عربي21:
2025-12-13@10:42:23 GMT

سوريا فرص ومخاطر

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

تفرض الأحداث في سوريا نفسها في واقعنا المعاصر، بل وفي المستقبل القريب والبعيد، فبعد انهيار نظام حكم البعث وأسرة الأسد، وحكم دام لأكثر من نصف قرن أصاب فيه الشعب السوري ما أصابه من ظلم وقهر وفقر، جاء الفتح الجديد لسورية ليعيد الذاكرة إلى تاريخ فتح الشام والتطورات التي مرت بها، وكانت منطلقا لتغيير حال الأمة حينما أصابها الضعف والهوان، مع امتدادها الجغرافي مصر.



وإذا كان طوفان الأقصى مثل دافعا لحركة التغيير في سوريا وهيأ الظروف لذلك، فإن التغيير في سوريا بوضعه الطبيعي لن يتوقف عندها، وستمتد فتوحاته لدول أخرى إن عاجلا أو آجلا، وبه سيتغير وجه المنطقة والعالم. ومع ذلك، فإن المتابع للقائمين على أمر الحكم في سوريا وفي مقدمتهم القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يجد سلوكا سياسيا تسوقه الحكمة والمرونة، وفهم الواقع، والتهديدات الخارجية والداخلية.

ورغم العداوة الظاهرة والباطنة للتجربة السورية الوليدة، فإن هذه التجربة سيكتب لها الاستمرار والنجاح بإذنه تعالى، ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بثورات الربيع العربي الأخرى وخاصة الثورة المصرية وتولي الرئيس محمد مرسي -رحمه الله- رئاسة مصر. فالثورة المصرية وغيرها لم تكن تملك سوى دعم شعبي عاجز فاقد للقوة، وكانت القوة العسكرية على الأرض بيد العسكر وأذرعته من قوة مدنية ممثلة في الدولة العميقة،لا تنمية اقتصادية إلا بإصلاح سياسي، ولا إصلاح سياسيا إلا بتحقيق أمن يظله الحرية والعدل، والحق إذا لم تكن له قوة تحميه يركبه الباطل ويدوس عليه، ولذا جعل القرآن الكريم الحديد حامي للكتاب والميزان الذي به يتم العدل بينما الدولة السورية الآن تملك مقومات القوة العسكرية على الأرض وتسعى لتحقيق الأمن المادي والنفسي في المجتمع والتخلص من الدولة العميقة، ومحاسبة فلول النظام السابق الذين ولغوا في الدماء والأعراض والأموال.

إنه لا تنمية اقتصادية إلا بإصلاح سياسي، ولا إصلاح سياسيا إلا بتحقيق أمن يظله الحرية والعدل، والحق إذا لم تكن له قوة تحميه يركبه الباطل ويدوس عليه، ولذا جعل القرآن الكريم الحديد حامي للكتاب والميزان الذي به يتم العدل فقال تعالى: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحديد: 25).

إنه رغم المخاطر التي تحيط بالدولة السورية الوليدة لا سيما التآمر الذي لن يتوقف من الخارج والداخل وإنفاق الأموال الطائلة لمحاربة تلك التجربة، ولكن ظني أن الحكومة الجديدة لها من التجربة ما يصقل دورها لا سيما تجربتها في إدارة إدلب، وهي تجربة وإن كانت مصغرة لإدارة الدولة، ولكنها تجربة ناجحة ويبنى عليها، لا سيما وأن سوريا تملك مقومات الاعتماد على نفسها من عمالة ماهرة لها قدرة على التكيف والإنتاج بجودة عالية والتنوع الإنتاجي في كل مكان تذهب إليه، فكيف إذا كان ذلك في أرض الوطن، وعادت العقول والأيادي المهاجرة؟!

كما أن سوريا تمتلك موارد طبيعية تمكنها من الاعتماد على ذاتها لا سيما في إنتاجها الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وهو أمر قد حققته من قبل، كما أن فيها نفطا وغازا، وتنوعا في التصنيع، وسياحة تجمع بين عبق الماضي وتطور الحاضر، كما يتميز السوريون بالملاءة المالية حتى أن بعض التقديرات تقدر أموال السوريين في الخارج بنحو 100 مليار دولار.

ومن خلال حكمة الحكومة الظاهرة ومحاولتها تصفير المشاكل مع الدول الأخرى، يمكنها الاستفادة من العلاقات التي تبنيها مع الدول العربية والإسلامية ودول العالم لتأسيس مؤتمر للمانحين من أجل تعمير سوريا وسرعة عودة اللاجئين، وهو أمر سيجد طريقه للدعم من الدول الغربية والمؤسسات الدولية، على أن يكون ذلك في إطار المصالح المتبادلة ودون تنازلات تمس بسيادة الحكم الجديد لسوريا.

سوريا تمتلك موارد طبيعية تمكنها من الاعتماد على ذاتها لا سيما في إنتاجها الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وهو أمر قد حققته من قبل، كما أن فيها نفطا وغازا، وتنوعا في التصنيع، وسياحة تجمع بين عبق الماضي وتطور الحاضر، كما يتميز السوريون بالملاءة المالية
كما أن أمام الحكومة فرصة لتطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي بصورة تدريجية تجمع بين فقه النص وواقع العصر، بصورة تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية معا، انطلاقا من التمويل الأصغر والأكبر بصورة متوازية، وبعيدا كل البعد عن التجارب المشوهة للاقتصاد الإسلامي التي لا تحمل منه إلا الاسم، ولا تعرف من مضمونه إلا ما يحقق هواها؟ فوجود نظام اقتصادي إسلامي فعلي يتطلب وجود نظام سياسي يؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة، وهذا ما تفقده النظم الأخرى التي ترى النظام الإسلامي في صورته الحقيقية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا تهديدا لعرشها، لذا جملت نفسها بشكلية إسلامية من خلال قشور مشوهة من الاقتصاد الإسلامي.

لذا أتمنى على حكومة سوريا الجديدة أن تستفيد من خبراتها السابقة، ومن كل مخلص متخصص في سوريا وغيرها، ومن كل دولة تمد لها يد العون بإخلاص، ولتحذر من المستشارين الفشلة الذين ورطوا شعوبهم وأفشلوا ثوراتهم وعلت الآن أصواتهم بالنصح، وكذلك النفعيين الذين صمتت ألسنتهم عن ظلم النظام المخلوع أو ناصروه، ثم جهرت ألسنتهم اليوم من أجل بناء سوريا، فأمثال هؤلاء لا خير فيهم، ولا بناء من ورائهم، فهم لا يعرفون للإخلاص سبيلا، ومن تحركه المنافع الشخصية لن يأتي من ورائه خير، بل ضرره أكثر من نفعه.

وختاما، فإن الأمل معقود في أرض الشام، وهي قادرة في ظل ما تملكه من مواطن القوة والفرص على مواجهة التحديات والمخاطر المحيطة، وبناء نموذج تنموي يكون قدوة للسائرين ورحمة للعالمين، "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج: 40).. حفظ الله سوريا وحماها وعوض أهلها خيرا.

x.com/drdawaba

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات سوريا التغيير الثورة اقتصادية سوريا اقتصاد ثورة تغيير مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة من هنا وهناك اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریا لا سیما کما أن

إقرأ أيضاً:

الليرة السورية تصعد مقابل الدولار بعد رفع عقوبات قيصر

ارتفع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار خلال تعاملات اليوم الخميس في السوق الموازية وسط تعاملات متذبذبة في حين واصل مصرف سوريا المركزي تثبيت سعر الصرف في تعاملات البنوك، وذلك بعد يوم على تصويت مجلس النواب الأميركي بالأغلبية لصالح إلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ سنوات.

سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في دمشق وحلب وإدلب زاد سعر صرف الليرة السورية إلى 11 ألفا و250 ليرة عند الشراء من 12 ألف ليرة مسجّلة مساء أمس، كما ارتفع إلى 11 ألفا و400 ليرة عند البيع من 12 ألفا و500 ليرة. في الحسكة زاد سعر صرف الليرة إلى 11 ألفا و500 ليرة عند الشراء من 12 ألفا و250 ليرة، كما ارتفع عند البيع إلى 11 ألفا و600 ليرة من 12 ألفا و300 ليرة مسجّلة مساء أمس. ثبت مصرف سوريا المركزي سعر صرف الليرة السورية عند 11 ألف ليرة عند الشراء و11 ألفا و110 ليرات عند البيع.

رفع قانون قيصر

وأفادت وزارة الخارجية السورية في بيان بأن تصويت مجلس النواب الأميركي لصالح إلغاء قانون قيصر "تطور يمثل محطة محورية في إعادة بناء الثقة وفتح مسار جديد للتعاون، مما يمهد لتعاف اقتصادي أوسع وعودة الفرص التي حُرم منها الشعب السوري لسنوات بفعل العقوبات".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بيتكوين تهبط إلى أقل من 90 ألف دولار وسط مخاوف من الذكاء الاصطناعيlist 2 of 2ما تأثير خفض الفائدة الأميركية على الاقتصاد والمواطن؟end of list

ولفتت إلى أن هذه الخطوة وما سيليها من تصويت مرتقب في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل تؤسس لمرحلة من التحسن الملموس في حركة الاستيراد، وتوفر المواد الأساسية والمستلزمات الطبية، وتهيئة الظروف لمشاريع إعادة الإعمار، وتنشيط الاقتصاد السوري.

وعلق حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بالقول إن إنهاء العمل بقانون قيصر الأميركي سيكون المحطة الأخيرة والأهم لتمهيد الطريق أمام دمج بلاده في النظام المصرفي العالمي.

وبسبب هذا القانون، لم يكن مصرف سوريا المركزي قادرا على القيام بمهام مثل طباعة العملة، وتحديد السياسة النقدية، وجلب السيولة، وهي أمور أكد الحصرية الشروع في العمل عليها فور إنهاء العمل بعقوبات قيصر.

رفع عقوبات قيصر انعكس إيجابا على سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار (الفرنسية)نمو الاقتصاد السوري

وفي وقت سابق أكد الحصرية على أن اقتصاد بلاده ينمو بوتيرة تفوق بكثير تقديرات البنك الدولي البالغة 1% للعام 2025، وذلك بفضل عودة نحو 1.5 مليون لاجئ خلال الفترة الأخيرة، جاء ذلك وفق تصريحات أدلى بها عبر رابط فيديو إلى مؤتمر "رويترز نكست" في نيويورك الأسبوع الماضي.

إعلان

وقال الحصرية إن الحكومة تسعى إلى إعادة بناء الثقة بعملتها ونظامها المالي، من خلال طرح عملة جديدة من 8 فئات مع حذف صفرين من الليرة السورية التي سجلت نحو 11 ألفا و57 ليرة مقابل الدولار مؤخرا على منصة "وورك سبيس" التابعة لمجموعة بورصات لندن، وأوضح: "ستكون العملة الجديدة إشارة ورمزا لهذا التحرر المالي".

وكان البنك الدولي قدّر في يوليو/تموز الماضي نمو الاقتصاد السوري بنسبة 1% في 2025 بعد انكماش 1.5% في 2024 بسبب تحديات أمنية ونقص سيولة وتعليق مساعدات.

لكن الحصرية رأى أن المؤشر لا يعكس الواقع "احسبوا فقط الحد الأدنى الذي يمكن أن تضيفه عودة اللاجئين إلى الناتج المحلي الإجمالي".

وعلى الرغم من غياب بيانات اقتصادية موثوق بها بعد الحرب، فإنه قال إن مؤشرات التضخم وسعر الصرف تعكس بداية تعاف اقتصادي.

مقالات مشابهة

  • عمرو أديب: السنوات القادمة ستشهد الكثير من الأحداث والتغيرات المهمة سياسيا بمصر
  • درعا السورية.. انفجار بحفل زفاف يخلف 33 مصابا
  • عاجل | الإخبارية السورية: تحليق طائرات حربية للاحتلال الإسرائيلي في أجواء محافظة القنيطرة على علو منخفض
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • الليرة السورية تصعد مقابل الدولار بعد رفع عقوبات قيصر
  • إصابة لبناني بإنفجار لغم ارضي عند الحدود السورية - اللبنانية
  • أبرز القطاعات السورية المستفيدة من رفع العقوبات
  • السلطات السورية تُفرج عن 13 شابًا لبنانيًا!
  • ارتفاع في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار
  • غرق آلاف الخيام في غزة جراء الأمطار الغزيرة ومخاطر تهدد النازحين