الجزيرة:
2025-12-13@21:10:24 GMT

قرية مصرية لا يسكنها أحد.. أم الحويطات مزارا سياحيا

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

قرية مصرية لا يسكنها أحد.. أم الحويطات مزارا سياحيا

في عمق الصحراء الشرقية وعلى بعد 27 كيلومترا من سفاجا (إحدى مدن محافظة البحر الأحمر بمصر) تقع قرية "أم الحويطات" أو كما يطلق عليها حاليا "قرية الأشباح".

وأكثر ما يميز هذه القرية هو الهدوء الغريب الذي يخيم عليها بعد أن هجرها سكانها واضطرتهم الظروف لمغادرتها منذ نحو أكثر من عقدين من الزمان، تاركين وراءهم بيوتا متهالكة تحكي جدرانها حكايات من عصر مضى، ويتوسط البيوت مسجد لا يزال صامدا كما هو بمئذنته التي تقف متحدية زحف الصحراء.

تاريخ القرية

أثناء الاحتلال البريطاني لمصر، وتحديدا عام 1902 بدأت أعمال بحث مكثفة بالقرب من سفاجا، بهدف العثور على المواد الخام، وتمكن الجيولوجيون الأجانب بقيادة المهندس "آندي" من تحديد نسبة ضخمة من الفوسفات، وهو معدن مهم لصناعة الأسمدة.

وأدرك "آندي" الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، خاصة مع قربها من البحر. وعهدت إليه القوات البريطانية مهمة تأسيس أهم قرية تعدينية في مصر، وتم إنشاء خط سكة حديد يربط بين "أم الحويطات" وميناء سفاجا لنقل المواد الخام ثم شحنها إلى إنجلترا.

وجلب هذا المهندس الكثير من العمال من مناطق متفرقة في مصر للعمل بالمناجم، حتى عاش بالقرية في أوج ازدهارها حوالي 16 ألف شخص، وهيأ لهم حياة متكاملة تضمن استمرار استخراج المعدن، بداية من نقل مياه الشرب وتوزيع حصص تموينية تكفي احتياجاتهم الشهرية من الدقيق والبقوليات والزيت واللحوم وغيرها من المواد الغذائية والكيروسين "الجاز" لإنارة اللمبات ليلا، وحتى إنشاء المدارس لتعليم أبناء القرية ومستشفى صغير لعلاجهم، وكذلك بناء المساجد للصلاة.

إعلان

وبعد 23 في يوليو/تموز 1952 وانتهاء الاحتلال البريطاني، أصبحت "أم الحويطات" تحت القيادة المصرية ويتولى مسؤولية التنفيذ شركة فوسفات سفاجا، واستمر العمل بالمناجم إلى أن أُغلقت الشركة وتم إيقاف العمل بها في تسعينيات القرن العشرين، الأمر الذي لم يترك لسكان القرية خيارا سوى البحث عن سبل العيش في أماكن أخرى أو العودة لمسقط رأسهم، وبعضهم حصل على وحدات سكنية في "أم الحويطات" الجديدة مكافأة لعملهم في المناجم سنوات طويلة.

ولم يكن لأحد أن يسمع عن "أم الحويطات" المجهولة والمهجورة، وكانت ستظل مجرد ذكرى في قلوب أهلها فقط، لولا أنها تحولت إلى مزار سياحي قبل بضع سنوات وأصبحت تجذب رحلات السفاري ومحبي سياحة المغامرات.

علاء يوسف (اسم مستعار) أحد مواليد القرية، ولد عام 1978 وعاش بها حتى المرحلة الثانوية من دراسته، ويحكي للجزيرة نت كيف كانت القرية مقسمة بشكل منظم، حيث تم تخصيص مساحة لمنازل العمال وأسرهم بالقرب من المناجم لتسهيل الوصول إلى العمل، بينما منازل الموظفين في مدخل القرية بالقرب من المدارس والمستشفى، في حين تم بناء "فيلا" المهندس آندي في أعلى الجبل بحيث تطل على القرية بأكملها.

ويواصل: كانت القرية تدب فيها كل مظاهر الحياة، عمال يذهبون للعمل في المناجم كل صباح، وتلاميذ يترددون على المدرسة للتعلم، ومسجد يجمع المصلين وتتردد صدى دعواتهم بين جدرانه، وأطفال يلعبون في الساحات.

ويتذكر علاء كيف كان الأهالي يهتمون بتعليم أبنائهم حتى لا يلقوا نفس مصيرهم ويعملون في مهام المناجم الشاقة، وكيف كان ناظر المدرسة ويدعى "سيف الدين إبراهيم" يمر كل يوم بعد صلاة العصر مع عدد من المدرسين على بيوت الأهالي لمتابعة مذاكرة أبنائهم ومساعدتهم في أداء واجباتهم، وأن هذا ساعد القرية في أن يخرج منها عدد من العلماء والأساتذة البارزين، أمثال الباحث المصري والأستاذ الجامعي بجامعة كوينز في إنجلترا، وأحمد إبراهيم وكذلك الدكتور عبد المنعم الخطيب أستاذ الجراحة بجامعة أسيوط، وغيرهم.

إعلان

ويحكي علاء وقد أخذه الحنين إلى أيام طفولته قائلا "التكافل والحب كانا عنوان الحياة في أم الحويطات، فقد نشأنا ونحن نسمع من أهلنا مقولة: الضيف ضيف البلد كلها". وكانت جميع البيوت مفتوحة لأي شخص، فالفرح واحد والحزن واحد، وساعد على ذلك الطبيعة الجغرافية للمكان وعزلته في الصحراء.

وتوالت ذكريات "أم الحويطات" أمام عينيه عندما كان وأصدقاؤه يلعبون الكرة في ساحة القرية ويتجمعون لمشاهدة التلفاز حتى الساعة العاشرة حيث موعد قطع التيار الكهربي عن القرية.

"أم الحويطات" بشكلها الحالي بعد أن أصبحت خالية تماما من السكان (الجزيرة) إحياء "أم الحويطات"

ومن ناحيته، يقول حسن العبودي أحد مواليد القرية -للجزيرة نت- إن عام 1996 كان فارقا في تاريخ "أم الحويطات" إذ إنه بالإضافة إلى توقف العمل بالمناجم، شهدت القرية سيولا مدمرة وصل ارتفاعها عدة أمتار وتأثرت البنية التحتية للقرية، مما دفع ما تبقى من الأهالي إلى الرحيل حتى أصبحت القرية مهجورة تماما عام 1998.

ويوضح العبودي أن "أم الحويطات" تعد نقطة جذب للمستكشفين والجيولوجيين، ولموقعها المثالي بين الطبيعة تجذب كذلك صانعي الأفلام الوثائقية وصناع الأفلام السينمائية والمسلسلات.

ويضيف أن "أم الحويطات" باقية في ذاكرة وقلوب كل من عاش فيها، ومع ذلك قد لا يفضل أحد من الأبناء والأحفاد الموجودين حاليا العودة إليها، إذ لا يتوفر بها مصدر للرزق سوى العمل بالمناجم التي تسببت في مشاكل صحية للكثير من العمال جراء الأبخرة السامة وظروف التعدين الخطرة، ويتابع "أنا مثلا أعيش في مدينة سفاجا بالقرب من البحر وجميع الخدمات، فلماذا أذهب للعيش بقلب الصحراء في مكان مغلق محاط بالجبال من جميع الجهات".

ويشيد العبودي بمشروع محمود الدندراوي أحد أبناء القرية، إذ أنشأ بموافقة الجهات المسؤولة محطة سفاري على الطريق المؤدي إلى أم الحويطات، وذلك لتنظيم رحلات للسياح وتعريفهم بتاريخ القرية التعديني، كذلك توفر هذه الجولات مجموعة من الأنشطة، بما في ذلك مشاهدة غروب الشمس وشروقها، والقيام بجولة سياحية في الشوارع المليئة بالرمال بين المنازل المتهالكة وزيارة المناجم المهجورة والأنفاق والكهوف.

إعلان

ولم ينس المواطن أن يضيف أن القصص المتداولة عن الأصوات المخيفة والظلال التي لا يمكن تفسيرها، أو الحديث عن خطوات تتردد بالغرف الفارغة أو سماع صوت الأذان مما يزيد من الإقبال على هذه الرحلات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أم الحویطات بالقرب من

إقرأ أيضاً:

شعبة المُصدِّرين: شراكة «مصرية - هولندية» جديدة في التصنيع الزراعي

أكّد أحمد زكي، أمين عام الشُعبة العامة للمُصدِّرين بالاتحاد العام للغرف التجارية وشُعبة المُصدِّرين بغرفة القاهرة، ورئيس لجنة الشئون الإفريقية، ورئيس لجنة المُصَدِّرين بمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، أن مصر تتمتع بالأمن والأمان والاستقرار، وأن القيادة السياسية المصرية، وعلى رأسها  الرئيس عبد الفتاح السيسي، تُشجع على الاستثمار في مصر.
جاء ذلك  في المُنتدى الذي نظّمته السفارة الهولندية  لبحث سُبُل زيادة التعاون بين الشركات المصرية والهولندية في القطاع الغذائي والحاصلات الزراعية، داخل معرض فوود أفريكا المُقام في الفترة من 9 إلى 12 من ديسمبر الجاري.
وأشار "زكي" إلى أهمية موقع مصر الجغرافي وقيمتها الهامة جدًا بين الدول؛ مما يجعلها مركز التقاء الشركات والاستثمارات العالمية للتصنيع والاستثمار والنفاذ إلى كافة الأسواق العربية والإفريقية والأوروبية، خاصة في ظل الاتفاقيات الدولية التي تُشارك بها مصر.
وقال "زكي" إن الصادرات المصرية في الحاصلات الزراعية وصلت هذا العام إلى 7.5 مليون طن، لافتًا إلى أن هناك تطويرًا وزيادة في الصادرات المصرية العامة التي ارتفعت بقيمة 5 مليارات دولار هذا العام، مشيرًا إلى أن مصر تتميز بمنتجات كثيرة ذات جودة عالية، من بينها الموالح.
ووجّه "زكي" الشكر لسفارة هولندا على اتجاهها لدعوة الشركات لدخول السوق المصري والاستفادة من حجمه الكبير، والاستفادة أيضًا من الأسواق التي ستفتح أبوابها للمنتجات الهولندية عن طريق مصر، وكذلك الدعوة إلى الشراكة المصرية الهولندية في مختلف القطاعات.
وتابع "زكي": يُمكن للجانب الهولندي الاستفادة من منتجات مصرية كثيرة سواء للسوق الهولندي أو التصدير، مثل التمور المصرية، والتعاون مع الجانب المصري في كافة المحاصيل الزراعية لتقليل

مصرف المركزي القطري يخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة في 2025وسام فتوح: تمويل البنوك العربية لمشروعات المياه والزراعة أصبح أمرا ضروريا

التكلفة، وهذا يزيد من منافستها في الأسواق العالمية. فالتكتل بين الشركات المصرية والهولندية وتبادل الخبرات - كلٌّ فيما يتميز به - سيصل بنا إلى أبعد نقطة تميز في الأسواق العالمية.
واستطرد "زكي": إن المنتجات المصرية متميزة في الأسواق الأوروبية والإفريقية والعربية بجودتها وطعمها ومذاقها الخاص ؛ نتيجة لتميز التربة المصرية في الزراعة، قائلًا: "مصر مذكورة في القرآن"، ونتيجة لتميز مصر هناك إقبال من المُستثمرين من كافة الدول للاستثمار بها.
وشدّد "زكي" على أهمية التعاون مع دولة هولندا لتدشين شراكات جديدة على صعيد الاستثمار والتصنيع، خاصة مع وجود مبادرة رئاسية مصرية "توطين الصناعة"، والاستفادة من بعضنا في زراعة محاصيل جديدة في ظل تميز هولندا ببعض المحاصيل المتميزة ، مُتسائلًا: لماذا لا يأتي مستثمرون هولنديون للاستثمار في مصر والاستفادة من كافة المميزات المصرية والاستفادة من التسهيلات التي تُقدمها الحكومة المصرية لتشجيع الاستثمار ؟
مُتابعًا: نحن مستعدون فورًا للتعاون وتهيئة أي مناخ نحتاجه سويًا للاستثمار في المحاصيل الزراعية بالأساليب الحديثة، ومن المُمكن أن نتعاون سويًا لزراعة نباتات الزينة التي تتميز بها هولندا وزراعتها في مصر، بل وتصديرها للأسواق الخارجية بالاستفادة من كافة الاتفاقيات التي تشترك بها مصر، والاستفادة من الإعفاءات الجمركية.
خاتمًا: نتمنى تواجدكم في بلدكم الثاني مصر كمستثمرين، والاستفادة من سوقنا الكبير، ومن الأسواق التي ستفتحها مصر لمنتجاتكم في الأسواق الخارجية.
أهلًا بكم في مصر لفتح استثمارات جديدة وتوفير مزيد من فرص العمل للشباب ، نحن في مصر نتطلع لرفع معدلات الصادرات لما يتخطى 200 مليار دولار سنويًا، وهذه رؤيتنا كدولة للمرحلة القادمة، التي بدأت فعليًا بخطوات استراتيجية على أرض الواقع، وهو ما جعلنا نشهد مرحلة تنمية غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة.
وعقب مشاركته في مُنتدى السفارة الهولندية، زار "زكي" جناح غرفة القاهرة بمعرض فوود أفريكا، مُشيدًا بدور الغرفة وتواجدها في هذا الحدث الهام، كما أشاد بإيجابيات المعرض على الصادرات المصرية، والذي يُشارك به عدد كبير من كبرى الشركات في القطاع الغذائي والمحاصيل الزراعية على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
وأكّد الحضور على تطور مختلف القطاعات في مصر مؤخرًا، مُشيرين إلى أهمية زيادة التعاون ومناقشة كافة الآراء التي من شأنها تحقيق مزيد من تطور صناعة الغذاء والمحاصيل الزراعية، وتحليل الأسواق واللوائح المنظمة، والسعي لتوفير مزيد من المناخ لتنوع المحاصيل الزراعية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في هذا القطاع، مع التركيز على تأهيل وتدريب عمالة ماهرة، والاستعداد لمواجهة التغيرات المناخية، والتوسع في الزراعات المنظمة، مع زيادة التركيز على معايير وجودة الصناعة، والاهتمام بالمزارعين ودعمهم، وهو ما سينتج عنه محاصيل متميزة تُلبي احتياجات السوق المحلي وتفتح أسواقًا تصديرية جديدة في الدول المختلفة.

طباعة شارك للغرف التجارية الجانب المصري الأسواق

مقالات مشابهة

  • مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس تعرض الفيلم الوثائقي-الدرامي «جوهرة الصحراء» في عمّان
  • لدعم مربي الثروة الحيوانية.. بحوث الصحراء يطلق قوافل إرشادية وبيطرية بمنطقة المغرة
  • محاربو الصحراء يودّعون كأس العرب 2025: الإمارات تقضي على الجزائر والأردن يتأهل لنصف النهائي
  • رحلة علمية تتحول لكارثة مروعة.. تفاصيل حادث أطباء قنا
  • مصرع طبيبة وإصابة 3 آخرين في حادث انقلاب سيارة بطريق قنا خلال توجههم لمؤتمر طبي
  • نقابة أطباء قنا تنعي طبيبة لقيت مصرعها في حادث بطريق سفاجا
  • أمين شُعبة المُصدِّرين: شراكة مصرية هولندية جديدة في التصنيع الزراعي
  • نصف النهائي يا «الأبيض».. منتخبنا يسعى لترويض «محاربو الصحراء» في كأس العرب
  • صحة سفاجا تناقش تحديث دليل الوقاية من الأمراض المعدية بالمدارس
  • شعبة المُصدِّرين: شراكة «مصرية - هولندية» جديدة في التصنيع الزراعي