ترامب واختيار كاش باتيل: نظرة على تأثيرات مواقف "الدولة العميقة" في الحكومة الأمريكية
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
بينما يواصل الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تشكيل إدارته، أبدت وسائل الإعلام العالمية تحفظات على اختياراته، مشيرة إلى أن بعض أعضاء فريقه يعتبرون "غير مؤهلين".
واحدة من أبرز هذه الاختيارات كانت تعيين كاش باتيل لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، الذي وصفته مجلة Rolling Stone بأنه "أكثر الاختيارات رعبًا" في الإدارة الجديدة.
كاش باتيل يُعتبر أحد أبرز الأتباع المخلصين لترامب، حيث اشتهر بولائه غير المشروط للرئيس الأمريكي السابق، وخاصة في دعم نظريات إنكار نتائج انتخابات 2020.
باتيل، الذي شغل منصب نائب مساعد الرئيس في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، كان دائمًا ينتقد ما يعرف بـ "الدولة العميقة" في الحكومة الأمريكية.
وقد صرح علنًا بتعهداته بالتحقيق مع أعداء ترامب، من خلال ملاحقتهم قضائيًا سواء في الحكومة أو وسائل الإعلام.
"الدولة العميقة" والفساد الحكوميفي كتابه "عصابات الحكومة" (Government Gangsters)، الذي صدر في 2023، طرح باتيل رؤيته حول الفساد داخل الحكومة الأمريكية، مشيرًا إلى أن "الدولة العميقة" تعمل ضد مصالح الشعب الأمريكي.
يتناول الكتاب تجربته الشخصية في العمل الحكومي وفضح فساد مسؤولين كبار، بما في ذلك تعرضه للمماطلة في نشر الكتاب بسبب محاولات الحكومة إخفاء معلومات حساسة.
كما وصف باتيل كيف قامت وزارة الدفاع بمراجعة محتويات الكتاب، مشيرة إلى أن بعض الأجزاء قد تكشف عن معلومات سرية.
هذه الضغوط دفعته لرفع دعوى قضائية ضد الحكومة، لولا أنه فضل تجنب مزيد من التأخير.
النشأة والمبادئ الأساسيةباتيل، الذي ينحدر من أسرة هندية مهاجرة، تربى على مبادئ العدالة والمساواة، حيث كان يطمح في البداية لأن يصبح طبيبًا قبل أن يقرر تغيير مساره ودراسة القانون.
خلال فترة عمله كمحامي فيدرالي، تعرض للعديد من المواقف التي أظهرت له كيفية إساءة الحكومة الفيدرالية لاستخدام القوانين والإجراءات القانونية.
فضائح بنغازي والتحقيقات الانتقائيةمن أبرز الحوادث التي تناولها باتيل في كتابه كانت فضيحة هجوم بنغازي 2012، الذي أسفر عن مقتل أربعة أمريكيين، بينهم السفير كريستوفر ستيفنز.
يوضح باتيل كيف أن إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، ومعاونيه في وزارة الخارجية مثل هيلاري كلينتون، حاولوا التلاعب بالأدلة وتوجيه اللوم إلى عوامل خارجية لتغطية فشلهم في توفير الحماية المناسبة.
وفيما يخص التحقيقات الانتقائية في الولايات المتحدة، يلفت باتيل إلى أن وزارة العدل تجنب الكشف قضايا فساد تتعلق بعائلة بايدن، مثل تحقيقات هانتر بايدن، بهدف حماية مصالح الحزب الديمقراطي في الانتخابات.
ويرى أن هذا يمثل فسادًا في تطبيق العدالة، حيث يتم معاقبة الجمهوريين في حين يُعفى الديمقراطيون من المساءلة.
تداعيات مداهمة "مار إيه لاجو"في أغسطس 2022، تعرض منزل ترامب في "مار إيه لاجو" لمداهمة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو أمر وصفه باتيل بأنه كان مدفوعًا بدوافع سياسية.
ورغم أن الحكومة الأمريكية قالت إن المداهمة كانت بسبب وجود وثائق سرية، فإن باتيل يشير إلى أن ترامب كان قد تعاون بالفعل مع وزارة العدل قبل المداهمة.
ويعتبر أن هذه العملية كانت جزءًا من حملة لتشويه سمعة ترامب ومنع حركة "أمريكا أولًا" من استعادة السلطة.
إصلاح مكتب التحقيقات الفيدراليباتيل يدعو إلى إصلاح شامل لمكتب التحقيقات الفيدرالي، مطالبًا الكونغرس بمراقبة أنشطة المكتب وتقليص سلطاته، مؤكدًا أن يجب محاسبة المسؤولين الذين أساءوا استخدام سلطاتهم لأغراض سياسية.
ويرى أنه إذا تم استعادة الجمهوريين للبيت الأبيض، يجب عليهم طرد كبار المسؤولين في الـ FBI الذين تلاعبوا بالأدلة أو أساءوا استخدامها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ترامب كاش باتيل الدولة العميقة مكتب التحقيقات الفيدرالي السياسة الأمريكية الفساد الحكومي رولينغ ستون الانتخابات الأمريكية الحکومة الأمریکیة الدولة العمیقة إلى أن
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيله.. من هو سمير سيف صاحب البصمة العميقة بتاريخ الفن السابع
تحل علينا اليوم الثلاثاء التاسع من ديسمبر ، ذكرى رحيل المخرج الكبير الدكتور سمير سيف، أحد أبرز صناع السينما المصرية، وصاحب البصمة العميقة في تاريخ الفن السابع خلال الربع الأخير من القرن العشرين ، وبدايات القرن الحادي والعشرين، والذي جمع بين الموهبة المبكرة، والتكوين العلمي، والخبرة الممتدة، ليحفر اسمه كواحد من أهم مخرجي السينما وصانعَي أفلام الحركة والأكشن، إضافة إلى تميّزه ككاتب للقصة والسيناريو والحوار.
وُلِد سمير فخري سيف في 23 أكتوبر 1947 بشارع مسرة بحي شبرا بالقاهرة، لأسرة متوسطة جذورها من صعيد مصر بمحافظة أسيوط، حيث تلقّى تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس شبرا، وفي تلك المرحلة بدأت علاقته الأولى مع السينما عبر جده المحب للفن، الذي كان يصطحبه إلى دار سينما «شبرا بالاس»، فيما كان يزور أيضاً سينما «مسرة» مع أصدقاء طفولته، لتتشكل لديه البذرة الأولى لشغف أصبح مع الوقت مسار حياته.
وبعد حصوله على الثانوية العامة من مدرسة التوفيقية الثانوية، اتجه في البداية إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قبل أن يحسم قراره بسحب أوراقه والالتحاق بمعهد السينما، مدفوعاً بشغفه الذي طغى على كل تطلعاته.
واجتاز اختبارات القبول، وبدأ رحلة التكوين السينمائي، حاضراً عروض المراكز الثقافية الأجنبية، ومتابعاً كلاسيكيات السينما العالمية، إلى جانب علاقته المتينة بالمخرج حلمي حليم الذي اعتبره أستاذاً وموجّهاً.
وخلال دراسته، التحق مبكراً بالعمل، فعمل عـاملاً للكلاكيت مع شادي عبد السلام في «الفلاح الفصيح» و«المومياء»، كما عمل مساعداً ليوسف شاهين في «الناس والنيل»، قبل أن يحصل عام 1969 على بكالوريوس الإخراج بتقدير امتياز، ويُعيّن معيداً في المعهد العالي للسينما.
ونال د. سيف ، درجة الماجستير عام 1991 عن بحث «أفلام الحركة في السينما المصرية 1951 – 1975» بتقدير ممتاز، ثم الدكتوراة عام 1999 عن «الأسس الجمالية والحرفية لإخراج أفلام الحركة والأكشن» بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، والتي صدرت لاحقاً في كتاب عن هيئة قصور الثقافة.
وبدأ مشواره الفني ناقداً سينمائياً، قبل أن يعمل مساعداً لكبار المخرجين، من بينهم شادي عبد السلام، يوسف شاهين، حسن الإمام، كما شارك في جولات ودراسات بالجامعات والاستديوهات الأمريكية، وعمل مساعداً في تصوير مشاهد فيلم «مالكوم إكس» بالقاهرة عام 1992، وعمل خلال السنوات الأخيرة أستاذاً للإخراج في الجامعات الأجنبية بمصر، مكتفياً بالتدريس بعد مشوار طويل في الإخراج السينمائي.
وفي عام 1976 قدّم أول أفلامه الطويلة «دائرة الانتقام» بطولة نور الشريف، ثم توالت أعماله السينمائية التي جمعت بين النجاح الفني والجماهيري، من بينها «المشبوه»، «شمس الزناتي»، «النمر والأنثى»، «الهلفوت»، «آخر الرجال المحترمين»، «المولد»، «الراقصة والسياسي»، «الشيطانة التي أحبتني»، «احترس من الخط»، «غريب في بيتي»، «قطة على نار»، «إبليس في المدينة»، و«المتوحشة»، إلى جانب تأليفه لعدد من الأعمال البارزة مثل «المشبوه»، «عيش الغراب»، «المطارد»، «لهيب الانتقام».
وأسس شركة «بوب آرت» التي قدمت ثلاثة أفلام هي «شمس الزناتي»، و«الإرهابي»، و«عيش الغراب».
وفي الدراما التلفزيونية، قدم ما يقارب 12 مسلسلاً من أبرزها «البشاير»، «ألف ليلة وليلة: معروف الإسكافي»، «أوان الورد»، «الدم والنار»، «السندريلا»، «نسيم الروح»، «نور الصباح»، و«بالشمع الأحمر»، و«ابن موت». كما قدم عدداً من الأفلام الدينية المسيحية التي تُعد علامات بارزة، من بينها «القديس برسوم العريان»، «القديس مار مرقس الرسول»، «القديسة دميانة»، و«الأنبا شنودة رئيس المتوحدين».
أما آخر أعماله السينمائية فكان فيلم «أوغسطينوس: ابن دموعها» ذو الإنتاج التونسي الفرنسي، والذي شارك في مهرجانات دولية عديدة.
وقد تعاون المخرج الراحل مع نخبة من كبار نجوم السينما، بينهم نور الشريف، عادل إمام، سعاد حسني، أحمد زكي، محمود عبد العزيز، نبيلة عبيد، يسرا، ليلى علوي، إلهام شاهين، ومحمود مرسي، وكان للنجمين نور الشريف وعادل إمام النصيب الأكبر من أعماله، حيث شكّلا معه محطات أساسية في تاريخ السينما المصرية.
ابتعد سيف عن العمل خلال فترة انتشار «سينما المقاولات»، مفضلاً عدم تقديم تنازلات، ثم عاد بقوة عبر أفلام الحركة التي رأى أنها ضرورة افتقدتها السينما المصرية.
وشغل مواقع مهمة في لجان التحكيم، منها رئاسته للمهرجان القومي للسينما، وترؤسه لجنة تحكيم مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 1993، وعضويته في لجنة تحكيم مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية عام 2019، إلى جانب كونه مقرراً للجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، كما أخرج حفلي افتتاح وختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعدة دورات.
وعُرف المخرج الراحل بولعه العميق بفن المونتاج، الذي شكّل أحد أعمدة رؤيته الإخراجية، مستفيداً من علاقته المهنية بالأستاذ سعيد الشيخ، ومن تحليلاته الدقيقة للأفلام الأجنبية، خاصة أعمال المخرج الفرنسي جان بيير ميلفيل التي ألهمته فهم بناء أفلام الحركة وإيقاعها، ليصبح – كما وصف نفسه – "مخرجاً موجهاً بالمونتاج".
وإلى جانب إبداعه الفني، روى سيف في أحد نصوصه التي كتبها بنفسه مسيرته منذ تخرجه عام 1969، وعلاقته بأساتذته وزملائه، وتجربته في معايشة بدايات الموجة الجديدة في السينما العالمية، وكيف ساهم هذا كله في تكوينه كأحد أبرز مخرجي جيله.
ورحل د. سمير سيف تاركاً إرثاً فنياً ضخماً، يمتد عبر السينما والتلفزيون والمسرح والدراما الدينية، وإسهامات أكاديمية شكلت أجيالاً من المخرجين، ليبقى اسمه واحداً من أهم أعلام الإخراج في مصر والعالم العربي، وصاحب تجربة إنسانية وفنية فريدة ما تزال حاضرة بقوة في الذاكرة الثقافية.