تواجه ولاية النيل الأبيض في السودان كارثة بيئية وإنسانية متفاقمة، حيث اجتاحت مياه فيضان النيل الأبيض مناطق واسعة، متسببة في أضرار جسيمة وتشريد آلاف السكان.

تبرز أبا من بين المناطق الأكثر تضررًا، المدينة التاريخية التي شهدت انطلاق الثورة المهدية، والتي أصبحت الآن مهددة بالغرق الكامل.

الأضرار والتهديدات

غمرت المياه أجزاء كبيرة من الجزيرة أبا، بما في ذلك أحياء مثل زغاوة والإنقاذ والمزاد، مما أدى إلى انهيار مئات المنازل وتشريد آلاف الأسر، كما تأثرت البنية التحتية بشكل كبير، حيث انهارت جسور واقية وتضررت الطرق، مما صعّب حركة التنقل وعمليات الإجلاء.

بالإضافة إلى ذلك، تهدد المياه محطة مياه الشرب الرئيسية التي تزود نحو 70 ألف مواطن بالمياه النظيفة، مما ينذر بأزمة صحية وبيئية خطيرة.

الأسباب والخلافات

أشار وزير البنى التحتية بولاية النيل الأبيض، الطيب محمد الحسن، إلى أن إغلاق قوات الدعم السريع لخزان جبل أولياء ساهم في ارتفاع منسوب مياه النيل الأبيض، مما أدى إلى تراكم المياه خلف السد وزيادة حدة الفيضانات في المنطقة. 

 

الاستجابة والمخاوف الصحية


في مواجهة هذه الكارثة، بذل السكان المحليون جهودًا مضنية لتشكيل سدود وحواجز في محاولة لوقف تدفق المياه، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل أمام قوة الفيضان.

أعرب مهندسون في محطة مياه الشرب عن قلقهم من انقطاع المياه، مما قد يؤدي إلى تفشي الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا، كما أن اختلاط مياه الفيضان بمياه الصرف الصحي يزيد من المخاطر الصحية، في ظل غياب الدعم الفني واللوجستي اللازم.

الوضع الإنساني

نزحت العديد من الأسر إلى مناطق أكثر أمانًا، حيث لجأ البعض إلى المساجد، بينما يفترش آخرون العراء دون مأوى، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع نقص في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى تهديدات من ظهور العقارب والثعابين نتيجة غمر المياه لمناطق واسعة.

دعوات للتدخل

في ظل هذه الظروف القاسية، تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل عاجل من قبل السلطات السودانية والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة اللازمة، سواء من خلال توفير مأوى للنازحين أو تقديم الدعم الطبي والغذائي.

كما يُطالب بفتح تحقيق حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الفيضانات ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير أو إهمال.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ارتفاع منسوب مياه النيل أزمات السودان الدعم السريع الصرف الصحي محطة مياه الشرب ولاية النيل الابيض مياه الصرف الصحي مياه الفيضان مياه النيل مياه الشرب منسوب مياه النيل النیل الأبیض

إقرأ أيضاً:

حين يصير الموت مزدوجًا.. الكوليرا تُكمل ما بدأته الحرب في السودان

في زمنٍ تتداخل فيه رياح الحرب مع رياح المرض، يتحول السودان إلى ساحةٍ مفتوحة لأزمات مزدوجة تنهش جسد الوطن المتهالك. فبينما تتصاعد المعارك في المدن الكبرى، وتُقصف المستشفيات وتُستهدف الأحياء المدنية، يتفشى وباء الكوليرا كضيف ثقيل في وطن لا يقوى على استضافة الأوبئة. 

وفي ظل البنية الصحية المنهارة والدمار الذي طال المرافق الطبية، يجد الأطباء أنفسهم في سباق يائس مع الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فكيف تسير خارطة انتشار الكوليرا؟ وما أبرز التحديات التي تواجه جهود احتوائه في قلب المعارك؟ هذا التقرير يرصد التفاصيل الدقيقة للوضع الميداني والصحي في السودان، في لحظة مفصلية من تاريخه الحديث.

التصعيد العسكري في كردفان وتداعياته الإنسانية

تشهد ولاية شمال كردفان، وتحديدًا مدينة الأبيض، تصعيدًا عسكريًا خطيرًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث اندلعت معارك ضارية في محاور مختلفة من إقليم كردفان الكبرى، الذي يضم ولايتي شمال وجنوب كردفان. ووفقًا لمصادر عسكرية ميدانية، فإن قوات الدعم السريع تمكنت من استعادة السيطرة على عدد من المدن الاستراتيجية، بعد أن كانت تحت سيطرة الجيش السوداني.

وتُعد مدينة الخوي من أبرز المناطق المتنازع عليها، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية كمفترق طرق حيوي. غير أن أخطر تطور ميداني وقع في مدينة الأبيض، حيث قصفت قوات الدعم السريع مستشفيين رئيسيين هما مستشفى الضمان والسلاح الطبي، ما أدى إلى دمار واسع وخسائر بشرية، من بينهم كوادر طبية وعاملون في القطاع الصحي.

كما استخدمت قوات الدعم السريع طائرات مسيّرة لاستهداف منشآت مدنية، من بينها محطة الكهرباء، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من المدينة. وأعلنت إدارة مستشفى الضمان تعليق العمل وإغلاق أبواب المستشفى لمدة أسبوعين بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت به جراء القصف، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع الإنساني والصحي.

انتشار وباء الكوليرا وسط انهيار المنظومة الصحية

في موازاة التصعيد العسكري، يواجه السودان كارثة صحية متفاقمة بسبب تفشي وباء الكوليرا، الذي استشرى في عدة ولايات بشكل يهدد بكارثة إنسانية وصحية كبرى. وبحسب اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، فقد تم تسجيل أكثر من 1540 حالة وفاة خلال ثلاثة أيام فقط في ولاية الخرطوم وأم درمان، في رقم صادم يعكس عمق الأزمة.

وأكد المتحدث باسم اللجنة، الدكتور سيد محمد عبد الله، أن هناك مخاوف جدية من انهيار المنظومة الصحية بشكل كامل، خاصة في ظل توقف العمل في نحو 45% من المنشآت الصحية، وتدمير أو تعطل 80% من المستشفيات بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

كما سُجلت 91 حالة إصابة بالكوليرا في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، من بينها 10 وفيات مؤكدة، بينما تم نقل 26 حالة إلى مراكز العزل الصحي. وتشير البيانات المتوفرة حتى الآن إلى انتشار المرض في ما لا يقل عن 7 ولايات سودانية، وسط غياب كامل للبنية التحتية الصحية، ونقص شديد في الأدوية والمحاليل الوريدية ومستلزمات العزل.

ويعاني الأطفال بشكل خاص من هذا التفشي، في ظل عدم توفر حملات تطعيم، وتردي خدمات الإصحاح البيئي، وعدم انتظام إمدادات المياه النظيفة.

تحديات الاستجابة المحلية والمناشدات الدولية

تُعد الكوليرا مرضًا يمكن السيطرة عليه نسبيًا في حال توفر نظام صحي فعّال ومياه نظيفة، غير أن الحالة في السودان تختلف تمامًا. فمع غياب السلطة المركزية القادرة على تنسيق الجهود، وتهدم المؤسسات الصحية، وانتشار النزوح الجماعي داخل المدن وخارجها، تبدو محاولات السيطرة على الوباء غير كافية.

وقد ناشدت نقابة أطباء السودان وناشطون في المجال الإنساني المجتمع الدولي للتدخل العاجل، وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية، لتوفير الإمدادات الطبية اللازمة، وتنسيق حملات تطهير المياه، وتوزيع محاليل الإماهة الفموية ومضادات العدوى.

ويُعد توفر مراكز العزل المناسبة وتدريب الكوادر الصحية من أبرز الأولويات، إلى جانب دعم المناطق المتضررة بمولدات كهرباء ووسائل نقل إسعافي، خاصة بعد استهداف محطات الكهرباء والمرافق الحيوية.

وفي خضم صراع دموي طاحن بين قوات متنازعة، ينبثق وباء الكوليرا كعدو خفي لا يقل فتكًا عن الرصاص، متسللًا إلى أزقة المدن وبيوت النازحين ومراكز الإيواء. وبين القصف والعطش، وبين الجوع والمرض، يختنق المواطن السوداني بحلقات متشابكة من المعاناة. إنّ ما يحدث اليوم في السودان ليس مجرد أزمة صحية أو صراع مسلح، بل مأساة وطنية شاملة تستوجب استجابة دولية عاجلة، قبل أن تتحول البلاد إلى مقبرة جماعية للصحة والحياة معًا.

طباعة شارك السودان انتشار الكوليرا الكوليرا

مقالات مشابهة

  • حين يصير الموت مزدوجًا.. الكوليرا تُكمل ما بدأته الحرب في السودان
  • مياه الشرب بالجيزة: توصيل المياه لـ "30" أسرة بالصف
  • جرفتها المياه 50 كم.. العثور على جثة ضحية سقوط تروسيكل بهر النيل بأسيوط
  • مياه العراق، وقناني المياه المُعبأة، ودول الجوار
  • محافظ أسيوط يتابع حادث سقوط تروسيكل بنهر النيل ويوجه بتقديم الدعم الكامل للمتضررين
  • د. حسن محمد صالح: من حول الدعم السريع الي المشروع الغربي العلماني؟
  • حرب المسيّرات تغيّر قواعد اللعبة في السودان… «الدعم السريع» يوسّع سيطرته من الجو
  • مياه القناة تبدأ تركيب مآخذ نموذجية وتطهير المحطات لضمان جودة المياه
  • مطالبات لحكومة ولاية الخرطوم بحل مشكلة مياه الشرب لمنطقة شرق النيل بصورة عامة
  • دا أحد أثمان المشاركة الضارة في حرب السودان يا ديبي الإبن!