5 تجارب سابقة تجنبتها المعارضة السورية في ردع العدوان
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
رصد المتابعون لمسار عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها فصائل المعارضة السورية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تغيرا في أسلوبها وخطابها، وكيفية تعاطيها مع الواقع الميداني بخلاف ما كانت عليه مع بداية انطلاق الثورة عام 2011.
وبعيدا عن الظروف والتغييرات الإقليمية والدولية التي رافقت إطلاق عملية ردع العدوان، كان من اللافت أن المعارضة اعتمدت إستراتيجيات وتكتيكات جديدة، تشير إلى أنها استدركت بعض أخطائها الماضية.
مع إطلاقها لعملية "ردع العدوان" أعلنت الفصائل المشاركة فيها عن توحدها في غرفة عمليات واحدة أطلقت عليه إدارة العمليات العسكرية ، وهي تضم كبرى الفصائل في إدلب، وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام" و "جيش العزة" و "حركة أحرار الشام" إضافة الجبهة الوطنية لتحرير إدلب.
كما ضمت الغرفة عددا من فصائل الجيش الوطني التي أطلقت من جانبها عملية "فجر الحرية" ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي كانت تسيطر على مساحات واسعة من ريف حلب الشمالي والشرقي، ومن هذه الفصائل "الجبهة الشامية" وفصائل "الحمزات والعمشات" و"السلطان مراد".
دعوات توحيد جهود الفصائل تعود إلى بداية العمل العسكري للمعارضة، إلا أن الاختلافات الأيديولوجية والعقائدية، وعدم وجود خبرة سياسية كافية، مع وجود عوامل أخرى تتعلق بمصادر الدعم والتمويل أدت إلى إحباط تلك الجهود، وهذا كان عاملا مهما في خسارة قوات المعارضة لمدن مهمة أدت إلى تراجعها عسكريا وسياسيا، كخروجها من مدينة حلب عام 2016.
إعلانوبحسب القيادي السابق في المعارضة السورية الرائد يوسف الحمود فإن إدراك الفصائل لأهمية هذه الخطوة دفعها لإنشاء "غرفة عمليات الفتح المبين" عام 2020، بعد توقف جبهات القتال مع النظام إثر توقيع اتفاقية "سوتشي" بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكانت "الفتح المبين" مسؤولة عن تنسيق العمليات العسكرية في الشمال السوري وإدارتها في إدلب، وأرياف حلب واللاذقية وحماة منذ ذلك الوقت.
ويضاف إلى توحيد الجهود العسكرية، توحيد الراية التي تقاتل تحتها هذه الفصائل، إذ اقتصرت على علم الثورة السورية، مقابل اختفاء كل الرايات الأخرى، والتي كانت تمثل الانتماءات العقائدية والأيدلوجية، والعرقية أحيانا لبعض الفصائل.
وإلى جانب ذلك، وُحّد الخطاب الإعلامي، إذ تصدر كل الأخبار والبيانات من جهة واحدة، هي "إدارة العمليات العسكرية"، عبر معرفاتها الرسمية فقط.
خطاب وطني جامع
مع بداية عملية "ردع العدوان" وجهت إدارة العمليات العسكرية رسائل تطمين إلى كافة مكونات الشعب السوري، وتجلى ذلك في البيانات التي أصدرتها الإدارة مع دخولها مدينة حلب في اليوم الثالث من العملية، إذ أكدت لهم على احترام حقوقهم وحرياتهم ومعتقداتهم الدينية.
وأكدت مصادر محلية في حي العزيزية الحلبي ذو الغالبية المسيحية للجزيرة نت أن المسيحيين في تلك الأحياء كانت لديهم مخاوف كبيرة من دخول قوات المعارضة إلى المدينة "بسبب وجود فصائل ذات خلفيات إسلامية متشددة".
وأضافت المصادر أن الواقع بدا مغايرا لذلك من خلال التعامل الجيد من قبل العناصر الذين سعوا لتأمين الخبز والماء وباقي المستلزمات، موضحة أن هناك حديثا عن أن قيادة العملية "حظرت على عناصرها الاحتكاك مع سكان هذه الأحياء، أو الاقتراب من متاجر بيع المشروبات الكحولية".
كما وجهت إدارة العمليات رسائل تطمين إلى البلدات ذات الغالبية الشيعية مثل نبل والزهراء، اللتين ضمتا قواعد للحرس الثوري الإيراني في ريف حلب الشمالي.
إعلانوعملت المعارضة على تأمين عودة سكان هذه البلدات إلى منازلهم بعد أن توجهوا إلى مدينة السفيرة في ريف حلب الجنوبي إثر تقدم قوات المعارضة، وذلك بحسب ما أوضحته مقاطع فيديو نشرتها إدارة العمليات العسكرية.
من جهتها، خاطبت إدارة الشؤون السياسية في "حكومة الإنقاذ" التابعة للمعارضة في إدلب -في بيان، يوم الأربعاء الماضي- الطائفة العلوية في سوريا، ووجهت لهم دعوات "للتخلي عن النظام السوري وأن يكونوا جزءا من سوريا المستقبل التي لا تعترف بالطائفية".
وفي هذا السياق يوضح الباحث والأكاديمي السوري عرابي عبد الحي عرابي أن فصائل المعارضة بدت وكأنها تحمل مشروعًا وطنيًا جامعا يتسامى على اللغة الطائفية والعنصرية من جهة، ويبتعد عن الانتقام والثأر وهذا ما تجلى في فتح باب التسويات للعناصر التي كانت تقاتل مع النظام من جهة أخرى.
ويضيف الباحث عرابي في حديثه للجزيرة نت أن هذا الخطاب الوطني غير الإقصائي عزز الثقة بين قوات المعارضة وبين السكان المحليين وخاصة من الأقليات الأخرى، مما أعطى العملية طابعا شموليا يهدف إلى استعادة سوريا لكل أبنائها.
وبعد سيطرتها على مدينة حماة الخميس أعلنت "إدارة العمليات" توصلها إلى اتفاق مع أهالي مدينة السلمية ومحردة، اللتين تحويان غالبية من الطائفة "الإسماعيلية" ينص على دخول القوات بشكل سلمي، بعد الاتفاق والتفاهم مع وجهاء المدينتين منذ بدء العمليات العسكرية، مقابل إخلائها من أي وجود للنظام.
من جانبها، أكدت "غرفة عمليات الجنوب" -وهي التي تضم فصائل المنطقة الجنوبية درعا والسويداء والقنيطرة- عن احترامها الكامل لحق جميع مكونات الشعب السوري في ممارسة شعائره الدينية بكل حرية، وذلك بعد نجاحها في السيطرة على أجزاء واسعة من تلك المحافظات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إدارة العملیات العسکریة قوات المعارضة ردع العدوان
إقرأ أيضاً:
استطلاع لمعاريف: المعارضة تتقدم ونتنياهو يفقد توازنه السياسي
انقلبت المعادلات في المشهد السياسي الإسرائيلي بعدما أظهر استطلاع رأي جديد أجرته صحيفة معاريف العبرية مسارًا متقلبًا قد يقلب الطاولة على رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ويعزز حضور أحزاب المعارضة.
وأظهرت نتائج استطلاع الرأي أن الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو حصل على 49 مقعدًا فقط في الكنيست (120 مقعدًا)، في حين حصد معسكر المعارضة 61 مقعدًا، ولا تزال القوائم العربية ثابتة عند 10 مقاعد، في مؤشر على استمرار الانقسام العميق في الساحة السياسية.
ولكن مفاجأة الاستطلاع لم تكن في الأرقام الإجمالية للكتل، بل في الصعود اللافت لحزب "إسرائيل بيتنا"؛ إذ قفز بقيادة أفيغدور ليبرمان إلى 19 مقعدًا، مما يجعله ثاني أقوى حزب بعد الليكود الذي تراجع إلى 22 مقعدًا فقط .
وفي تغير آخر، عاد "الديمقراطيون" بقيادة يائير غولان إلى ساحة الأضواء بـ 15 مقعدًا، بالتساوي مع "المعسكر الرسمي" الذي يقوده بيني غانتس، في حين انخفض نصيب "يوجد مستقبل" (لابيد) إلى 12 مقعدًا
أما الأحزاب الدينية فقد حافظت على قوتها: "شاس" (10 مقاعد)، "القوة اليهودية" (9)، و"يهدوت هتوراة" (8)، بينما حصلت القوائم العربية (الموحدة و"الجبهة والعربية للتغيير") على 6 و4 مقاعد على التوالي، وفشلت أحزاب مثل "بلد" و"الصهيونية الدينية" في عبور نسبة الحسم .
وتظهر النتائج تحولًا مثيرًا عند إدراج اسم نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الأسبق، في السباق: حزب بينيت يُحتمل أن يحصل على 27 مقعدًا، محقّقًا مفاجأة تُخرِج الليكود من الصدارة، حيث يتراجع إلى 20 مقعدًا، ويرتفع إجمالي مقاعد المعارضة إلى 65، في مقابل 45 فقط لليبراليين (الحكومة) .
لكن الأزمات لا تقتصر على المقاعد، بل تمتد إلى عنصر الثقة وشعبية الشخصيات. ففي مقابلة مباشرة، تراجع نتنياهو أمام بينيت (46 بالمئة مقابل 45 بالمئة)، في حين واصل التفوق أمام غانتس (45 بالمئة مقابل 35 بالمئة)، ولابيد (49 بالمئة مقابل 32 بالمئة)، وليبرمان (49 بالمئة مقابل 33 بالمئة) .
هذه النتائج تعكس استحقاقًا سياسيًا يتزايد ضغطه على نتنياهو، خاصة بسبب الاملاءات الداخلية والخارجية حول الحرب والحقوق. وفي ظل احتمال دعوات لعقد انتخابات مبكرة (57 بالمئة تؤيد ذلك وفق استطلاع مؤخر)، يبدو أن الأوضاع داخل حزبه، لا داخل الائتلاف وحده، مهددة .
وفي ظل هذه التقلبات الحادة، وليس أمام نتنياهو سوى خيارات صعبة: إما الحفاظ على تحالفات هشّة تحت ظل سلطة حرب متواصلة، أو الذهاب إلى انتخابات جديدة قد تؤدي إلى تغيير حاسم في وجه إسرائيل السياسي.