البوابة نيوز:
2025-05-22@22:22:42 GMT

شواطئ.. لماذا تتحارب الأمم؟ (2)

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتابع ريتشارد نيد ليبو Richard Ned lebow الأستاذ الفخري في النظرية السياسية الدولية في قسم دراسات الحرب في كينجز كوليدج لندن وأستاذ فخري رئاسي في كلية دارتموث، فى كتابه بعنوان (لماذا تتحارب الأمم؟ دوافع الحرب في الماضي والمستقبل) والذي نقله إلى العربية إيهاب عبد الرحيم على بقوله: إن الطبيعة البشرية وفوضوية النظام الدولي يجعلان من الحرب ظاهرة متكررة، تعمل فوضوية النظام الدولي على تشجيع الأقوياء على "أن يفعلوا ما يشاءون"، كما صاغها الأثينيون لأهل جزيرة ميلوس Melians، في حين أن الضعفاء "يعانون ما لا بد منه".

هناك بطبيعة الحال، ارتباطات مهمة بين الحروب التي تدور بين الدول وتلك التي تنسب داخلها، إذ إن الدوافع نفسها توجه المشاركين فيها في كثير من الأحيان، كما تؤدى النزاعات الأهلية في بعض الأحيان إلى إثارة الحروب بين الدول، والعكس صحيح. يميز القانون الدولي بين الحرب الأهلية التي تدور رحاها بين طرفين من دولة واحدة، والحرب بين الدول، التي يصفها القانون بأنها منازعة مفتوحة ومعلنة بين دولتين مستقلتين، والتي تشنها حكومتاهما. يتسم هذا التعريف بأنه معقول، لكنه ليس مناسبًا تمامًا لأنه لا يشمل الصراعات التي لا يوحد فيها إعلان رسمي للحرب.   

يمثل العنف الذي تمارسه جماعة ما ضد أخرى ممارسة موجودة منذ قديم الأزل. يمكن تمييز الحرب عن العنف بأهدافها السياسية ومفاهيم الأطراف المشاركة فيها حول طبيعتها الخاصة. وأصبحت الحرب الحديثة ممارسة اجتماعية متزايدة التعقيد، التي كانت تقوم على مفهوم الدولة: وحدة سياسية ذات سيادة تمتلك شبه احتكار لاستخدام القوة على أراضيها. وقد تطورت أهداف الحرب على مر القرون. ورغم أننا لا نعرف إلا القليل عن "الحرب" في عصور ما قبل التاريخ، لكننا نستطيع أن نفترض على نحو معقول أنها نشأت عن صراعات على النساء، وآبار السقي، وأراضي الصيد، والأراضي التي اعتبرت ذات قيمة لأسباب دينية أو اقتصادية. وفى وقت مبكر، أصبحت الحرب هي الوسيلة الرئيسية التي يسعى من خلالها الشبان ومجتمعاتهم إلى الحصول على الشرف، والهيبة، والمكانة. وتزودنا إلياذة هوميروس Homer بتحليل متعمق لمجتمع أرستقراطي في العصر البرونزي، الذي كانت فيه الحرب وسيلة للانتقام، وأداة لاكتساب الشرف. وبالنسبة إلى اليونانيين والطروادتين Trojans على حد سواء، لم يكن هناك أي تمييز بين الملك والدولة، أو بين المنازعات الخاصة والعامة. ومع تطور"المدينة" polis، والدول لاحقا، وقد حدث تحول مهم آخر نتيجة للقومية، والتجنيد العسكري الإجباري. 

دفعت هذه التطورات ببعض العلماء إلى تفريق الحروب الحديثة عن كل ما سبقها. أن الحروب التي شنت "من أجل شرف شخصي، أو بغرض الانتقام، أو إثراء الملوك والنبلاء، والتي تميزت بها العصور الوسطى استبدلت على نحو متزايد باستخدام القوة كأداة من أدوات السياسة العامة لتحقيق أهداف سياسية". يعكس هذا الادعاء، من دون قصد، نجاح المؤرخين الألمان في القرن التاسع عشر في تطوير خطاب حول السيادة، والذي هدف إلى إضفاء الشرعية على سلطة الحكومة المركزية وعلى مشروع بناء الدولة. ومن المعالم المحورية لهذا الخطاب – وللنماذج الواقعية والعقلانية المعاصرة – نجد تصوير السياسة الخارجية باعتبارها عقلانية من الناحية الاستراتيجية، وأن الهدف منها هو زيادة سلطة الدولة. وفى حين صار الملوك، والنبلاء، والإمبراطوريات الآن مجرد تاريخ، بيد أنهم كانوا مسؤولين في كثير من الأحيان بإشهار سيوفهم لأسباب لا تتعلق كثيرًا بالواقعية السياسية Realpolitik. وطوال القرن العشرين، وصولا إلى القرن الحالي، فإن الشرف، والشعور بالمهانة، والانتقام، والشر المحض كانت – ولاتزال – تمثل دوافع قوية في الشئون الدولية. وفى كثير من الأحيان تخوض الدول حروبا لأسباب لا علاقة لها بالأمن إلا قليل، إن وجد. منذ عصر هيرودوت Herodotus، ظل المؤرخون يكتبون عن الحرب. وكثير من تلك الدراسات متضمنة روايات سردية ضخمة حول صعود وسقوط الإمبراطوريات والدول. 

عند النظر في دوافع الحرب من منظور تاريخي، ينبغي لفت انتباهنا إلى ثلاثة تحولات مهمة في التفكير. يتعلق الأول، بطبيعة الثروة وانعكاساتها على العلاقات بين الدول. حتى مجيء آدم سميث Smith وعلم الاقتصاد الحديث، كان من المعتقد أن ثروات العالم متناهية، مما يجعل العلاقات بين الدول تشبه لعبة صفرية المحصلة، والتي كان يُعتقد فيها أن الزيادة في ثروة إحدى الدول لا بد أن تأتى على حساب الدول الأخرى. وبمجرد أن تعلمت النخب السياسية أنه يمكن زيادة الثروة الإجمالية عن طريق تقسيم العمل واستخدام مصادر الطاقة الميكانيكية واقتصاديات الإنتاج الواسع النطاق، أصبح التعاون الاقتصادي الدولي عمليا، وأصبح ينظر إلية في نهاية المطاف باعتباره وسيلة أخرى لتوليد الثروة. 

بدأ التحول الثاني في التفكير في القرن التاسع عشر، وتسارعت وتيرته خلال القرن العشرين. وهو يتعلق بالسعي الجمعي مقابل الذاتي إلى تحقيق الأمن. لطالما ظلت التحالفات، سواء الرسمية أو غير الرسمية، جزءا من ممارسات السياسة الخارجية، لكنها اتخذت معنى جديدًا في مؤتمر فيينا. سعى المنتصرون في الحروب النابليونية إلى العمل بشكل جماعي للحفاظ على الوضع القائم بعد الحرب، وبالتالي الحيلولة دون اندلاع الثورات والحروب بين الدول من جديد. 

أما ثالث التحولات في التفكير، وأحدثها، فيتعلق بطبيعة المكانة في الشؤون الدولية. منذ ظهور النظام الدولي الحديث، سعت القوى العظمى دائما إلى الحفاظ على السيطرة على المكانة، وعلى الوسائل التي يتم من خلالها تعريفها، وتحديد الجهات المسموح لها بالتنافس عليها. وطوال هذه الفترة، ظلت القوة العسكرية والنجاح في استخدامها الوسيلة الرئيسية للدول لكسب المكانة والاعتراف بها كقوى عظمى.  

وللحديث بقية   

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شواطيء محمد صلاح غازي بین الدول کثیر من

إقرأ أيضاً:

الشيطان يكمن في التفاصيل.. لماذا توجس الأوكرانيون بعد اتصال ترامب ببوتين؟

كييف- بعد اتصال هاتفي دار بينهما لمدة ساعتين ونصف الساعة -أول أمس الاثنين- قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الحديث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين "سار على ما يرام"، وإن "لهجة وروح المحادثة كانت ممتازة"، بينما وصف بوتين المحادثة بأنها "ذات معنى وصريحة ومفيدة للغاية".

عبارات المدح هذه وغيرها شكَّلت انطباعا إيجابيا مؤقتا في ما يتعلق بقضية وقف الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022، لكنه انطباع تبدد سريعا، فعلى عكس المتوقع، لم يحيِ الاتصال "الممتاز" تفاؤل الأوكرانيين، بل لعله فرض أجواء جديدة من القلق إزاء ما تخبئه الأيام القادمة من أحداث وتطورات.

وسبق القلق الأوكراني اتصال ترامب ببوتين، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه تحدث مرتين مع ترامب، مطالبا إياه بِحثّ روسيا على قبول وقف إطلاق نار يستمر 30 يوما، و"عدم اتخاذ أي قرار بشأن أوكرانيا دون موافقتها".

كما طالب زيلينسكي ترامب باتخاذ خطوات أكثر جدية إذا رفضت روسيا، وفرض عقوبات توقف تمويل الحرب الروسية على بلاده.

دون إفراط في التوقعات

لكن مخرجات الاتصال التي أعلنها بوتين وترامب لم تلب أيا من مطالب أوكرانيا، بل جاءت عامة ومرسلة، لدرجة أثارت شكوك الأوكرانيين بإمكانية أن تؤدي إلى نتيجة فعلا.

إعلان

وتضمنت أبرزها:

استعداد روسيا للعمل مع أوكرانيا على مذكرة تفاهم لوقف إطلاق النار. تأكيد أهمية استئناف المفاوضات. التوصل إلى حلول وسط تناسب الجانبين وتقضي على جذور الصراع، ثم تصبح أساسا لمعاهدة سلام مستقبلية.

وحول هذا، علق رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا"، فولوديمير فيسينكو، قائلا للجزيرة نت "تواصل ترامب وبوتين 3 مرات على الأقل في السابق، فما الذي تغير؟ الاتصال الأخير لم يحمل أي شيء ملموس، ولا ينبغي أن نفرط في التوقعات".

وبعد أن أطلعه الرئيس الأميركي على نتائج الاتصال، قَبِل زيلينسكي، وقال في مؤتمر صحفي إن بلاده تنتظر مقترحا روسيا للنظر فيه، وتدرس إمكانية عقد اجتماعات التفاوض في تركيا أو الفاتيكان أو سويسرا.

لكن أسئلة الصحفيين انهالت عليه بخصوص قضايا حساسة، كانت مثل ألغام منعت أي تقدم على طريق الحل، كقضية العودة إلى الحياد وتخلي أوكرانيا عن مساعي العضوية في حلف شمال الأطلسي، وشروط روسيا المتعلقة بانسحاب قوات كييف من كامل أراضي 4 مقاطعات ضمتها، (لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون)، واعتراف السلطات الأوكرانية أيضا بشرعنة السيطرة الروسية على تلك الأراضي، إضافة لشرط التخلي عن السلاح الغربي وبناء الجيش.

كييف ترفض الحياد وسحب قواتها والاعتراف بسيطرة موسكو على 4 مقاطعات لوقف إطلاق النار (الجزيرة) هدف التعجيز

وجدد زيلينسكي التأكيد على تمسك بلاده بحق تقرير المصير وسيادة القرار، وهو ما علق عليه الخبير فيسينكو قائلا "أوكرانيا تطالب منذ زمن طويل بما أعلنه ترامب وبوتين، والمشكلة ليس في الآليات، بل في النيات، والشيطان يكمن في التفاصيل".

وأضاف متسائلا "متى ستقدم روسيا مقترحها؟"، وتابع أنه ما من سقف زمني لكل ما طُرح، والأمر مرسل، وقد يطول كسبا للوقت، وتهربا من الرغبة الحقيقية في وقف الحرب. وقال "أي معنى لانتظار المجهول إذا كانت شروط روسيا تعجيزية، فيها ذل واستسلام أوكرانيا، ونيات مبطنة للهيمنة على أراضيها واستقلال قرارها".

إعلان

وبالإضافة إلى ما سبق، جدَّد الاتصال خشية أوكرانيين من عودة الدفء إلى العلاقات الأميركية الروسية على حساب بلادهم، لكن آخرين يرون أن "ذلك سابق لأوانه".

وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي إن ترامب وبوتين خاطبا بعضهما بعضا بالاسم الأول (دونالد وفلاديمير)، ولم يرغب أي منهما في المبادرة إلى إغلاق الهاتف، كما قال ترامب لبوتين إنه يستطيع الاتصال به في أي وقت.

وعبّر ترامب عن تأييده العودة إلى "تجارة ضخمة" مع روسيا، وقال إنه لن يفرض عقوبات جديدة عليها حاليا، وإن "بوتين يحترم زوجته ميلانيا، والروس يحبونها أكثر منه".

سابق لأوانه

وتعليقا على الأجواء التي صاحبت وتلت اتصال ترامب ببوتين، قال الدبلوماسي السابق رومان بيسميرتني، للجزيرة نت، إن "بوتين يجيد خداع ترامب والتأثير عليه بالعواطف، للأسف".

وأضاف "بالنسبة إليّ، يجب ألا نثق بترامب، فنتائج اتصاله الأخير مع بوتين هي بمنزلة تمهيد لتخلي واشنطن عن جهود الوساطة، حتى يحدث أمر جديد".

من جهته، رأى الكاتب والمحلل إيفان ياكوفينا أنه "من السابق لأوانه الحديث عن عودة كامل الدفء إلى العلاقات الأميركية الروسية، أو انحياز ترامب إلى روسيا، فقد غيّر الأميركيون تكتيكاتهم مرات عدة خلال الشهور الماضية، ويريدون منح الدبلوماسية فرصة حتى النهاية".

ميدان الاستقلال في كييف وفيه يظهر ركن الأبطال الذي يضم أعلاما ترمز لقتلى الحرب (الجزيرة)

ويعتقد ياكوفينا -في حديثه للجزيرة نت- أنه بغض النظر عن النتيجة، فالولايات المتحدة لم ترفع أو تخفف العقوبات عن روسيا، بل تلوح بأخرى في حال الفشل، وبزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا.

ويضيف أن "تقلبات ترامب لا تغير من حقيقة الأمر شيئا، وواشنطن تدرك أن نصر روسيا سيكون كارثيا على مكانتها العالمية، وعلى علاقاتها مع أوروبا وباقي دول العالم".

مقالات مشابهة

  • 80 دولة : غزة تواجه أسوأ أزمة إنسانية منذ بدء الحرب
  • لماذا يتعمد عثمان ميرغني التضليل؟
  • لماذا الصمت العربي في حين تغيرت مواقف الغرب تجاه إسرائيل؟
  • المظالم الأمريكية ما بين المستوى الدولي والشخصي
  • افتتاحية
  • الاعتراف بفلسطين: لماذا يعتبر دور فرنسا حاسماً؟
  • الشيطان يكمن في التفاصيل.. لماذا توجس الأوكرانيون بعد اتصال ترامب ببوتين؟
  • لماذا قادة السودان باستمرار يفتقرون إلى الرؤية؟
  • لماذا “فشلت” القمة العربية في بغداد؟
  • 22 دولة تطالب الاحتلال الإسرائيلي بالسماح بدخول المساعدات فورًا إلى قطاع غزة