قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء الركن محمد الصمادي إن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أثبتت قدرتها على استنزاف جيش الاحتلال الإسرائيلي واستهدافه عبر تكتيكات حرب العصابات، مؤكدا قدرتها على الاستمرار في ذلك حتى إن استمرت الحرب عاما آخر.

وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الساعات الماضية بمقتل 4 من عناصره في اشتباكات بمنطقة بيت حانون شمالي القطاع، بينهم ضابطان.

وأوضح الصمادي في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة أن إعلان جيش الاحتلال عن مقتل عناصره شمالي قطاع غزة يعكس حجم التحديات التي يواجهها في مواجهة جيوب المقاومة.

وأشار إلى تصاعد استخدام المقاومة لعبوات ناسفة شديدة الانفجار، مثل عبوات الشواظ، التي استهدفت مؤخرا عدة آليات عسكرية إسرائيلية، مؤكدا أن هذه العمليات تُظهر استمرار إبداع المقاومة وتطور تكتيكاتها.

وكانت إسرائيل قد كثفت عملياتها العسكرية في شمال قطاع غزة، حيث يقود لواءي "ناحال" و"غفعاتي" عمليات تمشيط وتدمير في محاولة للقضاء على جيوب المقاومة.

لكن الصمادي أكد أن هذه المحاولات تقابلها تكتيكات فعالة من قبل المقاومة، التي تعتمد على أعداد قليلة من المقاتلين لتنفيذ عمليات نوعية توقع خسائر في صفوف قوات الاحتلال، مضيفا أن قناصا واحدا أو مجموعة صغيرة من المقاتلين يمكنهم إحداث تأثير كبير في ميدان القتال.

إعلان السيطرة العملياتية

وأضاف الصمادي أن إطلاق الصواريخ من مواقع قريبة من آليات الجيش الإسرائيلي شمال القطاع يعكس تحديا كبيرا، ويؤكد أن جيش الاحتلال "غير قادر على السيطرة العملياتية"، رغم التدمير الذي يستهدف الأنفاق والبنية التحتية للمقاومة.

ولفت إلى أن الطبيعة الرملية للتربة في غزة تسهل إعادة تأهيل الأنفاق بسرعة، مما يُبقي المقاومة قادرة على المناورة واستمرار الضغط على الاحتلال.

وأشار إلى أن الصواريخ التي تطلقها المقاومة، رغم حجمها الصغير، لها دلالات سياسية وعسكرية مهمة، حيث تظهر أنها لا تزال قادرة على استهداف المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، مما يربك حسابات الاحتلال ويزيد من كلفة عملياته العسكرية.

وذكر الصمادي أن العمليات الإسرائيلية الحالية في مناطق مثل جباليا وبيت لاهيا تركز على التدمير الشامل والبنية التحتية للمقاومة، لكنها لم تتمكن من القضاء على قدرة المقاومة على تنفيذ الكمائن واستهداف القوات المتوغلة.

وتابع الصمادي: "حتى لو استمرت العمليات لعام كامل، فإن المقاومة قادرة على استنزاف الاحتلال، وهذا يعكس طبيعة حرب العصابات في المناطق المبنية، حيث تمتلك المقاومة تكتيكات مرنة وفعالة لإيقاع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي".

وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد أعلنت أن عدد قتلى الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وصل إلى 826 ضابطا وجنديا، إضافة إلى آلاف الإصابات الجسدية والنفسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات جیش الاحتلال قادرة على

إقرأ أيضاً:

محللون: إسرائيل تلقت ضربة مزدوجة من اليمن وغزة ومتورطة بحرب استنزاف

اتفق محللون وخبراء سياسيون على أن إسرائيل تلقت ضربة مزدوجة من قطاع غزة واليمن، وأنها تدفع ثمنا متصاعدا لحرب استنزاف طويلة الأمد أرهقت المجتمع الإسرائيلي وفرضت عليه أعباء نفسية واقتصادية، في ظل عجز واضح عن تحقيق أهدافها العسكرية أو كبح الهجمات المتواصلة التي تستهدف عمقها الحيوي.

جاء ذلك في حلقة جديدة من برنامج "مسار الأحداث" على قناة الجزيرة، تناولت تزامن تطورين ميدانيين بارزين، تمثَّل الأول في عملية نوعية نفذتها المقاومة الفلسطينية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، والثاني في إطلاق صاروخ جديد من اليمن وصل إلى أجواء القدس، في تصعيد وصفه ضيوف الحلقة بأنه يمثل تحولا ميدانيا لافتا يزيد من مأزق الاحتلال.

ورأى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا أن إسرائيل باتت أمام مشهد غير مسبوق، إذ تجد نفسها عاجزة عن التعامل مع صواريخ الحوثيين رغم امتلاكها منظومة دفاعية متقدمة، مشيرا إلى أن الأثر السيكولوجي لهذه الضربات ينعكس على أكثر من 1.5 مليون إسرائيلي يضطرون للنزول إلى الملاجئ في كل إنذار.

وأكد أن جماعة الحوثي استطاعت فرض معادلات جديدة باستخدام وسائل محدودة تحقق أثرا إستراتيجيا كبيرا، بينما تنفق إسرائيل موارد ضخمة دون تحقيق مردود فعلي، مشيرا إلى أن استمرار إطلاق الصواريخ من اليمن رغم الوجود العسكري الأميركي في المنطقة يكشف محدودية قدرة الردع الإسرائيلي والأميركي.

إعلان

في موازاة ذلك، أشار حنا إلى أن الكمين الذي نفذته المقاومة في جباليا تميز بتعقيده واستمراره رغم محاولات طائرات الاحتلال إجلاء المصابين، موضحا أن استخدام مروحيات قتالية بدلا من طائرات الإنقاذ يؤكد أن الاشتباكات كانت على مسافة صفر، وأن جيش الاحتلال عجز عن تأمين ميدان القتال بما يسمح بعمليات الإنقاذ.

تعميق أزمة الاحتياط

من جهته، رأى الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن خسائر الجيش الإسرائيلي في غزة، وفي جباليا تحديدا، تعمّق من أزمة قوات الاحتياط، خاصة بعد خفض فترة الخدمة الموعودة من 130 يوما إلى 75 فقط، في ظل اتساع رقعة العمليات وارتفاع الخسائر البشرية.

وأكد مصطفى أن حرب الاستنزاف الجارية حاليا تنعكس سلبا على المجتمع الإسرائيلي الذي يعاني من إرهاق نفسي وانقسام داخلي حاد، لافتا إلى أن جنود الاحتياط هم من مختلف شرائح المجتمع، وأن تراجع حماستهم للخدمة يعكس انحسار التأييد الشعبي لاستمرار الحرب.

وأوضح أن الانخراط في العمليات العسكرية تراجع من نسبة 85% عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى أقل من 50% حاليا، مشددا على أن الفشل في حسم الحرب أو تحقيق أهداف أمنية واضحة عمّق من أزمة الثقة بين المجتمع والحكومة.

أما الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر، فرأى أن العملية الأخيرة في جباليا نكأت جراح الاحتلال وأظهرت إخفاقاته المتكررة رغم محاولاته السابقة لاحتلال المنطقة، مضيفا أن الصاروخ اليمني الذي وصل أجواء القدس جسد فشلا جديدا في احتواء التهديدات القادمة من الجبهة الجنوبية.

وأشار شاكر إلى أن الاحتلال بات يعيش مأزقا مركبا، فهو عاجز عن فرض سيطرته الميدانية، ويواجه عزلة دولية متزايدة نتيجة ممارساته، لافتا إلى أن عمليات المقاومة تعيد فرض معادلة ميدانية رغم الجوع والمعاناة في غزة، وتعزز الشعور بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم.

إعلان إرباك متزايد

في السياق نفسه، أكد العميد إلياس حنا أن الأثر النفسي الذي تسببه الصواريخ اليمنية لا يقل أهمية عن أثرها الميداني، موضحا أن الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لحماية منشآتها الحيوية كإغلاق مطار بن غوريون وإنزال السكان إلى الملاجئ تشير إلى مستوى الإرباك الذي تحدثه هذه الهجمات.

وأوضح أن إسرائيل تفتقر إلى "دواء" فعّال لوقف هذه الصواريخ، فهي عاجزة عن استهدافها قبل إطلاقها، ولا تملك معلومات كافية عن البنية اللوجستية التي تمكّن الحوثيين من الاستمرار في إطلاقها، مما يفرض تحديات أمنية حقيقية لا يمكن تجاوزها عبر التصريحات السياسية.

بدوره، شدد مصطفى على أن المجتمع الإسرائيلي بات أسير الحرب الممتدة، وأن تعطشه للعودة إلى الحياة الطبيعية يواجهه قصف من غزة وصواريخ من اليمن، مشيرا إلى أن المأزق لا يكمن فقط في فشل عسكري، بل في هشاشة داخلية تهدد بإعادة إنتاج الهزيمة على المستويين السياسي والاجتماعي.

وأضاف أن استمرار الحرب بات وسيلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحفاظ على سلطته، مستندا إلى حالة الطوارئ لتمرير سياسات تتعلق بالقضاء وبنية الدولة، مرجحا أن يسعى إلى إطالة أمد الحرب حتى الانتخابات المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول 2026.

رسالة تاريخية

في المقابل، رأى حسام شاكر أن صمود غزة وتواصل الضربات اليمنية يوجهان رسالة تاريخية بأن الاحتلال لم يعد قادرا على فرض هيبته، وأن الرأي العام العالمي بدأ يغيّر نظرته بشكل جذري تجاه إسرائيل، حتى داخل الدوائر التي كانت داعمة تقليديا لها.

وأوضح شاكر أن التحولات الجارية على الأرض وتغير المزاج الدولي، بما في ذلك تصريحات لمسؤولين أميركيين تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، تعكس حالة انكشاف غير مسبوقة للاحتلال، وتقلص من قدرته على ترويج صورته كدولة طبيعية أو مسالمة.

من جانبه، اعتبر حنا أن العمليات الميدانية للمقاومة مثل كمين جباليا وقصف الشجاعية ليست معزولة بل تخدم رؤية إستراتيجية تقوم على استنزاف الاحتلال وتفكيك خططه العسكرية، عبر معارك مركّبة تنفذها مجموعات صغيرة بأسلحة متواضعة لكن فاعلة.

إعلان

أما الدكتور مهند مصطفى، فرأى أن إسرائيل لن تكون جاهزة لأي مراجعة كبرى في ظل استمرار الحكومة الحالية والحرب المستمرة، مرجحا أن تبدأ هذه المراجعة فقط بعد توقف العمليات وسقوط حكومة نتنياهو، باعتبار أن استمرار حالة الطوارئ هو ما يضمن بقاءها.

وأكد مصطفى أن الأفق السياسي في إسرائيل بات مسدودا، وأن حالة الاصطدام مع كل الأطراف -بما فيها المؤسسة القضائية والمجتمع الدولي- أصبحت سمة المرحلة، فيما تزداد المعضلات نتيجة إخفاقات ميدانية وتقديرات إستراتيجية أثبت الواقع بطلانها.

مقالات مشابهة

  • ياسر أبو شباب.. معتقل سابق بغزة متهم بالعمالة لإسرائيل
  • خبير عسكري: عمى الاحتلال تكتيكيا وإستراتيجيا وراء تكرار عمليات المقاومة
  • الجيش الإسرائيلي اعترف بقتلهم.. الموت جوعا يتكرر في غزة
  • "كمين جباليا".. الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل مقتل جنوده الثلاثة في غزة
  • محللون: إسرائيل تلقت ضربة مزدوجة من اليمن وغزة ومتورطة بحرب استنزاف
  • هيئة البث الإسرائيلية: الجيش يوسع عملياته بغزة ويعمل على تطويق خان يونس بالكامل
  • خبير عسكري: هذا ما تريده إسرائيل من توسيع نطاق عمليتها في غزة
  • المقاومة تزلزل جباليا.. الجيش الإسرائيلي يفشل في إجلاء جنوده تحت وابل النيران
  • المقاومة بغزة ترد على ويتكوف وتتمسك باتفاق ينهي العدوان
  • الحوثيون : سنسقط طائرات الاحتلال الإسرائيلي التي تقصف بلادنا