مؤتمر الحوار السوري.. من سيشارك وما أجندته؟
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
دمشق– بعد عقود من حظر العمل السياسي للأحزاب والتجمعات المستقلة في سوريا من قبل نظام الأسد، وتفرّد حزب البعث بالسلطة، أفسح سقوط النظام المجال أمام الشعب السوري ليعبّر عن نفسه من خلال التجمعات والهيئات السياسية التي ستدعى لحوار وطني شامل في العاصمة دمشق، يهدف لرسم ملامح المرحلة الانتقالية وصولا إلى تشكيل حكومة منتخبة.
وتعتزم الإدارة السورية الجديدة إطلاق مؤتمر حوار وطني شامل موسّع في الأيام المقبلة بالعاصمة دمشق بهدف تشكيل مجلس استشاري يُمنح الصفة التشريعية ويصبح بمثابة الأمانة العامة التي تشرف على عمل الحكومة الجديدة.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال الناشط السياسي محمد راسم قنطار، وهو أحد منسقي مؤتمر الحوار الوطني بين الإدارة الجديدة والتكتلات السياسية المستقلة، إن الدولة السورية بعد سقوط النظام تعيش حالة فراغ دستوري، لذلك لا بد من خلق حالة تشريعية دستورية، ولذا، يطمح المؤتمر في تشكيل مجلس استشاري يقوم بالعمل التشريعي.
ووفق قنطار، سيعلن المؤتمر حل البرلمان السوري وإلغاء العمل بدستور عام 2012 الذي أقره النظام السابق بعد التعديلات التي حصلت عليه آنذاك، بالإضافة لإجراءات أخرى. وسيكون الهدف المركزي للمؤتمر تشكيل مجلس استشاري ذي صفة تشريعية يقوم بصياغة إعلان دستوري وإقراره، بالإضافة لمنح الثقة للإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
شكلت المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام السوري سابقا بيئة خصبة لنمو القوى السياسية من هيئات وتجمعات مثل "الهيئة السياسية" و"تجمّع سوريا الثورة"، ومنظمات وشخصيات مستقلة عاملة في المجال السياسي، بالإضافة لـ"الائتلاف الوطني" وقوى المعارضة التي كانت تعمل خارج البلاد.
إعلانوقال رئيس "الهيئة السياسية" السابق أحمد حسنات، التي نشطت بمناطق خارجة عن سيطرة النظام السابق، "بعد التصحّر السياسي الذي كنا نعيش به على مدى 54 عاما من الاستبداد والإجرام والرأي الواحد والحزب الواحد نتطلع الآن إلى انتعاش سياسي في سوريا، والبدء في إنشاء أحزاب سياسية وإعطاء صلاحيات للنقابات".
وأضاف حسنات للجزيرة نت أن الإدارة الجديدة لا تزال في المرحلة الأولى من بناء الدولة، ووصف الدعوة لعقد مؤتمر حوار وطني بخطوة في "الطريق الصحيح" تعطي انطباعا بأن هناك فرصة للحوار بين مختلف مكونات الشعب السوري وطوائفه.
ورجّح حسنات أن يشكل هذا المؤتمر فرصة لتوضيح شكل الدولة الجديدة التي ستنشأ بعد كتابة الدستور، وتطلع لأن تشارك كل الأجسام السياسية، التي كانت تعمل في المعارضة ولا تزال، في المؤتمر، لتكون سوريا القادمة مدنية ديمقراطية تضم كل مكونات الشعب السوري، ويتم فيها إعطاء الحرية للرأي والرأي الآخر.
من جهته، عبر عضو "تجمع سوريا الثورة" عبد الكريم الضاهر عن تطلعاته لأن "يقوم المسار السياسي القادم على ممارسة العمل السياسي بحرية وتعددية، وأن يلبي المؤتمر تطلعاتنا بعد الفراغ السياسي، ويعطي التشريع لعمل القيادة الحالية لفترة محدودة من أجل إعداد قانون انتخابي يتيح للسوريين انتخاب رئيس يمثلهم ودستور جديد يلبي حاجة جميع المكونات السورية".
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية تكليف حكومة الإنقاذ السورية التي كانت تدير منطقة إدلب المحررة برئاسة محمد البشير بتصريف الأعمال حتى مطلع مارس/آذار المقبل. وقامت بدورها باستلام الملفات والحقائب الوزارية من وزراء حكومة النظام السابق، لتهيئة الانتقال إلى حكومة تأخذ شرعيتها من مجلس استشاري ينبثق عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
إعلانوأوضح المنسق قنطار أن انتهاء عمل حكومة تصريف الأعمال في الأول من مارس/آذار القادم يؤكد أهمية تشكيل المجلس الاستشاري، الذي يجب أن يكون جاهزا قبل هذا التاريخ من أجل تسمية رئيس مجلس وزراء جديد يتسلم المهام من حكومة تصريف الأعمال، ويقوم بتسمية الوزراء في حكومته الجديدة.
وأكد أن هذه المرحلة انتقالية، وأن المجلس الاستشاري هو مجلس مؤقت، ولن ينوب عن البرلمان، لأن الأخير لا يمكن ملء مقاعده إلا بالانتخابات ومن خلال نزول السوريين إلى صناديق الاقتراع واختيار ممثليهم.
وكان القرار (2254) الصادر عن مجلس الأمن عام 2015، قد دعا لعملية انتقال سياسي في سوريا عبر التفاوض بين حكومة النظام المخلوع والمعارضة، لكنه أصبح غير ذي صلة لأن النظام الذي كان من المفترض أن يتم التفاوض معه قد سقط.
وفي هذا السياق، شدد قنطار على أن مؤتمر الحوار لن يكون وفق القرار (2254) الذي كان نظام الأسد أحد أطرافه، بل سيكون حوارا وطنيا يضم المجتمع السوري الآن بكل أطيافه.
هوية المشاركين
بدوره، قال علي سلطان للجزيرة نت، وهو أيضا منسق في مؤتمر الحوار الوطني، إن المشاركة ستكون من الشخصيات العاملة في المجال السياسي، بالإضافة للشخصيات الثورية والوطنية والوجهاء من المحافظات السورية وفنانين وكُتاب، وشخصيات أكاديمية ووجهاء وشيوخ عشائر.
وأما عن مشاركة "الائتلاف الوطني" في المؤتمر، فقد لفت سلطان إلى أنها ستكون من خلال أعضاء فيه بصفتهم الشخصية الوطنية السياسية وليس كممثلين عن الائتلاف، "لأن حضور الأخير اجتماع العقبة أعطى دلالة بأنه يريد الحصول على حصة في مفاصل الحكم في سوريا، واعتبر نفسه بذلك مكونا مستقلا، ولم يقدم نفسه بعد سقوط النظام كجزء من الحالة الوطنية، كما أنه لم يحضر إلى دمشق للآن".
ولقي البيان الختامي لاجتماع ضم الدول العربية المعنية بالملف السوري بمشاركة كل من تركيا والولايات المتحدة في العقبة جنوب الأردن ردود فعل مشكّكة من قبل شرائح سورية، لا سيما فيما يتعلق بدعوته لتوسيع مهمة الأمم المتحدة للإشراف على عملية الانتقال السياسي في سوريا على أساس القرار (2254).
إعلانكما أكد سلطان مشاركة شخصيات من النظام السوري من خارج منظومته العسكرية والأمنية، وتقتصر على مَن عمل في مجال الإدارة، بالإضافة إلى الشخصيات المعارضة التي كانت ولا تزال تعمل في مناطق سيطرة النظام.
وشدد المنسق في مؤتمر الحوار الوطني الشامل على أن الدعوة للطوائف وجّهت على أساس تمثيلها بشخصيات وطنية للمشاركة في بناء سوريا الجديدة.
ونوه إلى أنه سيكون للمرأة دور كبير ومشاركة بقوة من خلال حضور نساء سوريات وطنيات مثقفات تم توجيه الدعوة لهن للمساهمة في صناعة مستقبل سورية والمشاركة في ذلك.
وفي سياق الحراك السياسي الواسع الذي تشهده البلاد، عقدت مبادرة "مدنية"، التي تجمع ما يقارب 200 مؤسسة مدنية، مؤتمرا صحفيا بالعاصمة دمشق.
وقالت المديرة التنفيذية للمبادرة سوسن أبو زين الدين للجزيرة نت إن القوى المنضوية في "مدنية" تعمل على مناقشة القيم المشتركة التي تصيغ رؤية سوريا المستقبل كدولة ذات سيادة تتمتع بالاستقلالية وبوحدة أراضيها، وتقوم على أسس المواطنة والديمقراطية ودعم الحقوق والحريات، وتنبذ "التطرف والإرهاب" بكافة أشكاله من قبل كافة الجهات، وتتطلع لفتح العلاقات مع العالم دبلوماسيا واقتصاديا وسياسيا وثقافية.
وذكرت المسؤولة في "مدنية" أنهم في المبادرة تواصلوا مع السلطات الحالية في دمشق للعمل معهم كشركاء مدنيين في صياغة المستقبل السياسي للبلاد، "ونتطلع بأمل لتجاوبهم معنا بشكل فعال".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مؤتمر الحوار الوطنی مجلس استشاری التی کانت فی سوریا من خلال
إقرأ أيضاً:
مدحت الكمار: مصر تحركت بضمير العالم في مؤتمر حل الدولتين.. وصوتها أقوى من صمت النظام الدولي
أكد النائب مدحت الكمار، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن مشاركة مصر في مؤتمر "حل الدولتين" بمقر الأمم المتحدة، جاء امتدادًا لتحركاتها السياسية والإنسانية الراسخة دفاعًا عن الحقوق الفلسطينية المشروعة، ورسالة واضحة للعالم بأن القاهرة لن تصمت أمام حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقال الكمار، في تصريح صحفي له اليوم، إن كلمة وزير الخارجية والهجرة، الدكتور بدر عبد العاطي، عبّرت بوضوح عن الموقف المصري الصادق، ووصفت الكارثة الإنسانية في غزة بدقة غير مسبوقة، مؤكدًا أن مصر لا تزايد ولا تساوم، وإنما تتحرك بعقل الدولة وضمير الأمة.
وأضاف عضو صناعة البرلمان: "مصر كشفت في هذا المؤتمر عجز النظام الدولي، وصمته المريب، بل وتواطؤه أحيانًا تحت ستار المصالح، أمام جرائم حرب ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل في غزة، كلمات الوزير كانت صرخة مدوية في وجه هذا الصمت المخزي، خصوصًا حين وصف ما يحدث في القطاع بأنه كارثة لم يشهدها التاريخ الحديث."
وأشار مدحت الكمار، إلى أن أهمية المؤتمر لا تقتصر على جانبه الإنساني، بل تُعيد ملف "حل الدولتين" إلى الطاولة الدولية باعتباره الحل الواقعي والعادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيدًا بتأكيد الوزير المصري أن الاحتلال وتكريس واقع ديمغرافي جديد لن ينتج سوى مزيد من العنف والكراهية.
وأردف عضو مجلس النواب، أن الموقف المصري حمل إدانة قانونية وأخلاقية حقيقية للمجتمع الدولي، حين تم توصيف "صمت العالم" بأنه أشبه بصمت الأموات، في وقت تنتهك فيه القوانين الدولية والإنسانية بلا رادع.
وثمّن نائب القليوبية، استعداد مصر لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة فور وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس تحول الموقف السياسي المصري إلى تحرك عملي على الأرض، وتؤكد استمرار مصر في القيام بدورها التاريخي تجاه القضية الفلسطينية.
واختتم النائب مدحت الكمار حديثه:"مصر لا تنطق إلا بلسان الضمير العربي، وستظل تتحرك من منطلق مسؤوليتها التاريخية والإنسانية. وعلى العالم أن يدرك أن تجاهل حل الدولتين يعني استمرار الحرب، واستنزاف الاستقرار الإقليمي، وتقويض مصداقية النظام الدولي بأسره."