طاولة المفاوضات الروسية- الأمريكية من شيتلاند إلى بالاو
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
تكاد جزر شيتلاند التابعة للمملكة المتحدة تلامس الدائرة القطبية الشمالية، حيث حلّقت قاذفات نووية روسية، ورافقتها طائرات تايفون البريطانية تحذيرا وإبعادا لها عن الحدود البحرية والجوية لأسكتلندا والمملكة المتحدة.
التماس والاستفزازات باتت روتينا في محيط الدائرة القطبية الشمالية والتي شملت كافة الدول الإسكندنافية (النرويج والدنمارك وفنلند والسويد) وامتدت إلى أعماق البحار عبر الغواصات الروسية التي نشطت مؤخرا في شمال المحيط الأطلسي وجنوبه، كما نشطت على الطرف الآخر من المحيط الهادي عبر مناورات ودوريات بحرية روسية وصينية مشتركة.
منطقة المحيط الهندي والخليج العربي وبحر العرب ليست استثناء، إذ شهدت مناورات صينية وإيرانية وروسية مشتركة بداية شهر آب/ أغسطس الحالي، وهي تكرار لما حدث في آذار/ مارس الماضي؛ ويتوقع أن تتكرر لكن بمشاركة متوقعة من السعودية في حال موافقتها على الدعوة الموجهة لها من قائد سلاح البحرية في الجيش الإيراني شهرام إيراني؛ أكد فيها النية لتشكيل تحالف بحري جديد مع الهند إلى جانب روسيا والصين وعدد من دول المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين في محاولة لإيجاد بديل للتحالف الأمني البحري للشرق الأوسط بقيادة الولايات المتحدة، والذي انسحبت منه دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا وعمدت أمريكا لترميمه قبل اندثاره بإرسال 3000 جندي مارينز لمراقبة الملاحة في الخليج العربي.
العالم يضيق بأمريكا وروسيا من المحيط الهادي إلى الأطلسي ويزداد ازدحاما في البحر الأسود
خطوط التماس بين روسيا والولايات المتحدة تتقارب على نحو خطر في إقليم غرب آسيا في الخليج العربي والمحيط الهندي وشرق المتوسط؛ وتبدو أشد خطورة في سوريا التي شهدت سماؤها العديد من الاحتكاكات بين الطائرات الحربية الروسية والأمريكية خلافا للبروتوكول المتفق عليه بين البلدين، خصوصا بعد تحليق الطائرات الروسية فوق قاعدة التنف الأمريكية جنوب شرق سوريا، احتكاكات يمكن أن تجد طريقها إلى القارة الأفريقية عبر مالي والنيجر وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى وصولا إلى السودان.
العالم يضيق بأمريكا وروسيا من المحيط الهادي إلى الأطلسي ويزداد ازدحاما في البحر الأسود بعد أن قامت روسيا بتفتيش سفينة شحن تتبع لجزيرة بالاو خلال توجهها إلى أوكرانيا. وبالاو أحد شركاء وحلفاء الولايات المتحدة المقربين جنوب غرب المحيط الهادي، فالجزيرة لم تتخلف يوما عن التصويت لأمريكا في الأمم المتحدة؛ أو تزويدها بالأعلام البحرية كغطاء للسفن التجارية التي من الممكن أن تنقل الأسلحة الأمريكية إلى جانب القمح والأدوية.
الازدحام في مياه وسماء البحر الأسود بين المقاتلات الأمريكية والروسية لا ينبئ بخير؛ فاحتمالات وقوع حوادث خطيرة كبير جدا؛ خصوصا بعد أن أشركت أمريكا طائرات مسيّرة لمراقبة حركة السفن المتجهة للموانئ الأوكرانية ومرافقتها في رحلتها لنقل الحبوب والبضائع من وإلى ميناء أوديسا الأوكراني؛ تطور من الممكن أن يقود لمزيد من التوتر والأسباب الموجبة للمواجهة خصوصا بعد أن أوقفت روسيا العمل باتفاق الحبوب في البحر الأسود.
في مقابل الاحتمالات العالية لحوادث أمنية خطرة في البحر الأسود والدائرة القطبية الشمالية تطفو إلى السطح إمكانية أن يخفي التصعيد والتوتر مفاوضات سرية وغير معلنة حول أوكرانيا ومستقبلها بين واشنطن وموسكو؛ فجدية المفاوضات على الطاولة تعكسها في كثير من الأحيان مستويات عالية من التصعيد على الجبهات والتسخين في خطوط التماس؛ تصعيد عادة ما يكون مدروسا ومحسوبا من الأطراف المتقابلة على الطاولة التي تتصرف بهدوء وثقة؛ فهل حان الوقت لطرح السؤال حول إمكانية وجود مفاوضات بين موسكو وواشنطن واقترابها من إحراز تقدم يفسر ارتفاع مستويات التصعيد المرفق بالهدوء والثقة؛ أمأن الوقت لا زال مبكرا للحديث عن مفاوضات جادة في الكواليس؟
تصعيد عادة ما يكون مدروسا ومحسوبا من الأطراف المتقابلة على الطاولة التي تتصرف بهدوء وثقة؛ فهل حان الوقت لطرح السؤال حول إمكانية وجود مفاوضات بين موسكو وواشنطن واقترابها من إحراز تقدم يفسر ارتفاع مستويات التصعيد المرفق بالهدوء والثقة؛ أمأن الوقت لا زال مبكرا للحديث عن مفاوضات جادة في الكواليس؟
التنقيب عن مفاوضات روسية أمريكية ومحاولة التعرف على تفاصيلها أمر غاية في الصعوبة؛ لاتساع ساحة الصراع وكبر حجم الطاولة الممتدة من جزر شيتلاند في بحر الشمال والأطلسي إلى جزر بالاو وجنوب المحيط الهادي.
غير أن البحث والتنقيب له ما يبرره أمريكيا وأوروبيا وروسيا، إذ سيقودنا تلقائيا إلى احتدام الصراع الانتخابي الرئاسي في أمريكا قبل موعده المقرر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024؛ وإلى تفاقم أزمة الاقتصاد الأوروبي (الألماني والبريطاني)؛ وإلى تصريحات نائب سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيدف التي كرر فيها الأربعاء (16 آب/ أغسطس) شروط روسيا للقبول بانضمام أوكرانيا للناتو بتنازلها عن أقاليم شرق أوكرانيا والقرم، مضيفا لها هذه المرة العاصمة كييف؛ شروط تزامنت مع تسريبات بمطالبة واشنطن حليفتها كييف التنازل عن أجزاء من البلاد لروسيا مقابل الانضمام للناتو.
ختاما.. عملية التنقيب عن طاولة المفاوضات المختفية في تفاصيل الحرب والتصعيد العالمي تقود تلقائيا أصحابها إلى سكرتير الخارجية الأمريكي العتيق هنري كيسنجر؛ الذي ناقش الافكار المطروحة من قبل ميدفيدف علنا وفي الكواليس مع أطراف الصراع خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية من عمر الحرب الأوكرانية؛ فهل رسمت رؤيته خارطة الطريق للمفاوضات؛ أم أنها مجرد أفكار وإطار عام ضلت طريقها عن طاولة المفاوضات الكبيرة التي لم تنصب خيمتها بعد؟
twitter.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه روسيا امريكا روسيا اوكرانيا الناتو البحر الاسود مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی البحر الأسود المحیط الهادی
إقرأ أيضاً:
روته يخيّر أوروبا: إما الاستثمار في الدفاع الآن أو البدء في تعلم اللغة الروسية لاحقًا
كرر مارك روته تحذيرات الناتو الأخيرة من أن روسيا قد تهاجم أراضي الحلف في غضون العامين المقبلين. وقال: إذا لم نتحرك الآن، فنحن في خطر حقيقي. أنا جادٌّ في كلامي. لأنك حينها، ستكون مجبرا على متابعة دورة لدراسة اللغة الروسية، أو أن تذهب إلى نيوزيلندا (لتعيش هناك!". اعلان
عيّنت الإدارة الأمريكية الفريق ألكسوس جرينكويتش في منصب كبير جنرالات الولايات المتحدة في أوروبا وكذلك في منصب القائد الأعلى للقوات المتحالفة في القارة العجوز.
وسيحظى هذا التعيين من قبل ترامب بترحيب خاص بعد التقارير الإعلامية التي أفادت في الأشهر الأخيرة بأن الولايات المتحدة كانت تفكر في التخلي عن منصب القائد الأعلى القائد الأعلى للقوات المتحالفة في أوروبا والذي كان يعينه دائمًا رئيس أمريكي.
وقال مصدر مطلع في الولايات المتحدة ليورونيوز: "إنه قرار مهم للغاية وهناك ارتياح من وجهة نظر الناتو لأنه علامة إيجابية على المشاركة الأمريكية وانخرطها في عملية التوظيف".
كان الجنرال في الجيش الأمريكي دوايت أيزنهاور أول قائد لقوات حلف شمال الأطلسي في عام 1951، وظل هذا المنصب حكرا على الولايات المتحدة منذ ذلك الحين.
وجاء في بيان صادر عن حلف الناتو: "بعد الانتهاء من عمليات التثبيت في الولايات المتحدة، سيتولى غرينكويتش منصبه خلفًا للجنرال كريستوفر ج. كافولي في حفل تغيير القيادة في المقر الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا في مونس ببلجيكا، والمتوقع حدوثه في صيف 2025".
اعتماد أهداف جديدة في الإنفاق الدفاعيوفي الوقت نفسه، وافق وزراء دفاع الناتو على زيادة كبيرة في أهداف القدرات الدفاعية لكل دولة، بالإضافة إلى الانتقال إلى إنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
وقد اتفقوا على أن يتم استخدام 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي من أجل "الإنفاق الدفاعي الأساسي" - مثل الأسلحة الثقيلة والدبابات والدفاع الجوي. وفي الوقت نفسه سيتم إنفاق 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا على المجالات المتعلقة بالدفاع والأمن مثل البنية التحتية والمراقبة والفضاء الإلكتروني. ومع ذلك، لم يتم التفاوض بعد على نطاق المرونة.
وقال الأمين العام للناتو مارك روته للصحفيين: "هذه الأهداف تصف بالضبط القدرات التي يحتاج الحلفاء إلى الاستثمار فيها خلال السنوات القادمة".
وتضغط واشنطن على حلفاء الناتو لزيادة الإنفاق بشكل كبير، وتتوقع أن ترى "تقدمًا موثوقًا" على الفور، وفقًا للسفير الأمريكي لدى الناتو ماثيو ويتاكر الذي صرّح قائلا:
"إن التهديدات التي تواجه حلف شمال الأطلسي تتزايد، ومن المؤكد أن أعداءنا لا ينتظرون منا إعادة التسلح أو الاستعداد للخطوة الأولى".
وقال للصحفيين على هامش الاجتماعات: "نفضل أن يتحرك حلفاؤنا على وجه السرعة للوصول إلى نسبة الـ5%".
Relatedحلف الناتو يخطط لتعزيز ترسانته العسكرية: تمهيد لمواجهة محتملة أم استعراض قوة؟الولايات المتحدة تجدد تأكيد التزامها بحلف الناتو روته: معظم أعضاء الناتو يؤيدون مطلب ترامب بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجماليكما قال السفير ويتاكر إن الولايات المتحدة "تعوّل على أوروبا" في أن تكون في طليعة الدول التي ستقدم لأوكرانيا "الموارد اللازمة للتوصل إلى سلام دائم" في القارة.
وكرر مارك روته تحذيرات الناتو الأخيرة من أن روسيا قد تهاجم أراضي الحلف في غضون العامين المقبلين. وقال: "إذا لم نتحرك الآن، في السنوات الثلاث المقبلة، فنحن بخير، ولكن علينا أن نبدأ الآن، وإلا فإننا سنكون فعلا مهددين بعد ثلاث أو أربع أو خمس سنوات من الآن"، مضيفًا: "إذا لم نتحرك الآن، فنحن في خطر حقيقي. وأضاف: "أنا جادٌّ في كلامي. لأنك حينها، ستكون مجبرا على متابعة دورة لدراسة اللغة الروسية، أو أن تذهب إلى نيوزيلند (لتعيش هناك".
ورأى المصدر المطلع أنه "من الجيد أن يكون هناك استمرارية بشأن الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، ولكن مع أوكرانيا فالأمر مختلف. أنا لا أعتقد أن ترامب يهتم حقًا بأوكرانيا".
وأضاف المصدر: "ترامب لا يهتم بأوروبا - فهي لا تجعله أكثر ثراءً ولا تساعده سياسيًا".
وفي إشارة إلى قمة الناتو المرتقبة التي ستعقد الشهر المقبل في لاهاي، قال المصدر ليورونيوز إنه "من المرجح أن يتم تقليص" حضور أوكرانيا في القمة "، لأن واشنطن ستقول "إنهم ليسوا أعضاءً" لذا فلا حاجة لهم أن يكونوا هناك.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة