مفتي الجمهورية يهنئ البابا تواضروس والإخوة المسيحيين بأعياد الميلاد
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية - بطريرك الكرازة المرقسية، فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر؛ للتهنئة بعيد الميلاد المجيد، وقد رافق فضيلة أ.د. نظير محمد عيّاد، مفتي الجمهورية، فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومعالي أ.د. أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني وكيل الأزهر الشريف ورئيس جامعة الأزهر ونوابه وعددًا من رجال الأزهر الشريف وقياداته.
وفي كلمته هنأ فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قداسة البابا، مؤكدًا دوام المودة والصداقة والتآلف والتعارف، وأن المسلمين يحملون في قلوبهم كل الحب والمودة لأشقائهم.
وتقدم فضيلة أ.د. نظير محمد عيّاد، مفتي الديار المصرية، بأسمى التهاني إلى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمناسبة عيد الميلاد المجيد، داعيًا الله أن يجعل هذا العام عام خير وبركة على مصرنا الحبيبة، وأن يعيد هذه المناسبة السعيدة على جميع أبناء الوطن بالسلام والاستقرار.
وأكد فضيلة مفتي الجمهورية أن ميلاد السيد المسيح عيسى ابن مريم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- جعله الله وأدا للفتن ومعجزة تؤكد قدرة الله تعالى وعظمته، ونورًا يضيء للبشرية الطريق إلى الحق والعدل، مشيرًا إلى أن تعاليم الإسلام -قرآنا وسنة- زاخرة بتكريم السيد المسيح -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- وبيان قدره ومنزلته، ويكفي تأكيدًا على ذلك أن إيمان المسلم لا يكتمل إلا بالإيمان به.
مضيفًا أن هذه المناسبات تأتي لتمثل فرصة للتجديد في التضامن والوحدة الوطنية، مشيرًا إلى ضرورة العمل على تعزيز هذه الروح الطيبة في جميع أوقات السنة، وأن هذه اللحظات الوطنية التي تجمع بين المسلمين والمسيحيين في مصر ستظل شاهدة على وحدة الوطن في مواجهة التحديات.
وأعرب فضيلة مفتي الجمهورية عن أمله في أن يشهد هذا العام في القريب العاجل وقفًا للإبادة الجماعية التي تحدث في غزة، وأن نسخِّر هذه المناسبات الدينية لنسلِّط الضوءَ على قضيتنا الأولى التي لا يمكن أن نتجاهلها، وهي المطالبة بوقف العدوان على غزة ورفع المعاناة عن إخواننا المستضعفين في فلسطين، مما يتعرضون له من عدوان وإبادة جماعية مضى عليها أكثر من عام، في ظل صمتٍ عالميٍّ غير مسبوق، يكاد يقضي على أهل فلسطين جميعًا دون أن تقوم لهذا العالم قائمة.
من جانبه، رحب قداسة البابا تواضروس بشيخ الأزهر والوفد الأزهري المرافق له، مؤكدًا أنَّ هذه الزيارة تظهر الروح الأخوية التي تجمع المصريين؛ مسيحيين ومسلمين، متمنيًا أن تأتي الأعوام القادمة على العالم أجمع بالخير والسلام والاستقرار، مصرحًا قداسته: "أشعر بمقدار الود والمحبة والمشاعر الطيبة التي تربطني بشيخ الأزهر، ونتبادل الأحاديث والنقاشات حول مختلف القضايا، وهو ما يكشف قدر الوحدة والأخوَّة الموجودة على أرض مصر، دعواتنا دائمة من أجل استمرار هذه اللحمة الوطنية القوية ونموها".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية أحمد الطيب شيخ الأزهر المسلمين عيد الميلاد البابا تواضروس مفتی الجمهوریة قداسة البابا
إقرأ أيضاً:
فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
نرجو توضيح حكم التداول في الأسواق المالية بكل أنواعها، سواء الذهب أو النفط أو العملات، وتوضح لنا الحلال منها والحرام بنوع من التفصيل؟
ما يمكن أن يقال في هذه المسألة هو وضع الضوابط التي يحتاج إليها المسلم إن أراد أن يدخل في مجال ما يُعرف بـ«التداول». والمقصود بالتداول هو أن يشتري أسهمًا في شركات، قد تكون هذه الشركات في الأسواق المحلية أو في الأسواق الدولية، في نشاطات وقطاعات مختلفة، ويتربص بهذه الأسهم حتى ترتفع الأسعار، فيبيع فيستفيد من فارق البيع عن ثمن شرائه. وقد يكون ذلك بالمباشرة، أي أن يباشر بنفسه، أو عن طريق الوكلاء، عن طريق الوسطاء المخولين، هذه هي الفكرة العامة للتداول.
وقبل أن أضع أهم الضوابط التي يحتاج إليها من يدخل هذا المجال؛ لا بد لي أن أضع بين يدي الجواب جملة من التنبيهات.
في صدارتها: التحذير من الانخداع بالإعلانات المروجة لكثير من أنواع التداول ولأسواق مالية، ووعود بأرباح مجزية كثيرة، وما هي إلا أوهام وسراب تأكل أموال الناس الطامعين إلى الثراء السريع، فيقعون ضحايا لأمثال هذه الإعلانات عبر منصات وهمية وشبكات احتيال تكون دولية عالمية تتجاوز الحدود.
وللأسف الشديد تتكرر هذه الحوادث والمآسي، ولكن لا بد من التنبيه من ألا ينساق الناس وراء كثير من هذه الإعلانات والحملات الترويجية، وما يظهر لهم عند تصفحهم للمواقع من وعود بثراء سريع، ومن حكاية لتجارب أثر الناس فيها، وحصلوا على أموال طائلة، ومن دعوى أنها حلال، وأنها موافقة للشريعة، فينخلعون ويضعون أموالهم في مثل هذه المنصات أو عبر هذه الشبكات.
لا بد أن يتثبتوا، وأن يتريثوا، وأن يتمهلوا، وأن يسألوا، وأن يتخذوا كل سبل الحذر والحيطة حتى يعرفوا أين يضعون أموالهم: هل هو مشروع؟ هل هو حقيقي؟ هل هذا الاستثمار أو هذا التثمير وهذه الشركات والأسواق صحيحة، حقيقية، قائمة، لها أنظمة، لها قوانين، مصرح لها؟ فهذا من باب التنبيه.
التنبيه الثاني: سآتي في هذا الموضوع بآخر ما يسأل عنه الناس، مما وصل إليه التداول، ويمكن الإحالة إلى التفاصيل التي وردت في أجوبة سابقة؛ فكثير من الناس اليوم يسألون عن التداول في عقود الخيارات، أو ما يعرف بعقود «الاختيارات»، وكان فيها جواب مطول، فيمكن العودة إليه، وخلاصة الجواب أن هذه العقود لا تصح شرعًا، فالدخول فيها والتداول فيها لا يصح شرعًا.
وكذلك ما يعرف بعقود المستقبليات، هذه أيضًا لا حقيقة لها. هي قائمة على الوهم، ليست بسلعة ولا بمنافع، ولا بعملات، لا حقيقية ولا رقمية، وإنما هي قائمة على فروق ما يعرف بعقود فروق الأسعار، يُتاجر بها، وهي مبنية على ما تقدمت الإشارة إليه من عقود الاختيارات، الحاصل أن عقود الاختيارات، وعقود الفروقات كما تُسمى، وعقود المستقبليات، هذه النسبة الطاغية منها لا تصح شرعًا، لا يكاد يسلم منها إلا نزر يسير، وهذا الاستثناء إنما هو فيما يتعلق ببعض الأسواق التي وضعت ضوابط لأنواع مخصوصة من المستقبليات فقط.
تأتي في الإعلانات بنفس هذا الاسم، ولذلك استُعملت هذه الأسماء: «عقود تداول الفروقات»، و«عقود الفروقات»، و«فروقات الأسعار»، و«عقود الخيارات»، وإن كانت الترجمة، كما قلت هي «الاختيارات»، وأحيانًا يُستعمل الاسم الأجنبي «عقود الأوبشن»، وقد فصلنا في جواب سابق فيها، يمكن العودة إليه -إن شاء الله-؛ فإذًا هذه الأنواع لا تصح شرعًا.
ما الضوابط للتجارة في العملات، أو الأثمان كالذهب والفضة؟
الضابط الأول أن تكون السلعة حلالًا، أن يكون ما يُتاجر فيه، ما يُتداول، حلالًا، سواء كان سلعة، أو كان منافع، أو كان من العملات، أو الأثمان كالذهب والفضة، أي النقدين. الحاصل لا بد أن يكون حلالًا. الأمر الثاني أن تكون هذه الشركات المتعامل معها -التي يشتري منها هذا المتداول الأسهم لأجل التداول- موافقة للشرع، ملتزمة، بمعنى: لا تكون فيها تمويلات ربوية.
قد يكون نشاطها جائزًا، لكنها قائمة على تمويلات ربوية. فمن رخّص فإنما رخّص في ألا تتجاوز هذه التمويلات الثلث. ومع ذلك؛ فهذه الرخصة إنما كانت في وقت لم تكن توجد فيه شركات موافقة للشريعة تمامًا، فأُريد منها الدخول لأجل شراء أسهمها، ثم التمكن من الوصول إلى صناعة القرار فيها عبر مجالس إداراتها؛ لأجل جعلها موافقة للشريعة.
الحاصل لا يكفي أن يكون مجرد نشاطها مباحًا شرعًا. لا بد أن تكون هذه الشركة أيضًا ليست فيها تمويلات ربوية. بقي النظر في أنواع مخصوصة لها أحكام شرعية خاصة، كالعملات، إذا كانت عملات حقيقية، أو الذهب والفضة؛ فهذه تصح بغير أجناسها، يصح تداولها بغير أجناسها، أي متفاضلة، على أن تكون في مجلس واحد، يكون القبض في ذلك المجلس الذي تتم فيه الصفقة، كأن يشتري على سبيل المثال ذهبًا بأموال نقدية، فهذه تُباح، أن يشتري الذهب، سواء كان في حالة الغلاء، أو في غير حالات الغلاء، الحاصل أنه سيشتري ذهبًا بأموال نقدية، لا بد أن يتم التقابض في مجلس التعاقد، ومجلس التعاقد هنا مجلس إلكتروني عن طريق هذه المنصة، وهذا تقابض معتد به.
لكن لا يصح أن يحصل تبييت للصفقة، أو أن يكون السداد في وقت لاحق. ويتساهل فيما يعرف بالتقابض الحكمي، كالسداد عن طريق بطاقات الائتمان إذا كانت مغطاة، أو كان فيها رصيد، أو الدفع عن طريق الشيكات المصدقة، إذا كان يمكن السحب، أو التحويل البنكي، هذا المقدار مغتفر، ويُعد من القبض الحكمي.
الإشكال يظهر في دعوى أن التقابض يحصل، لكن الصحيح أن ملكية ما اشتراه لا تنتقل إليه، وأن ملكية الثمن الذي دفعه لا تنتقل إلى البائع، بل تحتاج أن تمكث أيامًا؛ إذ تُغلق الأسواق قبل إتمام الصفقة، فيمكن أن تدخل الأسواق في عطلة نهاية الأسبوع، فهذا ما يعرف بـ«تبييت الصفقات»، وهذا كله مقصود، يعني إغلاق الأسواق قبل تمام الصفقات، وعليه إثراء ينتقلون إلى أسواق أخرى على مدار الساعة، وهكذا أيام الأسبوع. الحاصل هنا الضابط هو تحقق أن التداول في مثل هذه الأجناس الربوية أي التي يُشترط فيها التقابض في مجلس العقد لا يصح فيها التأخير. وإذا كانت بجنسها فإنه يُشترط فيها التماثل، يعني: من يبيع ذهبًا بذهب، أو فضة بفضة، أو عملة بعملة من نفس تلك العملة، لا يصح فيها التفاضل، ولا يصح فيها النسيئة.
ما طرق التحقق؟ وهل هناك جهة معيّنة في الدولة يمكن أن يعود إليها الإنسان؛ ليتحقق من هذه الإعلانات المنتشرة، أم أنه يلجأ فقط إلى شبكة الإنترنت؟
الجواب أن الجهات الإشرافية والرقابية في الدولة هي المصدر الأكثر ثقة. وينبغي أن توفر للناس البيانات والمعلومات الضرورية؛ حتى يعانوا على اتخاذ القرار الصحيح، حتى لا تذهب أموالهم وتضيع. أما التحقق عبر الإنترنت فهو سلاح ذو حدين؛ فقد رأيت بنفسي أن بعض شركات الاحتيال لا تكتفي بالإعلانات والترويج، بل تُعد مواقع تؤكد أن ما روّجت له صحيح، وتأتي بأناس يتحدثون عن تجاربهم، ويعرضون لقطات وصورًا تقنع المتلقي أن الجهة ذات مصداقية. هذا نوع من الاحتيال المتقن الذي بلغ الغاية، وهو ما بات يُعرف اليوم بـ«الاحتيال العميق» في عالم الذكاء الاصطناعي؛ فربما يُخدع المستثمر العادي. ولذلك يبقى الاستثمار التقليدي هو الأكثر أمانًا لمن لا يُحسن التعامل مع هذه الأسواق.
توجد جهات استشارية شرعية ومالية يمكن الرجوع إليها؛ للتمحيص والتبين والتثبت، وهي أولى من اقتحام هذا المحيط العميق دون خبرة. ومثلًا نجد في الألعاب الإلكترونية حالات مشابهة لما يسمى بالمال غير المتقوم؛ ففي بعض الألعاب يقطع اللاعب مراحل، لكن لا بد من الدفع لمواصلة التقدم، فهل هذا يُعد من الشراء للمال غير المتقوم، أم له حكم مختلف؟
الألعاب الإلكترونية صدر فيها قرار من مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأخيرة يقول: إنها من المباحات، وقد كان لي تعقيب لم يُؤخذ به؛ إذ أرى أنها من عموم البلوى. اليوم الألعاب الإلكترونية أصبحت تُروّج وتنتشر بين كل الفئات. المجمع نظر إلى أن الأصل في الترويح هو الإباحة؛ فعدّ الألعاب الإلكترونية ضمن هذا الأصل، مع ضرورة وجود ضوابط، وقد ناقشنا هذا بالتفصيل في حلقات مخصصة.
لكن فيما يتعلق بالمعاملات المالية المعاصرة؛ فإن المنتجات الموجودة اليوم في البورصات هي صناعة رأسمالية بامتياز، فليس من العدل أن نقول: إن الأصل في المعاملات هو الإباحة، ثم نجري هذه القواعد الشرعية على ما وُلد في بيئة رأسمالية قائمة على الجشع والطمع واستغلال الأغنياء للفقراء والأقوياء للضعفاء، وعلى الاحتكار والدوس على حقوق المستضعفين، بل يجب أن تُبنى المعاملات على الأمانة والصدق والوفاء بالعهود، وأن تكون خالية من الربا والاستغلال، كما هو الحال في أسواق المسلمين.
فإذا نشأت المعاملات في بيئتنا يمكن أن نقول: إن الأصل فيها الحل، أما المعاملات الرأسمالية الواردة إلينا فلا يصح أن نطبق عليها نفس القواعد. وهذا يقال أيضًا في الألعاب الإلكترونية؛ فلو أردنا تسمية ألعاب خالية من العنف والميوعة وتبخيس المقدسات وتحطيم القيم فهل نجد منها شيئًا؟ لا نجد، بل هي قائمة على الإثارة، واستلاب العقول، وتخاطب كل المراحل العمرية، وهي تحمل جرعات من العنف والخلاعة والتنكر للمجتمع، وتعزز الفردانية والانفصال عن الأسرة والمجتمع، بل وتدفع أحيانًا إلى الانتحار.
فأن تُدرج هذه الألعاب ضمن ترويح القلوب المباح شرعًا هو من عموم البلوى، هذه الألعاب أصبحت في بيوتنا وأجهزتنا، وهذا لا يغير من النتيجة؛ فالإباحة مشروطة بخلوها من المحاذير التي ذكرتها، ويجب ألا تصرف المسلم عن الأهم من دينه ودنياه، وأن تكون خالية من القمار والميسر، وألا تشبه المحرمات الشرعية. وقد يستغرب الناس من تحريم بعض الألعاب المعروفة قديمًا، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في دم خنزير»؛ هذا نهيٌ صريح، وقد اختلف الفقهاء هل التحريم مرتبط بالقمار أم مطلقًا، والراجح أنه نهي مطلق؛ إذ القمار محرّم بنصوص صريحة في القرآن والسنة.
اليوم نرى أن الألعاب صارت مما يُتنافس عليه، وتُقضى فيه ساعات طويلة، ويبلغ اللاعب حد الإدمان، ويحتاج إلى علاج نفسي، وينفصل عن أسرته ومجتمعه؛ فالمسألة تتعلق بالضوابط الشرعية، وبإشراف الأسرة، وجعل هذه الألعاب في نصابها الصحيح، وهذا الاستدراج هو ما أوصلنا إلى هذه الحال، شراء المراحل في هذه الألعاب يُقيّم بناءً على الضوابط الشرعية، ونرجو أن تقوم شركات في أوساط المسلمين بإنتاج ألعاب ترفيهية مناسبة موافقة لشرع الله، جاذبة للناشئة، وتغرس فيهم معاني طيبة وأخلاقًا حسنة، خالية من المضار التي توجد في الخبائث الوافدة إلينا من عالمنا المعاصر للأسف الشديد.