شهادات تكشف فصولاً التعذيب: السجون والمعتقلات السرية.. جحيم شاهد على فظاعة المحتل وبشاعة جرائمه
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
أكثر من 45 سجناً ومعتقلاً سرياً شيدتها دولتا الاحتلال السعودية والإمارات في المحافظات المحتلة روايات مرعبة يرويها سجناء ناجون من تلك المعتقلات تكشف بشاعة ما عايشوه من معاناة وإذلال طيلة فترة اعتقالهم
تتعدد الجرائم والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال السعودي الإماراتي ومرتزقته ضد المواطنين في المحافظات المحتلة وتزداد حدتها يوما بعد يوم، إلا أن ما كشفته الأيام من خفايا الإجرام والوحشية التي ترتكبها المليشيات الممولة من الإمارات في اقبية السجون المخفية، يعد من أبشع الشواهد على فظاعة المحتل وأدواته الإجرامية بحق المدنيين والأبرياء في عدن والمحافظات المحتلة.
قضايا وناس / مصطفى المنتصر
أكثر من 45 سجناً ومعتقلاً سرياً شيدتها الإمارات في المحافظات المحتلة وجعلت منها قبورا بلا شواهد لآلاف الأبرياء والمعارضين الذين نجوا بصورة أو بأخرى من جرائم الاغتيالات، لينتهي بهم المطاف في سجون مظلمة ومصائد قاتلة، تمنوا حينها لو كانت رصاصة الموت أقرب إليهم من جحيم المعاناة التي عاشوها خلف تلك السجون سيئة الصيت والسمعة .
وبحسب منظمات حقوقية ودولية فإن تلك السجون التي أنشأتها الإمارات والسعودية في المحافظات اليمنية المحتلة منافية لكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية كونها أنشئت خارج إطار سلطة الدولة وبطريقة مخالفة .
وهو ما أكدته منظمتا” هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” أن الإمارات تدير شبكة من السجون السرية في مناطق متعددة بجنوب اليمن، يُحتجز فيها مئات المعتقلين دون محاكمات عادلة، في ظل اتهامات متكررة بتعرض السجناء والمعتقلين للتعذيب الجسدي والنفسي، مما يثير تساؤلات عن مدى قانونية وجودها.
التقارير كشفت عن أساليب قاسية للتعذيب وشهادات مروعة في سجون الاحتلال السعودي الإماراتي منها الصعق الكهربائي، والضرب المبرح، والحرمان من النوم والطعام، وذكر شهود ناجون أن بعض المعتقلين تعرضوا للإذلال الجنسي، مما يجعل الانتهاكات مشابهة لتلك التي وثقت في سجون أبوغريب في العراق وغيرها من السجون الأمريكية الوحشية.
وتدير ميليشيات الاحتلال المختلفة والى جانبها مجموعة من الضباط الأجانب تلك السجون والمعتقلات بدعم وتمويل سعودي إماراتي، من أجل مجابهة واستهداف الأصوات المناهضة للتواجد الأجنبي في المحافظات اليمنية المحتلة وترهيب المعارضين والناشطين والإعلاميين والسياسيين المنددين بجرائم المحتل وأدواته، حتى يتسنى للمحتل مواصلة العبث والتدمير والنهب بحرية وانتهاك حقوق اليمنيين بمختلف الأساليب الوحشية والإجرامية.
وتتوزع تلك السجون على امتداد المحافظات المحتلة ومنها ما كشفته مصادر حقوقية مطلعة عن عدد السجون في محافظة عدن والتي بلغ عددها أكثر من 15 سجناً ومعتقلاً أبرزها سجن قاعة وضاح ويقع في التواهي -جولد مور بجانب مبنى الانتقالي ويديره سامر الجندب بتكليف من يسران المقطري، وسجن قوات العاصفة ويقع في التواهي، فتح في مقر قوات العاصفة ويديره المدعو أوسان العنشلي وسجن بيت شلال ويقع أيضاً في التواهي -جولدمور بداخل منزل شلال، وسجن معسكر طارق يقع في خور مكسر بجانب إدارة البحث والمرور، سجن معسكر جبل حديد ويقع في الطريق الواصل بين المعلا وخور مكسر بجانب مطعم الحمراء”.
3500 سجين ومعتقل
وقدرت مصادر حقوقية مطلعة أن عدد المعتقلين في سجون ومعتقلات المحتل الإماراتي السعودي في المحافظات المحتلة تجاوز 3500 سجين ومعتقل ومخفي قسرا، ناهيك عن عمليات الاغتيالات التي تعرض لها ناشطون وسياسيون في المحافظات المحتلة حيث بلغت عمليات الاغتيالات أكثر من 220 حادثة اغتيال منذ العام 2015م.
وعلى الرغم من انكشاف العديد من الجرائم والانتهاكات وجرائم الاغتيالات التي يقوم بها المحتل وأدواته والانتقادات الدولية والحقوقية لحجم الوحشية التي يتعرض لها السجناء في سجون الاحتلال السعودي الإماراتي، إلا أن المحتل لم يغلق أياً من تلك السجون ولايزال حتى الأمس القريب يفتتح المزيد من السجون والمشاريع الإجرامية التي حولت حياة الأبرياء والمدنيين إلى جحيم مرعب ومعاناة لا تنتهي .
نقل سجناء بطائرات أمريكية
ويكشف بعض السجناء الناجين من جحيم المعاناة في تلك السجون المظلمة عن مستوى الإذلال والترهيب التي عاشوها طيلة فترة الاعتقال وما تعرضوا له من ضغوطات نفسية وأساليب قمعية مرعبة، على أيدي سجانين أمريكيين وكولمبيين وإماراتيين أداروا عملية التحقيق والتعذيب خلال فترة الاعتقال وطريقة نقل السجناء من معتقل إلى آخر بصورة تكشف حقيقة الوضع المزري الذي يعيشه المواطنين والسجناء في ظل استمرار الاحتلال السعودي الإماراتي في انتهاك السيادة اليمنية ونهب مقدرات الوطن وترهيب وقتل أبنائه.
ويروي أحد الناجين من سجن الإمارات في عدن ويدعى ( ع.ن.ص) عن الحياة المخفية والجحيم المنسي الذي يكابده الآلاف من الأبرياء في سجون مليشيات الاحتلال بقوله: في البداية كنت في معتقل الإماراتيين أو ما يُعرف بسجن التحالف السري، الواقع على طريق خط البريقة بعدن ، حيث كان هناك مجموعة مكونة من 45 سجيناً مكبلين بالقيود والأغلال إلى جانبهم ومن خلفهم مجموعة من القتلة والمجرمين يفتقرون لأبسط معاني الإنسانية بل هم أشبه بالحيوانات والذين كانوا يتعاملون مع السجناء بأحقر التعامل اللا إنساني والأساليب الإجرامية والوحشية المميته.
وكشف المعتقل الناجي من السجون السرية الإماراتية، طريقة نقل المعتقلين سراً بالطائرات المروحية الإماراتية والتي تمت من سجن التحالف في عدن إلى سجن الريان بالمكلا عبر عدد من الطائرات نوع “شينوك” وهي مروحية عسكرية أمريكية من تصميم شركة “بويونغ” وقد استخدمتها الإمارات لنقل المعتقلين اليمنيين بين مختلف السجون والمعتقلات التابعة لها.
وبحسب رواية السجين ذاته، فقد قام السجانون والقائمون على تلك السجون ومعهم مجموعة من الأمريكيين الكولومبيين والإماراتيين بإخراج أكثر من ثلاثين سجيناً بعد منتصف إحدى ليالي عام 2018م بعدما تم إيهامهم خلال الأيام الماضية بأنه سيتم الإفراج عن عدد منهم ونقل عدد آخر إلى سجون افضل وارقى .
ويقول :” في تلك الليلة الحالكة أخرجونا من الزنازين وعيوننا معصوبة وأيدينا مقيدة، وكأننا مواش تقاد إلى المسلخ، ومن ثم وضعونا في قفص حديدي حتى اكتمل عدد السجناء المطلوبين، وبعدها تم اقتيادها واحداً بعد الآخر إلى عربات أشبه بالديانات بعد أن كان يسوقنا ويدفعنا إلى السيارات بشدة ويضع الإماراتي يده اليمنى فوق رقبة السجين ليجبره على الانحناء إلى الأرض، طالباً منه الإسراع ليتضح لهم من خلال تلك الأساليب والممارسات ان خبر الإفراج أو النقل لم يكن سوى كذبة ومقدمة لما هو أشد وأعظم من تلك الحالة المزرية التي كانوا عليها .
ويضيف : قام الإماراتيون بدفعنا إلى السيارات جنباً إلى جنب ولا ندري ما الذي يحصل وبعدها تحركت العربات التي كنا فيها مع السجانين مسافة قصيرة من مركز الاعتقال لتتوقف فجأة وعشنا جميع السجناء حالة من الرعب والقلق ونحن نسمع أصوات طائرات تحلق من فوقنا بعلو منخفض ليتم نقلنا عبرها من معتقلنا في عدن إلى سجن ومعتقل أكثر فظاعة في المكلا بحضرموت .
اختطاف وقتل وإخفاء جثة
وفي مشهد آخر لا يقل بشاعة عما رواه أحد الناجين من سجون الإمارات، وهي حالة أخرى كانت نهايتها الموت حين أقدم مجموعة من المسلحين الملثمين التابعين للانتقالي في شهر رمضان الموافق 18 مايو 2018م، من اختطاف المواطن ياسر قاسم الكلدي (28 عاما)، بعد مداهمة منزله، وأخذه من بين أولاده في منطقة الشعب بالبريقة.
وبحسب المصادر فإن المجموعة المسلحة التي اعتقلت الكلدي تتبع مليشيا ما يسمى جهاز مكافحة الإرهاب وهي أحد الألوية التابعة لمليشيات الانتقالي ويرأسها شلال شايع، ومن ثم نقلته إلى جهة معسكر الجلاء، ليقوموا بعد ذلك بإعدامه في سجن المعسكر السري، وإخفاء جثته عن أسرته حتى الآن.
ويوجد معسكر الجلاء في محافظة عدن وبداخله منطقتان على الأقل يحتجز فيهما المعتقلون، إحداهما مبنى من الصفيح والآخر يقع في قبوٍ تحت الأرض، بحسب منظمة “مواطنة” لحقوق الإنسان التي تحققت مما لا يقل عن 13 واقعة احتجاز تعسفي و17 واقعة تعذيب في هذا المعسكر.
نساء رهائن بدلا عن أبنائهن
ولم يقتصر الأمر في هذا الإجرام والوحشية على الرجال فقط، بل شمل النساء أيضا ومنهن من تعرضن للاغتصاب والانتهاكات والاعتداء الجنسي واللفظي بصورة بشعة وأساليب لم يشهدها اليمنيون قط على مر التاريخ .
وبحسب منظمات حقوقية وإنسانية، فقد أقدمت مليشيات الإمارات في شهر نوفمبر عام 2017م على اختطاف إحدى النساء وتدعى سيناء باشادي وهي امرأة تجاوز عمرها 50 عاماً وتم أخذها من منزلها في الحوطة بمحافظة لحج وأمضت أشهراً في سجون مليشيا الحزام الأمني التابع للإمارات كرهينة بدلاً عن ابنها “علي” وهو أحد المجندين في صفوف مليشيات التحالف، والذي قاموا بتصفيته لاحقاً في مدينة المخا الساحلية.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الاحتلال السعودی الإماراتی فی المحافظات المحتلة الإمارات فی تلک السجون من السجون مجموعة من أکثر من فی سجون فی عدن
إقرأ أيضاً:
السجون تنغص فرحة أهالي المعتقلين في مصر مع اقتراب عيد الأضحى
مع قرب حلول العيد رقم 25 وعيد الأضحى الـ13 على آلاف المعتقلين السياسيين في السجون المصرية منذ منتصف العام 2013، عبّرت عائلاتهم عن أمنياتها بإخلاء سبيلهم في العشر الأوائل من ذي الحجة ووقفة عرفات، لما لهما من قدسية دينية وارتباط بعادات دينية وشعبية.
وتقول أم مالك: "كنا ننتظر خروج أبي (67 عاما) مع انتهاء مدة حبسه 7 سنوات، في شباط/ فبراير الماضي، وتم بالفعل نقله للقسم تمهيدا لإخلاء سبيله، وظل عدة أشهر بلا مصير محدد، ومع قدوم شهر رمضان وعيد الفطر، ظننا أنهم سوف يخلون سبيله، ولم يحدث".
وتضيف: "لم يكن لدينا أمل كبير، في ذلك، لأنها ليست المرة الأولى التي تنكسر فيها فرحتنا، حيث تكرر الأمر مع أخي (30 عاما) واثنين من أبناء عائلتي (27 و35 عاما)، ومع ذلك ومع قدوم عيد الأضحى نحلم بأن يدخل أبي علينا ونصلي العيد سويا كما كنا نفعل".
وتتابع: "لم يأتينا عيد منذ 7 سنوات، وهناك من لم يعرفوا له طعما منذ 12 عاما، وبينهم ابن عم أبي ونجله، وعشرات المعتقلين الذي عرفنا قصصهم المؤلمة وقصص ذويهم المحزنة ونحن أمام أسوار سجن جمصة تارة والعاشر من رمضان أخرى".
ومر العيد رقم 24 وعيد الفطر الماضي رقم 13 على المعتقلين في مصر، وسط حالة من الغضب بين أهالي أكثر من 60 ألف معتقل لتجاهل النظام المصري أزمتهم، وعدم إخلاء سبيل أي معتقل سياسي وسجين رأي، بمناسبة عيد الفطر أو شهر رمضان، في تجاهل متعمد وفق حقوقيين تكرر في عيد الأضحى.
"مكافأة الجنائيين وحرمان السياسيين"
وقبل أيام، نشرت "الجريدة الرسمية" قرار رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، بالعفو عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى، فيما أكد حقوقيون أن القرار لا يضم سجناء سياسيين.
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، قال عضو لجنة العفو الرئاسي المحامي طارق العوضي، إن "التناقض الفج بين كثافة قرارات العفو الرئاسي التي تشمل الآلاف من المحكوم عليهم في قضايا جنائية خطيرة، وبين التجاهل التام لسجناء الرأي، يطرح سؤالا صارخا عن الرسائل التي تبعث بها الدولة إلينا".
وأضاف: "ليس من العدل – ولا من الحكمة – أن تتسع مظلة الرحمة لمن تلطخت أيديهم بالدم أو المال الحرام أو أفسدوا شباب الوطن بالاتجار في المخدرات… الخ، وتضيق أمام من كتبوا مقالات، أو ألقوا كلمات، أو طالبوا بتطبيق الدستور".
وانتقدت "مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان"، استبعاد السجناء السياسيين والمعارضين والمحتجزين على خلفية قضايا الرأي من قوائم العفو الرئاسي، مؤكدة أنه "يساهم في تعميق الأزمة الحقوقية ويزيد إحباط أسر المعتقلين".
وجرى تجميد لجنة العفو الرئاسي التي أعاد تفعيلها السيسي، في نيسان/ أبريل 2022، وكان يتلقى عبر أعضائها مجموعة من الأسماء المرشحة من المعتقلين السياسيين لإخلاء سبيلها، إلا أنه ومنذ آب/ أغسطس 2023 لم يصدر عن اللجنة أية أنباء بإخلاء سبيل معتقلين.
"مصر في انتظار العيد"
وبينما يطالب أهالي المعتقلين بإخلاء سبيل ذويهم مع قدوم عيد الأضحى ودشن نشطاء دعوات لإطلاق سراحهم، كتب نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي، تحت عنوان "مصر في انتظار العيد"، مطالبا بإخلاء سبيل 23 صحفي رهن الحبس الاحتياطي، منذ عامين و5 وحتى 7 سنوات، داعيا للإفراج عنهم بـ"قرار سياسي وإنساني ووطني".
وأوضح أنهم "نموذج لطابور طويل من المحبوسين على ذمة قضايا رأي"، مطالبا بـ"إطلاق سراح كل سجناء الرأي، وكل المعارضين السلميين والمحبوسين، وتبييض السجون من كل المحبوسين على ذمة قضايا الرأي".
"عيدهم بيننا"
كما أطلق سياسيون مصريون نداءات عديدة، وبينهم القيادي في حزب "المحافظين" مجدي حمدان موسى، الذي وجه نداءا لرئيس النظام، والحكومة وذو الحيثية وأصحاب السلطة، طالبهم فيه مع اقتراب العيد، بـ"بث الفرحة في بيوت المصريين"، مؤكدا أن "كل بيت لدية مسجون رأي يتطلع بأن يقضي العيد معهم".
وككل عيد مضى منذ اعتقال والدتها المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، دون الإفراج عنها، طالبت الناشطة فدوى خالد، عبر "فيسبوك"، بإخلاء سبيل والدتها والمعتقلين قبل عيد الأضحى.
وقالت: "أول أيام ذي الحجة يا أمي لا أعرف كم مرة وأنت لست معنا ووسطنا وتوصينا بخير أيام طلعت عليها الشمس، ربنا يردك عاجل غير آجل، قادر ربنا يخليكي تعيدي معانا، يا روح قلبي يا أمي قادر ربنا والله".
كما كتبت الناشطة دينا الجباخنجي، تحت هاشتاغ: "#عيدهم_وسطنا"، تقول: "مطالبنا، كأهالي معتقلين، الإفراج الفوري عنهم، ويرجعون بيوتهم قبل العيد، ويمارسون حقهم في الحياة الطبيعية وسط أهلهم وأحبابهم".
وهو ما طالب به الصحفي تامر هنداوي، بالقول: "لا تحملوا البلد أكثر ما هي متحملة من دعوات أمهات المعتقلين وزوجاتهم وأبنائهم"، مؤكدا أن "الإفراج عن المعتقلين ليس صعبا هذا قرار يرجع للناس حقها في حريتها ويرجع لأسر الفرحة والابتسامة قبل العيد".
وعن تجديد حبس الشاب المعتقل علي محمد، (23 عاما)، والمختفي قسريا خلال مظاهرات التضامن مع فلسطين عام 2023، مدة 45 يوما جديدة، كتبت عنه أسرته أنه "سيقضي هذا العيد أيضا بالسجن"، مشيرين إلى معاناة والدته في غيابه.
إلى ذلك خاطب نشطاء، أنصار السيسي، مذكرينهم بتجاهلهم ملف المعتقلين، ومؤكدين أنهم "يموتون في اليوم ألف مرة داخل سجون ومعتقلات السيسي".
ونشرت رابطة أسر المعتقلين مقطع فيديو قديم للمعتقل السياسي الدكتور محمد البلتاجي وهو يقبل يد والدته في قاعة محاكمته تحت تعليق "ولسوف أعود ياأمي".
"بوليسية عنيفة وانتقامية"
وتحضر بقوة هذه الأيام، قضية إضراب الأكاديمية المصرية ليلى سويف، عن الطعام لأكثر من 240 يوما، للضغط على السلطات المصرية التي ترفض إخلاء سبيل نجلها المعتقل علاء عبدالفتاح، رغم انتهاء فترة محكوميته، ورغم تدخل الحكومة البريطانية حيث يحمل الجنسية الإنجليزية.
والسبت، أعلنت نجلتها، سناء سيف، بأنه تم نقل والدتها للمستشفى، مؤكدة أن حالتها الصحية حرجة، فيما عبرت عن حجم الأزمة قائلة: "أمي لو ماتت؛ جثمانها هيروح مصر، وهصلي عليها في (مسجد) عمر مكرم، حتى لو بطولي، وبيادات ودبابير العالم مش هتوقفني".
قضية علاء عبد الفتاح، دفعت رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، للتواصل مع السيسي، لإطلاق سراحه، دون استجابة من القاهرة، ما دفع السفير البريطاني السابق بالقاهرة جون كاسون، لدعوة بلاده نصح مواطنيها بعدم السفر لمصر كرد على رفض طلبها.
في حين وصف كاسون، مصر، التي عمل بها من (2014 إلى 2018)، في حديثه لـ"بي بي سي"، الخميس الماضي، بأنها "دولة بوليسية، عنيفة وانتقامية، تسيء معاملة مواطن بريطاني".
"هذا هو الحل"
وفي حديثها لـ"عربي21"، تقول الحقوقية هبة حسن، إن "النظام الذي اعتقل الآلاف ظلما، غير متوقع منه أن يخلي سبيلهم بسهولة أو مع بعض المناشدات".
وتضيف أن "النظام الذي لم يفرق بين المصريين في التنكيل وذاق الجميع معه مرارة الظلم واستشرى في عهده الفساد وتصدر أمثال صبري نخنوخ وإبراهيم العرجاني، من الطبيعي أن يكافئ الجنائيين، ويخلي سبيلهم بعفو، فهؤلاء احتياج المرحلة".
وتعبر عن أسفها، موضحة أنه "ربما لن يدخل العيد بيوت أسر المعتقلين وسيحرم منه الآلاف من المعتقلين في محبسهم إلى أن يجد المصريون مشروعا وطنيا جامعا يتوحدون خلفه ليسقطوا هذا النظام، ويعيدوا الحرية لمصر، ويردوا لشعبها الأمل في استعادة مكتسبات ثورتهم وأحلامهم".
"منسيون ومحرومون"
من جانبه، يقول الحقوقي والإعلامي المصري مسعد البربري: "ونحن نتكلم عن العيد وحرمان المعتقلين من فرحة العيد وذويهم لسنوات طويلة ولأعياد عديدة لابد أن نتذكر المعتقلين المحرومين أصلا من رؤية أبنائهم وزوجاتهم لسنوات".
ويوضح لـ"عربي21"، أن "هناك عدد ضخم من المعتقلين المحرومين من الزيارة من الأساس، وبالتالي افتقدوا التواصل مع أسرهم منذ سنوات بشكل كامل، ولا يعرفون عن أولادهم وحياتهم شيئا، بل وقد يكونوا نسوا شكلهم".
ويلفت البربري، إلى ما اعتبره "تفريق بين السجناء الجنائيين وسجناء الرأي في التعامل"، مبينا أنه "لا يقتصر فقط على قرارات العفو الرئاسي التي تصدر عن رئيس الجمهورية في المناسبات الوطنية المختلفة، لكن هناك مظاهر أخرى تكشف حجم التفرقة في المعاملة بينهما".
على سبيل المثال يشير إلى أن "المعتقلين السياسيين لا يُطبق عليهم إطلاقا قرار العفو الشرطي بعد مرور ثلثي مدة الحبس، في حين يُطبق على السجناء الجنائيين بشكل دائم مع حسن السير والسلوك، وفي حالة المعتقل السياسي سواء حسن السير والسلوك أم غير ذلك يقضي مدة الحكم بحبسه كاملة".
وثانيا: يؤكد أن "المعتقل السياسي يقضي سنة الحبس 12 شهرا 365 يوما كاملة، في حين أن السجين الجنائي يقضي سنة الحبس 10 أشهر فقط، ولذا فإن مظاهر التعاطي معهما تشير إلى تفرقة واضحة".
"قسوة الدولة"
ومضى يؤكد أن "كثيرا من المعتقلين السياسيين وأهاليهم تجاوزوا قصة انتظار قرارات العفو الرئاسي، وبعد مرور 12 سنة من الأزمة، والأحكام التي صدرت بحق المعتقلين كثير منهم قضى كامل مدة محكوميته؛ ومع هذا يكون أقصى أمل للمعتقل وأهله أن يتم إخلاء سبيله ولا يتم تدويره في قضية جديدة".
ويتابع: "بالأمس كنا نتكلم عن هواجس وتخوفات من تدوير السياسي أحمد الطنطاوي الذي قضى عام حبس كامل 12 شهرا، لكنه خرج أخيرا، وكانت هناك مخاوف من تدويره، ورغم اسمه وجماهيريته، فما بالك بوضع عشرات الآلاف من المعتقلين الآخرين المنسيين الذين لا يذكرهم أحد".
ويخلص للقول إن "هذا جزء آخر خطير من الصورة، وهو ليس عدم خروج المعتقل في العيد أو بقرار عفو رئاسي أو أنه حتى يقضي مدة حكم حبسه كاملة، ولكنه يفكر فيما بعد ذلك ويتخوف من قرار بتدويره في قضية جديدة، في شيء غاية القسوة على نفسية المعتقل وأهله، ويظهر حجم قسوة الدولة في التعامل مع سجناء الرأي".
"بصيص أمل"
الصورة القاتمة للمشهد السياسي والأمني المصري، خرج حدث عن وضعها المألوف الأربعاء الماضي، بإطلاق السلطات سراح المرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي بعد انقضاء مدة حبسه عاما في قضية وصفت بالمسيسة، وبقرار غير اعتيادي في الوقت الذي كانت تشير فيه التوقعات إلى عدم إخلاء سبيل البرلماني السابق.
وعلى خلفية إطلاق سراح الطنطاوي، طالبت الحركة المدنية الديمقراطية، الخميس، بـ"ضرورة مراجعة السياسات القمعية التي استُخدمت ضد المعارضين والرافضين للوضع القائم"، منتقدة وضع "الحريات في مصر"، مشيرة لما تشهده "الساحة السياسية من تصاعد غير مسبوق في حملات تكميم أصوات المعارضة".
وطالبت الحركة "بإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي فورا، ووقف أي ملاحقات قضائية أو أمنية تعسفية بحق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، مثل قانون التظاهر وقانون مكافحة الإرهاب".
"دائرة القمع والانتقام"
وتواصل السلطات المصرية الأمنية والقضائية ما بدأته من عمليات قمع واعتقال واختفاء قسري وإصدار أحكام مسيسة مغلظة، بحق آلاف المصريين، من أصحاب الرأي والمعارضين، ما يصفه حقوقيون بدوائر القمع والانتقام من كل مخالف للنظام.
والخميس الماضي، قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس 60 معتقلا سياسيا بينهم فتاة، 15 يوما، إثر ظهورهم للمرة الأولى بعد مدد من الإختفاء القسري الذي يطال النساء والأطفال وكبار السن، ضمن نهج سيء دأبت عليه السلطات الأمنية قبل أن يتم الزج بالمعتقلين بقضايا ذات طابع سياسي.
ويتبع الإخفاء القسري "تعذيب نفسي وبدني"، وغيره من "ضروب المعاملة السيئة"، وفق وصف "منظمة العفو الدولية" التي أفردت في تقريرها لعام 2024 فصلا مطولا عن تلك الجريمة، وقالت عن محاكمات المعتقلين في مصر بأنها "فادحة الجور".
وفي سياق حملة أمنية واسعة تشهدها البلاد، تتضمن اعتقالات تعسفية وإخفاءات قسرية بحق معارضين ونشطاء ومحامين في انتهاك صارخ للدستور المصري والمواثيق الدولية، وثق مركز الشهاب لحقوق الإنسان استمرار جريمة الإخفاء القسري بحق المحامي سيف ممدوح، (24 عاما)، منذ اعتقاله تعسفيا 9 آذار/ مايو الجاري.
الثلاثاء الماضي، رصدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تدهور الحالة الصحية للمعتقل منذ 2015، الأكاديمي بكلية العلوم جامعة طنطا، عبدالناصر مسعود، (65 عاما)، بعد تعرضه لأزمة قلبية خلال تغريبه قسريا من سجن جمصة لسجن المنيا عبر سيارة ترحيلات لمدة يومين.
وفي انتهاك واضح وصريح لكل القوانين والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر، والتي تضمن تقديم الرعاية الطبية للمساجين وعدم مفاقمة معاناتهم، كشفت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، عن معاناة المعتقل عقبة حشاد، الذي جرى تجديد حبسه الأسبوع الماضي، وترفض السلطات إخلاء سبيله منذ شباط/ فبراير 2024، كما ترفض تمكينه من تركيب "طرف صناعي" جديد في قدمه.
وفي السياق، يعاني الصحفي محمد سعد خطاب(70 عاما) منذ اعتقاله منتصف 2023، من وضع صحي خطير يهدده بالموت البطيء في ظل الإهمال الطبي في سجن العاشر من رمضان، مع أمراض القلب والسكري والضغط.
ومازال مصير طبيب الأسنان عبدالعظيم يسري (33 عاما)، غامضا، مع مرور 7 سنوات على اعتقاله في آذار/ مارس 2018، وسط إنكار رسمي لوجوده رغم شهادات شهود العيان.
وفي ملف انتهاكات السلطات المصرية بحق المعتقلات من النساء، تشير حركة "نساء ضد الانقلاب"، لمعاناة الكثيرات المنسيات منهن، مؤكدة أن "حبس النساء على خلفية الرأي جريمة إنسانية تمزّق النسيج الاجتماعي، وتنتهك الكرامة بأبشع الصور"، ملمحة إلى حالة المعتقلة أمل حسن، التي جرى اعتقالها يوم زفاف ابنتها.
ومنذ 5 سنوات وفي نيسان/ أبريل 2019، جرى اعتقال دولت السيد يحيى، لتقضي عامين بالحبس الاحتياطي، ويصدر قرار بإخلاء سبيلها في أيار/ مايو 2021، رفض الأمن الوطني تنفيذه، ليقوم بإخفائها قسريا 3 أشهر ثم تدويرها بقضية جديدة.
ومنذ 8 سنوات ونصف، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2016، جرى اعتقال علا حسين وهي حامل بشهرها الثالث، لتضع مولودها بمستشفى السجن، وتنضم لقائمة آلاف المعتقلين المنسيين.
وفي أزمة نسائية مشابهة، تقبع سمية ماهر خلف القضبان منذ 8 سنوات، مع اعتقالها تشرين الأول/ أكتوبر 2017، وبينما كانت تستعد لحفل زفافها جرى اخفائها قسريا 70 يوما، لتبقى طوال تلك المدة محبوسة دون إدانة أو حكم قضائي.