نجحت المعارضة السورية بأطيافها في تحقيق السيطرة على غالبية الأرض السورية -إلا القليل منها- وإسقاط حكم "عائلة الأسد" الذي امتد 6 عقود سوداء! لكننا سنترك الحديث عن ذلك الآن، ونتناول في مقالنا بعض ما قام به نظام "بشار الأسد" لتظل أسرته الفاسدة في الحكم أبد الدهر، كما كانوا يأملون!

حينما أطل الربيع العربي قادما من الغرب بدءا بتونس مرورا بمصر وليبيا استقبلها الشعب السوري التوّاق إلى حريته بعيدا عن الاستبداد والحكم الدموي الذي اشتهرت به عائلة الأسد (مذبحة حماة على يد حافظ الأسد 1982)، وبعيدا أيضا عن استمالة الطائفة التي ينتمي إليها رأس النظام (العلوية) التي مُنحت دون غيرها عددا من الامتيازات التي تقوّي من تبعيتها وولائها للنظام!.

.

ولم يتظاهر السوريون ضد الطائفية البغيضة وحدها، تلك التي رسختها عائلة الأسد، بل تظاهروا كذلك ضد الفساد المستشري في دولاب الحكم من منتفعي وأذناب العائلة أيّا ما كان انتماء المنتفعين المذهبي أو العرقي؛ سُنة أو شيعة، عربا أو كردا أو تركمانا، مسلمين أو مسيحيين، ولنا أن نعرف أن أعمدة النظام صاروا أكبر منتج لمادة الكبتاجون المخدرة في العالم!..

وكاد الثوار أن ينجحوا غير أن النظام سارع باستدعاء حلفائه من المليشيات الإيرانية، ومليشيا حزب الله اللبناني عام 2012، وبعدها استعان بالروس عام 2015 حيث ساعدوه في قلب المعادلة لتفوّق سلاح الطيران تحت أيديهم..

واستعاد النظام سيطرته على المناطق الثائرة بعد تدميرها وضربها بالكيماوي وبكل أنواع الأسلحة المحرمة، مما أدى إلى استشهاد مئات الآلاف إضافة إلى المهجّرين من أهل تلك المدن ممن حشُروا في الشمال في إدلب وشمال حلب..

أما شمال شرق سوريا فتركهما تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المتحالفة مع أمريكا والمرتمية في أحضان إسرائيل والمناوئة والمعادية للدولة التركية، بالشراكة في ذلك مع حزب العمال الكردستاني (PKK)!..

المصالح الخارجية التي حماها النظام في مقابل بقاء أسرته الحاكمة منذ 54 عاما!

نافح "بشار الأسد" من أجل بقائه في سدة الحكم طوال 25 عاما قضاها كما تفعل بعض الأنظمة الحاكمة في المنطقة؛ من تقديم كافة التنازلات والتضحية بالمصالح العليا لأوطانها لضمان الاستمرار! وهذا بعض ما فعله النظام لاستمرارية حكم عائلته الفاسدة مما يصب في مصلحة القوى الخارجية دون وطنه سوريا:

1- تمكين الدولة الإيرانية بتشجيع التحول للمذهب الشيعي في سوريا -حاضرة الخلافة الأموية- بين الشعب السوري ذي الأغلبية السنية -بالترغيب والترهيب- وإقامة الحوزات واللطميات الشيعية التي وصلت إلى المدارس والجامعات والميادين والمساجد، والتضييق الممنهج على الغالبية السنية وحشرها في إدلب من الشمال السوري واللعب في التركيبة الديمغرافية للبلاد كما فعلوا في العراق حاضرة الخلافة العباسية السنية!..

2- التغافل عن تحركات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المتحالفة مع أمريكا والحائزة على رعايتها وتمويلها تحت ذريعة محاربة الدواعش، والمرتمي في أحضان الكيان الصهيوني. و"قسد" المعروفة بعلمانيتها وعدائها للحركات الإسلامية السنية، لا تغفل أنقرة مشروعها بالتحالف مع تنظيم الـ"PKK" الساعي للسيطرة على مدن الشمال السوري حلب والرقة والحسكة المتاخمة للجنوب التركي كمقدمة للدولة الكردية المزعومة في شمال سوريا وجنوب شرق تركيا وشمال غرب إيران، بالإضافة إلى كردستان العراق في شمال بلاد الرافدين، تلك الدولة التي ستفصل الأناضول عن البلاد العربية كما فعل الكيان الصهيوني بفصل مصر عن الشام!

3- فرش الحصيّ في الأرض للدولة التركية! كأهم حوائط الصد للمشروع الإيراني ووريثة الخلافة العثمانية والمنافس القوي لإيران ولمصالحها، كما حدث في الحرب الأذرية الأرمينية! وتركيا المقصودة بسماح النظام السوري وتهاونه مع التنظيمات الإرهابية كحزب العمال الكردستاني (PKK) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بالتواجد والعربدة في مدن الشمال السوري وتفخيخ الحدود التركية على الدوام..

4- حالة الاستعلاء القبيحة التي اتسم بها "بشار الأسد" في التعاطي والتفاعل مع حالة التقارب التي قام بها النظام التركي والتحول عنها بإشارات غير خفية من حليفه الإيراني بعدم التقارب، والإبقاء على حالة التوتر الدائمة لتركيا في جنوب البلاد ..

لقد بذلت تركيا جهدا في تضييق الهوة بينها وبين النظام السوري وهي الاستراتيجية التي دأب صانع السياسة الخارجية التركية علىى تنفيذها، والتي أثمرت بعودة العلاقات مع مصر ثم بعض الدول الخليجية بعد الذي كان! لكن استعلاء النظام السوري والتزامه بإشارات حلفائه وداعميه في عدم التجاوب مع أنقرة، بالإضافة إلى تهاونه مع التنظيمات الكردية وتجاوزه للتفاهمات التي تمت في اتفاق آستانة بين الدول الثلاث (تركيا، إيران، روسيا) والتي كانت تقضي بخفض التصعيد في المدن السورية خاصة إدلب التي حشر بها أكثر من 4 ملايين سوري من السنة.. أنفد كل ما سبق صبر الدولة التركية! وحملها على تجهيز المعارضة السورية المسلحة وانطلقت عملية السيطرة على سوريا وإنهاء حكم النظام السوري بعمليتي "فجر الحرية" و"ردع العدوان" للسيطرة على المدن وطرد المليشيات والتنظيمات الإرهابية، حتى كلل الله الجهد بالنجاح المدوي في أقل من أسبوعين، وتحققت لأنقرة ما أرادت وهذا ما عبر عنه وزير خارجيتها "هاكان فيدان" حين قال: تركيا قد تتأخر في فعل اللازم لكنها تفعله في النهاية!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد سوريا تركيا سوريا الأسد تركيا الثورة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری

إقرأ أيضاً:

أول دولة أوروبية تصدر مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

 

أعلن مكتب النيابة العامة الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا عن طلبه إصدار مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

وجاءت مذكرة التوقيف على خلفية اتهام الأسد بشن الهجمات الكيميائية التي وقعت في سوريا عام 2013، وأتت بعد أن ألغت محكمة التمييز الفرنسية يوم الجمعة الماضية مذكرة توقيف سابقة كانت صادرة ضده.

وأوضح المكتب في بيان أن بشار الأسد لم يعد يتمتع بالحصانة الشخصية التي تمنحها القوانين لرؤساء الدول أثناء توليهم المناصب، بعد الإطاحة به في ديسمبر 2024 وهروبه من سوريا، ما يسمح بملاحقته قضائيًا على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل التهم الموجهة إليه على خلفية هذه الهجمات الكيميائية.

وكان قاضيان في باريس قد أصدرا في نوفمبر 2023 مذكرة توقيف بحق الأسد بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية جراء هجمات الغاز السارين التي شنت في مناطق مثل عدرا ودوما والغوطة الشرقية في أغسطس 2013، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص وإصابة المئات. وفي يونيو 2024 أيدت محكمة الاستئناف هذه المذكرة.

وفي قرارها، أكدت محكمة التمييز الفرنسية أن الحصانة الشخصية تحمي رؤساء الدول في منصبهم فقط، لكنها تعترف باستثناء جديد يمنح حصانة وظيفية فقط للرؤساء السابقين ولا يحميهم من الملاحقة في قضايا جرائم حرب أو ضد الإنسانية.

علاوة على ذلك، أصدر القضاء الفرنسي في يناير 2025 مذكرة توقيف أخرى بحق الأسد تتعلق بقصف مناطق مدنية في درعا عام 2017 تسببت في خسائر مدنية.

تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية غير مختصة بمحاكمة هذه الجرائم لأنها لا تملك ولاية على سوريا التي لم تصادق على اتفاقية روما المنظمة لعمل المحكمة، ولم تصدر الأمم المتحدة قرارا بإحالة الأمر إليها

 

مقالات مشابهة

  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: معرض دمشق الدولي حدث تاريخي عريق طالما شكل علامة فارقة في المشهد الاقتصادي السوري والعربي والدولي
  • أول دولة أوروبية تصدر مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
  • السلطات السورية تقبض على لواء طيار بارز في نظام الأسد
  • عائلة البلعوس وقصة الوقوف في وجه الأسد وإسرائيل
  • سوريا تستعد لأول انتخابات برلمانية منذ سقوط الأسد
  • سوريا.. إعلان موعد أول انتخابات برلمانية بعد الأسد
  • رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه الأحمد لـ سانا: تم خلال اللقاء مع السيد الرئيس أحمد الشرع أمس، إطلاعه على أهم التعديلات التي أُقرت على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، بعد الجولات واللقاءات التي قامت بها اللجنة مع شرائح المجتمع السوري
  • بيان للأمن السوري بشأن ماهر الأسد
  • يُطبق 2026.. نشر تفاصيل نظام تملُّك غير السعوديين للعقار
  • من الجولان إلى السويداء.. هل دمشق على طريق التطبيع؟