سودانايل:
2025-07-28@23:27:18 GMT

اليوم نرفع راية إستغلالنا وحلم عودة الكيزان

تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT

اليوم نرفع راية إستقلالنا تلك الكلمات الخالدات التي شدا بها الإمبراطور الراحل وردي لم يدر بخلد الراحل -وهو يشدو بها- أنه سيتم إستغلالنا بين سِندال الجيش ومِطرقة الحزبية (الطائفية والعقدية الدينية) فمن فترة ٦٩ عاما حكم فيها العسكر ٥٣عاما لم يقدموا فيها مايشفع لهم قبولا او إنجازات للوطن بل أفقرونا وأذاقوناجوعا وتخلفا في النماء والإنماء وحروبا و إلي حد وصفنا بمريض أفريقيا ومجاعات فاضحة تحكي عن عجز من يحكمنا ونحن سلة غذاء العالم من واقع إمكانيات حبانا بها الله كفيلة فعلا أن نكون سلة غذاء العالم بحق وحقيقية لنصبح متسولين ننتظر طائرات الإغاثة ومايتبعها من منّ وأذي، وأصبح فشل الأحزاب المُزمن الطُعم المناسب دوما والتبرير الجاهز والشماعة الأثيرة لأي عسكري يقود إنقلابا و المقنع نفسيا للشعب للترحيب بالإنقلابات جراء فوضي الأحزاب وتخبطها وإنتهاكها الفاضح للدستور والقانون والأعراف علي قلة فترة حكمهم .

جاء إنقلاب ٨٩ مختلف تماما عن سابقاته فلقد جاء بثوب وشعار ديني- دغدغ به أشواق الشعب المتدين بالفطرة- كخطر ماحق بدأ بكذبة وسجن عرابهم تحسبا لفشل الإنقلاب بل خدعوا مصر بكل إستخباراتها أنهم بحكم قيادة البشير إتحاديين ،الكشف عن هويتهم وأهدافهم الحقيقية بدأ يهدد وجود وكيان دولة فيها كل الديانات متعايشة بسلام ووئام من قبل ، تم فصل الجنوب والتضحية به بعد أن اصبح خطرا علي مشروعههم الحضاري المزعوم اضف الي ذلك ان الجنوب كان مدعوما من الكنائس بكل زخمها وسطوتها علي حكومات وبرلمانات الغرب. .تلفتوا يمنة ويسرة بعد فصل الجنوب وتمزيقهم وتشتيتهم للأحزاب فتبقي غرب البلاد (دارفور) بدأ يطل كواقع برأسه- كقوة عسكرية وقبلية عريضة لايستهان بها- تشكل خطرا عليهم تماما كالجنوب وحجر عثرة في سبيل إقامة دولتهم الدينية و لا يوجد مبرر ديني للخلاف معهم- فهم مسلمووون - فبالتالي إستغلال ذلك الإختلاف الديني لتأجيج المشاعر ضده كماحدث بالجنوب فقرروا الصدام العسكري والحرب مع الحركات لم يتعظوا من حرب الجنوب ونتائجها وخطورتها فالخصم مسلم وله حواضن قبلية عريقة ومتشابكه وضخمة التعداد وتملك إرث نصرة المهدي وإرث إسلامي ضخم فدخلوا من خلال اخطر وتر (القبلية)وهي نار لن تنطفئ إذا إستعرت فأنشأوا مليشيا الدعم العربية الأصول والخبيرة بالمنطقة والملمة بكل تعقيداتها القبلية فاستخدموها ضد القبائل الأفريقية فإرتُكبت مجازر وفظائع يندي لها الجبين حوالي ٣٠٠الف قتيل (بإعتراف البشير)أُزهقت ارواحهم معلنة تحول الصراع إلي صراع أثني وقبلي يؤدي تماما إلي طريق التقسيم والإنفصال وهو هدف الكيزان وسبب هذه الحرب .إستوي عود الدعم عسكريا وقبلها إقتصاديا ليصبح موازيا للجيش ومعروفة هي الأخطاء ومرتكبوها التي أدت لتوسع طموحات حميدتي لعل أخطرها تدخله في حرب اليمن تحت مظلة وإسم ورعاية الجيش السوداني ففتح بذلك أمام حميدتي ابواب إتصالات وعلاقات إقليمية ودولية فتحت له أبواب التسليح ومصادر لم يكن ليحلم بها يوما ما ، أدت كل تلك العوامل إلي الحرب الحالية ودخلها حميدتي كطامح وطامع في حكم السودان وخطط لطرد القبائل العربية الشماليةوالوسط العريقة مؤسِسة السودان وعموده الفقري وصاحبة اقدم الحضارات في حوض النيل وصاحبة التصدي لكل غازِ ومستعمر وطامع في الثروات دخل عبر بوابة الشمال .مشروع حميدتي قائم علي توطين عرب الشتات بالغرب والوسط الافربقي تحت حكم وسيطرة ومملكة آل دقلووإحلالهم محل الشمال والوسط وتمرحل في إظهار هدفه ونواياه الحقيقية واعدا بالمدنية والديمقراطية وكشف مسار الحرب وإستقدام الأسر والجماعات للإستيطان بالخرطوم والجزيرة ومدني وبدأ الإستيطان بالقبائل المتحالفة معه والمتواجدة باحزمة العاصمة وكنابي الجزيرة وقري الفاو(ام القروي)وماجاورها وأدخل الجنوبيين ضمن بازار التوطين فسكنوا الدور وتجند أبناءهم وقاتلوا ضمن قواته .ولو كان للرجل حس سياسي بسيط او مستشارين واسعي الثقافة والافق قليلا وقراءة للتاريخ لأدركوا إستحالة تحقيق ذلك الحلم المستحيل في السودان نهائيا وأنه حكم علي نفسه وقبيلته ومن يؤازره بالإعدام السياسي ثم المجتمعي تماما من السودان وشواهد التاريخ الحديث والقديم تؤكد ذلك.الحرب الحالية وتداعياتها الخطيرة واحدة من آثار حكم العسكر العقديين وهي أخطر أزمة يمر بها الوطن .والمؤسف أنهم إتخذوها سلما للعودة للحكم بإستغلال رخيص ومتاجرة أرخص كإطلاق إسم (معركة الكرامة) مثلا لإستنهاض الشعب نفس المتاجرة بالشعارات في بدايتهم( لا لدنيا قد عملنا )فكانو هم الدنيا بكل زخرفها . ماكان لسوداني أن يعترض علي حمل الأسلامويون السلاح والقتال بجانب جيش السودان فهو واجب كل سوداني مهما كان إنتماؤه لكن أن تتبني الحرب وتتبني النصر وانك كتنظيم لك القدح المعلي في النصر المرتقب بإذن الله .وغيرك شارك وقاتل واستشهد قدمت بعض القري شهداء وصل إلي ال٨٠٠ شهيد لم نسمع منهم انهم يستحقون أن يحكموا عطفا علي ماقدموه من شهداء .الحركات لم نقرأ او نسمع تصريحا لهم مالك عقار درع السودان المستنفرين بكافة أرجاء الوطن يعادلون عدد كتائب البراء وبقية كتائب الظل لم نسمع لهم حِسا او ركزا!! تجاة أحقية الحكم لهم حتي لجان مقاومة الثورة شاركت وقاتلت دون مِنة أو أذي وقدمت الشهداء وقادت العمل الطوعي ومواساة المواطنين تحت وطأة ظروف قاسية جدا.الثابت أن السودان خرج عن بكرة أبيه ٤ أشهر يناضل وتوج ذلك في ديسمبر المجيد بثورة سلمية وأعلن رأيه في فشل مشروعكم الحضاري واعلن رفضه لحكمكم تماما .لتستعينوا بكوادركم بالجيش لتعطيل قطار الثورة وصولا لإنقلاب ووصولا لحرب مدمرة كل ذلك ليعود ألقكم وحكمكم كما ذكر عبد الحي يوسف والناجي عبدالله- (وماهو بناجِ)فشهوة الحكم تعمي البصائر وتغلق أبواب القلوب(أم علي قلوب أقفالها)- يطوف بالقري والهجر مبشرا بالعودة والفاتح عزالدين(ربرب ربرب) يقرع أجراس الإمتحانات هل هنالك مؤشرات اوضح من ذلك أن هذه الحرب طريق العودة للكيزان ؟؟ وصمت جنرالات السيادي عن كل تلك المؤشرات بعودة الكيزان من خلال هذه الحرب .هل يستحق العودة للحكم بالقوة أن تصل بالبلاد والعباد هذه المواصل والفتنة والقتل الدموي وتشريد ١٥ مليون مواطن ومجاعة كارثية علي الابواب تهدد ٢٥ مليون مجاعة حدت بكم للإنسحاب من منظمة اممية (خاصة بتقييم مؤشرات الجوع والمجاعات لتقديم العون العاجل) تحت ذريعة الخوف من التدخل بالمساعدات (دس المحافير)غير عابئين بالمجاعة الحقيقية التي إنتظمت البلاد لنتكلم فقط عن الجزيرة دعك من دارفور التي دقت المنظمات أجراس الخطر باكرا فبالعقل والمنطق إنسان الجزيرة فقد كل موارد رزقه ود عمله متجره حقله مصنعه ورشته ولاتوجد وزارات ولا مصانع (تم تفكيك ٢٤٦ مصنع وشحنها للغرب حسب إفادة غرف الجزيرة التجارية) كل ما يمكن أن تتصوره من أسباب لكسب سبل العيش متعطلة تماما ولولا تكايا المغتربين تمويلا وتحويلات لمات الناس جثثا مرمية بالشوارع.مرعب ومخيف أن تصبح حياة او موت المواطن آخر إهتماماتكم من ستحكمون إذن ؟؟؟مالفرق بينكم وبين ماتفعله المليشيا بمواطن الجزيرة ؟؟وأنتم تمنعون دخول الدواء والغذاء لماذا لاتشترطون إشراف المنظمات الإنسانية الامنية ومراقبون من قبل الجيش لتشرف علي تسليم المواطن الغذاء والدواء؟؟ماهي وأين المشكلة.؟؟؟فلا تحرير قريب للجزيرة يبعث الأمل في قلوبنا كل ماهنالك معارك كر وفر متكرره تدخلون منطقة وتنسحبون من اخري وإعلام مخدر (أبشروا صدرت التعليمات لتحرير مدني ) (نحيط بمدني إحاطة السوار بالمعصم) كيكل دخلنا ام القري دخلنا ود راوه ساسترجع تمبول خلال ٧٢ ساعه هُراء وهباء وفساء ومع ذلك لا سماح بدخول المساعدات لحين التحرير ومتي التحرير أين المفر؟؟ الحاج عبدالله مفتاح دخول مدني لماذا الوقوف علي أبوابها؟؟منذ مايقارب الشهر والإكتفاء بمناوشات بقري ليست إستراتيجية مالذي يجري ؟؟وفتح ابواب غزل سياسي وتفاوض مع الدويلة!!هل سال اللعاب لمساومة تريلونية وإعادة إحياء المليشيا وإنقاذها من اكبر مقتلة تشهدها افريقيا بعد تضامن السودان كله في خشود غير مسبوقة كافية لسحق المليشيا بمعني سحق وإبادة تامة ، ماذا وراء تصريحات الخارجية المائعة. إن القبول بتفاوض لايتضمن وقف فوري للتسليح وخروج المليشيات تماما ونهائيا من السودان وإعادة إعمار البلاد والتعويضات علي نفقة الدويلة هذا هو الحد المقبول خلاف ذلك ترقبوا ثورة لا تبقي ولاتذر.علي البرهان وقادة الجيش أن جرح ماحدث عميق جدا هنالك دماء وكرامة مُرغت بالأرض والمحاسبة آتية ولجان التحقيق آتية فأي تفكير في إعادة الكيزان والشعب يراقب بقلق مؤشرات تلك العودة تحت سمع وبصر البرهان و قادة الجيش و أي تفكير في الحكم العسكري يعني ثورة عارمة من أنفس مقهورة ومجروحة ولن يغسل البحر وبعده ٧بحار الدماء التي سالت ولا عودة عن عودة المدنية والديمقراطية الجنجويد للفناء التام والجيش إلي ثكناته .راية  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ماذا فعلت الأصابع الخفية في السودان؟

(في كمبالا سلّمت السفارة الإسرائيلية رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول، هنأته فيها وحكومته وشعب الله المختار وأطفال إسرائيل على الانتصار على العرب في حرب 1967)،
من مذكرات الفريق جوزيف لاقو أحد مؤسسي حركة التمرد في جنوب السودان.

في السياسة، يحتاج قادة الدول إلى امتلاك فكر إستراتيجي يحيط بطبيعة التحديات التي يواجهونها، ومعرفة البيئة الدولية والداخلية التي تُبنى على أساسها الخطط.

وبهذا المعنى، ينطبق عليها تعريف الفيلسوف الألماني أرنست هيجل بأن "السياسة هي علم الأحياء التطبيقي". ولأن علم الأحياء يساعد على فهم البيئة ودورها في نمو الكائنات الحية، فإن فهم البيئة السياسية بصورة واقعية يساعد على إنتاج الأفكار التي تمكّن القادة من التعامل مع الظواهر السياسية بواقعية وعقلانية.

ومن الظواهر التي غشيت العقل العربي وسيطرت عليه لعقود طويلة، نظرية المؤامرة التي تفترض وجود جهة ما تكيد للدول العربية بانتظام. وخطورة سيطرة ذلك النوع من التفكير أنه أفضى إلى إعفاء الذات من تحمّل نتائج التقصير والفشل من ناحية، كما أفقد العقل العربي ميزة التفكير الموضوعي لمعالجة الظواهر السياسية بعقلانية دون "تهويل أو تهوين"، كما يقول الدكتور محمد المختار الشنقيطي.

وفي هذا المقال، الذي نعالج فيه أسباب استمرار الحروب في السودان بصورة حيّرت المراقبين، سنحاول تلمّس الأسباب الجوهرية لهذه الظاهرة، مع التركيز على أصابع خفية ظلّت تحتفظ بدور بارز وكبير في تحريك الأحداث. وإذ نفعل ذلك، سنحاول تجنّب التفسيرات الباطنية التي تُعظّم نظرية المؤامرة وتستسهل من خلالها الوصول إلى النتائج.

ما نعنيه بالأصابع الخفية في حروب السودان، التي امتدت منذ العام 1955 قبل سنة من إعلان استقلال السودان وإلى الآن، هي التدخلات الخارجية التي يُمثّل فيها الكيان الإسرائيلي رأس الرمح والماكينة التي تُحرّك الأحداث من وراء المشهد، وذلك دون إغفال الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها النخبة السودانية بجميع توجهاتها الفكرية وانحيازاتها السياسية.

إعلان

واحدة من هذه الأخطاء هي عدم الإدراك الصحيح للدور الإسرائيلي في حروب السودان، وعدم إيجاد المقاربات الناجعة للتعامل معه. فقد حرصت إسرائيل باكرًا على فهم السودان وتعقيداته، وبلورت إستراتيجية للتعامل معه، مدفوعة بمخاوف أمنية وتفسيرات أسطورية قديمة، تعتقد أن تابوت نبي الله موسى، عليه السلام، دُفن في كنيسة أكسوم الحبشية، وأن الملوك الإثيوبيين الذين حكموا السودان في زمان غابر تجري فيهم دماء يهودية من نسل نبي الله سليمان، عليه السلام، وأن هناك سبطًا من بني إسرائيل ضاع في منطقة البحيرات وجنوب السودان ولا بد من العثور عليه.

أما النص الحاكم للسياسة الإسرائيلية تجاه السودان، فيتلخص في التصريح الشهير لديفيد بن غوريون الذي يقول فيه:

"نحن شعب صغير وإمكاناتنا محدودة، ولا بد من اختزال هذه المحدودية في مواجهة أعدائنا من الدول العربية من خلال تشخيص ومعرفة نقاط الضعف لديها، وخاصة العلاقات القائمة بين الجماعات والأقليات الإثنية والطائفية، حتى نضخّم هذه النقاط إلى درجة التحول إلى معضلة يصعب حلها أو احتواؤها".

يؤسس هذا "النص الحاكم" للنهج الإسرائيلي في التعامل مع الدول العربية، حيث صاغت من خلاله الدولة العبرية نظرية "شد الأطراف" للدول العربية أو "بترها" إذا لزم الأمر، كما حدث في جنوب السودان.

وتقوم تلك النظرية على إحداث القلاقل في أطراف البلدان العربية، إما استثمارًا للخلافات العرقية، أو تحريكًا للنزاعات الحدودية، وهو ما يحقق الهدف المركزي بإشغال هذه الدول بأنفسها حتى لا تكون جيوشها عامل دعم لدول المقاومة التي تقاتل إسرائيل.

وللتأكيد على قِدم المخطط الإسرائيلي، نستعين بمحاضرة رئيس الموساد مائير عاميت عام 1959 والتي قدمها بمناسبة تخريج دفعة جديدة، حيث يقول:

"لِمحاصرة التهديد الذي جسدته حركة المد القومي، كان لا بد أن ننجح في إثارة النوازع النفسية لدى الجماعات غير العربية داخل الدول العربية، وخاصة في العراق، وسوريا، ولبنان، والسودان".

ولتتبّع حجم الخراب الذي قامت به "الأصابع الخفية" في السودان، نحتاج إلى دراسة عدد من الوثائق على النحو التالي:

وثيقة "كيفونيم" التي قدّمها آرييل شارون 1983 لاجتماع وزراء حلف الناتو، والتي لخّصت إستراتيجيات إسرائيل في التعامل مع دول العالم العربي والإسلامي.
وفيما يتعلق بالسودان، ورد ما يلي: "السودان أكثر دول العالم العربي والإسلامي تفككًا، فإنه يتكوّن من أربع مجموعات سكانية كلٌّ منها غريبة عن الأخرى، فمن أقلية عربية مسلمة سُنيّة تسيطر على أغلبية غير عربية، إلى وثنيين، إلى مسيحيين." وتقرّر تلك الوثيقة في خاتمتها مؤكدة: "إن دولًا مثل ليبيا والسودان لن يكون لها حضور بصورتها الحالية".

في العام 2008، ألقى آفي ديختر، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، محاضرة لكبار القادة الأمنيين، وورد فيها ما يلي:

"السودان شكّل عمقًا إستراتيجيًا لمصر في حربها حيث تحوّل إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري وللقوات البرية، وأرسل قواته لمنطقة القناة أثناء حرب الاستنزاف. لذلك، كان لا بد أن نعمل على إضعافه وانتزاع المبادرة منه، ومنعه من بناء دولة قوية موحدة، فهذا ضروري لدعم وتقوية الأمن القومي الإسرائيلي".

إعلان

في كتابي (مهمة الموساد في جنوب السودان) لعميل الموساد ديفيد بن عوزيل، والمعروف باسمه الحركي "الجنرال جون"، وكتاب (إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان) للكاتب الإسرائيلي والعميد المتقاعد من جهاز الموساد موشيه فرجي، ترد تفاصيل مخيفة عن حجم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي الذي قدّمته إسرائيل لحركة التمرد في جنوب السودان، حيث شمل إرسال شحنات السلاح، وإرسال الخبراء، وتدريب عشرات الآلاف من الجنود، والمساهمة في تفجير الكباري واحتلال بعض المدن، وتعطيل مشاريع التنمية. يقول موشيه فرجي في كتابه إن التحرك الإسرائيلي نجح في جنوب السودان لعدة عوامل، أبرزها:

إحباط الدعم العربي للحكومة السودانية.

توقيف العمل في قناة جونقلي التي كان من المؤمل أن توفر 5 مليارات متر مكعب من المياه تتقاسمها مصر والسودان، حيث حذّرت إسرائيل الجنوبيين من أن ذلك المشروع سيكون وبالًا عليهم.

كما أن إسرائيل نجحت في تنمية المشاعر القومية لدى الجنوبيين، مما ساعدهم على حسم خيار الانفصال عن الشمال.

نستخلص من هذه الوثائق أن إسرائيل صنّفت السودان منذ البداية باعتباره عدوًا إستراتيجيًا، ولذلك تعاملت معه على هذا الأساس في مخططاتها التي هدفت إلى إشغاله طوال الوقت بالنزاعات الداخلية.

يقول وزير الأمن الإسرائيلي السابق، آفي ديختر:
"أقدمنا على إنتاج وتصعيد بؤرة دارفور لمنع السودان من إيجاد الوقت لتعظيم قدراته. إستراتيجيتنا، التي تُرجمت على أرض الجنوب سابقًا وفي غربه حاليًا، نجحت في تغيير مجرى الأوضاع في السودان نحو التأزّم والانقسام. الصراعات الحالية في السودان ستنتهي عاجلًا أو آجلًا بتقسيمه إلى عدة دول أو كيانات".

ونستطيع تلخيص الرؤية الإسرائيلية تجاه السودان في النقاط التالية:

استهداف مصر عبر جارها الجنوبي، والعمل الجاد على تعطيل استفادتها من جهود هذا الجار. إشغال السودان بإشعال النزاعات فيه، وتأجيج روح الخلاف بين المكونات المختلفة. السعي لعدم استفادة السودان من موارده الهائلة حتى لا يتحول إلى دولة مركزية. إضعاف السودان عبر سياسة شد الأطراف أو بترها، وهو ما يؤكده آفي ديختر: "سودان هش ومجزأ خير من سودان قوي وفاعل".

ولم يقتصر الاستهداف الإسرائيلي للسودان على إشعال النزاعات وإشغاله بالحروب فقط، بل تواصلت المساعي الإسرائيلية في المجالات الدبلوماسية والمنظمات الدولية لخنق السودان وتشديد الحصار عليه.

ففي أوج أزمة دارفور، أنشأت المنظمات اليهودية تحالفًا ضم أكثر من 180 منظمة حول العالم للترويج لفكرة الإبادة الجماعية في دارفور، وانطلقت أنشطة تلك المنظمات من متحف الهولوكوست بواشنطن تحت رعاية منظمة "أنقذوا دارفور" والوكالة اليهودية للخدمة الدولية، وتوجت تلك الجهود بإحالة ملف السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية.

في الحرب الحالية التي اندلعت بعدما شنّت مليشيا الدعم السريع هجومًا مباغتًا على القوات المسلحة، قبل أن توسّع تكتيكاتها الحربية إلى استهداف البنية التحتية وتدمير المؤسسات العامة والخاصة بغرض إعادة السودان قرونًا إلى الوراء، كانت إسرائيل الحاضر الخفي الأبرز في المشهد.

فقد اندلعت الحرب بعد نشاط إسرائيلي محموم في البلاد بعيد تطبيع العلاقات مع السودان وتوقيع حكومة الفترة الانتقالية برئاسة حمدوك على "الاتفاقيات الأبراهامية"، حيث انخرطت إسرائيل في نشاط دبلوماسي مكثف تجاه الخرطوم، ركّز على الانشغالات الإسرائيلية الخاصة بجمع معلومات حول منظومة الصناعات الدفاعية السودانية و"تجنيب السودان مخاطر الخلايا الإيرانية"، كما صرّح مسؤول إسرائيلي بعد زيارة للعاصمة الخرطوم 2020. ولإخفاء نواياها الحقيقية بإطالة أمد الحرب، عرضت إسرائيل وساطة بين الجيش والدعم السريع.

وفقًا لبيان أصدره وزير الخارجية وقتها إيلي كوهين، الذي أكّد أن إسرائيل تعمل عبر عدة قنوات من أجل التوصّل إلى وقف إطلاق النار، لكن لم يرد أيّ ذكر لتلك الوساطة مرة أخرى، مما يشير إلى أن الدولة العبرية تساهم في إطالة أمد الحرب لإضعاف الطرفين، تنفيذًا لنظرية الأكاديمي الصهيوني إدوارد لوتواك "امنحوا الحرب فرصة".

إعلان

كما أن المعلومات بدأت تتكشّف عن حجم العلاقات الكبيرة بين إسرائيل وحميدتي، الذي حرص على فتح قنوات تواصل مستقلة عن الجيش والدولة منذ فترة مبكرة. ففي تقرير نشره موقع "واللا" الإخباري، قيل إن طائرة رئيس الموساد حطّت في الخرطوم في يونيو/ حزيران 2021، وكان على متنها قيادات من الموساد التقت بحميدتي وقادة من الدعم السريع.

بعد نشوب الحرب، نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالًا بعنوان "كيف ستكسب إسرائيل الحرب في السودان؟"، أكّد فيه أن إسرائيل حريصة على كسب الدعم السريع للحرب، بالنظر إلى الخدمات التي قدّمها حميدتي في ليبيا بمحاربة الإسلاميين هناك، وتعهّده بـ"تفكيك الإسلاميين داخل الجيش السوداني".

وفي الفترة الأخيرة، وبعد أن مالت كفة الانتصار لصالح الجيش، وبدا أن الجيش قادر على حسم المعركة، تعالت أصوات إسرائيلية تتهم السودان بالتعاون مع إيران، وتنادي بالتدخل الإسرائيلي المباشر، لأن الجيش السوداني أصبح "حماس أفريقيا" حسب تلك المزاعم.

تحتاج القيادة السودانية إلى إعادة تكييف علاقاتها الخارجية بما يضمن محاصرة المخططات الآثمة ووأدها قبل أن تواصل تدمير المقدرات السودانية.

وفي هذا الخصوص، فإن السودان بحاجة إلى جهود أصدقائه للمساهمة في دعم الشرعية التي يمثلها الجيش السوداني والحكومة المدنية برئاسة الدكتور كامل إدريس، كما أن القيادة السودانية بحاجة إلى مجهودات تعزز تماسك الجبهة الداخلية وتُفوّت على المتربصين مخططاتهم الآثمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • رئيس الجالية السودانية بمصر: نشكر أرض الكنانة على استضافتنا وتسهيل إجراءات عودتنا
  • ترامب يقلص المهلة التي منحها لبوتين لوقف الحرب
  • رغم أنف الحرب.. زراعة مليون فدان في مشروع الجزيرة
  • ترامب: أنقذت العالم من 6 حروب.. وسأقلل مهلة الـ 50 يوما التي منحتها لبوتين
  • غوتيريش يرفض استخدام الجوع سلاحا في الحرب
  • ماذا فعلت الأصابع الخفية في السودان؟
  • راية الحق ترفرف
  • الجزيرة.. الذين أرسوا دعائم الخدمة المدنية هم خبراء اليوم
  • أبرز عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية اليوم الأحد 27 يوليو 2025
  • رحلة عزام من قائمة الكيزان بجامعة البحر الأحمر إلي (المصطبة العجيبة)