الجزيرة:
2025-06-29@17:25:03 GMT

قرية مصرية لا يسكنها أحد.. أم الحويطات مزارا سياحيا

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

قرية مصرية لا يسكنها أحد.. أم الحويطات مزارا سياحيا

في عمق الصحراء الشرقية وعلى بعد 27 كيلومترا من سفاجا (إحدى مدن محافظة البحر الأحمر بمصر) تقع قرية "أم الحويطات" أو كما يطلق عليها حاليا "قرية الأشباح".

وأكثر ما يميز هذه القرية هو الهدوء الغريب الذي يخيم عليها بعد أن هجرها سكانها واضطرتهم الظروف لمغادرتها منذ نحو أكثر من عقدين من الزمان، تاركين وراءهم بيوتا متهالكة تحكي جدرانها حكايات من عصر مضى، ويتوسط البيوت مسجد لا يزال صامدا كما هو بمئذنته التي تقف متحدية زحف الصحراء.

تاريخ القرية

أثناء الاحتلال البريطاني لمصر، وتحديدا عام 1902 بدأت أعمال بحث مكثفة بالقرب من سفاجا، بهدف العثور على المواد الخام، وتمكن الجيولوجيون الأجانب بقيادة المهندس "آندي" من تحديد نسبة ضخمة من الفوسفات، وهو معدن مهم لصناعة الأسمدة.

وأدرك "آندي" الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، خاصة مع قربها من البحر. وعهدت إليه القوات البريطانية مهمة تأسيس أهم قرية تعدينية في مصر، وتم إنشاء خط سكة حديد يربط بين "أم الحويطات" وميناء سفاجا لنقل المواد الخام ثم شحنها إلى إنجلترا.

وجلب هذا المهندس الكثير من العمال من مناطق متفرقة في مصر للعمل بالمناجم، حتى عاش بالقرية في أوج ازدهارها حوالي 16 ألف شخص، وهيأ لهم حياة متكاملة تضمن استمرار استخراج المعدن، بداية من نقل مياه الشرب وتوزيع حصص تموينية تكفي احتياجاتهم الشهرية من الدقيق والبقوليات والزيت واللحوم وغيرها من المواد الغذائية والكيروسين "الجاز" لإنارة اللمبات ليلا، وحتى إنشاء المدارس لتعليم أبناء القرية ومستشفى صغير لعلاجهم، وكذلك بناء المساجد للصلاة.

إعلان

وبعد 23 في يوليو/تموز 1952 وانتهاء الاحتلال البريطاني، أصبحت "أم الحويطات" تحت القيادة المصرية ويتولى مسؤولية التنفيذ شركة فوسفات سفاجا، واستمر العمل بالمناجم إلى أن أُغلقت الشركة وتم إيقاف العمل بها في تسعينيات القرن العشرين، الأمر الذي لم يترك لسكان القرية خيارا سوى البحث عن سبل العيش في أماكن أخرى أو العودة لمسقط رأسهم، وبعضهم حصل على وحدات سكنية في "أم الحويطات" الجديدة مكافأة لعملهم في المناجم سنوات طويلة.

ولم يكن لأحد أن يسمع عن "أم الحويطات" المجهولة والمهجورة، وكانت ستظل مجرد ذكرى في قلوب أهلها فقط، لولا أنها تحولت إلى مزار سياحي قبل بضع سنوات وأصبحت تجذب رحلات السفاري ومحبي سياحة المغامرات.

علاء يوسف (اسم مستعار) أحد مواليد القرية، ولد عام 1978 وعاش بها حتى المرحلة الثانوية من دراسته، ويحكي للجزيرة نت كيف كانت القرية مقسمة بشكل منظم، حيث تم تخصيص مساحة لمنازل العمال وأسرهم بالقرب من المناجم لتسهيل الوصول إلى العمل، بينما منازل الموظفين في مدخل القرية بالقرب من المدارس والمستشفى، في حين تم بناء "فيلا" المهندس آندي في أعلى الجبل بحيث تطل على القرية بأكملها.

ويواصل: كانت القرية تدب فيها كل مظاهر الحياة، عمال يذهبون للعمل في المناجم كل صباح، وتلاميذ يترددون على المدرسة للتعلم، ومسجد يجمع المصلين وتتردد صدى دعواتهم بين جدرانه، وأطفال يلعبون في الساحات.

ويتذكر علاء كيف كان الأهالي يهتمون بتعليم أبنائهم حتى لا يلقوا نفس مصيرهم ويعملون في مهام المناجم الشاقة، وكيف كان ناظر المدرسة ويدعى "سيف الدين إبراهيم" يمر كل يوم بعد صلاة العصر مع عدد من المدرسين على بيوت الأهالي لمتابعة مذاكرة أبنائهم ومساعدتهم في أداء واجباتهم، وأن هذا ساعد القرية في أن يخرج منها عدد من العلماء والأساتذة البارزين، أمثال الباحث المصري والأستاذ الجامعي بجامعة كوينز في إنجلترا، وأحمد إبراهيم وكذلك الدكتور عبد المنعم الخطيب أستاذ الجراحة بجامعة أسيوط، وغيرهم.

إعلان

ويحكي علاء وقد أخذه الحنين إلى أيام طفولته قائلا "التكافل والحب كانا عنوان الحياة في أم الحويطات، فقد نشأنا ونحن نسمع من أهلنا مقولة: الضيف ضيف البلد كلها". وكانت جميع البيوت مفتوحة لأي شخص، فالفرح واحد والحزن واحد، وساعد على ذلك الطبيعة الجغرافية للمكان وعزلته في الصحراء.

وتوالت ذكريات "أم الحويطات" أمام عينيه عندما كان وأصدقاؤه يلعبون الكرة في ساحة القرية ويتجمعون لمشاهدة التلفاز حتى الساعة العاشرة حيث موعد قطع التيار الكهربي عن القرية.

"أم الحويطات" بشكلها الحالي بعد أن أصبحت خالية تماما من السكان (الجزيرة) إحياء "أم الحويطات"

ومن ناحيته، يقول حسن العبودي أحد مواليد القرية -للجزيرة نت- إن عام 1996 كان فارقا في تاريخ "أم الحويطات" إذ إنه بالإضافة إلى توقف العمل بالمناجم، شهدت القرية سيولا مدمرة وصل ارتفاعها عدة أمتار وتأثرت البنية التحتية للقرية، مما دفع ما تبقى من الأهالي إلى الرحيل حتى أصبحت القرية مهجورة تماما عام 1998.

ويوضح العبودي أن "أم الحويطات" تعد نقطة جذب للمستكشفين والجيولوجيين، ولموقعها المثالي بين الطبيعة تجذب كذلك صانعي الأفلام الوثائقية وصناع الأفلام السينمائية والمسلسلات.

ويضيف أن "أم الحويطات" باقية في ذاكرة وقلوب كل من عاش فيها، ومع ذلك قد لا يفضل أحد من الأبناء والأحفاد الموجودين حاليا العودة إليها، إذ لا يتوفر بها مصدر للرزق سوى العمل بالمناجم التي تسببت في مشاكل صحية للكثير من العمال جراء الأبخرة السامة وظروف التعدين الخطرة، ويتابع "أنا مثلا أعيش في مدينة سفاجا بالقرب من البحر وجميع الخدمات، فلماذا أذهب للعيش بقلب الصحراء في مكان مغلق محاط بالجبال من جميع الجهات".

ويشيد العبودي بمشروع محمود الدندراوي أحد أبناء القرية، إذ أنشأ بموافقة الجهات المسؤولة محطة سفاري على الطريق المؤدي إلى أم الحويطات، وذلك لتنظيم رحلات للسياح وتعريفهم بتاريخ القرية التعديني، كذلك توفر هذه الجولات مجموعة من الأنشطة، بما في ذلك مشاهدة غروب الشمس وشروقها، والقيام بجولة سياحية في الشوارع المليئة بالرمال بين المنازل المتهالكة وزيارة المناجم المهجورة والأنفاق والكهوف.

إعلان

ولم ينس المواطن أن يضيف أن القصص المتداولة عن الأصوات المخيفة والظلال التي لا يمكن تفسيرها، أو الحديث عن خطوات تتردد بالغرف الفارغة أو سماع صوت الأذان مما يزيد من الإقبال على هذه الرحلات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أم الحویطات بالقرب من

إقرأ أيضاً:

مسح سيزمي.. مصر توسّع آفاق البحث عن البترول في الصحراء الشرقية والغربية

في خطوة جديدة نحو تعظيم موارد الطاقة وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وقّعت وزارة البترول والثروة المعدنية اتفاقيتين جديدتين لتعزيز عمليات البحث والاستكشاف عن البترول في مناطق جديدة واعدة بالصحراء الشرقية والغربية.

مسح سيزمي إقليمي في جنوب الصحراء الغربية

شهد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، توقيع اتفاقية تعاون بين شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول وشركة Ardiseis Egypt Branch، لتنفيذ مسح سيزمي ثنائي الأبعاد باستخدام تقنية النودز الأرضية.

ويغطي المشروع مساحة تصل إلى 103 آلاف كيلومتر مربع، تشمل منطقتي الحوض الترسيبي غرب أسيوط والحوض الترسيبي الداخلة، حيث يبلغ طول الخطوط المزمع تنفيذها نحو 5233 كيلومترًا.

ومن المنتظر أن تبدأ الأعمال التنفيذية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مما يمهد الطريق أمام استكشاف فرص واعدة في أحواض جيولوجية غير مستغلة، خاصة في صعيد مصر، كما يُعد المشروع خطوة لتعزيز التعاون الفني والاستثماري بين قطاعي البترول في مصر والسعودية.

اتفاقية التزام جديدة في جنوب وادي السهل

كما تم توقيع اتفاقية التزام جديدة للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة جنوب وادي السهل بالصحراء الشرقية، بين شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول وشركة لوك أويل أوفرسيز إيجيبت ليمتد الروسية.

وتتضمن الاتفاقية إجراء مسح سيزمي ثلاثي الأبعاد على مساحة تبلغ 200 كيلومتر مربع، إلى جانب حفر ستة آبار استكشافية خلال مراحل البحث، مما يعكس الجدية في استكشاف المنطقة.

وتُعد جنوب وادي السهل من المناطق الواعدة نظرًا لقربها من مناطق تنمية قائمة، إضافة إلى وجود شبكات إنتاج ومحطات معالجة قريبة، مما يعزز من فرص النجاح التجاري، ويُسهم بشكل مباشر في تأمين احتياجات السوق المحلي، ودفع عجلة جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة.

دعم استراتيجي لرؤية الدولة في مجال الطاقة

تأتي هذه الخطوات في إطار خطة وزارة البترول لتعزيز استكشاف الثروات الطبيعية في مناطق جديدة، بما يُحقق أهداف الاستدامة الاقتصادية، ويُقلل من فاتورة استيراد الوقود، من خلال الاعتماد على إمكانيات مصر الجيولوجية، خاصة في المناطق التي لم تُستغل بشكل كافٍ بعد.

مقالات مشابهة

  • وفاة شخص وإصابة اثنين في حادث انقلاب سيارة بطريق سفاجا – القصير
  • محافظ الشرقية يُفاجئ مجمع خدمات قرية بردين ومركز صحة الأسرة
  • مصرع 3 أشخاص وإصابة 6 آخرين فى حادثين متفرقين بطرق البحر الأحمر
  • مصرع شخصين وإصابة 4 آخرين في حادث بين سيارتين بطريق «سفاجا - قنا»
  • مصرع شخصين وإصابة أربعة آخرين في تصادم مروع بين سيارتين بطريق سفاجا - قنا
  • فاجعة في قرية مصرية بعد مصرع 18 فتاة بحادث سير / شاهد
  • فاجعة في قرية مصرية بعد مصرع 18 فتاة بحادث سير
  • مصطفى الروبي يكتب.. مصر تنتعش اقتصاديا بتأسيس الشركات فى المناطق الاقتصادية
  • مسح سيزمي.. مصر توسّع آفاق البحث عن البترول في الصحراء الشرقية والغربية
  • إحصاء أزيد من 580 مشروعا سياحيا قيد الإنجاز