د.حماد عبدالله يكتب: " بلطجة " التعليم الخاص !!
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
كان الهدف الأساسى من دخول القطاع الخاص فى الإستثمار فى مجال التعليم، هو المعاونة فى تنفيذ السياسات التعليمية طبقاَ لخطة الدولة وكانت المشاركة تعتمد على أن هذه المؤسسات التعليمية الخاصة، غير قاصدة للربح وبالتالى نالت هذه المؤسسات والشركات إستثناءًا فى القانون بأن لا تتحمل أية أنوع من الضرائب العامة أو النوعية على نشاطها، وكانت المدارس والمعاهد الخاصة فى عصور غير بعيدة أى فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات هى مقصد الطلاب ذوى القدرات المالية القادرة وفى نفس الوقت القدرات الفنية والعقلية الأقل كان ينظر للتلميذ الذى يقصد التعليم الخاص بأنه تلميذ (خائب ) لا يستطيع أن يجد له مكاناَ فى التعليم العام أو كما كان يسمى ( التعليم الميرى ) حيث كان التعليم فى مدارس الحكومة شىء تتباهى به الأسر المصرية، ولعل بعض أسماء المدراس التى نقف لها ونشير إليها بالبنان مثل الإبراهيمية والخديوية، والسعيدية، وكذلك مدرسة الفسطاط أو عمرو بن العاص، ومدرسة السنية للبنات، هذه المدارس كانت أسمائها وطلابها شىء مميز فى النشاط التعليمى المصرى، وتخّرج من هذه المدارس قادة ورواد مصر فى كل مناحى الحياة حتى فى الرياضة الأكثر شعبية ( كرة القدم ) كانت الخماسيات التى تجرى بين تلك المدارس لنيل كأس المدارس الثانوية أهم بكثير من كأس "مصر"، الذى لا نسمع عنه شيئاَ اليوم وسط أندية رياضية محترفة فى اللعب وفى نشاط كرة القدم، ومع ذلك كانت المدارس الخاصة المنافسة فى هذا العصر، لها أسمائها مثل "فيكتوريا كوليج"، ومثل ( دى لاسال ) ومثل ( السكركير ) ( والميريدديه ) " والفرانشيسكان " وغيرهم من مدارس محترمة، قام على إدارة هذه المدارس سواء عامة ( أميرى ) أو خاصة أسماء لامعة فى عالم التربية والتعليم وكان يقصد هذه المدارس الخاصة شباب وبنات من مصر والعالم العربى ولا ننسى أن بعض قادة الدول العربية هم خريجى هذه المدارس مثل الملك حسين بن طلال(ملك الأردن) ( رحمه الله عليه ) خريج فيكتوريا الإسكندرية وكان متزاملًا مع الفنان عمر الشريف هكذا كانت المدارس، نجوم لامعة فى عالمنا العربى، واليوم نسمع عن مدارس يتعارك فيها الملاك بالأسلحة البيضاء بل ويضرب الرصاص، شيء من الفزع يصيب الطلاب والسكان، أثر بلطجة أصحاب المدارس الجدد.
ولكن كيف بدأت هذه الأخلاقيات تغزوا مجال التعليم فى مصر ؟
هذا سؤال يجب توجيهه للقادة والسادة العاملين فى نشاط التعليم، لا يمكن أبداَ السكوت على هذا المستوى المتدنى من التربية والأخلاق، وكذلك من الجشع والإبتزاز، وعدم ملائمة الظروف التى تمر بها البلاد فى مجال التعليم ولعل عودة الدولة عن رفع الإستثناء فى الضرائب على هذه المدارس للقناعة لدى الإدارة والمشرعين فى بلادنا أن هذه الشركات والمؤسسات التعليمية الخاصة حادت عن أهداف إنشائها وبالتالى أصبحت مؤسسات تتاجر فى العقول وتربح دون حساب، وبالتالى هذه المظاهر التى تتناقلها وكالات الأنباء عن مستوى إحدى مدارسنا الخاصة التى كانت محترمة !! وما زلنا فى إنتظار الوزير المسئول عن التعليم، لكى يخرج من الكهف ليدلى ببيان حول هذه الوقائع، وما هى التدابير التى ستتخذها (الوزارة المحروسة) لعدم حدوثها مستقبلًا !!
وما هى خطة الوزارة المعنية بالتربية قبل التعليم، إذا جاز لنا أن نربى فقط الأخلاق ونحافظ عليها، بلا تعليم، بلا نيلة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: هذه المدارس
إقرأ أيضاً:
محمد دياب يكتب: غزة بين الإنهيار وتمرد الإحتلال
تجتاح العواصف قطاع غزة المنهك، فتغرق الأمطار خيام النازحين الذين لم يبقَ لهم من الحياة سوى ما تحميه الأقمشة الممزقة، بينما تواصل الطائرات الإسرائيلية ضرب كل ما بقي على قيد الحياة فوق الأرض المحاصرة الغارات تتصاعد حدّتها يومًا بعد يوم ويخرج قائد جيش الاحتلال «زامير» ليتبجح بأن «حدود إسرائيل الجديدة» أصبحت عند الخط الأصفر الذى يشطر غزة، فى تحدٍ سافر لكل الاتفاقات والقرارات الدولية التى اعتادت إسرائيل أن تتجاوزها بلا حساب.
وفى الوقت نفسه، تطلق المنظمات الدولية تحذيرات متصاعدة من كارثة إنسانية وشيكة تهدد سكان القطاع خمسون يومًا مرت منذ وقف إطلاق النار، ومع ذلك تصرّ إسرائيل على استمرار عملياتها العسكرية، وتمنع دخول المساعدات الضرورية، وكأنها تدير حربًا موازية هدفها تحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة، تمهيدًا لفرض مخطط التهجير القسرى الذى لم تعد تخفيه.
وبعد أن تسلمت كل أسراها أحياءً وأمواتًا، لم تجد إسرائيل حتى الذريعة الواهية التى ما دام احتمت بها؛ فلم يتبق لها سوى جثة واحدة تبحث عنها بالتنسيق مع الصليب الأحمر. لكنها تتجاهل فى الوقت ذاته أنها تحتجز ٧٥٠ جثة لشهداء فلسطينيين، وترفض إدخال المعدات اللازمة لانتشال نحو عشرة آلاف شهيد مازالوا تحت الأنقاض. ورغم وقف إطلاق النار، تضيف إسرائيل يوميًا وبدم بارد أعدادًا جديدة إلى قوائم الشهداء، فى استهانة كاملة بقرارات مجلس الأمن.
وتؤكد منظمات الأمم المتحدة أن التحرك العاجل أصبح ضرورة لمنع انهيار أكبر فى غزة، ولإجبار إسرائيل على فتح المعابر أمام آلاف الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والخيام والأغطية، المحتجزة عند الحدود بذريعة جثة واحدة. وإذا استمرت هذه الفوضى التى تمارسها إسرائيل دون ردع دولى، فالعالم كله سيدفع ثمن تقاعسه.
إن قرار إنهاء الحرب انتقل من خانة المقترحات إلى مستوى الالتزام الدولي عقب اعتماده في مجلس الأمن
وما تمارسه إسرائيل الآن هو تحدٍ جديد للشرعية الدولية، التى ستفقد جدواها إذا سمحت باستمرار هذا السلوك الهمجي.
فالفلسطينيون ليسوا وحدهم على حافة الانهيار… العالم كله أمام اختبار أخلاقى وإنسانى قد يحدد مصير المنطقة لعقود قادمة.