موقع النيلين:
2025-08-16@11:07:35 GMT

محاكمة كوشيب هل تكسر حلقة الإفلات من العقاب؟

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

هذا السؤال الذي وضعته في العنوان يدور في أذهان الكثير من أبناء وبنات الشعب السوداني الذي أعياه الدوران في حلقات مفرغة من الانتهاكات التي تتم تحت بصر الدولة فيما لا يتم تقديم أي شخص للعدالة، ولم يحدث أي نوع من الإنصاف للضحايا الذين تتردى حياتهم وهم يعيشون في مخيمات لجوء ونزوح طوال عقود من الزمان.

سؤال العدالة كبير ومعقد لجهة كبر نطاقات الانتهاكات والعدد الضخم للمتضررين وحتى الفترات الزمنية الطويلة التي تعرض فيها الناس للبطش وحرق قراهم وانتزاع أراضيهم فيما تقف الدولة التي سلحت سابقا المليشيات، ودعمتها لتهجير القرويين في موقف الجلاد والحكم!

وسط إحباطات متراكمة لعقدين كاملين من الزمان جاء اختتام المرافعات الختامية في محاكمة المتهم علي محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ «علي كوشيب» أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كبريق أمل للضحايا الأحياء من أحداث وادي صالح غربي البلاد التي يحاسب بسببها المتهم، بعضهم يعيش في معسكرات النزوح في دارفور منذ العام 2003 وبعضهم في معسكرات اللاجئين في الحدود مع دولة تشاد.

* «كوشيب» أحد المتهمين المطلوبين لدى المحكمة منذ العام 2007، فيما شملت قائمة المطلوبين الرئيس المعزول عمر البشير واثنين من قيادات حكومته هما عبد الرحيم محمد حسين وأحمد هارون الذي أُعِيد انتخابه مؤخرا رئيسا لحزب المؤتمر الوطني!

ولم يتم تسليم المطلوبين، على الرغم من وجودهم في مناطق سيطرة الجيش متنقلين بين ولايات الشرق والشمال، ويخضع كوشيب وحده للمحاكمة؛ لأنه سلم نفسه في العام 2020 للمحكمة طواعية خوفا من الاستهداف والقتل بعد سقوط نظام البشير ومنذ ذلك الوقت يحاول إنكار هويته، وختم ذلك الإنكار ببيان طلب تقديمه أمام القضاة قال فيه «أنا لست كوشيب!»

الأمر الآن متروك أمام القاضيات ليحددن هل هو الشخص المطلوب وفق الأدلة التي قدمها مكتب الادعاء أم هو رجل بريء! وبينما ينتظر السودانيون بصفة عامة النطق بالحكم في هذه القضية يتعلقون بأمل أن المحاسبة ستحدث، وأن العدالة ستتحقق وإن طال الزمن!

* كنت من ضمن مجموعة من السودانيات حظينا بحضور المرافعات الختامية في محاكمة كوشيب من مقاعد الجمهور داخل المحكمة، كانت لحظة تاريخية نادرة تقول إن الطغاة سيمثلون أمام القضاء، ويدفعون ثمن ما فعلوه في حق المدنيين العزل يوما ما الأمر الذي يرسل رسالة قوية لكل من يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب الـ 15 من أبريل التي اندلعت في الخرطوم، وتمددت مثل النار في ولايات سودانية أخرى شردت أكثر من 13 مليون مواطن، وقتلت عشرات الآلاف، واُغْتُصِبَت عشرات النساء فيما يحاصر الجوع 25 مليون سوداني، ويموت الأطفال بسبب سوء التغذية!

* ما يحدث الآن لا يختلف كثيرا عما حدث في ذلك الوقت في العام 2003 مسرح الجرائم كان قرى دارفور التي عانت التهجير القسري والقتل والإعدام خارج نطاق القانون والاغتصاب والاضطهاد، ذات الفاعلين في تلك الأحداث هم نفسهم الذين يتقاتلون الآن، اختلفت المسميات قليلا، وتغير الزي العسكري ربما، لكنها ذات الأيادي الباطشة بالمدنيين العزل!

فأحداث دارفور كان الفاعل الرئيس فيها قوات «الجنجويد» التي سُلِّحَت من حكومة «البشير» واليوم ذات العناصر التي كونت حكومة البشير هي التي تقاتل في الأرض، وتقاتل تلك القوات التي قام نظام البشير بمنحها الشرعية وتحويلها لقوات نظامية بموجب قانون مجاز عبر البرلمان في العام 2017.

* «كوشيب» متهم بارتكاب 31 جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ووفق شهادات الشهود احتجز رجال من قبيلة الفور قبل أن ينقلهم من مركز الشرطة، ويأمر بإعدامهم جميعا، ويدفنهم في مقابر جماعية، وكان يجعل المعتقلين يستلقون على الأرض، ويمشي على ظهورهم فيما حدثت اغتصابات واسعة للنساء. وقال بعض شهود عيان التقيتهم إنه قام بجمع عدد ضخم من الأطفال في منزل واحد وأشعل فيهم النيران!

نقلت ممثلة الضحايا في المحكمة الجنائية رسائل عدد كبير من الضحايا الذين حكوا كيف تبدلت حياتهم، وكيف منعت الوصمة النساء من مواصلة دراستهم، وكيف استمروا في حياة النزوح يفتقرون لأقل مقومات الحياة لعقدين من الزمان، وتحدث الكثيرون منهم عن رغبتهم في استعادة «كرامتهم» والعودة إلى أراضيهم.

* في أروقة المحكمة حضر بعض أبناء وبنات دارفور ممن كانوا هم أنفسهم شهودا على تلك الانتهاكات البشعة، وقالت إحدى الشاهدات إنها التقت في مستشفى بمدينة نيالا جنوب دارفور بشابتين دون سن العشرين اضطر الفريق الطبي لبتر أعضائهن التناسلية بالكامل؛ بسبب الالتهابات الفظيعة التي أصابتهن؛ لأن المغتصبين لم يكتفوا بالاغتصاب فقط، بل وجهوا طعنات بسكين حادة يستخدمها العسكريون تعرف بـ «السونكي» فيهن !

حكى شاب آخر عن تذكره مشاهدة المقابر الجماعية، نجا بحياته بأعجوبة، وفقد الكثيرين من أسرته، فيما انفجر رجل آخر في البكاء بعد أن وقف كوشيب لمخاطبة المحكمة لجهة تذكره حادثة مقتل والده على يد كوشيب وجنوده.

كتب على السودانيين أن يعيشوا حياة مليئة بالقهر، انتهاكات وقتل بالجملة مع غياب تام للعدالة، لا يطلب الناس المال بقدر ما يطلبون الإنسانية والكرامة والعودة إلى أراضيهم؛ لأنهم منتجون ومزارعون ورعاة وسط حياتهم القديمة لم يشتكوا ولم يحتاجوا إلى أحد.

* الإفلات من العقاب في جرائم حرب الجنوب أدت إلى ظهور جرائم أكبر في حرب دارفور ثم واصلت حلقة الإفلات من العقاب طوال عقدين من الزمان برفض النظام السابق تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية والامتناع من محاكمتهم داخليا، ذات الأيادي الملطخة بالدماء طوال عشرين سنة واصلت في القتل والترويع والتشريد فيما تطورت جرائم الاستعباد والعنف الجنسي واتسعت دائرة الانتهاكات

ويبقى الإجابة عن السؤال في العنوان لا بد أن تكون «نعم» فلا بد أن تكسر محاكمة كوشيب حلقة الإفلات من العقاب، ويُسَلَّم المطلوبون جميعهم لدى الجنائية ليحاكموا ولا بد أن تُؤَسَّس منظومة عدلية ومحاسبية تمنع تسلط الحكومات على الرقاب، وتكون متاحة لرقابة الشعب الذي لا يستحق سوى الكرامة.

سينتظر السودانيون النطق بالحكم في محكمة كوشيب على جمر وحال تمت محاكمته سيتنفس الكثيرون نسيم العزة والكرامة.

أمل محمد الحسن – الشرق القطرية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الإفلات من العقاب من الزمان

إقرأ أيضاً:

ثردز تكسر حاجز الـ 400 مليون مستخدم نشط شهريا

أعلنت شركة “ميتا” Meta، أن منصتها الاجتماعية ثريدز Threads، التي تم إطلاقها قبل عامين كـ منافس مباشر لتويتر (الذي أصبح يعرف الآن باسم إكس)، قد تجاوزت حاجز 400 مليون مستخدم نشط شهريا، وفقا لما أكده رئيس إنستجرام آدم موسيري يوم الثلاثاء.

وقال موسيري عبر منشور رسمي: “قبل بضعة أسابيع، تجاوز عدد المستخدمين النشطين شهريا على ثريدز حاجز 400 مليون، لقد كانت رحلة مذهلة خلال العامين الماضيين، بدأت المنصة كمجرد فكرة مجنونة لمنافسة تويتر، لكنها تحولت إلى مساحة حقيقية لتبادل وجهات النظر.. ممتن لكل من ساهم في بناء هذا المكان لا يزال أمامنا الكثير من العمل”.

ميتا تستعد لدخول سوق الساعات الذكية بمفهوم مختلفوداعًا للفأرة والكيبورد.. سوار ميتا الثوري للكتابة والنقر بدون لمس أي شيء بيدكنمو لافت في الربع الأخير


هذا الإنجاز يعني أن المنصة أضافت 50 مليون مستخدم نشط شهريا خلال الربع الأخير فقط، بعد أن أعلن مارك زوكربيرج في أبريل الماضي أن عدد المستخدمين النشطين شهريا وصل إلى 350 مليون.


وبحسب تصريحات سابقة للرئيسة التنفيذية السابقة لمنصة إكس، ليندا ياكارينو، فإن عدد مستخدمي إكس النشطين شهريا يفوق 600 مليون.


لكن على صعيد الاستخدام اليومي عبر الأجهزة المحمولة، تظهر بيانات شركة Similarweb المتخصصة في تحليلات السوق، أن ثريدز يقترب بشكل كبير من إكس:

- في يونيو 2025، سجل تطبيق ثريدز على iOS وأندرويد حوالي 115.1 مليون مستخدم نشط يوميا، بزيادة سنوية بلغت 127.8%.

- بالمقابل، سجلت منصة إكس نحو 132 مليون مستخدم يومي، بانخفاض سنوي قدره 15.2%.

الويب لا يزال لصالح إكس

رغم التقدم الكبير على مستوى تطبيقات الهواتف، إلا أن منصة إكس لا تزال متفوقة بشكل كبير من حيث زيارات الويب اليومية على مستوى العالم:

- سجلت إكس حوالي 145.8 مليون زيارة ويب يوميا في يونيو.

- في المقابل، حققت ثريدز 6.9 مليون زيارة فقط على الويب.

يعزى هذا النمو اللافت في قاعدة مستخدمي ثريدز إلى إطلاق مجموعة من الميزات الجديدة خلال العام الماضي، مثل الرسائل الخاصة DMs، والتكامل مع الشبكات الفيدرالية Fediverse، والخلاصات المخصصة، ومزايا ذكاء اصطناعي محسنة، وغيرها من التحسينات المستمرة.
 

جدير بالذكر أن ثريدز شهدت خلال الربع الأول من هذا العام نموا أسرع مقارنة بالربع الأخير من عام 2024، حيث أضافت 30 مليون مستخدم، مقابل 20 مليون في الربع السابق.


ومن اللافت أن ثريدز أضافت عدد مستخدمين خلال ثلاثة أشهر يقارب العدد الإجمالي لمستخدمي منصة Bluesky، أحد منافسيها الجدد، والتي تعتمد على نموذج لامركزي ولديها حاليا نحو 35 مليون مستخدم فقط.


وعلى الرغم من أن ثريدز ما تزال أصغر حجما مقارنة بتطبيقات “ميتا” الأخرى مثل فيسبوك، إنستجرام، ماسنجر، وواتساب، إلا أن النمو السريع يعزز مكانتها ضمن تطبيقات التدوين المصغر.

طباعة شارك ثريدز Threads منافس تويتر

مقالات مشابهة

  • عبد الرحمن المهدي يكشف عن دوره المحوري في سقوط البشير
  • شاهد.. مقطع الفيديو الذي خطف القلوب.. جندي بالجيش السوداني يقابل والدته بعد طول غياب ويتمشى معها في الشارع العام
  • حلقة حول منظومة الرصد التربوي المطوّرة بتعليمية مسندم
  • بين نذر الشر وغياب التدخل المبكر… حادثة الطبيبة التي هزّت الرأي العام
  • خطوة تعافي اقتصادي.. انخفاض معدل التضخم في السودان إلى 78%
  • السودان .. مصرع 40 شخصاً على الأقل بوباء الكوليرا في دارفور
  • ثردز تكسر حاجز الـ 400 مليون مستخدم نشط شهريا
  • هل تنهي العدالة الانتقالية في سوريا الإفلات من العقاب؟
  • مستشفيات البشير تعيد توصيل ذراع مبتورة لطفلة تبلغ 14 عاماً
  • حلقة تدريبية بالبريمي والظاهرة حول منظومة الرصد التربوي