حكايات الحرب.. نازحة بود مدني لـ «التغيير»: فقدنا أمل العودة إلى منازلنا بالخرطوم
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
بعد دخول الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني شهرها الخامس تواصلت معاناة النازحين القادمين من الخرطوم إلى مدينة ود مدني وسط السودان والذين وصل بعضهم حد اليأس من وجود حل يعيدهم إلى ديارهم.
ود مدني: التغيير _ عبد الله برير
ودفعت الحرب التي تدور رحاها في العاصمة السودانية الخرطوم آلاف السكان لمغادرة منازلهم، بحثاً عن الأمان ليستقر بعضهم في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة- وسط البلاد- في دور الإيواء المخصصة للنازحين.
وتحدثت لـ «التغيير» النازحه «سارة .أ» التي تسكن منطقه أم درمان حمد النيل و تخرجت من احدى الجامعات السودانيه ودرست إدارة الأعمال ولم تجد أي وظيفه في ولاية الجزيرة بعد نزوحها الى مدينه ود مدني.
وقصة «سارة» تتشابه مع كثير من قصص الذين دفعتهم حرب الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي، إلى ترك منازلهم وممتلكاتهم للنجاة بأرواحهم من القصف المدفعي والاشتباكات المستمرة حتى اليوم دون بارقة أمل في وقف القتال.
وتقول سارة إنها قدمت إلى ودمدني رفقة والدتها وشقيقها وشقيقتها وجميعهم أصغر منها عمراً كما أن أشقائها قد اكملوا دراستهم الجامعية.
وتابعت سارة: «قضينا شهراً هنا في مدرسة أركويت النسوية وقبل ذلك مكثنا شهرا آخر في ود مدني في بادئ الأمر حيث أقمنا مع بعض المعارف وجئنا رفقة أسرة أخرى ومن ثم جاء عدد من أقربائهم وتزايدت الأعداد و أحسسنا أننا ضايقناهم فقررنا مغادرة المنزل».
وتضيف سارة منبهة إلى أنهم وجدوا معاناه كبيره في البحث حيث قالت: «مررنا على المدارس جميعها حتى قابلنا مشرف مدرسة ود مدني النسوية، إحدى معارفنا كانت تبحث عن الإيجار ولكن وجدنا أن اسعار الإيجارات باهظة جداً لنتجه مُجبرين إلى خيار دور الإيواء».
قرب من الاشتباكاتوحول أوضاع الحرب في أم درمان قبل قدومها إلى ود مدني رفقة أسرتها كشفت سارة أن سكنهم في منطقة حمد النيل يقع بالقرب من سلاح المهندسين بمدينة أم درمان مشيرة إلى أنهم كانوا يجدون الرصاص في باحة المنزل.
تحكي سارة معاناتها قائلة: «كنا خائفين في بادئ الأمر وظننا أن الحرب ستنتهي بعد يوم أو يومين و تتوقف هذه الحرب اللعينه لكنها دخلت الشهر الخامس ولا يوجد بسيط أمل ولا بنسبة واحد في المئة ولم يتوصل طرفا النزاع سواء كان من جانب القوات المسلحة السودانية أو قوات الدعم السريع إلى اتفاق رغم أن جميع الدول أو غالبية الدول تدخلت وتوسطت من أجل حل هذه المشكلة» .
وتابعت: «على المستوى الشخصي وقع عليّ الضرر بسبب الوضع الحالي وعدم الاستقرار والإفتقاد إلى الراحه التي كانت توفرها منازلنا».
وزادت: «بيتنا تعرض للنهب ثلاثة مرات و فقدت وظيفتي مصدر داخلي الذي كنت اعيل به نفسي و اساهم به مع اسرتي وكذلك شقيقي وشقيقتي أصبحوا بلا عمل وبلا مصدر دخل».
وحول الاعاشة في أيام الحرب الأولى تقول سارة: «كانت هنالك بعض المواد الغذائية و الطعام الذي توفر في شهر رمضان وكذلك المرتبات كانت متوفرة ورويدا الرويدا بدأ مخزوننا من المال والسلع الإستراتيجية في التناقص أضف إلى ذلك تم قفل المحال التجارية التي تعرضت بدورها إلى النهب».
ومضت بالقول: «كنا نعاني من خطورة وصعوبة الحركة من أجل توفير احتياجاتنا اليوميةو الموت كان يحاصرنا من كل جانب نصحو وننام على أصوات الرصاص الذي لم يتوقف وتملكنا الهلع ولم نكن نخرج من المنزل نهائياً حتى في أيام الهدنة وخالي شقيق أمي كان يخرج بصعوبه لتأمين بعض الاحتياجات.
وكشفت سارة عن أن الايام الأخيرة لهم في أم درمان شهدت تمركز قوات من الدعم السريع أمام منازلهم مما اضطرهم للمغادرة. وقالت : «ذهبنا إلى منزل خالتي لمدة ثلاثه أيام مؤقتا ريثما تغادر هذه القوات و أخذنا معنا بعض المستلزمات و كانت لي بضاعة و أخذت منها حقيبة واحده فقط على أمل أن أعود و أحمل باقي البضاعة وعندما ذهبنا إلى منزل خالتي وجدنا أن قوات الدعم السريع ارتكزت أيضا أمام منزلهم مما أضطرنا للمكوث مع صديق شقيقي حتى قررنا أخيراً أن نأتي لمدينه ود مدني».
و أضافت: «لنا في عاصمة ولاية الجزيرة بعض الأقارب كما أننا اخترنا ود مدني لأن معظم النازحين جاؤا لولاية الجزيرة».
وكشفت سارة أنها في بادئ الأمر كانت متفائله بان تجد عملاً هنا وقالت: «قدمت لبعض الوظائف ولكنني لم أحظ بفرصة للعمل».
وحول الوضع في مركز الإيواء الحالي تقول سارة إن الأمور هنا ليست بالسيئة، ولكن نعاني من مياه الشرب التي نضطر إلى جلبها من مسافات بعيدة كما أن الحمامات متسخة.
الوسومدور إيواء نازحين ود مدني وسط السودان ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: نازحين ود مدني وسط السودان ولاية الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أستاذة قانون: ضربات ترامب على إيران كانت غير قانونية.. لهذه الأسباب
نفذت الولايات المتحدة ضربة عسكرية استهدفت منشآت نووية إيرانية دون الحصول على تفويض من الكونغرس أو مجلس الأمن الدولي، ما يسلط الضوء على الثغرات القانونية التي تسمح لرئيس أقوى دولة في العالم باستخدام القوة خارج الأطر الشرعية.
ففي غياب تهديد وشيك على الأراضي الأمريكية، جاءت الضربة خارج نطاق أي تفويض قانوني قائم، سواء داخليا أو دوليا.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لأستاذة القانون في كلية الحقوق بجامعة بيل، أونا هاثاواي، قالت فيه إن الجيش الأمريكي نفذ ضربة في وقت مبكر من صباح الأحد ضد ثلاث منشآت نووية إيرانية بناء على أوامر الرئيس ترامب. لم يكن يعلم بهذه الضربات مسبقا سوى القليل. لم يطلب ترامب موافقة مسبقة من الكونغرس أو مجلس الأمن الدولي، كما يقتضي القانون. وهكذا، كشفت الضربات غير القانونية عن الغياب الخطير لأي قيود قانونية فعالة - سواء محلية أو دولية - على قرار الرئيس الأمريكي باستخدام القوة المميتة في أي مكان في العالم.
أصبح من الغريب تقريبا الإشارة إلى أن الدستور يمنح الكونغرس، وليس الرئيس، سلطة إعلان الحرب. صحيح أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكنه ملزم بطلب إذن الكونغرس قبل بدء الحرب. ولا يغير قرار صلاحيات الحرب لعام 1973 هذا. سُنّ هذا التشريع ردا على حملة القصف السرية التي شنّها الرئيس ريتشارد نيكسون في كمبوديا، ويهدف إلى منع الرئيس من شنّ حروب غير مشروعة من خلال إلزامه قانونا بطلب موافقة الكونغرس قبل إشراك القوات المسلحة الأمريكية "في أعمال عدائية أو في مواقف تشير فيها الظروف بوضوح إلى تورط وشيك في أعمال عدائية". الحالة الوحيدة التي لا يُطلب فيها من الرئيس طلب موافقة الكونغرس المسبقة هي عندما تتعرض الولايات المتحدة لهجوم، ويتعيّن عليه التصرف بسرعة لحماية البلاد.
لم يكن هذا صحيحا عندما تعلق الأمر بإيران. بل على العكس تماما. في خطاب ألقاه بعد الهجمات، أشار ترامب إلى أن إيران كانت تُوجّه تهديدات ضد الولايات المتحدة منذ "40 عاما". لا شيء في ما قاله هو أو وزير الدفاع بيت هيغسيث لاحقا يشير إلى تهديد مُلحّ لأمريكا منع الرئيس من طلب موافقة الكونغرس قبل إطلاق العنان للقوة القاتلة التي قد تُثير ردا انتقاميا ضد الولايات المتحدة والقوات الأمريكية في المنطقة. (وبالفعل، يبدو أن هذا الرد الانتقامي قد وقع للتو، حيث أطلقت إيران صواريخ على قاعدة أمريكية في قطر). كما لا يمكن دمج هذه الضربات ضمن تفويضات الكونغرس الحالية لاستخدام القوة - إحداها في عام 2001 ضد المسؤولين عن هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، والأخرى في عام 2002 ضد العراق في عهد صدام حسين. وهكذا، ادّعى الرئيس لنفسه السلطة التي يمنحها الدستور صراحة للكونغرس.
وكما أن الرئيس ملزم قانونا بطلب إذن من الكونغرس قبل شن حرب، فإنه ملزم أيضا بطلب إذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. في أعقاب الحرب العالمية الثانية، صممت الولايات المتحدة ودافعت عن نظام عالمي يخضع فيه استخدام أي دولة للسلطة القسرية ضد دولة أخرى لضوابط جماعية. ينص ميثاق الأمم المتحدة على أن الدول الموقعة يجب أن "تمتنع في علاقاتها الدولية عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة".
هذا الحظر على اللجوء الأحادي إلى القوة هو المبدأ الأساسي للنظام القانوني لما بعد الحرب. لا يجوز لدولة صادقت على ميثاق الأمم المتحدة أن تلجأ إلى استخدام القوة ضد دولة أخرى إلا إذا صوّت مجلس الأمن على تفويض الحرب - أو عندما تكون الدولة موضوع "هجوم مسلح". نعم، يُعدّ شرط الحصول على دعم مجلس الأمن عقبة، ولكنه عقبة أمام روسيا والصين بقدر ما هو عقبة أمام الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فإن شرط السعي للحصول على تفويض مجلس الأمن قبل استخدام القوة يمنح الولايات المتحدة سلطة استثنائية: فالولايات المتحدة تشغل أحد المقاعد الخمسة الدائمة في مجلس الأمن، وتمتلك حق النقض (الفيتو) على أي قرار يجيز استخدام القوة. وبينما لا يوجد نظام قانوني مثالي - وهذا النظام ليس استثناء، كما تُظهر الصراعات العالمية اليوم - فقد ساعد ميثاق الأمم المتحدة مع ذلك في إنتاج أكثر العصور سلما وازدهارا شهدها العالم على الإطلاق.
لقد تبنى دونالد ترامب الآن بشكل كامل ما يسمى بمبدأ بوش، وهو موقف في السياسة الخارجية ينص على أن الولايات المتحدة يمكنها استخدام القوة استباقيا ضد أي تهديد محتمل - سواء لنفسها أو للآخرين. كان هذا هو الأساس القانوني الرئيسي لحرب العراق الكارثية عام 2003، والتي تم رفعها باعتبارها ضرورية لمنع استخدام أسلحة الدمار الشامل - وهي أسلحة اتضح أنها لم تكن موجودة. وحتى في ذلك الوقت، تعامل الرئيس جورج بوش الإبن على الأقل مع مجلس الأمن وسعى وحصل على تفويض من الكونغرس قبل شن تلك الحرب.
وقد نأى معظم الرؤساء منذ ذلك الحين بأنفسهم عن مبدأ بوش. لكن رؤساء كلا الحزبين اعتمدوا على تفسيرات موسعة لحق الدفاع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة لاستخدام القوة في الشرق الأوسط ضد ما وصف بـ"الجماعات الإرهابية". كما اعتمدوا أيضا على تفسيرات موسعة لتفويض الكونغرس لعام 2001 باستخدام القوة العسكرية بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر. لقد تجاوز ترامب الآن هذه التفسيرات المُبالغ فيها، مُطلقا حربا تفتقر إلى أي سند قانوني محلي أو دولي معقول.
يبدو أن بعض مؤيدي الرئيس، مثل السيناتور ليندسي غراهام، غير مُبالين بالضربة الخارجة عن القانون، مُستنتجين أن "النظام الإيراني يستحق ذلك". هذه حجة خطيرة، مهما كان رأي المرء في جدوى الضربات. وبينما يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها، فإن هذا لا يمنحها - أو الولايات المتحدة - شيكا مفتوحا لمهاجمة إيران كما تشاء، بحسب تعبيرها.
إن غياب أي قيود قانونية فعّالة على الرئيس لا يُمثل مُشكلة لتوازن القوى والأمن القومي للولايات المتحدة فحسب، بل يُمثل الآن مُشكلة للعالم أجمع. إن الصعود الظاهري للاستبداد في الداخل يُعجّل بنوع من الاستبداد الدولي، حيث يُمكن للرئيس الأمريكي إطلاق العنان لأقوى جيش عرفه العالم على الإطلاق بمُجرد نزوة. في هذه الحالة، وبعد فشله في الفوز بـ"الصفقات" السهلة التي وعد بها، أظهر ترامب الآن أنه سيتخلى عن الدبلوماسية والتفاوض مُفضّلا القوة. قد تُشجع أفعاله الحكام المستبدين حول العالم على فعل الشيء نفسه، مُرسخة مثالا على الفوضى القادرة على إعادة تشكيل النظام القانوني العالمي، وتحويله من نظام يحكمه القانون إلى نظام تحكمه القوة.
يتطلب وقف هذا التحول تحركا - من جانب الدول الأخرى والكونغرس. يجب على الدول أن تتكاتف للتنديد بالإجراء الأمريكي غير القانوني، والدعوة إلى الدبلوماسية، لا القوة، لحل النزاع بين إيران وإسرائيل. على المدى البعيد، يجب على الدول إيجاد سبل للعمل معا لدعم القانون، وربما حتى التكاتف كمجموعة رسمية لتبني عقوبات جماعية ضد الولايات المتحدة إذا ثبت عزمها على انتهاكه مرة أخرى.
أدان العديد من أعضاء الكونغرس قرار ترامب غير القانوني باستخدام القوة. هذا لا يكفي. لقد حان الوقت منذ زمن لإصلاح طريقة اتخاذ الولايات المتحدة قرارات خوض الحرب. كبداية، يجب على الكونغرس أن يحظر فورا استخدام الأموال الفيدرالية لأي استخدام للقوة يتجاوز السلطة القانونية للرئيس. لفترة طويلة جدا، رضخ مشرّعونا للاستنزاف التدريجي لسلطتهم الدستورية. ويجب عليهم أن يتحركوا الآن لاستعادة تلك السلطة قبل أن تذهب إلى الأبد ويدفع العالم ثمن أخطائنا.