لماذا وصف إيلون ماسك زيلينسكي بـ السارق المحترف؟
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال محادثة صحفية، عقب قمة رابطة الدول المستقلة، إن أوكرانيا تعاقب أوروبا من خلال عدم تجديد عقد توريد الغاز الطبيعي الروسي، موضحًا أن موسكو مستعدة لتزويد الاتحاد الأوروبي عبر بولندا.
هذا، وتوقفت صادرات الغاز الطبيعي الروسي عبر خطوط أنابيب تمر من أوكرانيا إلى أوروبا في الساعات الأولى من صباح الأربعاء 1 يناير/ كانون الثاني الجاري، بعد انقضاء اتفاقية العبور، وفشل موسكو وكييف في التوصل إلى اتفاق لمواصلة التدفقات.
من ينظر إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا مع بداية عام 2025، حيث وصلت الأسعار إلى أعلى مستوى لها منذ أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، متجاوزة الـ50 يورو لكل ميغاواط، على خلفية توقف عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا، يقرّ بأن بوتين أصاب في تحذيره.
لكن ما لم يصب به بوتين هو فيما خصّ الشأن "العقابي" الذي تحدث عنه، إذ إنه من المبكّر إصدار الأحكام على أزمة لم يمرّ عليها أسبوع. فقرار كييف هذا، يكون قد عاقب موسكو حيث أفقدها حصتها من المنافسة النرويجية والأميركية والقطرية فيما يخصّ نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
في حين كانت شركة غازبروم المملوكة من الدولة الروسية، سجلت خسائر صافية قدرها سبعة مليارات دولار عام 2023، وهي أول خسارة سنوية لها منذ عام 1999؛ بسبب تراجع شحناتها لأسواق الغاز في الاتحاد الأوروبي.
إعلانتشير أحدث التقارير، إلى أن روسيا فقدت أكثر من 50 عامًا في بناء حصة رئيسية لها في سوق الغاز الأوروبية، والتي بلغت في ذروتها 35 %. إذ علّق على هذا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بطريقة ساخرة، في منشور على موقع "إكس" بتحويل أكثر من 130 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا لأوروبا إلى تصفير الكمية، مضيفًا أنّ هذا بحدّ ذاته يشكل أكبر الخسائر بالنسبة إلى روسيا.
تحت عنوان الشأن "العقابي"، يتوقف المتابع عند ما ينشره رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك، متهمًا الرئيس زيلينسكي بالسرقة. فهل فعلًا زيلينسكي يعاقب الأميركي عبر نهبه للدولارات الأميركية؟ أم يجد فيه البعض أنه ورقة عقابية لشركة غازبروم الروسية، عند الإدارة الأميركية؛ لتحقيق مكاسب فيما خصّ رفع أرباح الشركات الأميركية لإنتاج الطاقة والغاز الطبيعي المسال عبر خلق أسواق أوروبية جديدة لها؟
اعتمد ماسك في اتهامه على المبالغ المالية التي يحصل عليها الرجل تحت عنوان تمويل الحرب ضد روسيا. إذ أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم نحو 6 مليارات دولار لأوكرانيا، كما وكشف مؤخرًا الرئيس الأميركي جو بايدن، في نهاية العام الماضي، عن تقديم مساعدات أمنية إضافية لأوكرانيا بقيمة 2.5 مليار دولار، في حين قالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، إن واشنطن أتاحت 3.4 مليارات دولار أخرى من الموازنة لأوكرانيا.
لكن في قراءة مخالفة لماسك، وقد تكون تصب في سياسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، يعتبر أن ما قامت به كييف مع بداية هذا العام، يحدد من المعاقَب ومن المعاقِب، ويوضح أن القرار يصبّ في صالح الولايات المتحدة. إذ قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إن الولايات المتحدة صدرت ما يقرب من نصف إجمالي واردات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، منذ عام 2023، ما يجعلها أكبر موردي الغاز لأوروبا للعام الثالث على التوالي.
إعلانتسرّع ماسك في اتهامه لزيلينسكي؛ لأنّ الرجل في قراره وقف مفعول اتفاقية نقل الغاز الروسي، قد قدّم خدمة إلى الشركات الأميركية المصدرّة للطاقة، خصوصًا مع ارتفاع في أسعار الغاز في بداية هذا العام؛ نتيجة زيادة الطلب، بعد الحديث عن جو قارس تستعد له القارة الأوروبية في شهر يناير/ كانون الثاني الحالي. هذا ما يتوافق مع ما شعار ترامب "احفر يا عزيزي… احفر"، فهذا ما ستكون عليه سياسة إدارته في زيادة التنقيب والتصدير للغاز.
إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستعيد فتح الباب أمام مرحلة جديدة لقطاع النفط، تتأرجح بين احتمالات ارتفاع الإنتاج المحلي الأميركي وضغوطٍ على الأسعار العالية. لهذا من المتوقع أنه لن يسير ترامب بما تمناه ماسك، بل سيستمر في دعم كييف في حربها مع روسيا، وما قاله ضمن حملاته الانتخابية من وقف الحرب الروسية الأوكرانية بوقت سريع قد لا يكون في مكانه؛ لما تشكله تلك الحرب من مكاسب للولايات المتحدة.
لا يحتاج المتابع لجهد كبير كي يدرك أن المعاقَب في حرب الطاقة هي روسيا أولًا، لخسارتها السوق الأوروبية، حيث تمّ تصفير التصدير. لا سيما أن الأسواق التي وجدت فيها روسيا بديلًا عن السوق الأوروبية، قد لا تكون على قدر من الثقة، تحديدًا الصينية والهندية. إذ مع بداية الحرب الروسية عام 2022، وفي ظل دخول العقوبات الغربية حيّز التنفيذ على روسيا، كشفت شركات للدول العملاقة الآسيوية على رأسها شركة هندوستان بتروليوم الهندية التي تديرها الدولة، أن الهند تجري محادثات مع روسيا حول صفقة لشراء النفط والغاز بأسعار مخفضة.
كما الشركات الهندية كذلك الصينية، حيث نقلت مصادر عن كبار المستوردين الصينيين للغاز الطبيعي المسال بما في ذلك "سينوبك" و"بروتشاينا" عن إجراء محادثات لشراء الغاز من روسيا بأسعار مخفضة.
تحت صفقات "أسعار مخفضة"، تقع روسيا في فخّ حربها، إذ على ما يبدو العقاب لا يتوقف عند تصدير الطاقة. بل يطال الأصول الروسية المجمدة في المصارف الأوروبية، والتي تقدر بمليارات الدولارات، حيث بدأ تمويل حرب أوكرانيا من هذه الأصول.
إعلانعلى ما يبدو، لم يعد بوتين في موقع في الوقت الحالي، من يحدد الشروط ويصنف من المعاقَب في حرب لم تزل نهايتها بعيدة. حيث إن الإدارة الأميركية الجديدة ما زالت تدرس كافة خياراتها لحرب أوكرانيا، حتى منها استمرارية الدعم المادي لكييف، على اعتبار أن قرارًا كهذا يخدم أمن الطاقة الأميركي دون سواه.
قد تكون أوكرانيا عاقبت الاتحاد الأوروبي قصدًا؛ بسبب رفضه قبول عضويتها، رغم الطلب المستمر لكييف. ورغم أن هذا القرار أخرج أصواتًا منددة ومهددة بقطع العلاقات مع كييف، كما صرح رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، فإن روسيا ستبقى هي المعاقَب الرئيسي لخسارتها أبرز أسواق التصدير في عصر مقبل على مزاحمة في بناء ممرات الطاقة إلى أوروبا تحديدًا من الشرق الأوسط.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الغاز الطبیعی إلى أوروبا المعاق ب
إقرأ أيضاً:
إيلون ماسك يغادر البيت الأبيض.. ماذا أنجز خلال 129 يوما؟
بعد 129 يومًا على رأس وزارة "الكفاءة الحكومية" في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، طوى الملياردير إيلون ماسك، الخميس، صفحة مثيرة في العمل الحكومي، كانت حافلة بالتحركات الجذرية والتخفيضات القاسية، والجدل واسع النطاق.
وقدم ماسك، الذي تولى هذا المنصب المستحدث مطلع شباط / فبراير الماضي نفسه كقائد لحرب تقشف غير مسبوقة، معلنًا سعيه لتقليص الإنفاق الفيدرالي بمقدار 2 تريليون دولار، وتراجع الهدف لاحقًا، الهدف إلى 1 تريليون، ثم إلى 150 مليار دولار فقط.
وبحسب تصريحات رسمية للوزارة، نجحت حملة ماسك في تقليص الإنفاق بنحو 175 مليار دولار، عبر بيع أصول وإلغاء عقود وخفض أعداد الموظفين بواقع 260 ألفًا من أصل 2.3 مليون موظف فيدرالي.
لكنّ تحليلًا أجرته شبكةبي بي سي أظهر غيابًا للأدلة الدامغة على بعض إعلانات التوفير، كما رصد انتهاكات قانونية في عمليات التسريح، دفعت القضاء الفيدرالي للتدخل ووقف بعضها، خاصة في قطاعات حساسة كالأمن النووي، حيث تمّ تجميد فصل موظفين مختصين بالترسانة الأمريكية.
تراجع في النفوذ الأمريكي الخارجي
ولم تقتصر سياسات ماسك على الداخل، بل طالت وكالة "USAID" الأمريكية، حيث تم إلغاء أكثر من 80 بالمئة من برامجها، وتحويل ما تبقى إلى وزارة الخارجية، وأثرت قرارات على برامج إنسانية أساسية مثل مكافحة الجوع، والتعليم، والتطعيم في دول عدة بينها السودان، أفغانستان، والهند.
وبحسب تقرير البي بي سي اعتبر خبراء في الشأن الدولي أنّ هذه الخطوة تمثل تراجعًا في أدوات "القوة الناعمة" الأمريكية، وأنها تُضعف الدور التقليدي للولايات المتحدة في إدارة الأزمات العالمية.
تضارب مصالح ونظريات مؤامرة
ورغم الدعم العلني الذي تلقاه ماسك من ترامب، تعرّض الثنائي لانتقادات حادة بسبب تضارب المصالح، فشركات ماسك، وعلى رأسها "سبيس إكس" و"تسلا" و"ستارلينك"، ترتبط بعقود حكومية ضخمة، أبرزها عقد فضائي بقيمة 22 مليار دولار، ما أثار شكوكا حول استغلاله لمنصبه لتعزيز مصالحه التجارية.
كما اتهم ماسك بنشر معلومات مضللة، بينها مزاعم حول اختفاء احتياطي الذهب الأمريكي من قاعدة "فورت نوكس"، وادعاءات بحدوث "إبادة جماعية" ضد الأقلية الأفريكانية البيضاء في جنوب أفريقيا، وهو ما أثّر على العلاقات مع بريتوريا بعد أن نقل ترامب هذه المزاعم إلى الرئيس رامافوزا خلال لقائهما الأخير.
ورغم إشادة ترامب المتكررة بماسك، تحدثت تقارير عن توترات داخلية، خاصة من وزراء رأوا أن سياسات التقشف أضرت بوزاراتهم، وهو ما ظهر جليًا مع انتقاد ماسك العلني لمشروع قانون الموازنة الذي تبناه ترامب، واصفًا إياه بـ"الضخم والمخيب"، بسبب ما يتضمنه من إعفاءات ضريبية وزيادات في الإنفاق الدفاعي، وهو ما قال ماسك إنه "يُقوّض" جهوده في خفض النفقات.
في تغريدة وداعية عبر منصة "إكس"، شكر ماسك ترامب على الفرصة، مؤكداً أنه "سوف يواصل دعم الإدارة من الخارج"، بينما علّق ترامب قائلاً: "لن يغادر إيلون فعلياً... سيبقى دائماً معنا".