبعد إسلامه أصبح من سادة القوم، وهذا لأن الإسلام ينبذ التمييز العنصري، من يحتفلون باليوم العالمي للتنوع الثقافي، يضيفون حواراً بين الثقافات المختلفة، وهذا شيء لا مفر منه في عالمنا المنفتح والذي أصبح قرية واحدة نتيجة للتطور التكنولوجي والتنوع في وسائل التواصل المختلفة، لكن مع الأخذ بالحيطة والحذر الشديد من تضييع ثقافتنا الدينية وهويتنا الإيمانية في خضم الثقافات والسلوكيات الغربية غير الحميدة، لذا وجب على الأسرة والمدرسة والجامعة والأندية، الحرص على تنظيم المحاضرات الثقافية التي تحصن الشباب الرياضي من ثقافة الانحدار والضياع والتشتت الفكري البعيد عن تقوى الله واكتساب مرضاته، وخلق مجتمع متسامح متماسك يسود بداخله العدل والمساواة، وتختفي من صفوفه العنصرية والعصبية والولاءات القبلية التي تمزق النسيج الاجتماعي، وتخلق طبقات مجتمعية فقيرة وطبقات متوسطة وطبقات فائقة الثراء والعبث والتفاخر بالممتلكات العقارية والأرصدة المالية، بحيث لم يعد قادراً على توفير أبسط مقومات العيش الكريم «الخبز» نتيجة لحصار وعدوان وصراع مصدره السلطة.
مما لا شك فيه أن التنوع الثقافي المرتبط بهويتنا الإيمانية، ومحاربة التمييز والتعصب هما مصدر من مصادر التطور والتقدم والازدهار الذي يطمح إلى تحقيقه المجتمع، لأن تنوع الثقافة وفهم ثقافة الآخرين من خلال تعلم لغاتهم ومعرفة أسلوبهم في الحياة دون تقليدهم والانجرار إلى سلوكياتهم غير السوية، وإنما من باب المعرفة واتقاء شرهم ومعرفة الطرق والوسائل التي تمكننا من التعامل معهم وصدهم عن التدخل في شؤوننا، وتسيير أمورنا، لأن تنوع الثقافات يكسب الشباب مهارات جديدة، ويخلق لهم فضاء من التبادل العلمي والفكري والمعرفي، ويمنحهم مجالاً أوسع للابتكار والاختراع والإبداع، يسمح بنشر ثقافة دين التسامح والإيمان المطلق بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويسلط الضوء على سلوكيات أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لذلك فنحن أحق بإنشاء يوم عالمي للتنوع الثقافي مبني على هويتنا الإيمانية، وذلك ما نتمنى أن يتم عبر بحث علمي يتناول التنوع الثقافي وأهميته في نشر سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، تتم المشاركة به في المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شهر سبتمبر من العام الجاري.

مقالات مشابهة

  • سنة الفجر قبل أم بعد؟ .. اعرف فضلها ووقتها
  • فضل الصلاة في جوف الليل .. الأفضل بعد الفريضة
  • التنوع الثقافي لدى الشباب الرياضي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • لماذا أمر الرسول بقراءة آية الكرسي بعد الصلاة؟.. 3 فضائل اعرفها
  • هل يجوز أن أصلي على النبي إذا سمعت اسمه فى صلاتي؟ الإفتاء تجيب
  • هل تكفي تسبيحة واحدة في الركوع أو السجود؟.. بما علق العلماء؟
  • شاهد.. الفيديو الأكثر تداولاً على مواقع التواصل السودانية والعربية.. طفل سوداني يبكي ويذرف الدموع أمام الروضة الشريفة شوقاً لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم (أنا اشتقت ليهو)
  • محمد كركوتي يكتب: التعريفات بين الحل والتوتر
  • هل الصلاة على النبي في الصلاة تبطلها وتوجب الإعادة؟.. انتبه