رقص «السماح» أم رقص «الثوَّار»؟
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
لا أحد يمكنه تجاهل التحولات الزلزالية الجارية في إقليم الشام، أو التقليل من آثارها وارتداداتها، أو حتى استبعاد مفاعيل نظرية «الدومينو» في الإقليم.
وفي الوقت نفسه، يتوجب التأكيد، على أنه لا أحد أيضاً، يستطيع أن يحبس الحاضر، أو يُجمِّد التاريخ أمام لحظة معينة من الزمان، مهما كانت قوة تلك اللحظة وجبروتها.في أحداث إقليم الشام، خُلِطت الأوراق بشكل معقد، وغابت حقائق كثيرة، وحضرت أسئلة شائكة، وأخرى بلا أجوبة مقنعة. ظلمات بعضها فوق بعض، تذكرنا ببعض دروس التاريخ وعبره، وبأحداث سبقت ما سُمي بالربيع العربي، وبخاصة درس إبادة مليون عراقي بأكذوبة، وكيف تناسلت «القاعدة» الجهادية، «دواعش» برايات ومسميات عديدة، وميليشيات للقتل، وتفتيت المجتمعات، وهدم أعمدة أوطان، وخراب بلدان، وفتنة طائفية، وتنفيذ أجندات «الفوضى الخنَّاقة»، وهدر طاقات وموارد، وقهر للعباد.
وكانت المحصلة: اهتزاز يقين الشعوب العربية في نفسها، وإرهاق الوجود العربي كله، واستفحال عوامل الإحباط والعجز، وضياع الرؤية المشتركة للمخاطر والتهديدات، وضعف الضوابط والروادع التي كانت تكفل القوة الذاتية العربية.
أمام سوريا اليوم، مسار طويل وشاق، فالحدث زلزالي بكل المقاييس، ويفتح الباب أمام الكثير من القوى والدول في الإقليم وخارجه، للانخراط بشكل أو بآخر، في المشهد السوري الجديد، المليء بالفراغات والفرص والتحديات، وسيحضرون لمصالحهم.
الفرح بسقوط النظام، والذي غمر البعض، وبخاصة خصوم الأسد، وما رافقه من تبجيل وتجميل لوجه وخطاب سادة اللحظة في دمشق، طغى على أسئلةِ مستقبل سوريا، بما فيها من أسئلةٍ تتعلق بنزع سلاحها، إثر تدمير آلة القتل الإسرائيلية لأكثر من ثمانين بالمئة من قدرات سوريا الدفاعية والعسكرية والعلمية، وتوسيع احتلالها لأراضٍ جديدة.
ليس سهلاً على أغلبية الدول العربية، الاقتناع بأن هذه التحولات لا تحمل مخاطر على مصير سوريا المستقبل، أو أنها لا تهيئ لعمليات قيصرية مؤلمة لتغيير خرائط جيوسياسية، أو أن الخطاب والسياسات، لقوى إسلاموية منظمة ومسلحة، قد تخلصت من مثالبها، وطموحاتها السلطوية، ودخلت حقبة غير «أفغانية» ومحسَّنة، وتبنَّى –قناعة– بشأن بناء الدولة على أسس المواطنة المتكافئة والمتساوية، واستبدلت عقل الثورة، بعقل الدولة الوطنية المدنية العادلة والجامعة.
كما إنه ليس سهلاً أيضاً على الجوار العربي الجغرافي لسوريا، في الأردن ولبنان والعراق وأهل فلسطين المحتلة، تجاهل مخاطر عودة التناحر والاقتتال الطائفي والعرقي في سوريا. إن بوابات القلق مفتوحة، ومثلما شكل بقاء الطغاة مأساة للبلاد والعباد، فإن زوال الطغاة يجلب فوضى ومآسيَ، ويُغري طوائف وأعراقاً بأحلام الفدرلة والمحاصصة، وقصة «دستور بريمر» الطوائفي والمحاصصاتي سيئ الذكر، ليس ببعيد، وتجربة ليبيا وتحولها إلى دولة هشة مقسمة ومتحاربة، لا تخفى على أحد.
في المشهد الراهن، تبدو تركيا، كرأس حربة للتغيير الذي حدث في سوريا، وصاحبة الكلمة العليا في الملف السوري، وأولوياتها في إقامة منطقة عازلة في سوريا، وتصفية طموحات الأكراد السوريين، بإقامة دولة لهم، في حين تترسخ أولوية أمريكا وأغلبية الغرب الأوروبي، في الدفع باتجاه أن لا يشكل النظام السوري الجديد، تهديداً لإسرائيل، فضلاً عن استمرار اشتعال «الفوضى الخلاقة»، بحجة دمقرطة الشرق الأوسط، وإعادة رسم خرائطه، ورفع شعارات لزجة ذات صلة بحماية الأقليات وحقوقها، وتمكين المرأة.
وفي المشهد أيضاً، تقف إسرائيل أمام فرصة غير مسبوقة لتغيير الميزان العسكري الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وتسعى لخلق مجال نفوذ جوهري على مناطق سورية (دروز – أكراد)، والمرابطة على مسار حدود مع سوريا مختلف عن ذلك المحدد في اتفاقية فض الاشتباك 1974.
وفي المشهد أيضاً، روسيا وإيران، وهما تغادران سوريا، بعد أن تأكدتا أن أكلاف الدفاع عن نظام الأسد، لم تعد مجدية سياسياً وعسكرياً ومالياً، وبخاصة مع حصيلة وتداعيات حربَيْ غزة ولبنان، وخيبة أمل كثيرين من لعبة «الصبر الاستراتيجي» الإيرانية، فضلاً عن استفحال خطة الغرب، بإطالة مدى استنزاف روسيا في الحرب الأوكرانية.
سوريا اليوم.. أمام لحظات مصيرية، ويرقب العالم الشعب السوري، وهو في غالبيته، شعب عاش طويلاً في حضن حضارة وثقافة متسامحة، تحترم التنوع والتعدد، نموذجه فارس الخوري، المسيحي البروتستانتي وأحد الآباء المؤسسين للدولة السورية، وفهمه لجوهر الإسلام قمة في الاعتدال، واحتضن على ترابه، لرمزية «قوة العقل» التي يجسدها مرقد العالم والفيلسوف (أبي نصر الفارابي) كما احتضن أيضاً رمزية «قوة الروح»، التي يجسدها مرقد ابن إشبيلية الأندلسية (محيي الدين بن عربي). وكلا المرقدين على مقربة من أبواب دمشق التاريخية.
هل ستنسى حلب ومنبج ودمشق وإدلب، وهي تنسج دستورها ونظامها الجديد، تراثها الثقافي الإنساني؟ هل ستنسى «رقص السماح»، من ألف عام وأكثر من التاريخ، رقصة الروح والجسد الجماعية، وما فيها من هوية وآدب وحشمة ورزانة وجمال وذوق رفيع...؟
الشعب العربي السوري.. بحاجة إلى إنهاء أزمنة الشقاء.. وتغليب لغة الحوار على لغة الانتقام.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات سقوط الأسد فی المشهد
إقرأ أيضاً:
"التعليم".. ضوابط لمعالجة أسئلة الاختبارات دون الإضرار بالطلاب
أكدت وزارة التعليم في دليل أنظمة وإجراءات الاختبارات على إدارات المدارس بضرورة توخي الدقة والحذر عند التعامل مع أي أخطاء تُكتشف في أسئلة الاختبارات، سواء أثناء تنفيذ الاختبار أو خلال مرحلة التصحيح، مشددة على أن تتم معالجتها بطريقة مهنية تحفظ حقوق الطلاب، دون أن يترتب عليها أي ضرر فردي أو جماعي أو تؤثر على نتائجهم النهائية، وذلك بما يتوافق مع الأنظمة والتعليمات المنظمة.
وأوضحت الوزارة أنه في حال اكتشاف خطأ في الأسئلة خلال سير الاختبار أو بعده أثناء التصحيح، وكان لهذا الخطأ تأثير على نتيجة الطالب، فإنه يجب على المدرسة اتخاذ الإجراء النظامي المناسب دون المساس بورقة الأسئلة، بحيث تبقى كما هي، ويتم تحرير محضر بذلك تتصرف بموجبه لجنة الاختبارات المدرسية.إجراءات معالجة الأخطاءوأشارت الوزارة إلى أن الإجراءات النظامية لمعالجة هذه الأخطاء تتضمن أحد أمرين: إما إعادة توزيع درجات السؤال الذي وقع فيه الخطأ على بقية الأسئلة في الاختبار، أو إعادة توزيع الدرجات بشكل متوازن في حال وجود نقص أو زيادة في عدد الأسئلة مقارنة بالنموذج المعتمد للإجابة.
أخبار متعلقة عبر 3 مراحل.. ”التعليم“ تكشف عن عقوبات متدرجة للغش تنتهي بالحرمانغرامة 20,000 ريال لمخالفي أنظمة الحج من حاملي تأشيرات الزيارةالداخلية: الترحيل والمنع 10 سنوات من دخول المملكة للمقيم مخالف أنظمة الحجأما في الحالات الأخرى الخارجة عن هذين الإجراءين، فتُمنح إدارة المدرسة صلاحية اتخاذ ما تراه مناسبًا بما يحقق مصلحة الطالب دون إخلال بمبدأ العدالة، مع أهمية توخي الدقة في اختيار الإجراء المناسب بحيث لا يُلحق أي ضرر بأي طالب.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } "التعليم".. ضوابط لمعالجة أسئلة الاختبارات دون الإضرار بالطلاب - أرشيفية
وفي سياق ضبط بيئة الاختبارات، شددت الوزارة على عدد من التعليمات التنظيمية التي يجب على الطلاب التقيد بها قبل دخول قاعة الاختبار، ومنها عدم حمل أي ورقة أو كتاب أو مذكرة إلى القاعة، باستثناء الأدوات الكتابية اللازمة للاختبار، والتي يجب أن تكون خالية تمامًا من أي معلومات مكتوبة كرموز أو معادلات أو غيرها. كما أكدت على كتابة اسم الطالب والإجابات باستخدام القلم الأزرق فقط، ويُستثنى من ذلك طلاب الصف الثالث الابتدائي الذين يُسمح لهم باستخدام القلم الرصاص، شريطة أن تكون الكتابة واضحة.الالتزام برقم الإجابة ومكان الجلوسودعت الوزارة الطلاب إلى الالتزام بكتابة رقم الإجابة مقابل رقم السؤال بشكل دقيق، وترك فاصل بين كل إجابة والتي تليها، كما نبهت إلى ضرورة عدم استخدام الطامس (المبيض) في ورقة الإجابة، وعدم كتابة أكثر من إجابة للسؤال الواحد، وتجنب الغش أو حتى محاولة الغش أو المساعدة فيه بأي وسيلة كانت، أو القيام بأي سلوك يخل بنظام قاعة الاختبار أو يخالف لوائح الاختبارات المعتمدة.
ومن التعليمات التي نص عليها الدليل أيضًا، ضرورة التزام الطالب بمكان جلوسه المحدد، وعدم الانتقال منه إلى أي مكان آخر دون الحصول على إذن مباشر من الملاحظ داخل القاعة. كما لا يُسمح لأي طالب بتسليم ورقة الإجابة قبل مضي نصف الوقت المحدد للاختبار، إلا في الحالات الصحية الطارئة، شريطة التأكد من وضع الطالب والحصول على موافقة مدير المدرسة.ضوابط التأخيروفيما يتعلق بالتأخير، أشار الدليل إلى أنه يُسمح للطالب المتأخر بدخول قاعة الاختبار إذا لم يتجاوز تأخره 15 دقيقة من بداية الوقت، على أن يتم أخذ تعهد خطي عليه بعدم تكرار التأخير.
أما في حال تكرار ذلك، فيُطبق بحقه ما ورد في قواعد السلوك والمواظبة، بما في ذلك حسم درجة من درجات المواظبة عن كل تأخير غير مبرر لا تقتنع به لجنة التحكم والضبط أو الإشراف والمتابعة في المدرسة. أما الطالب الذي يتجاوز تأخره نصف زمن الاختبار، فلا يُسمح له بالدخول مطلقًا، ويتم تحرير محضر رسمي بذلك.
وشددت الوزارة في تعليماتها على أنه لا يُسمح بالإجابة عن أي استفسار من الطلاب أثناء سير الاختبار إذا كان الاستفسار من شأنه أن يُفهم منه التلميح للإجابة. وفي حال وجود كلمات غير واضحة في الأسئلة، فيُسمح فقط لرئيس اللجنة بتوضيحها عند الضرورة القصوى، وذلك بعد التنسيق مع معلم المادة المعني.
وأكدت وزارة التعليم أن هذه الضوابط تأتي في إطار حرصها على ضمان سير الاختبارات النهائية في بيئة تعليمية منظمة وعادلة، تتيح لكل طالب وطالبة فرصة أداء الاختبار في ظروف تكافؤ الفرص، وتراعي مبدأ العدالة والشفافية، وتمنع أي تجاوز قد يؤثر على نتائج العملية التعليمية أو يُخل بمصداقية التقييم الأكاديمي للطلاب والطالبات.