سارية الرفاعي داعية سوري، وعضو رابطة علماء الشام والمجلس الإسلامي السوري، ولد في دمشق التي بدأ فيها مسيرته الدعوية قبل أن يغادرها عام 1980 بعد ملاحقته من النظام السوري، عاد إليها مرة أخرى ثم اضطر للمغادرة ثانية إثر دعمه الثورة السورية منذ اندلاعها عام 2011، وتوفي في المهجر أوائل عام 2025.

المولد والنشأة

ولد سارية عبد الكريم الرفاعي في دمشق عام 1948، لعائلة علمية مرموقة، فهو الابن البكر للعلامة الراحل عبد الكريم الرفاعي أحد أبرز علماء دمشق، ومؤسس جماعة زيد بن ثابت، وعُرِفَ بعلمه ودعوته ونشاطه في عمل الخير في العاصمة السورية.

ونشأ الرفاعي في كنف أبيه، وكان لهذه النشأة الأثر الأكبر في همة الشيخ سارية في نشر الدعوة والأعمال الخيرية في المجتمع.

وهو شقيق رئيس المجلس الإسلامي السوري الشيخ أسامة الرفاعي.

سارية الرفاعي هو الابن البكر للعلامة الراحل عبد الكريم الرفاعي (مواقع التواصل) الدراسة والتكوين العلمي

تخرَّج الرفاعي في معهد الجمعية الغراء، ودرس فيها كل المراحل حتى نال الشهادة الثانوية منها عام 1966، ثم سافر إلى مصر والتحق بالأزهر الشريف، وتخرَّج في كلية أصول الدين عام 1971، ثم حصل على درجة الماجستير في التفسير عام 1974.

تتلمذ سنوات عند المفتي الأسبق للجمهورية العربية السورية الشيخ أبي اليسر عابدين، وأخذ عنه العربية والفقه الحنفي. وأثناء دراسته في مصر تلقى العلم عن بعض شيوخها، منهم الشيخ عبد الحليم محمود والشيخ محمد محمود حجازي والشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، وفق موقع "رابطة علماء دمشق".

ودرس على علماء بارزين في الشام أمثال محمد كريم راجح وعبد الرزاق الحمصي ومحمد صالح الفرفور وعبد الرحمن حبنكة وسعيد الطنطاوي.

إعلان التجربة الدعوية

عقب عودته إلى دمشق، بدأ الرفاعي مسيرته في مجال الدعوة الإسلامية، وعمل على تعزيز النشاط الدعوي والاجتماعي، وتولّى إمامة مسجد زيد بن ثابت في المدينة بعد وفاة والده. وإلى جانب عمله الدعوي، شارك في كثير من المشروعات الخيرية والاجتماعية التي تهدف إلى خدمة الفقراء والمحتاجين.

عام 1973 عُيّن الرفاعي مدرسا في دائرة الإفتاء العام، ثم عرض عليه النظام السوري السابق تولي منصب مفتي دمشق ووزارة الأوقاف في سوريا، إلا أنه اعتذر عن قبول المنصب.

الشيخ أسامة الرفاعي شقيق سارية الرفاعية (مواقع التواصل)

اضطر الشيخ الرفاعي إلى مغادرة سوريا عام 1980 نتيجة للمضايقات الأمنية التي تعرض لها من نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد، والتي شملت مختلف الحركات الإسلامية. وبقي في المهجر حتى عام 1993، حين عاد إلى دمشق بعد انتهاء فترة المطاردة الأمنية.

وبعد عودته تسلم من جديد إمامة جامع زيد بن ثابت، ونشط مع تلاميذه، وبعد عام واحد أسس فرع الإناث التابع لمعهد الفرقان.

وفي عام 2003 أسس مشروعه الخيري الأبرز في سوريا، وهو جمعية "حفظ النعمة"، التي انطلقت بفكرة جمع الطعام المتبقي من المطاعم بعد انتهاء عملها وتوزيعه على المحتاجين.

وتطور المشروع مع مرور الوقت ليشمل مجالات إغاثية أوسع، وأنشأت الجمعية مكاتب للإغاثة العامة، وقدمت في عام 2009 إفطار رمضان للآلاف من الصائمين في باحات المسجد الأموي بدمشق

وأسس عددا من المشاريع الأخرى البارزة مثل "مشروع الكسوة" لجمع الملابس المستعملة والجديدة وتوزيعها على المحتاجين، ومشروع "الدواء" ومشروع "الأثاث" دعما للشباب المقبلين على الزواج، ومشروع لكفالة الأيتام ودعمهم ماديا ومعنويا، واستطاع رعاية أكثر من 30 ألف يتيم في دمشق وريفيها فقط.

ومن المشاريع الأخرى، تأسيسه لمكتب التحقيق والتأليف الذي قاد عملية إعداد منهج للدورات الصيفية في المساجد لمستويات مختلفة.

إعلان

وأطلق الرفاعي قناة "الدعوة" الفضائية عام 2008، لكن وبعد أشهر معدودة، أغلقها النظام السوري السابق، وأمر بمصادر كل ما فيها.

وفي إطار اهتمامه بنشر وتعليم القرآن الكريم، أسس "مركز زيد بن ثابت" لخدمة الأنشطة القرآنية، استمرارا لنهج والده الشيخ عبد الكريم الرفاعي في دعم النهضة القرآنية بدمشق.

وإلى جانب ذلك، كان الشيخ ناشطا في العمل الإسلامي، وشارك في عدد من المؤتمرات الإسلامية الدولية، كما كان عضوا في المجلس الإسلامي السوري ورابطة علماء الشام.

التحق الشيخ الرفاعي بالثورة السورية منذ اليوم الأول لانطلاقها عام 2011 وكان من أوائل داعميها، وأبرز الأصوات المعارضة لنظام بشار الأسد.

وكان من أول المنتقدين للمجزرة التي ارتكبتها قوات نظام الأسد في محافظة حماة في أغسطس/آب 2011، في بداية شهر رمضان، إذ خطب الشيخ سارية الرفاعي بعد صلاة الفجر في الناس، مهددا بتصعيد الاحتجاجات إن لم يتوقف النظام عن جرائمه بحق الشعب السوري.

وقال الشيخ سارية حينئذ "ما كنت أظن أن يصل الإجرام إلى هذا الحد من جيشنا، الجيش العربي السوري الذي عرفناه مدافعا عن الشعب، أن يصوب بنادقه إلى الشعب، وفي شهر كريم، وفي بداية شهر عظيم سماه النبي عليه الصلاة والسلام بشهر المواساة".

بيان وقعه عدد من علماء الشام تنديدا بممارسات النظام السوري (الصحافة السورية)

وفي اليوم ذاته، أصدر عدد من علماء الشام -يتقدمهم سارية الرفاعي وشقيقه أسامة الرفاعي- بيانا يندد باقتحام جيش النظام مدينة حماة وبقمعه الاحتجاجات في مختلف المحافظات السورية وسفكه دماء المئات من أبناء الشعب السوري، وحمّل البيان النظام المسؤولية الكاملة عن المآلات، وطالب بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي.

استدعت أجهزة الأمن السورية كل الموقعين على البيان للتحقيق في أفرع المخابرات، فرفض الشيخ الذهاب، وطلب من الموقعين إخبار الضباط أنه وراء فكرة البيان، قبل أن يصلهم تحذير شديد اللهجة، ثم أمر بعزلهم عن الخطابة في جوامع دمشق.

إعلان

وكان للشيخ دور كبير في تنظيم ودعم الإضراب الذي شهدته مدينة دمشق في 29 مايو/أيار 2012، والذي كان رد فعل على مجزرة الحولة، إلا أن مواقفه المعارضة ودعمه العلني للثورة عرّضاه للتهديدات والملاحقات الأمنية، مما اضطره إلى مغادرة سوريا مجددا عام 2012 رفقة عدد من العلماء المعارضين للنظام السوري.

وفي أثناء مسيرته العلمية، تنقل الرفاعي بين عواصم إسلامية عدة في رحلته الدعوية، قبل أن يستقر في مدينة إسطنبول التركية، وهناك أصيب بجلطة دماغية عام 2014، فشُّل طرفه الأيسر، وضاقت أسرته ماديا، فاضطرت للعمل في بيع الطعام تأمينا لمستلزمات العيش.

الوفاة

توفي الشيخ الرفاعي يوم الاثنين 7 يناير/كانون الثاني 2024 عن عمر ناهز 77 عاما في مدينة إسطنبول التركية، بعد معاناة استمرت نحو شهرين إثر إصابته بجلطة دماغية.

ونعته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ووصفته بالمناصر لقضايا الأمة كافة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وأضافت الحركة في بيانها "لقد نشأ الشيخ سارية في كنف والده العلّامة الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله، وإلى جوار شقيقه الأكبر الشيخ أسامة، فكان لتلك النشأة أثرها في تأهيله لأن يكون عالما عاملا مميزا وضليعا في الدعوة والفقه والعمل الإسلامي، والعمل الاجتماعي والخيري".

ونعى الائتلاف الوطني السوري الداعية الرفاعي، في بيان، قال فيه "نتقدم بأحر التعازي لشقيق الراحل سماحة الشيخ أسامة الرفاعي مفتي الجمهورية العربية السورية، ولعائلة الراحل وأشقائه وذويه وطلابه ومحبيه، وعموم الشعب السوري، وندعو الله أن يرحمه ويغفر له".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ساریة الرفاعی النظام السوری الشیخ ساریة الشیخ أسامة علماء الشام الرفاعی فی الشیخ عبد عدد من

إقرأ أيضاً:

عودة الحكواتي… حكايات من الوجع السوري

حمص-سانا

عادت شخصية الحكواتي السوري بجذورها التراثية وروحها المعاصرة متنقلة بين حكايات الوجع السوري، رواها الفنان بسام داوود بروح معاصرة خلال أمسية أقيمت في دير الآباء اليسوعيين بحي الحميدية في مدينة حمص.

وتضمنت الأمسية التي جاءت ضمن مبادرة “عاصمة السلام” بالتعاون مع دير الآباء اليسوعيين والملتقى الثقافي اليسوعي، مشاركة الفنان زرياب الهاشمي على آلة العود، لتعزيز أجواء التراث وتقديم رسالة إنسانية عميقة.

وتميزت الأمسية بسرد حكايات مستوحاة من معاناة السوريين على مدى 14 عاماً من النزوح واللجوء، ومنافي الاغتراب، حيث استطاع داوود بنبرة صوت مؤثرة وأداء متقن أن يُدخل الحضور في تفاصيل حياة المخيمات، وذكريات البيوت المهجرة، والأحلام التي تكبّلها الأحداث وجرائم النظام البائد.

وقال داوود في تصريح لوكالة سانا: اخترت أن تكون الحكايات مستمدة من واقع السوريين، الذين حملوا معهم وجعَ الوطن إلى مختلف أرجاء الأرض، بأسلوب الحكواتي التقليدي، مع لمسة معاصرة تعكس الأحوال الراهنة.

أما حلا حداد، من مؤسسي المبادرة، فقد رأت أن الفعالية مساهمة في إحياء التراث الثقافي السوري اللامادي، مؤكدة أن القصة تبقى أداة مقاومة وذاكرة حية، وخاصة في زمن تبرز فيه الكثير من الروايات التي تختفي الحقيقة.

وأشارت إلى الأثر الذي تركته الأمسية في نفوس الحضور، الذين تفاعلوا مع الحكايات بمشاعر انتماء وحزن وأمل، وخاصة أن الحكواتي داوود تمكن من إحياء روح التراث بطريقة تجمع بين الأصالة والحداثة، لتكون رسالة مستمرة للحفاظ على الهوية والذاكرة السورية المثقلة بالآلام على مدى 14 عاماً.

الحكواتي السوري الفنان بسام داوود 2025-07-04malekسابق غرفة صناعة دمشق وريفها تبحث مع المكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية آفاق التعاونآخر الأخبار 2025-07-04غرفة صناعة دمشق وريفها تبحث مع المكتب الإقليمي لمنظمة العمل الدولية آفاق التعاون 2025-07-04كده يعقد اجتماعاً مع رئيس وأعضاء اتحاد الكتاب العرب في سوريا 2025-07-04المعرض التركي الأول للنسيج بدمشق يوفر خيارات واسعة للصناعيين السوريين 2025-07-04تحت شعار “معاً لبناء النهضة الطبية والتعليمية في سوريا”.. انطلاق فعاليات المؤتمر الطبي الدولي الـ 23 2025-07-04احتفالات شعبية حاشدة في دمشق والمحافظات بإطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا 2025-07-04الهوية البصرية الجديدة لسوريا تلقى تفاعلاً واسعاً وإشادة على منصات التواصل الاجتماعي 2025-07-03حكاية الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية 2025-07-03الرئيس الشرع: الهوية البصرية الجديدة تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة 2025-07-03بحضور الرئيس الشرع… إطلاق الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية 2025-07-03قدورة: الهوية البصرية لا تتحدث فقط عن سوريا بل تتحدث باسمها

صور من سورية منوعات فريق بحثي ياباني ينجح بإنشاء عضيات عظم الفك من الخلايا الجذعية 2025-07-03 دراسة حديثة: القيلولة الطويلة قد تزيد خطر الوفاة 2025-07-02
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • التجاري السوري يطالب المقترضين بالتسديد قبل 15 الشهر الحالي
  • في التطبيع السوري ـ الإسرائيلي
  • ما مصير سعر صرف الليرة السورية؟ وهل ستفرض ضرائب جديدة على المواطنين؟ محافظ “المركزي السوري” يوضح
  • عودة الحكواتي… حكايات من الوجع السوري
  • إنزال جوي لقوات الاحتلال في موقع للحرس الجمهوري السوري
  • أهالي اللاذقية يتوافدون إلى ساحة الشيخ ضاهر للاحتفال بإطلاق الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية
  • مصدر رسمي سوري: توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل سابق لأوانه ويجب الالتزام باتفاق فك الاشتباك أولاً
  • انطلاق أعمال مجلس الأعمال السوري الكندي في دمشق
  • وفد سوري رسمي يزور محافظة العاصمة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات التنموية
  • تعاون إعلامي جديد بين دمشق والتحالف السوري الأمريكي