هل من مصلحة تونس تخريب العلاقة بينها وبين سوريا؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
لا يزال بعض التونسيين يشككون في عملية التغيير الكبرى التي تجري حاليا في سوريا، ومنهم من يعتقد بأن مؤامرة حيكت من قبل جهات متعددة للتخلص من بشار الأسد ونظامه. وأحيانا تقرأ مقالات وتطلع على بيانات وتستمع لتعليقات تصيبك بالدوار، وتستغرب قدرة البعض على الإغراق في الخيال إلى درجة تجاوز حدود اللامعقول. ولو طلع عليهم حاكم سوريا السابق، وأعلمهم بصحة الكثير مما قيل عنه وعن نظامه، لما صدقوه، ولحاولوا أن يعيدوه إلى رشده.
إنها حالة غريبة تكاد لا تصدق، وما يخشى أن يستمر هذا التوجس والتشكيك والخطاب العدائي الذي يستعمله البعض، فتزداد العلاقة بين التونسيين والسوريين تعقيدا، وتطول الجفوة بين شعبين ربطتهما علاقات جيدة منذ فترة طويلة.
حالة غريبة تكاد لا تصدق، وما يخشى أن يستمر هذا التوجس والتشكيك والخطاب العدائي الذي يستعمله البعض، فتزداد العلاقة بين التونسيين والسوريين تعقيدا، وتطول الجفوة بين شعبين ربطتهما علاقات جيدة منذ فترة طويلة
لا يزال مقر السفارة السورية بتونس ينتظر تعيين سفير جديد ليخلف السفير الذي كلفه الأسد قبل بضعة أشهر. ورغم أن وزارة الخارجية التونسية صححت موقفها بعد انحيازها الكامل لصالح النظام المنهار، واتهمت المعارضة بالإرهاب، لم يطرأ في هذا الملف تطورات جديد، واكتفت الجهات الرسمية بمتابعة الشأن السوري من خلال تقارير السفارة التونسية في دمشق. وبدا واضحا أن تونس حاليا ليس لها خيوط تربطها بأطراف سورية يمكن الاعتماد عليها لحماية مصالحها في المستقبل.
ومن المتوقع أن يتم خلال الأيام القادمة تعيين سفير جديد سيكون بالتأكيد تابعا لهيئة تحرير الشام أو قريب منها، وستكون السلطات التونسية مضطرة حسب التقاليد للتعامل معه من أجل تحسين العلاقات الثنائية وحماية مصالح البلدين. عندها لن تكون الأيديولوجية أو الانتماء السابق لأحمد الشرع إلى تنظيم القاعدة عائقا، وإنما ستعمل رغبة الطرفين على طي صفحة الماضي، وتعهد كل منهما بعدم التدخل في شؤون الآخر. لهذا سيبقى العديد من أولئك الذين يعزفون على وتر "الإرهاب القادم" من سوريا ‘لى تونس في حالة تسلل، أو يضعون أنفسهم في تعارض مع سياسة الدولة ومصالح تونس.
ليس القصد من هذا السياق لجم الصحفيين والسياسيين، ومنعهم من التطرق للملف السوري، فذلك أمر مشين لا ينصح به، ولكن المطلوب هو التعامل مع الحالة السورية بدون أفكار مسبقة. فسوريا تمر بظروف صعبة، وبقدر ما فيها من مخاطر وتحديات، هناك أيضا مؤشرات إيجابية عديدة وفي غاية الأهمية. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر استقبال القائد العام للإدارة الجديدة فاروق الشرع، نائب الرئيس السابق بشار الأسد، ودعوته للمشاركة في الحوار الوطني، الذي سيحضره ممثلون عن مختلف مكونات الشعب السوري. والجميع يعرفون وزن فاروق الشرع، وأهمية مشاركته في الفترة الحساسة في لقاء سيحدد طبيعة المرحلة القادة من مستقبل سوريا.
وقد لقيت هذه المؤشرات استحسانا واسعا من قبل الكثيرين من داخل الشام ومن خارجه، فليس من المنطقي أن يتعمد بعض التونسيين رغم ذلك إلى حجب هذا الجانب المشرق من المشهد، ويواصلون الحديث عن الأوضاع السورية بنفس الأسلوب الشاذ والمحشو بكثير من الأخطاء والمغالطات. وبدل أن يراجع هؤلاء خطابهم السابق، يصرون على خلط الأوراق والمعلومات من أجل ضرب خصوم لهم في الداخل لا علاقة لهم بما يجري في دمشق.
سوريا تمر بظروف صعبة، وبقدر ما فيها من مخاطر وتحديات، هناك أيضا مؤشرات إيجابية عديدة وفي غاية الأهمية
فقصة التونسيين الذين باعوا أنفسهم لداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة، لا يمكن اعتمادها لفهم الصراع الدائر في تونس بين السلطة ومعارضيها، أو لتلغيم العلاقات التونسية السورية التي يجب الدفع بها نحو الانفتاح والتعاون.. فهذه الورقة أصبحت محروقة وفاقدة للمصداقية وغير مقنعة، إذ هناك متغيرات تثبت العكس تماما. فالعداء أصبح مستحكما بين هذه الجماعات وبين "هيئة تحرير الشام"، ولا يوجد مؤشر واحد يؤكد وجود خطة لدى القيادة السورية الحالية تهدف إلى الإضرار بتونس ومصالحها، هذه فكرة وهمية يجب طردها من الأذهان وعدم التأسيس عليها.
فاستقبال السفير السوري الجديد في الدوحة لممثل حركة النهضة يجب ألا يفهم بكونه عملا عدائيا ضد النظام التونسي، وإنما يمكن تفسيره بكونه انفتاح من قبل السلطة الجديدة في دمشق على مختلف الدول والحركات، خاصة تلك التي أيدت ما حدث ووصفته بالثورة المباركة مثلما فعل راشد الغنوشي في رسالة التهنئة، بل ذهب إلى أكثر من ذلك عندما تحدث عن أحمد الشرع باعتباره "القائد الصامد". لكن مع ذلك، لم يصدر بيان من شأنه أن يمس من تونس ومن أمنها القومي، إذ سبق لأحمد الشرع أن استقبل مسؤولا تركيا رفيع المستوى، وكان مصحوبا بشخصية من مصر محكوم عليها بالإعدام، ومع ذلك اكتفت القاهرة بتسجيل الحدث دون أن تجعل منه قضية لإحداث أزمة دبلوماسية مع السلطات السورية الجديدة، خاصة وقد سبق لأحمد الشرع أن قال في تصريح له إن الثورة السورية انتهت و"لن نسمح بتصديرها".
يجب بناء الثقة بين تونس وسوريا، دون أن يعني ذلك التخلي عن الحذر وعدم الانتباه لم قد يحدث في الطريق. يقول المثل التونسي "اقرأ سورة ياسين وأمسك بيدك حجرا "، فالشام بلد عزيز على قلوب التونسيين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسيين سوريا علاقات تحرير الشام سوريا تونس علاقات تحرير الشام مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
«لم أقل هذا من قبل».. سلوت يفتح ملف أزمة محمد صلاح في ليفربول
نشرت شبكة «ليفربول إيكو» الإنجليزية جزءًا جديدًا من حديث المدرب الهولندي آرني سلوت، خلال مؤتمره الصحفي، والذي تطرق فيه مجددًا إلى أزمة النجم المصري محمد صلاح، على خلفية تصريحاته القوية قبل أسبوع، والتي أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الرياضية.
موقف صلاح من مباراة برايتون
وكان سلوت قد أوضح في المؤتمر نفسه أنه يعتزم عقد جلسة حديث مع محمد صلاح قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن مشاركته في مواجهة برايتون، ضمن منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز. وأشارت تقارير صحفية لاحقًا إلى أن المدرب الهولندي استقر بالفعل على إعادة صلاح إلى قائمة ليفربول، بعد جلسة إيجابية بين الطرفين ساهمت في تهدئة الأجواء.
عدم الرضا عن الوضع الحالي
وفي الجزء الجديد من تصريحاته، أكد سلوت أنه غير راضٍ تمامًا عن الوضع الراهن، قائلًا: «العامل الأهم بالنسبة لي هو تقديم أفضل ما لدي للفريق والنادي. لم أقل هذا من قبل، لكنني بالتأكيد لست سعيدًا بهذا الوضع، ولا يمكنني الادعاء بأنني راضٍ عما نمر به حاليًا».
تقدير تاريخ محمد صلاح
وشدد مدرب ليفربول على القيمة الكبيرة التي يمثلها محمد صلاح للنادي، مضيفًا: «لقد فزنا بلقب الدوري معًا، وصلاح قدم الكثير لهذا النادي. من الأفضل دائمًا ألا يكون لاعب بحجمه في مثل هذا الموقف. أنا لا أستمتع بهذا الوضع على الإطلاق، لكن عليّ اختيار التشكيلة التي تخدم مصلحة الفريق والنادي من وجهة نظري».
تفادي أي فوضى قبل اللقاء
وأوضح سلوت أنه لا يؤيد استمرار الجدل، مشيرًا إلى أن أي توتر قد يضر بالفريق قبل مباراة برايتون، وقال: «لا أحب هذا الوضع ولا أستمتع به. إذا كان من الممكن تجنب أي فوضى، وكان ذلك في مصلحة الفريق، فسأفضل ذلك بالتأكيد، لأن استمرارها لا يخدم النادي».
القرارات الصعبة ومسؤولية المدرب
من جانبها، نقلت صحيفة «ديلي إكسبريس» الإنجليزية تصريحات أخرى لسلوت، تحدث فيها عن فلسفته في القيادة، موضحًا: «عندما قلت إنني لطيف ولكنني لست ضعيفًا، كنت أعني أنني لا أخشى اتخاذ القرارات الضرورية. اللاعبون قد يشعرون بالضعف، لكن ليس من الضروري إظهار القوة أو الصرامة إذا لم يخدم ذلك مصلحة الفريق».
كواليس التواصل مع صلاح
وعاد سلوت للحديث عن تواصله مع محمد صلاح، مؤكدًا أن النقاش بينهما لم يقتصر على فترة قصيرة، وقال: «أعلم جيدًا كم تحدثنا معًا، ليس فقط قبل مباريات بعينها، بل على مدار الأسابيع والأشهر الماضية. الحكم على كفاية هذا التواصل متروك للآخرين».
واختتم مدرب ليفربول تصريحاته بالتأكيد على أن جميع قراراته تصب في مصلحة النادي، مشددًا على أن الإفصاح عن مشاعره الشخصية لن يفيد الفريق في الوقت الحالي، وأن الأهم هو الحفاظ على استقرار المجموعة والتركيز على النتائج داخل الملعب