العراق على حافة القلق: مخاوف من “إقليم سني” مدعوم من سوريا
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
26 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: في ظل الظروف الحالية التي يعيشها العراق، يظل الحذر هو السمة الغالبة في تعامل بغداد مع التهديدات المحتملة من القيادة السورية الجديدة.
ورغم التصريحات الرسمية التي تؤكد على عدم التدخل في شؤون سوريا الداخلية، إلا أن هناك قلقًا حقيقيًا من أن هذه التهديدات قد تتصاعد بشكل غير متوقع.
الحديث عن “التهديدات السورية” يأتي في إطار التجارب المريرة التي عاشها العراق خلال السنوات الماضية من جراء الإرهاب والتدخلات الإقليمية، حيث ظل الإرهاب أداة تستخدمها العديد من القوى في المنطقة لتحقيق أهدافها.
إن هذا السياق المعقد يضيف بعدًا آخر لفهم الخطاب السوري تجاه العراق الذي يبقى غامضًا حتى اليوم. القيادة السورية الحالية، التي تسيطر عليها مجموعات تعتبر متطرفة في بعض توجهاتها، قد تكون أحد العوامل المزعجة التي تدفع العراق إلى مزيد من الحذر.
وتزداد المخاوف في العراق من أن تغير النظام السوري قد يتسبب في تزايد التهديدات الإرهابية، خاصة إذا سعت سوريا لدعم قوى سياسية ذات توجهات متطرفة تهدد استقرار العراق.
في المقابل، تظهر المخاوف الطائفية بشكل جلي في بعض الأوساط العراقية، حيث تتزايد المخاوف الشيعية من إمكانية قيام “إقليم سني” مدعوم من سوريا. هذا الخوف يعكس القلق المستمر من أن تتحول العلاقة بين البلدين إلى نقطة توتر جديدة قد تؤثر سلبًا على الوحدة الوطنية في العراق وتفتح بابًا جديدًا لصراع طائفي في المنطقة.
وفي الوقت الذي يواجه فيه العراق تحديات داخلية متعددة، فإن أي تغيير في التوازنات الإقليمية قد يدفعه إلى إعادة تقييم مواقفه السياسية والعسكرية.
لا يمكن تجاهل أن جوهر أي تغيير في العلاقة بين العراق وسوريا لن يكون مجرد إجراءات شكلية أو تصريحات إعلامية، بل يجب أن يكون تغييرًا حقيقيًا يتواكب مع متطلبات الأمن الوطني العراقي.
في هذا الإطار، قد يضطر العراق إلى اتخاذ خطوات عسكرية إذا رصدت الحكومة العراقية تهديدات أمنية واضحة، خاصة إذا كانت تتعلق بتحركات قد تكون قادمة من الأراضي السورية أو إذا تأكدت صلات بين الجماعات الإرهابية في كلا البلدين.
إزاء هذه التهديدات، قد تجد بغداد نفسها مجبرة على التنسيق مع طهران بشأن مستقبل العلاقة مع دمشق.
وتنسيق قد يشمل العمل العسكري في بعض الحالات، وقد يتخذ شكل تفاهمات أمنية أو سياسية تهدف إلى كبح أي محاولات إقليمية لزعزعة استقرار العراق. وهو ما قد يعكس التوجه المستقبلي لعلاقات العراق مع سوريا في ظل التطورات الراهنة، وتحديدًا مع تواتر التحولات التي قد تطرأ على القيادة السورية في المستقبل.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
قمة بغداد: العراق.. من العزلة إلى الريادة
14 مايو، 2025
بغداد/المسلة: تواصل بغداد استعداداتها لاستقبال القمة العربية المقبلة وسط مؤشرات على تحولات نوعية في السياسة الإقليمية للعراق، حيث يستعيد موقعه في قلب القرار العربي بعد سنوات من العزلة والاضطراب.
واستبقت الحكومة العراقية القمة بإطلاق سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية الرفيعة مع العواصم العربية، مؤكدة رغبتها في تعميق الشراكات الاقتصادية وإعادة ترسيخ دورها كركيزة في استقرار المنطقة، مستفيدة من الأوضاع الأمنية المحسنة ونمو الثقة الدولية بقدرتها على تنظيم فعاليات بهذا المستوى.
واستندت الحكومة إلى تحسن ملحوظ في مؤشرات الأمن والاستثمار، إذ أعلنت وزارة التخطيط العراقية هذا العام عن تسجيل نمو بنسبة 4.2% في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية بنسبة 27% مقارنة بعام 2023، ما يعزز فرضية أن بغداد لم تعد ساحة صراع، بل منصة شراكة.
وارتكزت آمال صناع القرار العراقي على أن تكون القمة نقطة انطلاق جديدة لتكامل عربي اقتصادي، خاصة في مجالات الطاقة والنقل والزراعة، مع تزايد الحديث عن ممرات تجارية تربط الخليج بالبحر الأبيض عبر العراق وسوريا.
وتمحورت التحضيرات حول ضمان حضور واسع لقادة وزعماء الدول العربية، في مشهد يعيد إلى الأذهان قمة بغداد عام 2012، التي كانت حينها مؤشراً على خروج العراق جزئياً من نفق العزلة الدولية، رغم أجواء التوتر والشكوك التي سادت حينها.
واستحضرت الذاكرة السياسية أيضاً تجربة مصر في قمة شرم الشيخ 2015، حين استُخدمت المناسبة لحشد الدعم السياسي والاقتصادي، كما استُحضرت قمة بيروت 2002 التي أفرزت “مبادرة السلام العربية”، لتؤكد أن القمم العربية لا تُقاس فقط بنتائجها المباشرة بل برسائلها الرمزية أيضاً.
وأكد مراقبون أن المشهد في بغداد يعكس مرحلة جديدة من تموضع العراق في الإقليم، حيث تنتقل الدبلوماسية العراقية من الدفاع إلى المبادرة، ومن رد الفعل إلى بناء النفوذ، خاصة مع تراجع التأثير الخارجي المباشر في بعض مفاصل القرار العراقي، وهو ما تجلّى في تنويع التحالفات وزيارات متكررة للمسؤولين العراقيين إلى عواصم خليجية وعالمية.
وتداول ناشطون على منصة “إكس” صوراً من شوارع بغداد وهي تتهيأ لاستقبال القادة العرب، بينما كتب الصحافي العراقي سعد عواد: “القمة ليست بروتوكولاً، بل هي اختبار لوضوح نوايا العراق.. بغداد تعود من بوابة السياسة لا من مرافئ الحروب”.
واستشرفت وزارة الخارجية العراقية عبر بيان رسمي نُشر يوم 10 مايو 2025، أن القمة تمثل “إعادة رسم لخريطة التعاون العربي على أسس جديدة تأخذ في الاعتبار التحديات الاقتصادية والأمنية التي فرضتها السنوات العشر الماضية، وخصوصاً ما بعد جائحة كورونا وأزمة غزة وأوكرانيا”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts