صنعاء تضع “تل أبيب” تحت ضغط لا يُحتمل: “فلسطين2” يصنع زلزالا أمنيا في عمق العدو
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
يمانيون../
واصلت القوات المسلحة، رفع مستوى ضغط المرحلة الخامسة من العمليات المساندة لغزة إلى مستويات قصوى غير مسبوقة، في إطار تصعيد سريع صنع حالة صدمة ويأس كبيرة داخل كيان العدوّ، حيثُ شملت سلسلة الضربات التي لم تتوقف من مساء الأربعاء هجومًا إضافياً على يافا المحتلة (تل أبيب) وهذه المرة مع توثيق دقيق للإصابة الدقيقة وللفشل الذريع للمنظومات الدفاعية “الإسرائيلية” واعترافات رسمية بذلك الفشل وبالعجز عن التعامل مع الجبهة اليمنية؛ الأمر الذي يعكس نجاحاً في إجبار العدوّ على التعاطي مع السياق الرئيسي للتصعيد والمتمثل في الضغط لإجبار الاحتلال على وقف جرائمه في غزة واللجوء إلى صفقة تبادل الأسرى، وهي الدعوة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية إلى اليمن مؤخراً.
الضربة الجديدة التي أعلن عنها متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع صباح السبت، ضربت “هدفاً عسكريًّا للعدوِّ الإسرائيليِّ في منطقةِ يافا المحتلةِ وذلك بصاروخٍ باليستيٍّ فرط صوتيٍّ نوع فلسطين2” وقد أكّد سريع أن “الصاروخ أصاب هدفَه بدقةٍ ولم تنجحِ الدفاعاتُ والمنظوماتُ الاعتراضية في التصدي له” وهو ما صدّقت عليه مقاطع الفيديو التي بثتها وسائل إعلام العدوّ الصهيوني ومستوطنوه، والتي وثقت من عدة زوايا وبوضوح شديد عبور الصاروخ بسرعة فائقة إلى هدفه، متجاوزاً محاولات الاعتراض، التي أكّدت وسائل إعلام عبرية أنها شملت مختلف المنظومات “الإسرائيلية” بما في ذلك منظومة (السهم) التي يسميها العدوّ (حيتس) بعيدة المدى والتي يبلغ قيمة الصاروخ الواحد منها أكثر من 3 ملايين دولار، بالإضافة طبعاً إلى المنظومات متعددة الطبقات التي يعتمد عليها العدوّ خارج الأراضي المحتلة، على امتداد عدة دول عربية وعلى طول البحر الأحمر، ومنها منظومات حاملة الطائرات الأمريكية الجديدة (هاري ترومان).
المشاهد الواضحة التي وثقت فشل محاولات الاعتراض ووصول الصاروخ بسرعة مدهشة إلى هدفه لم تترك مساحة أمام جيش العدوّ لاختلاق أي عناوين تضليله كعنوان “الاعتراض الجزئي” ودفعته للاعتراض الصريح بالفشل، حتى أن إذاعة جيش العدوّ نفسها نشرت مشهداً لما حدث وعلقت: “هذا توثيق للمحاولات الفاشلة لاعتراض صاروخ الحوثيين الليلة، حيثُ اتّجه صاروخان اعتراضيان نحو الصاروخ وفشلا في التصدي له ودمرا نفسيهما على ما يبدو في الهواء، وبعد ذلك مباشرة، سقط الصاروخ في يافا”.
وفي التفاصيل أوضحت إذاعة جيش العدوّ أن “التحقيق الأولي أظهر إطلاق 3 صواريخ اعتراضية من منظومتين دفاعيتين وفشلت في الاعتراض” مشيرة إلى أنه “في البداية أطلق صاروخ من منظومة (السهم) الدفاعية خارج الغلاف الجوي وفشل، ثم أطلقت القبة الحديدية صاروخين اعتراضيين إضافيين وفشلا أيضاً”.
ويبدو أن الفشل لم يكن فقط في الاعتراض الصاروخي، بل شمل أيضاً الإنذار المبكر الذي تعتمد عليه ما تسمى “الجبهة الداخلية” للعدو كإجراء أمني أساسي، حيثُ نقل موقع “واي نت” التابع لصحيفة “يديعوت أحرنوت” عن مستوطنة صهيونية تقيم بالقرب من موقع وصول الصاروخ قولها: “إن الانفجار وقع قبل انطلاق صافرات الإنذار، ولم أتمكن من الوصول إلى الملجأ، لقد اهتز المنزل وتحطمت النوافذ، وكان الأمر مرعبًا ومخيفًا”.
وقال مستوطن آخر: “استيقظت لأخرج قطتي وفجأة حدث انفجار قوي، لو لم أقم، لتحطمت كل الزجاجات على السرير، القطة أنقذت حياتي، ولو لم تكن موجودة كنت سأصاب بالتأكيد” مضيفا: “لم نسمع الإنذار على الإطلاق، كان ضعيفًا جدًّا”.
إلى جانب الفشل الموثق والمشهود لمحاولات الاعتراض، والذي أكّد بما لا يدع مجالاً للشك امتلاك الصاروخ اليمني (فلسطين2) تقنيات متطورة قادرة على تجاوز الطبقات الدفاعية للعدو بشكل متكرر، فقد أفادت وسائل إعلام العدو بإصابة حوالي 30 مستوطناً جراء الهجوم، وهو ما يضع مستوطني العدوّ بشكل غير مسبوق أمام الواقع الجديد المرعب المتمثل في انهيار “الأمن” المعتمد على حزمة الإجراءات الوقائية المتمثلة في منظومات الرصد والاعتراض وتفعيل الإنذارات المبكرة، وهو واقع برزت ملامحه بوضوح مع أول ضربات التصعيد اليمني الأخير نهاية الأسبوع المنصرم؛ الأمر الذي يمثل زلزالاً مفاجئاً وسريعاً، لأن تضليلات العدوّ كانت قد حاولت أن تبقي مسألة التهديد اليمني في مكان أدنى من هذا المستوى إعلامياً.
وقد سلطت صحيفة “يديعوت أحرنوت” بعض الضوء على هذا الزلزال المفاجئ، حيثُ قالت إن “حالات فشل الاعتراض المسجلة هذا الأسبوع كشفت عن خرق خطير في طبقات مختلفة من الدفاع الجوي”.
ولكن تأثير هذا الزلزال لا يقتصر على المستوطنين فقط، بل على كيان العدوّ بأكمله؛ فانهيار الدفاعات بشكل متكرر أمام الصواريخ اليمنية يعني أن “إسرائيل” تواجه اليوم ما يمكن أن يقال عنه جبهة استراتيجية جديدة لا يمكن احتمال استمرارها بالنظر إلى حساسية العمق الذي تصل إليه هذه الصواريخ، وبالنظر إلى أن العقيدة القتالية الرئيسية للعدو تستند في جزء كبير منها على هذه الدفاعات، وهذا ما يمثل أكثر من مجرد “خرق” أمني خطير، بل يعتبر زلزالاً استراتيجياً واسع التأثير، ويتركز تأثيره الأكبر على القرار السياسي والأمني المتعلق بالحرب الجارية في غزة، بالنظر إلى أن الوسيلة الوحيدة المضمونة أمام العدوّ الآن لوقف التصعيد اليمني المفاجئ والمربك هي الاستجابة للشرط المعلن المتمثل بوقف الإبادة الجماعية ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني؛ لأنَّ محاولة “تحمل” تصعيد بهذه الكثافة والخطورة يمثل مغامرة هائلة الكلفة ومخاطرة بانهيار أمني واقتصادي واستراتيجي كبير.
هذا أيضاً ما أكدته وسائل إعلام العدوّ التي جدّدت التعبير عن اليأس من جدوى البحث عن أي طرق أخرى للتعامل مع التهديد اليمني، حيثً نشرت صحيفة “معاريف” العبرية تقريراً اعتبرت فيه أن الضربة الصاروخية الأخيرة “أثبتت أكثر من أي شيء آخر أن إسرائيل لا تعرف كيف تواجه اليمن” مضيفة أن “إسرائيل لم تكن مستعدة استخباراتياً وسياسياً لمواجهة تهديد الحوثيين من اليمن، ولم تضع خطة حقيقية ضدهم”.
ووفقاً للصحيفة فإنه “يجب النظر إلى الواقع بعيون مفتوحة والقول بصوت عالٍ إن إسرائيل غير قادرة على التعامل مع تحدي الحوثيين من اليمن، وإنها فشلت وتأخرت كثيراً في مواجهتهم، وهي تجرّ أقدامها بضعف في استجابتها لهذا التهديد” مؤكداً أن هذا الفشل يشمل “الجوانب الدفاعية والهجومية”.
وذكّرت الصحيفة بأن اليمن “يتسبب منذ أكثر من عام بأضرار جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي بشكل خاص” مشيرة إلى أنه “منذ بداية الحرب، أطلق الحوثيون على إسرائيل 201 صاروخ وأكثر من 170 طائرة مسيّرة مفخخة”.
وأضافت أن “الجيش الإسرائيلي والمجتمع الاستخباري استيقظا متأخرين جدًّا للتهديد، والآن فقط يحاول الموساد وأمان جمع المعلومات هنا وهناك وبناء صورة استخبارية حول الحوثيين، ولهذا السبب كانت ضربات سلاح الجو على الحوثيين أشبه بعروض علاقات عامة مع قليل من الفعالية العسكرية الحقيقية التي تلحق ضررًا استراتيجيًا وتخلق توازن رعب أو نوعًا من الردع”.
وأكّدت الصحيفة أن “التحسينات في الصواريخ الباليستية [اليمنية] تجعلها تتغلب على صواريخ (حيتس) التابعة للصناعة الجوية الإسرائيلية، ومشروع الدفاع الجوي الإسرائيلي حصل أربع مرات متتالية على تقييم (فاشل) في اعتراض الصواريخ الباليستية بنجاح، ثلاث مرات من اليمن ومرة واحدة من لبنان”.
وأضافت: “نحن الأن نطبع مع إطلاق الحوثيين للصواريخ، ولكن هذه المرة، مع كلّ صاروخ، يركض مليونا مواطن، بعضهم من سكان (تل أبيب)، إلى الملاجئ، ومن المثير للاهتمام ما إذا كان هذا التطبيع سيكون قصير الأمد أم لا”.
وقالت إن “قصف خزان وقود أو بعض القاطرات القديمة في ميناء صغير باليمن يشبه قصف كثبان رملية في غزة أو مواقع كرتونية لحماس قرب ناحال عوز” في إشارة واضحة إلى انسداد أفق أية محاولة لردع اليمن من خلال القصف الجوي.
المسيرة – ضرار الطيب
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: وسائل إعلام أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
صحيفة: إغلاق مطار صنعاء يدفع اليمن إلى أزمة دواء قاتلة
أفادت صحيفة "العربي الجديد" أن استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي يدفع اليمن إلى أزمة دواء قاتلة.
وذكرت الصحيفة أن صنعاء ومدن يمنية عدة تعاني من نقص حاد في الأدوية، قد يلقي بتبعات كارثية بسبب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مطار صنعاء الدولي طوال الشهرين الماضين بعشرات الغارات، وأدت إلى تدمير جميع الطائرات التابعة للخطوط الجوية اليمنية.
وقالت إن توقفت الرحلات عبر مطار صنعاء الدولي، الذي كان يخدم كتلة سكانية كبيرة في اليمن تستخدم المطار للسفر بغرض العلاج بدرجة رئيسية عبر وجهة واحدة بين صنعاء ومطار الملكة علياء في عمّان.
وتتركز الأزمة الكبرى التي بدأت بالظهور في سوق الأدوية، حيث يلاحظ انخفاض حاد واختفاء لعديد الأصناف الدوائية المنقذة للحياة، والتي كان يتم توريدها عبر مطار صنعاء، إضافة إلى قفزة كبيرة في أسعار معظم الأصناف في الأسواق المحلية.
ونقلت الصحيفة عن مدير مطار صنعاء الدولي، خالد شايف، قوله إن إغلاق مطار صنعاء تسبب بكارثة إنسانية كبيرة، خاصة في القطاع الصحي والأدوية بالذات المتعلقة بالأمراض المستعصية التي لا يمكن نقلها عبر المنافذ الأخرى لأنها تحتاج إلى تغليف وتبريد ونقل سريع، مشيراً إلى أن إغلاق مطار صنعاء الدولي تسبب في عدم وصول هذه الأدوية.
ويقدر عدد هذه الأصناف الدوائية، التي بدأت الأسواق تعاني انخفاض المعروض منها ونفاده، بأكثر من 500 صنف، معظمها تحتاج لظروف خاصة جداً للنقل كالتبريد وسرعة التوصيل التي لا تتوفر إلا عبر مطار صنعاء، ومنها أدوية مشتقات الدم والأدوية الهرمونية والمناعية والأمصال ومخثرات الدم وأدوية الإنعاش والتخدير وبعض المحاليل المخبرية والتشخيصية.
ويوضح شايف أن تأثير إغلاق مطار صنعاء يشمل الحالات المرضية التي لا يمكن علاجها في الداخل لعدم توفر الأدوية والمحاليل والمعدات الطبية، مع تدهور القطاع الصحي بسبب الحصار، وهناك وفيات بحسب حديث شايف نتيجة لنقص الأدوية والعلاجات التي كان يتم جلبها عبر مطار صنعاء الدولي، إضافة إلى ضحايا ووفيات لمرضى بسبب عدم القدرة على سفرهم للعلاج في ظل إغلاق مطار صنعاء وعدم قدرتهم على التنقل للسفر من منافذ أخرى.
ويكشف شايف أن عدد المرضى الذين كانوا يسافرون للعلاج خارج اليمن عبر مطار صنعاء يصل إلى ثلاثة آلاف مريض شهرياً، إضافة إلى مستفيدين آخرين مثل الطلاب والتجار وغيرهم.
وكان العدو الإسرائيلي قد قصف مطار صنعاء الدولي مطلع مايو/ أيار الماضي، حيث أدى ذلك إلى تدمير مبنى المسافرين في مطار صنعاء الدولي بالكامل، بما في ذلك صالات المغادرة والوصول، إضافة إلى ثلاث طائرات تابعة للخطوط اليمنية كانت رابضة في مدرج المطار، قبل أن يعود ويقصف الطائرة الرابعة بعد وصولها من رحلة مباشرة من مطار الملكة علياء الدولي في العاصمة الأردنية عمّان.
ويعتبر كثيرون أن استهداف مطار صنعاء وتعطيله وتعليق الرحلات جريمة بحق أكثر المرافق التي تستفيد منها شريحة واسعة من اليمنيين، إذ يخدم موقع مطار صنعاء الجغرافي أكثر من 11 محافظة يمنية، ويستفيد منه حوالي 80% من سكان اليمن.
كما نقلت "العربي الجديد" عن رئيس بنك الدواء إبراهيم الشعبي، قوله إن التأخير في جلب الأدوية يؤثر على الأسواق والمرضى والمحتاجين للأدوية بشكل مستمر، إذ أثر كثيراً إغلاق مطار صنعاء على أسواق الدواء وعلى مؤسسات وجمعيات خدمية مثل بنك الدواء، فالمريض الذي كان يستفيد من عشرة أصناف دوائية أصبح بالكاد يحصل على صنفين فقط، حيث يرجع ذلك لعدم توفر الأدوية والنقص الحاد في كثير من الأصناف.
وكانت الخطوط الجوية اليمنية تقوم منذ نحو ثلاثة أعوام بتشغيل رحلات أسبوعية عبر مطار صنعاء تقتصر على العاصمة الأردنية عمّان، فيما تزداد التعقيدات المتعلقة بتوسيع وجهات الخطوط الجوية اليمنية عبر مطار صنعاء. بالمقابل، ساهمت الحرب والصراع في تضخم فاتورة استيراد الأدوية في اليمن والتي تصل إلى نحو 100 مليار ريال سنوياً، تمثل الصناعة المحلية منها 20%، وهو مبلغ كبير كبد خزينة الدولة لصالح تجار ومهربين ومزورين تعج بهم أسواق الدواء في اليمن.
ويكشف تقرير سابق صادر في العام 2021، عن الهيئة العليا للأدوية في صنعاء عن اختفاء نحو 240 صنفاً معظمها علامات تجارية معروفة، ونفاد 362 اسماً تجارياً من مخازن وزارة الصحة العامة والسكان والسوق التجارية، حيث ساهمت إعادة تشغيل مطار صنعاء الدولي عقب اتفاق الهدنة في إبريل/ نيسان 2022، بتوفير جزء كبير من بعض هذه الأصناف التي بدأت بالتناقص والنفاد والاختفاء مع إغلاق المطار مرة أخرى.