الأسبوع:
2025-06-17@19:56:50 GMT

"سوريا وغيوم المستقبل "الجولاني"!! ( ٤ )

تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT

'سوريا وغيوم المستقبل 'الجولاني'!! ( ٤ )

في المقال السابق، طرَحتُ بعض التساؤلات حول ما حدث في سوريا وما يمكن حدوثه استنتاجاً وليس مؤكداً.

فبعد فِرار "بَشَّار" إلى روسيا التي منحتْهُ لجوءاً إنسانياً وليس سياسياً، وأعقبَ فِرارَه قيام إسرائيل بتدمير ٨٠٪ من قوةِ عرينهِ الذي كان متسلحاً بالقواعد الجوية والصاروخية وفرقة مدرعات، بما أتاح لها الاستيلاء على جزءٍ آخر مِن هضبةِ الجولان وهو "جبل الشيخ" المتميِّز بارتفاعه الشاهِقْ مِمَّا يجعل سوريا كلَها تحت النيران الإسرائيلية، وبعد هذا الخَراب العسكري فَرَّ ضباط وجنود الجيش السوري وفي مقدمتهم الفرقة الرابعة المُدَرَّعة بقيادة "ماهر الأسد" شقيق "بشَّار" تاركين مواقعَهم وأسلحتَهم وخلعوا ملابسهم العسكرية ولزِموا بيوتهم خوفاً مِنْ ملاحَقةِ المُسَيطِر الجديد، ورعباً من انتقام أقارب مَنْ قُتِلوا على أيديهم، وبطشِ مَنْ عُذِبوا بعد خرجوهِم مِن السجون والمعتقلات.

وسؤال آخر يشْغَلُ الأذهان: ما هو مصير بشار الأسد؟ ولكن الأهم الآن مِن مصير "بشار" ورجاله هو معرفة ما يدورُ برأس "الشرع" (القاعِدي) الذي أتى سوريا ليؤسِس جبهة النُصرَة (جماعة أحرار الشام ) لإنهاء حُكْم العائلة العلوية، وما هو برنامجه القادم في سوريا سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً؟ الإجابة: لا شيء مُؤكَّد، فالرجل بعد أن خَلَعَ رِداء القاعدة لَمْ يَعُد بمقدورهِ الآن أن ينْطِق بكلمةٍ أو يخْطو خطوةً إلاَّ بإشارةِ إصبَع من أمريكا بعد أن رَفَعَتْ اسمه مِنْ قائمةِ المطلوبين الإرهابيين..

وعما يلوحُ بالأفق العَرَبي فيما يتعلَّق بموقفِ "الشرع" وتحليل إيماءاتهِ وابتساماته. فَمِن العَرَب مَنْ يراهُ مُحَرِّراً لبلدهِ منْ طاغية، ويجب مساعدتهِ مادياً وعينياً ومعنوياً، وهناك مَنْ يراهُ داعِشيِّاً دموياً سيُحَوِّل سوريا إلى قاعدةٍ تنطَلِقُ مِنها مسيرةُ إقامة "دولة الخِلافةِ الإسلامية" بمباركةٍ تُركيِّةٍ، ودَعمٍ إخواني (أينما وُجِدْ).

وهناك مَنْ يراهُ مُتلوِّناً مُتطلِّعاً لسلطةٍ باعَ لأجلِها قضيِّة تحرير الأجزاء المُحتَّلةِ مِنْ بلادهِ ومعها القَضيِّة الفلسطينية، وفي هذه الحالة الأخيرة ستكون (واشنطُن) قبلَته، (والبيتُ الأبيض) كَعْبَتهُ، و(دولة الكيان) ميقاته.

* بهذا القَدْر مِن التساؤلات أرىٰ أنه مِن الحِكمةِ أنْ ننتظِر (نحن العَرَبْ)، ونتَرقَّب في حَذَرٍ وتأهْب فربما يكون تحت الرْماد لهيباً، وحتى تنْقشِع بعض غيوم المستقبل "الجولاني" أو الشرعي (مجرد ألقاب وليست صفات لحامِلها)، وإلى أَن يتضح إنّ كان هذا الهدوء يَسْبِقُ عاصِفةً أَمْ أنَ فَصلاً جديداً مستقراً قد بَدَأ. *

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يحسم المستقبل لأحفاده.. ونحن نغرق في الشماتة العقيمة!

المعنى من التفوق الإقليمي هو ما تجسّده المواجهة بين إسرائيل وإيران، ويظهر في ثلاثة عناصر أساسية في هذه المواجهة: الأوّل في قدرة إسرائيل على الوصول إلى إيران، والثاني في الفجوة الهائلة في القدرات الجوية بين إيران وإسرائيل، والثالث وهو الهدف من هذه الحرب، أي ضمان استمرار هذا التفوق لصالح إسرائيل، ليس فقط بحرمان إيران من أي احتمال لامتلاك السلاح النووي، ولكن بحرمانها من تكريس استقلالها الوطني والذي من مقتضياته أن تملك قرارها السياسي والاقتصادي والعسكري بالنحو الذي يناسبها، بما في ذلك أن تملك التقنيات النووية بمحض قدراتها الذاتية.

تؤمن إسرائيل أنّ تفوقها الإقليمي هو شرط لاستمراريتها الوجودية من حيثيات متعددة، ابتداء من كون هذا التفوق يضمنها مكسبا استراتيجيّا لا يمكن التفريط فيه من الغرب، بحيث تستمرّ ذراعا للإمبراطورية الأمريكية في هذه المنطقة، لتكون مصالحها من عين مصالح واشنطن، وهو الأمر الذي تطوّر، على أية حال، من كونها مشروعا استراتيجيّا أمريكيّا، إلى أن تصير متبنى أيديولوجيّا في أمريكا، وبما لا يقتصر فقط على الأنجليكان الخلاصيين، الذي لهم زاويتهم للتبني الأيديولوجي لإسرائيل، بل حتى الذين يرون فيها مشروعا استراتيجيّا تحوّرت المصلحة الاستراتيجية عندهم إلى مفهوم أيديولوجي، وهو أمر معزز بالمال السياسي الفاسد، الذي يحسن اللوبي الصهيوني استثماره في إخضاع الساسة الأمريكيين.

إلا أنّ الأمر ليس منوطا بإسرائيل وحدها، أي إنّ الهوس بالوظيفة الإقليمية بالنسبة لإسرائيل يلتقي مع ما يمكن تسميته بـ"الفيتو" الغربي على هذه المنطقة، بحرمانها من إرادتها الوطنية المستقلة التي تدير بها شأنها سياسيّا وعسكريّا وتنمويّا، وإسرائيل تثبت نجاعتها في حرمان هذه المنطقة من استكمال تحررها، مما يجعلها في الوقت نفسه استثمارا مفيدا للغرب، وليست عبئا عليه، كما قد يتوهم الكثيرون بمحض الأماني والرغبات، فالأمر دائري، بين القوى الغربية الداعمة لإسرائيل، وبين هذه الأخيرة، وبين مصالح تلك القوى، وبين مصلحة هذه، ومن ثمّ وكما أثبتت إسرائيل جدارتها بأن تكون مكسبا استراتيجيّا للغرب في ضربتها الاستباقية لمصر في حرب العام 1967، تعيد ذلك الآن في ضربتها الاستباقية لإيران، وليس ثمة كبير معنى، والحالة هذه، للفصل بين قدراتها الذاتية وما تتلقاه من دعم مفتوح من الغرب، ومن أمريكا خصوصا، لأنّ الحال واحد من حيث الغرض من إسرائيل، ومن حيث الرؤية لما ينبغي أن تبقى عليه هذه المنطقة.

ما ميز إسرائيل أنّها أخذت هذا الأمر بجدية بالغة، إلى درجة أنّه محل إجماع إسرائيلي فوق الحكومات، وعابر للأيديولوجيات والانقسامات السياسية والاجتماعية، أو كما قال أخيرا بيني غانتس: "فيما يتعلق بإسرائيل، فليس هناك يمين ويسار، وإنما هناك صواب وخطأ، ونحن الجانب الصائب". وينبغي لهذا ملاحظة الانشغال الإسرائيلي المحموم لتحطيم إيران بوصفها قوّة تسعى لتكريس استقلالها الوطني، واستثمار مواردها الهائلة في إطار هذا الاستقلال، منذ العام 2002، حينما دفع شارون مع رئيس الموساد في حينه مئير داغان الذي بقي رئيسا للموساد من العام 2002 وحتى العام 2011؛ نحو "حروب الظلال"، التي تفوقت فيها إسرائيل تفوقا واضحا، مع أخذ ما تتلقاه من دعم وتسهيلات تقنية ولوجستية من حلفائها الغربيين بعين الاعتبار، وهو الأمر الذي راكمته وصولا إلى اللحظة الراهنة، وهذه اللحظة الراهنة كان من كثّفها وصاغ خطتها وملامحها النهائية كما تقول أوساط في الصحافة الإسرائيلية، وزير الحرب السابق غالانت، ورئيس الأركان السابق هاليفي، وهما من الشخصيات التي توترت علاقتها بنتنياهو بنحو شخصيّ جارح، بيد أنّ هدف تحييد القوّة الإيرانية هو فوق أيّ اعتبار آخر في إسرائيل.

بالنسبة إلى نتنياهو، فمنذ 29 عاما وهو يعمل على إقناع الغرب بالتخلص من عدد من الحكومات في المنطقة، هي العراق، وإيران، وسوريا، والسودان، وليبيا، كما كتب ذلك في كتابه "محاربة الإرهاب" الذي صدر في العام 1996. ولا ينبغي الشكّ والحالة هذه، في أنّ تدمير العراق في العام 2003 كان لأجل مصلحة إسرائيلية خالصة. هذا المشروع طرحه نتنياهو مثلا على الكونغرس الأمريكي عام 2000، كما يقول الخبير الاقتصادي الأمريكي جيفري ساكس. وإذن ونحن اليوم نعاين الهجوم الإسرائيلي على إيران، لا يسعنا إلا الإقرار بهذه المثابرة الإسرائيلية، التي لا ينبغي أن ينتقص منها الموارد الهائلة المتاحة للإسرائيليين من حلفائهم الغربيين والعرب على حد سواء! وينبغي، حين ذكر ذلك، أن نتذكر الاستعدادات الإسرائيلية العملية المعلنة لمواجهة حتمية مع إيران، منذ أن بدأت إسرائيل في توسيع حزامها الأمني في العام 2019، وصولا إلى العراق، ونصبها بطاريات الدفاع الجوي في السفوح الشرقية لمرتفعات الضفة الغربية، ونقل إسرائيل عام 2021 من منطقة عمليات القيادة الأمريكية الأوروبية (EUCOM) إلى منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، وبدء سعيها إلى تحالف دفاعي جوي مشترك مع المطبعين الجدد معها عام 2022، وفي الأثناء تكثيفها لمناورات الحرب الشاملة، أو الحرب متعددة الجبهات عام 2021.

وإذا كانت الفجوة الهائلة في القدرات التقنية والعسكرية، ولا سيما في القدرات الجوية، معلومة الأسباب، فإسرائيل مشروع استثماري غربي، وإيران محاصرة منذ أكثر من أربعة عقود، فإنّ الوصول إلى إيران بسلاح الجوّ الإسرائيلي، تطلب تنظيف المنطقة من أجهزة الرصد الجوي التي من شأنها أن تلتقط حركة الطيران الإسرائيلي منذ انطلاقه وصولا إلى إيران، بما يشمل لبنان وسوريا والعراق، وذلك علاوة على ما توفّر لإسرائيل من مساعدة محتملة من دول في شرق المتوسط، والخليج، وأذربيجان.

بدلا من الوعي بمعنى التفوق الإسرائيلي الإقليمي هذا الذي يحرم المنطقة من إمكانيات الاستقلال والتحرر لأجيال قادمة، يصير التحذير من خطورة معاندة أمريكا وإسرائيل، أو التركيز الساخر على العنتريات الفارغة، بدلا من نقد الاستعداد الإيراني القاصر، وبدلا من التفكير في السبل الصحيحة للتحرر من الهيمنة الإسرائيلية/ الأمريكية على هذه المنطقة التي تحرم أحفادنا من حقهم في امتلاك إرادتهم المستقل
حين قراءة الموقف العسكري الراهن، وملاحظة التفوق الإسرائيلي الكاسح فيه من هذه الناحية، إذ لا كبير أهمية من هذه الحيثية لعديد القوات والعمق الجغرافي والطبيعة الطبوغرافية لأن الحرب تعتمد على القصف الجوي، ولأنّ استثمار الجغرافيا والطبوغرافيا وعديد السكان مرهون بمدى قدرة إيران على الاستمرار في إطلاق صواريخها المؤثرة على إسرائيل، حين ملاحظة ذلك، بالتأكيد لا ينبغي إغفال الدعم الأمريكي المفتوح لها، وما تتفضل به الجغرافيا السياسية المحاصرة لإيران من خدمات لإسرائيل، بيد أنّ هذا كله مرة أخرى لا ينفي المثابرة الإسرائيلية، كما لا ينفي الترهل الإيراني في التقاط كل هذه المؤشرات الصريحة للاستعداد الجيد لها، بما في ذلك تطهير إيران من العملاء، أو مراكز القوى التي يبدو أنها متواطئة مع إسرائيل لإعادة تشكيل النظام في إيران.

حين قراءة كلّ هذا، وبقطع النظر عن نتيجة المواجهة القائمة ومساراتها، فإنّ الاستفادة من ذلك كله، دائما ما تكون معكوسة لدى العديد من النخب العربية المساهمة في النقاش العام، فبدلا من الوعي بمعنى التفوق الإسرائيلي الإقليمي هذا الذي يحرم المنطقة من إمكانيات الاستقلال والتحرر لأجيال قادمة، يصير التحذير من خطورة معاندة أمريكا وإسرائيل، أو التركيز الساخر على العنتريات الفارغة، بدلا من نقد الاستعداد الإيراني القاصر، وبدلا من التفكير في السبل الصحيحة للتحرر من الهيمنة الإسرائيلية/ الأمريكية على هذه المنطقة التي تحرم أحفادنا من حقهم في امتلاك إرادتهم المستقلة، وهي ذات الاستفادة المعكوسة من عملية السابع من أكتوبر وحرب الإبادة، فبدلا من إدراك خطورة المنحى الإبادي في المشروع الإسرائيلي والتفكير في كيفية مواجهته، انحصر خطاب بعضهم في تحميل المسؤولين عن السابع من أكتوبر مسؤولية الإبادة، وذلك أيضا بدلا من ملاحظة ما أعطته تلك العملية من إشارة إلى إمكانية الفعل، وما كشفت عنه الإبادة من خضوع هذه المنطقة للهيمنة الإسرائيلية، بحيث تتواطأ حكوماتها على إبادة الفلسطينيين أو تعجز عن دفع الإبادة عنهم.

وبينما لا يوجد أدنى تفكير في المستقبل، ويغرق بعض هؤلاء في مشاعر تشفّ مريضة بإيران، تنمّ عن بلادة عقلية وأخلاقية؛ يقول نتنياهو إنّ هذه حرب من أجل تأمين مستقبل الأجيال القادمة في إسرائيل.

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • قطر تجدد ترحيبها بخطوات سوريا نحو المصالحة وبناء دولة القانون والمؤسسات
  • صمت سوريا عن التصعيد بين إيران وإسرائيل يثير التساؤلات
  • نتنياهو يحسم المستقبل لأحفاده.. ونحن نغرق في الشماتة العقيمة!
  • ملتقى "استشراف المستقبل" يعزز توجهات التخطيط الاستراتيجي
  • سوريا.. تجارة وصناعة الكبتاغون مستمرة رغم سقوط النظام
  • التربية تناقش مع ممثلي المنظمات الدولية ‏والمحلية خطة الاستجابة لمستقبل التعليم في سوريا
  • بحث تعزيز التعاون الرياضي بين سوريا والمغرب
  • حروب المستقبل: الدرونز والمعضلة الأمنية في أفريقيا
  • ولي العهد يترأس اجتماع المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل
  • سجل بحثك يراه الآخرون.. ميتا تفاجئ المستخدمين بخطوة تهدد الخصوصية