- مالك اليحمدي: الاستفادة من المنتجات الاستثمارية الحديثة لمواكبة المتغيرات

د.أحمد الكعبي: الحاجة ملحة لابتكار أساليب متطورة للتعامل مع الأوقاف

- 49% نسبة المباني من الأوقاف المسجلة

- 82% من مصارف الوقف نحو الجوامع والمساجد

افتتح اليوم مؤتمر عُمان الوقفي في نسخته الأولى تحت شعار "الابتكار والاستدامة"، والذي تنظمه مؤسسة بوشر الوقفية ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، رعى حفل الافتتاح معالي سلطان بن سالم الحبسي وزير المالية بحضور عدد من المعنيين بقطاع الأوقاف والاستثمار.

يتناول المؤتمر 4 محاور رئيسة تستعرض موضوعات الابتكار في الاستثمارات الوقفية من خلال تقديم استراتيجيات استثمارية جديدة تضمن الاستدامة والعوائد الطويلة الأمد، وبحث فرص الاستثمار في القطاعات الناشئة والمتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، والابتكار في تقنيات الاستمطار الوقفي باستعراض نماذج ناجحة واستراتيجيات مبتكرة لتوسيع وتنويع موارد الوقف، بالإضافة إلى استعراض أفضل الممارسات العالمية في إدارة وتنمية الأوقاف.

وألقى مالك بن هلال اليحمدي رئيس مجلس إدارة مؤسسة بوشر الوقفية كلمة اللجنة المنظمة أوضح فيها أن المؤتمر يأتي في وقت تولي فيه الحكومة الرشيدة اهتماما بالغا بالقطاع الوقفي وتطويره وفي وقت تتعاظم فيه الحاجة إلى ابتكارات نوعية في الاستثمارات الوقفية وحلول مستدامة تسهم في تحقيق التنمية الشاملة وتضمن ديمومة منافعها عبر الأجيال القادمة.

وأضاف: "وبالنظر إلى الرؤية الوطنية لسلطنة عمان ٢٠٤٠ فإن هذا المؤتمر يسعى إلى الإسهام في تعزيز دور الوقف في التنوع الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، ونتطلع من خلال إقامته إلى آفاق جديدة للوقف تتجاوز الحدود التقليدية وتستفيد من الأدوات والمنتجات المالية الاستثمارية الحديثة، وتواكب التغيرات الاجتماعية والتطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم؛ ومن هنا فقد جاءت النسخة الأولى من المؤتمر لتكون بعنوان الابتكار والاستدامة".

من جانبه قال د.أحمد بن علي الكعبي مدير عام الأوقاف والأموال وإعمار المساجد ومدارس القرآن الكريم: "من خلال تجربتنا في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية نجد أن هناك علاقة طردية بين زيادة الأصول الوقفية وبين ثقة المجتمع وتمكينه من أداء دوره في إدارة الوقف".

وأضاف: "يأتي هذا المؤتمر كأحد برامج الوزارة في تعزيز دور المجتمع في إدارة الوقف والنهوض به وتقديم أفضل الأساليب والأدوات الاستثمارية في القطاع الوقفي حيث يرتكز المؤتمر في محاوره على الابتكار والاستدامة فنظرا لتسارع عجلة الحياة وتجدد أدواتها وأساليبها في مختلف المجالات، فقد أصبحت الحاجة ملحة لابتكار أساليب ومناهج متطورة للتعامل مع الأوقاف من النواحي الإدارية أو الاستثمارية وأصبح من الضرورة البحث في تقنيات حديثة في الاستمطار والاستثمارات الوقفية وإيجاد آليات تربط بين هذه الابتكارات والاستدامة المالية للأوقاف، على نحو يدعم التوجه القائم حاليا نحو التحسين والتطوير في العمل الإداري إضافة إلى التنويع في المشروعات الاستثمارية للأوقاف.

الوقف في الحضارة الإسلامية

بعدها قدم أستاذ الدكتور محمد غورماز، رئيس شؤون الديانة السابق في تركيا، رؤية شاملة حول أهمية الوقف في الحضارة الإسلامية ، قائلا: أن الوقف، رغم عدم ذكره بشكل صريح في القرآن أو السنة، إلا أنه يعكس القيم العميقة التي تشدد على الإيثار والتضامن لتي تسعى الشريعة الإسلامية لتطبيقها، سواء في العلاقة بين الأفراد أو في علاقتهم بالبيئة والحيوانات.

وشرح غورماز كيف أن الوقف، الذي بدأ كفكرة بسيطة في العهد الإسلامي، تحول إلى مؤسسة اجتماعية متكاملة في العهد العثماني، وبلغ ذروته ليصبح عنصرًا أساسيًا في حياة المجتمع، فالمستشفيات والمدارس والمساجد والعديد من الخدمات الاجتماعية كانت تعتمد بشكل كامل على الأوقاف.

ومن أبرز صور الوقف العثماني كان الوقف النقدي أو الاستثماري، الذي سمح للأوقاف بأن تستثمر أموالها لتمويل مشروعات جديدة، وبذلك أصبحت الأوقاف قادرة على دعم خدمات متعددة دون استنزاف رأس المال.

ومن النقاط البارزة التي ذكرها غورماز في حديثه هي المؤسسات التضامنية التي نشأت في ظل هذا النظام الوقفي مثل "الأُخُوّات" و"الفُتوة"، التي كانت تشبه النقابات العمالية وتستهدف دعم الفئات المهنية والشبابية ، كما أشار إلى أن الوقف كان جزءًا أساسيًا من النظام الاجتماعي في المدن العثمانية، حيث تم تمويل وتطوير المدن الكبرى كإسطنبول من خلال الأوقاف.

تعزيز الأثر التنموي

وسلط عرض قدمه ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺴﻤﻮ اﻟﺴﻴﺪ الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد ، الضوء على تاريخ الوقف وتطوراته في سلطنة عمان، مع التركيز على التحولات المعاصرة التي شهدتها هذه المنظومة، وبرزت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية كلاعب رئيسي في تنظيم الأوقاف وتسجيلها، مما أسهم في تعزيز دور المؤسسات الوقفية الأهلية والعامة والصناديق الوقفية المتخصصة، لتواكب احتياجات العصر الحديث.

وتحتل المباني النسبة الأكبر من الأوقاف المسجلة، حيث تمثل حوالي 49% منها، بينما يتوجه 82% من مصارف الوقف نحو الجوامع والمساجد، كما أن المؤسسات الوقفية العامة تشكل 73% من إجمالي المؤسسات، مقابل 5% فقط تمثلها الصناديق الوقفية، هذه الأرقام تعكس التوجه التقليدي للوقف في سلطنة عمان، لكنها تفتح المجال للنقاش حول توسيع مصارف الوقف لتشمل مجالات تنموية أخرى تلبي الاحتياجات المتغيرة للمجتمع.

وتواجه منظومة الوقف في سلطنة عمان العديد من التحديات التي تستدعي حلولًا مبتكرة لتجاوزها، من بين هذه التحديات، الحاجة إلى رصد وحصر الأوقاف بشكل دقيق، وتطوير القوانين واللوائح التنظيمية التي تحكم عمل الوقف، بالإضافة إلى ذلك، هناك ضرورة لتعزيز الإدارة الفاعلة لهذه الأوقاف، بجانب نشر ثقافة الوقف المجتمعية التي تشجع على المشاركة الفاعلة من قبل الأفراد والمؤسسات، وفي الوقت الذي تواجه فيه المنظومة الوقفية هذه التحديات، فإنها تخطو خطوات نحو المستقبل برؤية طموحة، تتضمن هذه الرؤية إدخال الابتكار في إدارة الأموال الوقفية، حيث يتم اعتماد أساليب حديثة لجمع التبرعات مثل "السهم الوقفي"، وربط الوقف بمبادرات الاستثمار الاجتماعي، كما تتبنى سلطنة عمان منهجية قياس أثر الوقف من خلال توثيق العوائد الاجتماعية والاقتصادية، بما يعزز من دوره كأداة تنموية فعالة.

الثقة والشفافية في إدارة الأوقاف

ثم بدأت الجلسات الحوارية للمؤتمر حيث أدار الجلسة الأولى د.ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺨﺮي ﺻﻮﻳﻠﺢ وشارك فيها ﺳﻌﺎدة اﻟﻤﻬﻨﺪس أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺮاﺷﺪي وكيل وزارة الأوقاف بكلمة أوضح فيها أن الثقة تُعد العنصر المحوري الذي يقوم عليه عمل الوزارة، حيث تشكل الثقة أساس تفاعل الأوقاف مع المجتمع. تتمحور الفلسفة حول تحويل الأوقاف إلى أداة لدعم المصالح العامة، حيث تسعى الوزارة إلى تعزيز هذا المفهوم باستخدام أدوات حديثة تضمن الشفافية والمصداقية.

وأضاف: "من المعروف أن الأوقاف هي أموال خاصة مخصصة لأغراض خيرية مستدامة، فهي تمثل استثمارًا طويل الأمد يعود بالنفع على المجتمع، وهو ما يميزها عن الزكاة التي تُعدّ مساعدات عاجلة. كما تتنوع الأوقاف من حيث أهدافها، فهناك أوقاف للمحتاجين والأيتام والضيوف والمرضى وحتى للمشروعات التنموية. هذه الأوقاف تؤدي دورًا حيويًا في بناء المجتمع، حيث تسهم في مجالات متعددة بما في ذلك الجانب التاريخي، الاجتماعي، بل وحتى العسكري، إذ كان لها دور بارز في دعم الجوانب العسكرية في العصور السابقة".

وأشار إلى أن سلطنة عُمان تعدّ من أوائل الدول التي عرف فيها الوقف، حيث يعود تاريخ أول وقف إلى أكثر من 1400 عام. ومنذ ذلك الوقت، شهدت الأوقاف تطورًا في طبيعتها وأهدافها لتشمل مجالات جديدة تواكب احتياجات المجتمع المعاصر، مثل الأوقاف للأواني أو للضيافة، وهذا التطور يعكس تفاعل المجتمع العماني مع الأوقاف وأدواتها المختلفة.

كما أن الوزارة تركز على تحسين إدارة الأوقاف من خلال تطبيق الحوكمة لضمان الشفافية وتعزيز الثقة في النظام الوقفي. وقد شهدت الأوقاف في عمان تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مع إطلاق السجل الوطني للأوقاف الذي يتيح حصر الأوقاف وتوثيقها بطريقة شاملة، ويُعد السجل أداة مهمة لفهم حجم الأوقاف وأنواعها وموقعها، كما يسهم في تطوير الاستراتيجيات المستقبلية بشأن تنويع الأوقاف وتعظيم عوائدها.

وفي إطار الشراكات المجتمعية، تُظهر الوزارة اهتمامًا كبيرًا بتعزيز التعاون بين المؤسسات الوقفية المختلفة. وتقوم الوزارة بإطلاق مبادرات تهدف إلى دعم المؤسسات الوقفية سواء كانت حكومية أو خاصة، بهدف تطوير العمل الوقفي. كما أن الوزارة بصدد قياس جاهزية المؤسسات الوقفية الجديدة لتحديد مدى استعدادها لتحقيق أهدافها وتقديم الفائدة المرجوة.

أداة تنموية

كما شارك سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي وكيل وزارة التراث والسياحة للسياحة بورقة أكد فيها على أهمية الأوقاف كأداة تنموية تتجاوز القيم الاقتصادية والاجتماعية التقليدية، مشيرًا إلى تاريخها الممتد لأكثر من 1400 عام، وموقعها الريادي في الحضارة الإسلامية، وتناول في حديثه التجارب العالمية لتوظيف الأوقاف، مسلطًا الضوء على نموذج الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبحت الأوقاف ركيزة أساسية في دعم المؤسسات الأكاديمية.

وأشار إلى أن الجامعات الأمريكية الكبرى، مثل هارفارد وييل، تعتمد بشكل كبير على الأوقاف التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. وبيّن أن هذه الأوقاف أسهمت في تعزيز جودة البرامج الأكاديمية، وتمويل الأبحاث والتطوير، مما يجعل هذه الجامعات نموذجًا يحتذى به في استدامة المؤسسات. وأضاف: "من غير المنصف أن تظل هذه التجارب محصورة في الغرب، بينما الأوقاف جزء أصيل من تراثنا الإسلامي. نحن الأولى بالريادة في هذا المجال، خاصة أن الدول الإسلامية تمتلك الموارد والبنى المؤهلة لتحقيق نجاح مماثل".

كما استعرض تجارب دول جنوب شرق آسيا التي نجحت في دمج فلسفة الأوقاف مع قطاع السياحة. وأوضح أن هذه الدول استثمرت الأوقاف في تطوير المتاحف والمعالم التاريخية، مما أسهم في زيادة أعداد السياح وتعزيز الإيرادات. وأكد أن هذا النموذج يستحق الدراسة لتطبيقه في سلطنة عمان، خاصة في إدارة المواقع التاريخية مثل القلاع والحصون.

وشدد على أهمية التقنيات المالية الحديثة، مثل سلاسل الكتل والتمويل الجماعي، في تحسين إدارة الأوقاف وزيادة كفاءتها. وذكر أن هذه الأدوات تتيح مستوى أعلى من الشفافية والأمان، وتفتح المجال أمام إنشاء محافظ استثمارية متنوعة تشمل العقارات والتعليم والطاقة، بما يتوافق مع أحكام الشريعة. وأضاف: "استخدام التقنيات المالية لا يقتصر فقط على تحسين الكفاءة الإدارية، بل يتيح للأوقاف أن تصبح أكثر استدامة وقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية، مما يعزز أثرها الاقتصادي والاجتماعي".

أداة لتحقيق التنمية المستدامة

وفي الجلسة الحوارية الثانية التي أدارها اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﺒﺎرك اﻟﻤﺤﺮﻣﻲ وشارك فيها اﻟﺪﻛﺘﻮر واﺋﻞ ﺑﻦ ﺳﻴﻒ اﻟﺤﺮاﺻﻲ بكلمة أوضح فيها أن "الوقف ليس مجرد مصدر تمويل بل شريك حيوي في مشروعات التنمية. فهو يوفر تمويلًا مستقرًا ويعزز المسؤولية المجتمعية. من خلال الوقف، تتيح المجتمعات مجالًا للمشاركة الفاعلة في بناء المشروعات المجتمعية، مما يساعد على تجنب الاعتماد الكلي على الأنظمة المركزية. فكما أشار الدكتور في حديثه، العديد من المدن في التاريخ القديم لم تُبن إلا على أساس الوقف، وهذا يبرز أهمية الشراكة بين الوقف والدولة في تمويل المشروعات التنموية.

وأشار إلى أن: الوقف يقدم تمويلًا مستدامًا بعيدًا عن التقلبات الاقتصادية. بينما تعتمد الأنظمة الضريبية على التغييرات الاقتصادية، فإن الوقف يظل ثابتًا وموثوقًا. الوقف يعزز التعاون المجتمعي من خلال تشجيع العمل التطوعي وتوزيع المسؤولية على أبناء البلد. وهذا يقوي رأس المال الاجتماعي، الذي يشجع على تكاتف الأفراد في مواجهة الأزمات. من خلال الشراكة مع الوقف، تتمكن الحكومات من التكيف بسرعة مع التغيرات، وذلك بفضل مرونة العمل الوقفي مقارنة بالبيروقراطية الحكومية. المؤسسات الحكومية غالبًا ما تفرض سياسات موحدة على كافة المناطق، مما يجعل من الصعب تلبية احتياجات كل منطقة على حدة. أما الوقف، فيمكنه دعم المشروعات المحلية وتوجيهها وفقًا للاحتياجات الخاصة بكل منطقة، على عكس الأنظمة الضريبية التي تفرض أعباء على المواطنين دون استشارتهم في كيفية تخصيص تلك الأموال، ويعمل الوقف على ضمان توجيه الأموال إلى المجالات التي تم الوقف عليها، مما يتيح مزيدًا من الشفافية والثقة في كيفية إنفاق الأموال. فالنظام الوقفي يتسم بعدم وجود تحايل عليه كما يحدث أحيانًا في الأنظمة الضريبية، ويعزز المشاركة المجتمعية ويضمن الاستدامة الاجتماعية".

وأكد على أن نجاح الوقف في التنمية المستدامة يتطلب عدة عوامل أساسية: إستراتيجيات إدارة وتثمين الأصول الوقفية، الشراكة بين القطاع العام والخاص، استخدام التقنيات الرقمية لتعزيز الشفافية، ووجود إطار قانوني قوي يضمن الحوكمة الرشيدة.

تعد الشراكة بين الوقف والدولة فرصة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويمكن للوقف أن يسهم بشكل فعال في مجالات التعليم، الصحة، والرفاهية الاجتماعية، مع ضمان أن العوائد تعود مباشرة للمجتمع. وتظهر التجارب في بعض البلدان كيف أن الوقف يمكن أن يدعم استدامة التنمية بعيدًا عن النظام الضريبي التقليدي".

الابتكار المالي وتطوير التشريعات

وفي الورقة التي قدمها الدكتور زياد عثمان الحقيل، تم التركيز على أهمية تحديث وتطوير قطاع الأوقاف، سواء من حيث التشريعات أو من خلال الابتكار المالي في الإدارة، أحد الموضوعات البارزة كان الحاجة لتطوير الفتاوى المتعلقة بالأوقاف بما يتماشى مع العصر الحديث، حيث أصبح الوقف لا يقتصر على العقارات أو الأراضي الزراعية بل يشمل أصولًا مالية معقدة.

وأشار إلى ضرورة التحلي بمرونة أكبر في تطبيق التشريعات الخاصة بالأوقاف، والتي كانت تاريخيًا قائمة على اجتهادات قديمة لم تعد تتناسب مع واقع الأوقاف في العصر الحالي، كما تم التركيز على الابتكار المالي في إدارة الأوقاف، مثل استخدام آليات جديدة مثل الصكوك الوقفية أو جمع التبرعات بشكل جماعي، المشاركون أكدوا أيضًا على أهمية تسهيل المعاملات المتعلقة بالأوقاف في الجهات الحكومية والتشجيع على تطوير ثقافة تشجع على دعم الأوقاف.

كما تم التطرق إلى أهمية استخدام الروابط النفسية لزيادة جاذبية التبرعات، مثل الاستعانة بخريجي الجامعات في جمع التبرعات لهم من خلال إنشاء علاقات مستدامة معهم، المثال الأمريكي في هذا المجال كان بارزًا، حيث يتم جمع التبرعات من الخريجين من خلال برامج الألومنائي، وهي فكرة غير مستغلة بشكل كافٍ في المنطقة.

وبالحديث عن تجارب عالمية، تم الإشارة إلى نموذج أوقاف الأندية الرياضية مثل نادي برشلونة وبعض الأندية الأخرى، التي نجحت في إنشاء مؤسسات وأوقاف تعتمد على تبرعات مشجعيها، وكذلك تم التطرق إلى نموذج الوقف المرتبط بقضايا إنسانية مثل حادث سير أو دعم قضايا مجتمعية، مما يساعد على جذب التأييد والتبرعات.

كما تم التشديد على أهمية الشفافية والحوكمة في إدارة الأوقاف، مع التأكيد على ضرورة التمييز بين الأموال المملوكة للوقف والأموال التي تم استثمارها أو جمعها من التبرعات، بحيث يمكن التعامل معها بمرونة أكبر لتمويل مشروعات مختلفة، في النهاية، تم التطرق إلى أهمية تجارب جديدة في جمع التبرعات مثل ما يحدث في بعض الأوقاف المالية التي تستخدم آليات مثل "صانع السوق" لدعم المشروعات الوقفية، مما يتيح فرصة أكبر لتمويل الأوقاف بشكل مبتكر وفعّال.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المؤسسات الوقفیة وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف فی سلطنة عمان جمع التبرعات الأوقاف فی وأشار إلى على أهمیة أن الوقف فی تعزیز الوقف فی فی إدارة تمویل ا من خلال إلى أن التی ت

إقرأ أيضاً:

الدورة الكاملة للقيمة… اقتصاد يبني مجتمعات أكثر مرونة

#الدورة_الكاملة_للقيمة… #اقتصاد يبني #مجتمعات أكثر مرونة

الأستاذ #الدكتور_أمجد_الفاهوم

يكتسب الاقتصاد الدائري زخماً متزايداً بوصفه أحد أبرز التحوّلات الاقتصادية القادرة على بناء قيمة مستدامة تتجاوز منطق الإنتاج والاستهلاك التقليدي. يقوم هذا النهج على إعادة تصميم تدفّقات المواد والموارد ليصبح كل مخرجٍ مدخلاً جديداً في دورة إنتاج مستمرة، ما يقلّل الاعتماد على الموارد المستوردة ويعزّز القدرة على التكيّف مع تقلبات الأسواق والطاقة والمواد الخام. وفي عالم تتسارع فيه كلف الإنتاج وتتعمّق فيه المخاطر البيئية، بات الاقتصاد الدائري خياراً اقتصادياً واجتماعياً لا يمكن تجاهله.

ولا بد من الإشارة إلى أن هذا المفهوم لا يقدّم حلولاً تقنية فحسب، بل يعيد صياغة العلاقة بين النمو الاقتصادي وجودة الحياة. فكل عملية تقليل للهدر تعني خفضاً في الكلف التشغيلية للشركات، وكل مشروع تدوير ناجح يخلق فرص عمل للشباب، وكل استثمار في تصنيع مواد معاد تدويرها يعزّز تنافسية الصناعات الوطنية ويخفّف الضغط على البيئة. وعند الاطلاع على تجارب دول الجوار نجد أنها تقدم نماذج واضحة لهذا النمط الاقتصادي؛ إذ دفعت الإمارات نحو منظومات متقدمة لإعادة استخدام المواد ضمن صناعاتها التحويلية، واستثمرت السعودية في تطوير سلاسل قيمة لإعادة تدوير البلاستيك والمعادن، فيما طوّرت مصر منظومة إدارة نفايات ترتبط بالمجتمعات المحلية وتمنحها دوراً إنتاجياً في الاقتصاد الأخضر.

مقالات ذات صلة الإداراتُ الأكاديميّةُ و متلازمةُ النجاحِ أو الفشلِ! 2025/12/11

أما في الأردن، فتبرز مبادرات واعدة يمكن البناء عليها، من منشآت إعادة تدوير المعادن والبلاستيك في المدن الصناعية، إلى جهود الشركات الكبرى في خفض بصمتها البيئية، وصولاً إلى مشاريع ريادية صغيرة تحوّل النفايات العضوية إلى منتجات زراعية ذات قيمة مضافة. غير أن تحويل هذه المبادرات إلى منظومة اقتصادية متكاملة يتطلب تخطيطاً استراتيجياً يربط التنمية الصناعية بالابتكار والعدالة الاجتماعية، ويعزّز مشاركة المجتمعات في إدارة مواردها، ويمنح القطاع الخاص حوافز واضحة لدمج الاقتصاد الدائري في عمليات الإنتاج.

وتقوم آلية عمل الاقتصاد الدائري في بيئة الأعمال الأردنية على تحليل دورة حياة المنتج منذ مرحلة التصميم، وتحديد نقاط الهدر القابلة للتحويل إلى فرص اقتصادية، واستخدام التكنولوجيا في إدارة الموارد؛ من الذكاء الاصطناعي في معالجة النفايات الصناعية إلى التحليلات المتقدمة التي ترفع كفاءة الطاقة والمياه. وهذا يستدعي تشريعات تشجّع على إعادة الاستخدام والتدوير، ونظام حوافز ضريبياً ومالياً يدعم الاستثمار في المعدات والتقنيات النظيفة، إضافة إلى منظومة تمويل تُشرك البنوك وصناديق التنمية في بناء سلاسل قيمة جديدة. كما يشكّل المجتمع المحلي ركناً أساسياً في نجاح الاقتصاد الدائري عبر تبنّي أنماط استهلاك واعية، ودعم المبادرات الشبابية، وتمكين البلديات من إدارة الموارد بكفاءة أكبر.

ولفهم الاقتصاد الدائري على نحو أشمل، لا بد من النظر إلى الصورة الكاملة للمشهد الذي يتصدّره لاعبون رئيسيون؛ بدءاً من الحكومة بصفتها الجهة المنظمة وصاحبة السياسات، مروراً بالقطاع الخاص الذي يقود التنفيذ ويطوّر حلولاً سوقية قابلة للتوسع، والجامعات ومراكز البحث التي ترفد المنظومة بالمعرفة والابتكار، وصولاً إلى المجتمع المدني الذي يعيد تشكيل الوعي ويعزّز ثقة الناس بالتحوّلات البيئية والاجتماعية. ولتحقيق نجاح نوعي لهذه المنظومة فلا بد من ضرورة العمل المشترك بين الشركاء بصورة متوازنة وواضحة الأدوار والمسؤوليات، بما يتيح بناء اقتصاد متكيف ومنخفض المخاطر وأكثر قدرة على خلق فرص مستقبلية تستند إلى الابتكار والتنافسية.

وبناءً على ما تقدم، فإننا على ثقة بأن الأردن يمتلك فرصة حقيقية لتأسيس نموذج اقتصادي دائري يعالج تحديات الموارد المحدودة، ويحسّن مستويات المعيشة، ويُحدث تحوّلات هيكلية تمتد من المصانع إلى المجتمعات المحلية. إن هذه المنظومة ليست مجرد إدارة للنفايات، بل بوابة لبناء اقتصاد أكثر عدلاً وكفاءة ومرونة؛ اقتصاد يربط النمو بالإنسان وبالمجتمعات التي تشكّل عماد التنمية، ويمنح البلاد قدرة أكبر على مواجهة المستقبل بثقة وابتكار.

مقالات مشابهة

  • مؤتمر عمان للأمراض الجلدية يستعرض أحدث التطورات في مجالات التشخيص والعلاج
  • الدورة الكاملة للقيمة… اقتصاد يبني مجتمعات أكثر مرونة
  • دور الأوقاف في تمكين ريادة الأعمال
  • بنك العز الإسلامي يُثري أعمال مؤتمر عُمان الوقفي الثاني
  • شراكة بين "العز الإسلامي" و"بوشر الوقفية"
  • إطلاق أول منصة للتمويل الجماعي الوقفي بختام "مؤتمر عُمان الوقفي"
  • مؤتمر عُمان الوقفي يوصي بمشاريع وقفية استثمارية مشتركة لتعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي
  • بقيمة 324 مليون ريال.. "تنمية الموارد البشرية" يدعم أكثر من ألفين باحث وباحثة
  • بقيمة 324 مليون ريال.. «تنمية الموارد البشرية» يوقع 3 اتفاقيات لتمكين أكثر من 2000 مواطن
  • «ملتقى ليبيا للإعلام» يستعرض أساليب مبتكرة لتطوير المحتوى المحلي