كارثة جبل أولياء.. هل دخلت السدود في الحرب بالسودان؟
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
الخرطوم- شرد فيضان مفاجئ للنيل الأبيض في غير موعده، بسبب إغلاق بوابات خزان جبل أولياء في جنوب الخرطوم، أكثر من 16 ألفا و500 أسرة (نحو 83 ألف شخص) في ولاية النيل الأبيض جنوب السودان، في حين تبادلت الحكومة وقوات الدعم السريع اتهامات بالمسؤولية عما حدث.
وينحدر النيل الأبيض من بحيرة فكتوريا في أوغندا ويلتقي مع النيل الأزرق المنحدر من بحيرة تانا الإثيوبية في الخرطوم، ويشكلان نهر النيل حيث يتجه شمالا نحو مصر ليصب في البحر المتوسط.
وتبلغ ذروة فترة الفيضان بالسودان في منتصف أغسطس/آب ويستمر أكثر من شهر.
خزان جبل أولياء سد حجري على نهر النيل الأبيض يقع على بعد 44 كيلومترا جنوب العاصمة الخرطوم، وأنشئ عام 1937، وظل تحت الإشراف الفني والإداري للحكومة المصرية، التي قامت ببنائه وفق اتفاقية بقبول قيام خزان سنار حتى تحفظ حقها في مياه النيل من دون أي تدخل من حكومة الحكم الثنائي التركي المصري أو الحكومات الوطنية بعد استقلال السودان.
وظل الخزان يمثل خط إمداد ثاني للمياه في مصر، إلى أن زالت أهميته لمصر بعد بناء السد العالي، وتم تسليمه إلى حكومة السودان عام 1977 للاستفادة منه في رفع منسوب المياه في المناطق أمام جسم السد وخلفه لري عدد من مشاريع الزراعية إلى جانب توليد الكهرباء.
ويبلغ طول الخزان 3 كيلومترات وعلوه 22 مترا، بارتفاع 381 مترا فوق سطح البحر، وهو مشيد بالحجارة الرملية بتقنيات قديمة تعود إلى القرن الـ19، وبالسد 50 بابا لتصريف المياه، 10 منها احتياطية وهي أبواب ميكانيكية قديمة.
إعلان
من المسؤول عن إغلاق بوابات الخزان؟
في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، سيطرت قوات الدعم السريع على منطقة جبل أولياء العسكرية التي توجد بها قاعدة جوية للجيش، كما سيطرت على الخزان الذي يوجد به جسر صغير يربط شرق النيل الأبيض بغربه.
وسادت مخاوف بعد سيطرة الدعم السريع على منطقة جبل أولياء بشأن إدارة الخزان من الناحية الفنية، في ظل غياب المهندسين المشغلين للسد وتأثيرات ذلك على مناسيب المياه واحتمالات أن يتسبب ذلك في كوارث بشرية وبيئية سواء في المناطق الواقعة شمال الخزان أو جنوبه.
وقالت السلطات المحلية في ولاية النيل الأبيض، يوم الاثنين، إن آلاف الأسر تضررت من فيضان في نهر النيل الأبيض بسبب إغلاق قوات الدعم السريع بوابات خزان جبل أولياء، مما أدى إلى ارتفاع مناسيب المياه.
وقال وزير البنية التحتية بالولاية الطيب محمد الحسن -في بيان- إن مناسيب النيل الأبيض تجاوزت كل معدلات مناسيب ارتفاع النيل في الأعوام السابقة، بعد إغلاق خزان جبل أولياء، مما أدى إلى غمر قرى بالمياه وتشريد أهلها.
وأشار إلى أن الوزارة أوفدت 4 فرق إلى مناطق الدويم وشبشبه وكرة والكوة وأبو شاتين والجزيرة أبا، علاوة على العباشية بكوستي والطويلة وقلي والفشاشوية، لتأهيل التروس الواقية وحمايتها.
وفي المقابل، اتهم الناطق باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي -في بيان- الجيش بشن 70 غارة جوية منذ سيطرة قواتهم على المنطقة العسكرية بجبل أولياء، إضافة إلى القصف المدفعي المتواصل بقصد تدمير الخزان.
وحمل الجيش المسؤولية الكاملة إزاء فيضان النيل الأبيض وغمره للمناطق والقرى الواقعة جنوب الخزان، مشيرا إلى استهداف الطاقم الفني العامل في الخزان من قبل الجيش وإجبارهم على مغادرة الموقع مما تسبب في مقتل 9 مهندسين وفنيين عاملين جراء القصف.
إعلان ما أكثر المناطق تضررا بالفيضانات؟وأدى ارتفاع مناسيب المياه في جنوب السد إلى انهيار السدود الترابية الممتدة أكثر من 200 كيلومتر لعدم صيانتها خلال العامين الأخيرين، مما تسبب في اكتساح المياه عدة قرى وانهيار مئات المنازل، حسب ناشطين ومتطوعين في قرى ولاية النيل الأبيض.
وقالت لجنة الطوارئ الإنسانية خلال اجتماعها، أمس الثلاثاء، برئاسة حاكم ولاية النيل الأبيض عمر الخليفة إن عدد المتضررين من الفيضانات أكثر من 16 ألفا و500 أسرة في حصر أولي، غالبيتهم في منطقة الجزيرة أبا بمحلية ربك.
وشملت المناطق المتضررة أبو شاتين وأبو هندي بمحلية القطينة وشبشة ووكرة والحي الأول وأم جر الغربية بمحلية الدويم.
وتحدثت الجزيرة نت مع متطوعين في ربك عاصمة ولاية النيل الأبيض، وأفادوا بأن الفيضانات اجتاحت مناطق بالقطينة والكوة والشوال وكوستى والدبيبات والمرابيع وود اللبيح وقرى شيكان، ولجأ المواطنون إلى استخدام القوارب لإنقاذ ممتلكاتهم.
ودعا ناشطون من قرى النيل الأبيض على مواقع التواصل الاجتماعي قوات الدعم السريع إلى السماح للمهندسين بالعودة إلى عملهم في الخزان لفتح البوابات المغلقة حتى تنساب المياه، وناشدوا المنظمات الإنسانية التدخل لإجلاء السكان المعرضين للخطر وتقديم مساعدات عاجلة للمتضررين الذين باتوا بلا مأوى، محذرين من تفشي الأمراض بسبب تدهور البيئة.
من جانبه، طالب وزير الطاقة السابق جادين علي بتمكين الفريق الفني المشغل لسد جبل أولياء من الوصول إلى السد بعد الاتفاق مع الجيش والدعم السريع لضبط البوابات بما يسمح بتصريف المياه، بالإضافة إلى إجراء صيانة كاملة للجسور الترابية التي جرفتها الماء.
يقول خبير المياه محمد عبد الرحيم إن زيادة كبيرة حدثت في المياه الواردة من بحيرة فكتوريا بأوغندا في النصف الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث كانت أكثر من ضعفي كمية المياه المعتادة في العام الماضي.
إعلانويوضح عبد الرحيم للجزيرة نت أنه في الماضي كان يتم التقليل من أثر الرياح الشمالية القوية من خلال تقوية الجسور، وهو ما لم يحدث في العامين الأخيرين.
كما أن عدم صيانة الجسور الترابية الواقية للقرى على ضفاف النيل الأبيض من الأسباب الرئيسية التي أدت للفيضان الحالي، وفاقم من الكارثة الحالية غياب المهندسين والفنيين المشغلين للسد، حسب الخبير.
وبرأيه فإن جريان النيل الأبيض مرتبط بالنيل الأزرق الذي زادت فيه كمية المياه لتوقف غالبية المشاريع التي تزرع بالري الانسيابي قبل مقرن النيلين (المكان الذي يقترن فيه النيل الأبيض بالنيل الأزرق) سواء في مشروع الجزيرة وامتداد المناقل أو مشروع الرهد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ولایة النیل الأبیض قوات الدعم السریع خزان جبل أولیاء أکثر من
إقرأ أيضاً:
طالبوا بإخضاعها لرقابة «التعليم».. مواطنون لـ العرب: متطلبات «العودة للمدارس» تثقل كاهل أولياء الأمور
مع اقتراب انطلاق العام الدراسي الجديد، يشعر أولياء الأمور بالقلق من تزايد الأعباء المالية المرتبطة بمستلزمات العودة إلى المدارس، خاصة أن الفاتورة لم تعد تقتصر على الرسوم الدراسية أو رسوم النقل، بل تمتد لتشمل قائمة طويلة من المتطلبات الإضافية التي تفرضها المدارس سواء في بداية العام أو خلاله، مثل المشاريع الصفية، والأنشطة الفنية، والعروض التقديمية، ما يجعل كثيرًا من الأسر في حالة ضغط مالي مستمر.
وأكد أولياء أمور في تصريحات لـ»العرب»، أن بعض هذه المتطلبات تتكرر بوتيرة متسارعة، وتتطلب أدوات أو مواد بأسعار مرتفعة، دون مراعاة حقيقية لاختلاف الظروف الاقتصادية بين الأسر، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مدى واقعية هذه الطلبات، ومدى خضوعها لرقابة تربوية أو تنظيم مالي من الجهات المختصة.
وشكوى أولياء الأمور تتمثل في غياب التدرج أو التوزيع المنطقي لهذه المستلزمات على العام الدراسي، لافتين إلى أن هناك ضغطا واضحا ومعتادا في الأسابيع الأولى من الدراسة، حيث تطلب كميات كبيرة من الأدوات دفعة واحدة، ما يربك خطط الأسر ويؤثر على قدرتها في إدارة ميزانيتها الشهرية.
وطالبوا في هذا الإطار وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بوضع ضوابط تنظيمية واضحة لضبط هذه المسألة، لافتين إلى ضرورة أن تواصل الوزارة التنسيق مع المدارس لضمان ترشيد الطلبات وتحديد الضروري منها فقط، بما يحقق التوازن بين توفير بيئة تعليمية محفزة من جهة، ومراعاة إمكانات الأسر من جهة أخرى، لضمان بداية دراسية سلسة للعام الدراسي تعزز من جودة التعليم دون أن تتحول إلى عبء اقتصادي متواصل.
خالد فخرو: خطة واضحة دون ضغوط مالية
أكد المواطن خالد أحمد فخرو أن كثيرا من الأسر تعاني من الضغط النفسي والمالي الناتج عن تكدّس متطلبات العودة إلى المدارس في فترة زمنية قصيرة، مشيرا إلى أن ثقافة الجاهزية الكاملة منذ اليوم الأول التي تفرضها بعض المدارس باتت مرهقة، ولا تتماشى مع طبيعة المراحل الدراسية المبكرة التي لا تحتاج للكثير من المستلزمات المطلوبة من المدارس.
وقال فخرو، إن الأسر تجد نفسها مضطرة إلى شراء كميات كبيرة من الأدوات والملابس والحقائب والقرطاسية دفعة واحدة، إلى جانب تجهيزات إضافية لمشاريع أو نشاطات تطلبها بعض المدارس في الأسبوع الأول، وكأن الطالب يبدأ العام الدراسي في سباق تجهيز لا تعليم.وأضاف «لسنا ضد التنظيم والاستعداد، لكن من المهم أن يتم توزيع المتطلبات على مراحل، وفق خطة واضحة، تتيح للأسرة الترتيب والاستجابة دون ضغوط مالية مفاجئة»، مشيرا إلى أن بعض المدارس تفتقر إلى سياسة واضحة في تحديد ما هي المتطلبات الأساسية وما هي المتطلبات الاختيارية، مما يؤدي إلى استنزاف غير مبرر للموارد المالية، خاصة إذا تكررت المشاريع الصفية دون تنسيق زمني.ودعا خالد فخرو إلى ضرورة قيام المدارس بمراجعة قوائم المتطلبات، وإعداد دليل رسمي لأولياء الأمور يوضح التواريخ، وأهمية كل بند، وما إذا كان متوفرا من المدرسة أم يتطلب شراء خارجيا.
روضة القبيسي: المبالغة مرفوضة.. والأولوية لما يفيد الطالب
أكدت المواطنة روضة القبيسي أن العودة إلى المدارس تمثل موسما يتطلب استعدادا ماليا دقيقا من قبل الأسر، مشيرة إلى أن العديد من العائلات تبدأ بالتحضير مبكرا، من خلال وضع ميزانية تشمل الزي المدرسي، والقرطاسية، والمستلزمات الأخرى، لضمان انطلاقة منظمة للعام الدراسي الجديد.وقالت روضة « إن التسوق المبكر والبحث عن العروض يمثلان عنصرا أساسيا في تخفيف الأعباء، لافتة إلى أن بعض الأسر تلجأ إلى فتح حسابات توفير مخصصة للنفقات التعليمية، أو تشجيع الأبناء على إعادة استخدام الأدوات من الأعوام السابقة.وفيما يتعلق بنظرة الأسر إلى هذه النفقات، أوضحت روضة أن الآراء تتباين، حيث يرى البعض أن متطلبات العودة تمثل عبئًا ماليًا، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية، بينما يعتبرها آخرون استثمارًا طويل الأمد في مستقبل الأبناء، وهو ما يبرر التضحية وتحمل التكاليف.كما انتقدت «المبالغة» في بعض متطلبات المدارس، مشيرة إلى أن بعض المؤسسات التعليمية تفرض أدوات غير ضرورية، كأجهزة إلكترونية ومواد فنية باهظة الثمن لا تستخدم فعليًا في العملية التعليمية، داعية إلى التواصل المستمر بين المدرسة وولي الأمر لتحديد الضروريات الفعلية.وطالبت روضة القبيسي وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بزيادة الشفافية في تحديد متطلبات العام الدراسي، وتقديم مبادرات مجتمعية أو دعم مادي للأسر ذات الدخل المحدود، مؤكدة أهمية أن تكون الأولوية في المدارس لما هو مفيد وضروري، بعيدًا عن المبالغات
ثامر الكعبي: الوفاء بالمستلزمات والمشاريع المدرسية عملية مرهقة
قال المواطن ثامر الكعبي إن متطلبات العودة إلى المدارس، والمستلزمات الدراسية التي يُطلب من الطلاب إحضارها بشكل مستمر على مدار العام، تحولت إلى عبء حقيقي يثقل كاهل أولياء الأمور، داعيا إلى تقنينها ومراعاة الظروف المعيشية المختلفة للأسر.
وأوضح الكعبي أن الموسم الدراسي لم يعد يبدأ بشراء زي مدرسي وقرطاسية، بل أصبح يتطلب تجهيزات متعددة تشمل أدوات فنية، وحقائب تعليمية خاصة، ومواد لمشاريع ومجسمات، تطلب من الطلاب بين الحين والآخر.
وقال: «كل فترة نفاجأ بطلبات جديدة من المدرسة، بعضها يمكن تجاوزه، لكنها تأتي بصيغة إلزامية، ما يضعنا تحت ضغط مستمر.
وأضاف: «نحن نؤمن بأهمية إشراك الطلاب في أنشطة ومشاريع تعليمية، لكن ينبغي أن تكون في حدود المعقول، وأن تخدم الهدف التربوي دون أن تُثقل الأسرة بمصاريف مستمرة وغير ضرورية».
وأضاف: «في بداية العام الدراسي، ينفق ولي الأمر مبالغ كبيرة لتجهيز أبنائه، من ملابس، وأحذية، وحقائب، ودفاتر، وأدوات هندسية. وبعد ذلك، لا يكاد يمر شهر إلا وتطلب أدوات إضافية لمشاريع أو عروض تقديمية أو أنشطة صفية، بعضها يتطلب مواد من خارج السوق المحلي أو تكلفة إضافية لا تتناسب مع ميزانية الأسرة».
وأشار إلى أن بعض المدارس لا تأخذ في الاعتبار التفاوت الاقتصادي بين الأسر، مطالبًا بأن تكون المشاريع المدرسية مبنية على الاستفادة من مواد بسيطة متاحة في المنازل أو يمكن توفيرها من المدرسة نفسها.
ودعا الكعبي وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي إلى النظر في هذه المسألة ووضع آلية تُلزم المدارس بعدم المبالغة في الطلبات، خاصة في المراحل الدراسية المبكرة، حيث يعتمد الطالب بالكامل على الأسرة.
جاسم المحمود: مطلوب إطار تنظيمي صارم
أعرب المواطن جاسم المحمود عن قلقه الشديد من الارتفاع المتواصل في تكاليف متطلبات المدارس الخاصة مع بداية كل عام أكاديمي، مؤكدا أن تلك المصاريف لم تعد تقتصر على رسوم التسجيل والدراسة، بل تمتد لتشمل الزي المدرسي والكتب والقرطاسية والنقل، فضلًا عن الأنشطة الإثرائية الإلزامية خلال العام، ما يثقل كاهل أولياء الأمور بشكل متزايد.
وقال المحمود، إن بعض المدارس الخاصة تفرض رسوما باهظة منذ أول يوم، دون وجود رقابة واضحة أو تحديد سقف لتلك الرسوم، مشيرا إلى أن بعض المدارس تطلب شراء الكتب والزي حصريًا من مزودين محددين، بأسعار أعلى من السوق، ما يثير تساؤلات حول ممارسات تجارية غير عادلة.
وأضاف: «لا خلاف على أهمية التعليم الجيد، وحرصنا كأولياء أمور على توفير بيئة تعليمية متميزة لأبنائنا، لكن الأمر تحول إلى عبء مالي مستمر يستنزف دخل الأسر، ويشكل ضغطًا نفسيًا واقتصاديًا كبيرا، خاصة مع ارتفاع كلفة المعيشة عموما».
وطالب المواطن جاسم المحمود وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بضرورة التدخل ووضع إطار تنظيمي صارم لضبط المتطلبات والمشاريع المدرسية، وضمان الشفافية في تسعير الخدمات والمواد التعليمية، مشددًا على أهمية وجود آلية شكاوى فعالة، تُمكن أولياء الأمور من إيصال صوتهم في حال تعرضهم لممارسات غير منصفة.
وختم بالقول: «نأمل أن تكون هناك رقابة دورية حقيقية، وإلزام المدارس بإعلان جميع الرسوم بشكل مسبق، بما يتيح للأسرة التخطيط السليم، ويضمن تحقيق مبدأ العدالة التعليمية لجميع الفئات».