كيف يبدو الواقع المعيشي في سوريا بعد سقوط الأسد؟
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
دمشق- تشهد حالة السوق السورية انتعاشا مع الاستقرار التدريجي خلال هذه الأيام، وبدأ المواطنون يشعرون بوفرة السلع الأساسية كالوقود والمواد الغذائية، بينما تستمر حالة تقنين الكهرباء وبعض خدمات الاتصالات، وفق مشاهدات وزيارات قام بها مراسل الجزيرة نت.
الوقود والمواصلاترغم توقّف العمل رسميًا بالبطاقة الذكية في سوريا، فإن بعض رسائل الإخطار ما زالت تصل المواطنين تطلب منهم أن يذهبوا لاستلام مخصصاتهم من الوقود.
وكانت "البطاقة الذكية" إحدى الطرق التي ميّزت مرحلة الانهيار الخدمي والاقتصادي في السنوات الأخيرة لحكم نظام الأسد، حيث تم اعتمادها لضمان وصول الدعم لمستحقّيه وفق الرواية الرسمية.
واتسمت تلك المرحلة بعدم المصداقية في المواعيد والكمّيات، بالإضافة لانتشار الفساد والاعتماد على السوق السوداء بشكل أساسي، مما قاد لتعدّد الأسعار للسلعة الواحدة.
وعادت محطات الوقود لتفتح أبوابها تدريجيًا، فقد باشرت كل من محطّة مينا والأزبكية والجلاء العمل يوم الخميس، بينما بدأت محطة الجد منذ الأربعاء، وذلك دون الالتزام بنظام معيّن، فبعض المحطّات عملت على مدار الساعة، وأخرى اقتصر عملها على ساعات محدودة، وهو ما أدى إلى بعض حالات الازدحام، لكن أوقات الانتظار لم تتجاوز أكثر من نصف ساعة بحسب مصادر محلّية، دون تحديد سقف للكمية التي يمكن الحصول عليها.
إعلانوتباينت أسعار الوقود، حيث تراوح سعر الليتر الواحد بين 18 ألف ليرة و25 ألف ليرة، لكنه استقر صباح الجمعة على سعر 22 ألفا بشكل رسمي، بينما تشهد السوق السوداء تراجعا كبيرا رغم توفر بعض الكميات خارج المحطّات، وتنوّعت الأسعار في حدود 35 ألف ليرة للتر الواحد من البنزين.
يشار إلى أن الليرة السورية ارتفعت إلى ما بين 11 ألفا و500 و12 ألفا و500 مقابل الدولار اليوم السبت وفق ما نقلت رويترز عن عاملين في الصرافات.
كما عادت خطوط المواصلات للعمل بشكل كثيف، ويتضح ذلك من وفرة وسائل النقل وعمل باصات النقل الداخلي يوم الجمعة، بينما كانت تتوقف عن العمل في نهاية الأسبوع، كما أنه لم يكن هناك مخصصات من مادة "المازوت" لمركبات النقل العامة سواء السيارات الخاصة أو الحافلات الصغيرة يوم الجمعة.
وخلال الفترة السابقة، كان تنظيم المرور يحظر دخول المركبات من الريف إلى وسط المدينة، بل عمل على إنهاء خطوطها عند مداخل المدينة، لتنتقل إلى خطوط النقل الداخلي، وكانت هناك مخالفات ورُشا لشرطة المرور إن أراد أصحاب مركبات الريف الوصول إلى المدينة.
وتحددت تعرفة الركوب -دون قرار ملزم حتى الآن -بحدود ألفين إلى 3 آلاف ليرة ضمن المدينة، و5 آلاف إلى 7 آلاف بين مركز المدينة والأرياف بحسب المسافة.
الكهرباء والاتصالاتبدأ التيّار الكهربائي بالعودة تدريجيًا بعد غيابه لدرجة شديدة قبل الإطاحة بنظام الأسد، حيث كان يصل ما بين ساعة أو ساعتين كل 24 ساعة.
لكن التحسّن اللافت في يوم 9 ديسمبر/كانون الأول الحالي لم يستمر، إذ عاد برنامج التقنين لوضعه قبل بدء عمليات ردع العدوان، مع استبشار السكان بتحسن قريب، كما حصل في المحافظات التي بدأ تحريرها في بداية العمليات مثل حلب.
ولم تنقطع خدمات الإنترنت في دمشق وريفها، لكن خدمة شحن رصيد إضافي على شبكتي الاتصالات الخلوي السورية "سيرياتيل" "وإم تي إن" (MTN) كانت متوقفة.
إعلانواستمرت صعوبة الحصول على رصيد حتى يوم الأربعاء، حيث بدأت المراكز المعتمدة للشركتين بإصداره، وخصصت الشركتان دقائق ورسائل مجّانية للمشتركين، تُفعّل تلقائيًا أو بعد إدخال رمز تاريخ سقوط النظام أو تاريخ دخول قوات الردع إلى حلب.
يعد الخبز القوت الأساسي للسوريين، واقترن خلال سنين الحرب بالطوابير، لكن الأفران عادت للعمل فور سقوط النظام، وشهدت ازدحامًا في بعض النقاط.
وبعد اليوم الأول الذي كانت الكميات فيه مفتوحة، تم تحديد الكمية بربطتي خبز على الأكثر، وبات الرغيف أقل حجمًا من السابق بقليل.
ووصل سعر الربطة الواحدة (12 رغيفًا) من الخبز إلى 4 آلاف ليرة سورية، دون حاجة لتقديم بطاقة أو أي ورقة ثبوتية.
ولوحظ دور المجموعات الأهلية في تنظيم الدور، واختفاء الخطّ العسكري من على الأفران، وفي بعض الجولات أمكن التقاط مجموعات المنتظرين يتبادلون الأحاديث ويبتسمون للكاميرات، كما أمكن ملاحظة حركات سيّارات نقل الطحين من مراكز تخزين الحبوب إلى الأفران.
وشهدت السلع الغذائية بداية انخفاض في السعر لكن مع بقائه مرتفعًا نسبيًا، ودون انقطاع بأيّ مادة، بعد أن شهدت الأسواق اكتظاظًا كثيفًا، في حين كانت قد اختفت المواد الأساسية كالسكّر والزيت والأرز قبيل سقوط النظام.
وتعمل المؤسسات التجارية الحكومية في جميع المناطق، وبأسعار مناسبة، ويصل سعر كيلو اللبن إلى 10 آلاف ليرة، و16 ألفا لكيلو الأرز والبرغل، و13 ألفا لكيلو السكّر، و30 ألفا لليتر الزيت، بينما يصل سعر علبة البيض إلى 40 ألفا، والعلبتان بـ75 ألف ليرة سورية.
أما بخصوص الأدوية، فقد صدر تعميم من نقابة الصيادلة في دمشق الثلاثاء الماضي للتأكيد على فتح الصيدليات، وبدأت شركات الدواء بتوريد الأدوية للمستودعات مع عروض مكثّفة، بما فيها شركات الدواء في إدلب شمالي البلاد.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
التعليم العالي في الأردن بين الواقع والطموح
#التعليم_العالي في #الأردن بين #الواقع و #الطموح
أ.د #يحيا_سلامة_خريسات
يُعد التعليم العالي أحد الركائز الأساسية في مسيرة التنمية الشاملة، لما له من دور محوري في إعداد الكفاءات البشرية القادرة على قيادة مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. وقد حظي التعليم العالي في الأردن بأهمية متنامية منذ تأسيس أول جامعة وطنية، الأمر الذي ساهم في توسع هذا القطاع وزيادة عدد الجامعات والطلبة على حد سواء. ورغم الإنجازات المحققة على مدى العقود الماضية، ما زال هذا القطاع يواجه جملة من التحديات التي تتطلب تقييماً دقيقاً للواقع، ورؤية واضحة نحو مستقبل أكثر تطوراً، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة.
انطلقت مسيرة التعليم العالي في الأردن مع تأسيس الجامعة الأردنية عام 1962، ثم تبعتها جامعات حكومية وخاصة أسهمت في توسيع رقعة التعليم وتوفير فرص أوسع للالتحاق. ويبلغ عدد الجامعات حالياً عشر جامعات حكومية، وأكثر من عشرين جامعة خاصة، في حين تتجاوز نسبة الالتحاق بالتعليم العالي 40% من الفئة العمرية المستهدفة. وتتوزع التخصصات الأكاديمية بين العلوم الطبية والهندسية والإنسانية والاجتماعية، ما يعكس تنوعاً في الخيارات التعليمية.
مقالات ذات صلة قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم 2025/06/07ورغم هذا التطور، يواجه التعليم العالي عدة تحديات بارزة، من أهمها ضعف التمويل والاعتماد المفرط على الرسوم الدراسية كمصدر أساسي للدخل، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين، خصوصاً في التخصصات التقليدية، إلى جانب التفاوت في مستوى جودة التعليم بين الجامعات، وضعف البحث العلمي ومحدودية المساهمة في النشر العلمي العالمي مقارنة بالدول المتقدمة.
ولمواجهة هذه التحديات، تتجه الأنظار إلى مجموعة من الطموحات والتوجهات المستقبلية، من أبرزها تحسين الجودة والاعتماد الأكاديمي عبر تطبيق معايير ضمان الجودة الوطنية والعالمية، وتحديث المناهج والبرامج الأكاديمية لتواكب احتياجات سوق العمل، مع التركيز على المهارات الرقمية والابتكارية. كما يُعد تعزيز البحث العلمي أولوية، من خلال توفير التمويل اللازم وتشجيع الشراكات البحثية مع القطاع الصناعي والتكنولوجي. كذلك، يمثل التوسع في التعليم التقني والمهني خطوة استراتيجية لتوجيه الطلبة نحو مسارات تطبيقية تلبي متطلبات الواقع العملي.
ولا يمكن إغفال أهمية الانفتاح على العالم، من خلال دعم برامج التبادل الأكاديمي واستقطاب الطلبة والأساتذة من الخارج، والعمل على تحسين التصنيف الدولي للجامعات الأردنية، بما يسهم في رفع مكانتها عالمياً.
وفي سياق المقارنات الدولية، تُبرز تجربة ماليزيا أهمية ربط التعليم العالي بالخطط الاقتصادية، حيث ركزت على الجامعات البحثية وساهم ذلك في تحسين تصنيفاتها عالمياً. أما فنلندا، فقد جمعت بين جودة التعليم ومجانيته، مع تركيز كبير على البحث العلمي والابتكار، ما جعل نظامها التعليمي من بين الأفضل في العالم.
وفي المقابل، يتميز الأردن بمخرجات بشرية ذات كفاءة عالية ومنافسة إقليمية واضحة، لكنه لا يزال بحاجة إلى مزيد من الاستثمار في البنية التحتية للبحث العلمي، والتحول نحو التعليم القائم على المهارات والتكنولوجيا، بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية الناجحة.
وفي الختام، فإن التعليم العالي في الأردن يمثل محوراً رئيسياً لتحقيق التنمية المستدامة، ومع الاعتراف بالمنجزات التي تحققت، تبقى الحاجة ماسة لتبني استراتيجيات تطويرية متكاملة تواكب المستجدات العالمية. الاستثمار في الجودة والبحث العلمي وتحديث المناهج يجب أن يكون في صلب الرؤية المستقبلية، لتحقيق طموح الأردن في أن يصبح مركزاً إقليمياً متميزاً في التعليم العالي.