المفتي: العقل هو ركيزة الفَهم الصحيح للإسلام وعصارة التفاعل بين الوحي والواقع
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
أكَّد الدكتور نظير محمد عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- خلال كلمة فضيلته في ندوة دَور العقل في فهم صحيح الدين بجامعة قناة السويس، أن العقل في الإسلام لا يُعد مجرد أداة تفكير، بل هو الركيزة الأساسية لفهم صحيح الدين، وأن التكامل بين العقل والوحي هو السبيل الأوحد لِفَهم جوهر الإسلام بعيدًا عن التعصُّب أو التحريف.
وبيَّن المفتي على أنَّ العقل هو مناط التكليف وسبب الثواب والعقاب في الشريعة الإسلامية، موضحًا أن القرآن الكريم قد أَولى العقل مكانةً سامية في أكثر من موضع، حيث قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 9]، مؤكِّدًا أن العلم والفهم الصحيح لا يتأتى إلا من خلال توظيف العقل في قراءة النصوص الدينية والتأمل في معانيها، وقد تناولت الآياتُ القرآنية العقلَ في العديد من المواضع تصريحًا وتلميحًا، حيث وردت دعوات متعددة للمسلمين للاستخدام الأمثل للعقل كأداة لفهم الوحي، وتحقيق الأهداف التي أرسل من أجلها، كقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، في دعوة صريحة لاستخدام العقل في التأمُّل والتدبُّر؛ مما يعزز دَور العقل في بناء الوعي الديني الصحيح.
وأوضح المفتي أنَّ العقل في الإسلام ليس مجرد أداة إدراك، بل هو الوسيلة التي يُمكن من خلالها أن يصل الإنسان إلى معرفة معاني الوحي، مؤكِّدًا أن العقل الذي لا يُنير بنور الوحي يصبح كالنور الذي غطته السحب، في إشارة إلى ضرورة أن يتكامل العقل مع الوحي لتحقيق الفهم الأسمى للدين.
وأشار المفتي إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مقاصد عظيمة، منها: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، حيث ترتبط هذه المقاصد بشكل وثيق بالعقل، فالعقل هو الذي يحمي الدين من التحريف، وهو الذي يحقق العدالة بين الناس، وهو الذي يحفظ كرامة الإنسان في الحياة الدنيا ويضمن له فلاحه في الآخرة. وأوضح أن العقل الذي يَعي تمامًا مقاصد الشريعة هو القادر على حماية هذه المقاصد وصيانتها.
وفي كلمته، أكَّد مفتي الجمهورية أن الإسلام دعا العقل البشري إلى التأمل في الكون وأسراره، فالله تعالى يقول في سورة الذاريات: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، مُبيِّنًا أن الإسلام لم يُنزل الوحي ليُقيد العقل أو يُحجمه، بل جاء ليُحفز العقل إلى البحث والاستفهام والتفكير في الحقائق الكبرى للوجود.
كما شدَّد فضيلته على أن العقل ينبغي أن يكون مرشدًا للمسلم في مواجهة التحديات المعاصرة، وهو الذي يمكنه أن يُوازن بين النصوص الشرعية ومتغيرات العصر، بما يضمن استمرار تطبيق الشريعة في سياقات معاصرة دون أن تبتعد عن جوهرها. وقال: العقل الذي يستند إلى الوحي هو الذي يستطيع أن يواكب تطورات الحياة، دون أن يتأثر بالتحريفات التي قد تحدث في فهم الدين.
وفي ختام الندوة، دعا فضيلةُ المفتي الحضورَ إلى ضرورة أن يتمتَّع العقل المسلم بالقدرة على التمييز بين الحق والباطل، مشيرًا إلى أن العقل الذي يُنير بنور الوحي هو الذي يبني الأمم ويعزز قيم الإنسانية، كما أكد أن العلماء والمفكرين في الأمة الإسلامية يجب أن يكونوا حراسًا على هذه الحقيقة.
تأتي هذه الندوة في إطار الجهود المثمرة لدار الإفتاء المصرية في الجامعات والمؤسسات التربوية لنشر الفهم الصحيح للدين وتعزيز الوعي الوسطي بين الشباب.
كان في استقبال فضيلته فورَ وصوله، سعادة الأستاذ الدكتور ناصر سعيد مندور، رئيس الجامعة، ولفيف كبير من السادة النواب، والأساتذة، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة. وفي لفتة تقدير وعرفان قدَّم رئيسُ الجامعة درعَ التكريم لفضيلة مفتي الجمهورية؛ تقديرًا لدَوره الرائد في نشر الوعي الديني الوسطي ودعم مسيرة البناء الفكري المستنير بين الشباب، مؤكدًا ضرورة استمرار التعاون بين جامعة قناة السويس ودار الإفتاء المصرية لعقد المزيد من الفعاليات التوعوية الهادفة.
وبعد الانتهاء من الندوة توجَّه فضيلةُ المفتي في إطار جهود فضيلته العلمية والدعوية لمناقشة رسالة ماجستير بمعهد الدراسات الأفروآسيوية بالجامعة حول "جهود الأزهر الشريف المجتمعية بين المصريين في فض المنازعات والخصومات الأهلية"، تناولت الدَّور الرائد للأزهر الشريف في معالجة قضايا المجتمع المصري، وجهوده في تسوية النزاعات والخصومات الأهلية، إلى جانب دَوره الريادي في نشر قِيَم التسامح وصحيح الدين، وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية مفتي العقل الإسلام مفتی الجمهوریة العقل الذی العقل فی أن العقل هو الذی الذی ی
إقرأ أيضاً:
إبراهيم المقبالي: برونزية منتخب الطائرة تأكيد لمسارنا الصحيح في اللعبة
كتب - وليد أمبوسعيدي
أشاد المهندس إبراهيم بن علي المقبالي، رئيس الاتحاد العُماني للكرة الطائرة ونائب رئيس اتحاد غرب آسيا، بالإنجاز الذي حققه المنتخب الوطني الأول للكرة الطائرة بعد تتويجه بالميدالية البرونزية في بطولة غرب آسيا للرجال، مؤكدًا أن هذا التتويج جاء ثمرة عمل متكامل، وخطة تطوير مدروسة بدأ الاتحاد في تنفيذها بخطى ثابتة، رغم التحديات التي تواجه المنتخبات الوطنية في ظل الفروقات الكبيرة في الإمكانيات بين المنتخبات الإقليمية، وقال المقبالي في تصريح له بعد المباراة: الفوز بالمركز الثالث في بطولة قوية بهذا الزخم الفني، وسط مشاركة منتخبات متطورة تمتلك خبرات طويلة واستقرارا فنيا عاليا، يُعد إنجازا مهما لنا، ويمنحنا دافعا كبيرا للاستمرار في مشروع بناء المنتخب الوطني، والمباراة الأخيرة أمام المنتخب السعودي كانت بمثابة اختبار حقيقي لقدرات لاعبينا، وقدموا فيها أداء قتاليا يعكس روح الفريق العالية والانضباط التكتيكي، واستطاعوا العودة من خسارة نصف النهائي بقوة، وهذا بحد ذاته تطور كبير يحسب للجهاز الفني واللاعبين. وأشار رئيس الاتحاد إلى أن ما تحقق في البطولة ليس وليد الصدفة، بل نتاج رؤية واضحة ارتكزت على الدمج بين عناصر الخبرة ومجموعة من اللاعبين الشباب.
وتحدث المقبالي عن المنتخبات التي تأهلت للمباراة النهائية، في إشارة إلى المنتخبين القطري والبحريني، مشيرا إلى أن كليهما يملكان منظومات فنية مستقرة وخبرة كبيرة، وقال: المنتخب القطري على وجه التحديد يعد من المنتخبات العالمية، ويستعد حاليا للمشاركة في بطولة العالم، لديهم استقرار فني منذ سنوات، ولاعبوهم محترفون بشكل كامل، يمارسون اللعبة كمهنة يومية، في المقابل، لاعبونا يعودون إلى وظائفهم ومهامهم الوظيفية بعد انتهاء كل معسكر، وهذه واحدة من أبرز الفروقات التي نطمح لتجاوزها مستقبلا، وأضاف: نأمل من الجهات المعنية أن تضع في الحسبان أهمية تفريغ اللاعبين، ولو جزئيا، خاصة في فترات التحضير والمشاركات الخارجية، هذا الأمر سيكون له أثر مباشر في تطوير مستوى الأداء، ويساعدنا على الوصول إلى المستويات التي بلغتها المنتخبات المتقدمة.
وفي جانب متصل، تحدث المقبالي عن مهامه كرئيس لجنة الاحتكام في البطولة، مشيرًا إلى أن البطولة شهدت مستوى عاليًا من الانضباط والتحكيم والوعي الإداري، وقال: هذه ليست المرة الأولى التي أتولى فيها رئاسة لجنة احتكام، وسبق أن ترأست لجنة مماثلة في بطولة الأندية، وخلال هذه النسخة لم نسجل أي احتجاجات مؤثرة أو اعتراضات تغير مجرى المباريات، وهذا يعكس وعي الطواقم الفنية والإدارية واللاعبين، ويعطي صورة مشرقة عن تطور الثقافة الرياضية والانضباط داخل البطولة. في نهاية حديثه، وجه المقبالي شكره وتقديره لوسائل الإعلام العُمانية كافة على تغطيتها المستمرة والداعمة للمنتخب الوطني، مؤكدًا أن الحضور الإعلامي في البطولة شكل حافزًا مهمًا للاعبين والإدارة على حد سواء، وقال: نشكر جميع الإعلاميين على مواكبتهم للمنتخب يومًا بيوم، كانوا شركاء في هذا الإنجاز، ووجودهم يمثل دعمًا مهمًا لكل عناصر المنتخب، ونتطلع إلى استمرار هذا الحضور في الاستحقاقات القادمة بإذن الله.
وكان منتخبنا الوطني الأول للكرة الطائرة قد نجح في حصد الميدالية البرونزية لبطولة غرب آسيا 2025، بعد فوزه المستحق على المنتخب السعودي بثلاثة أشواط مقابل شوط واحد، في مواجهة تحديد المركزين الثالث والرابع التي جمعتهما على صالة عيسى بن راشد بمدينة عيسى الرياضية بمملكة البحرين. وبهذا الانتصار، يضع أحمر الطائرة بصمته التاريخية في سجل البطولة، محققا أول ميدالية على مستوى المنتخبات في هذه البطولة الإقليمية المهمة، إلى جانب ارتقائه في التصنيف العالمي إلى المركز السبعين بعدما كان في المركز السادس والسبعين.
بينما توج المنتخب القطري بلقب النسخة الأولى من بطولة غرب آسيا للكرة الطائرة بعد فوزه المثير على نظيره البحريني الذي حل وصيفا وبنتيجة بثلاثة أشواط مقابل شوطين، في نهائي دراماتيكي.