في عام 1965 كان من المفروض - طبقا لآلية العمل الجامعى أن يتم تعيين الطالب جابر عصفور معيدًا بكلية الآداب جامعة القاهرة بعد تخرجه - كان الأول على زملائه بالكلية- لكن ذلك لم يحدث وتم استبعاده - بسبب صراع المصالح بين الأساتذة، حيث تم تعيين طالب آخر غيره من دفعات سابقة، بسبب ذلك الصراع - فلم يجد جابر عصفور وقتها أمامه غير البحث عن وظيفة يخفف بها نفقات أسرته المتواضعة التى تحملت عبء تعليمه طيلة السنوات الماضية.


                      •••
وبالفعل حصل على وظيفة مدرس في مدرسة أولية ابتدائية في قرية نائية في محافظة الفيوم - تبعد عن القاهرة 90 كم جنوبًا. 
وكان كل ليلة وهو يحضر دروس التلاميذ فى المساء يجلس في حزن وغم وندم على حلمه الذي ضاع.. وفى ليلة شتوية باردة مثل هذه الليالي لم ينم حتى كتب خطابًا موجهًا للرئيس جمال عبد الناصر يشكو له الظلم الذى تعرض له من إدارة الكلية.. وبالفعل كتب الخطاب ووضع عليه العنوان التالى: "رئاسة الجمهورية - يصل ويسلم للسيد الرئيس جمال عبد الناصر) وبعدما أغلق الخطاب وضعه بجواره ثم أطفأ لمبة النور ( لمبة جاز كانت نمرة عشرة) ونام حتى الصباح!
                    •••
صحي من النوم وفتح شباك الحجرة على الشارع.
-- صباح الخير يا جابر أفندي (كان هذا عم عبده البقال صاحب المحال المواجهة له)
وهو يتثاءب جابر عصفور رد:
"صباح الخير يا عم عبده" ثم بعد تحية الصباح استدعاه فجاء مسرعًا له بعلبة سجائر ( بلمونت صغيرة ) ومد يده إليه من الشباك ( الشقة كانت في الطابق الأرضي ) وهو يقول: "اتفضل السجاير يا جابر أفندي"
أخذها منه جابر عصفور ثم مد يده الأخرى إليه وفى يده الخطاب:
"خد ده يا عم عبده وابعته في البوسطة لما يعدى عليك رمضان البوسطجي" تناول عبده البقال الخطاب ونظر فوجد عليه اسم جمال عبد الناصر.
-- " يا نهار مش فايت أنت اتجننت يا جابر أفندى..جواب لرئيس الجمهورية حته واحدة"! 
-- رد جابر عصفور: "اه...وفيها ايه"؟
-- فيها ايه؟ بقولك ده جمال عبد الناصر؟
رد جابر عصفور:" هو اللى هيجبلى حقى"!
-- " حاضر يا جابر أفندى" وبالفعل نفذ عبده البقال ما طلبه وأرسل الخطاب!
                 •••
بعد أسبوع وجد جابر عصفور موظفًا من إدارة جامعة القاهرة جاء إلى محافظة الفيوم في مهمة رسمية للبحث عن المدرس جابر عصفور لمقابلة رئيس الجامعة فى أسرع وقت. وبالفعل عاد معه ودخل لرئيس الجامعة الذى استقبله الفرحة والسرور والترحاب( والكباب)! والأحضان - وهو الذى فشل في اللقاء به من قبل رغم وقوفه على بابه عدة مرات - ثم قال له:" وحشتنى يا جابر يا ابنى..اتفضل  على كليتك استلم شغلك.. هي الكلية هتلاقي معيد زيك فين يا راجل" ثم قال بكلمات حانية:" ولو فيه حاجه ابقى كلمني انا على طول..مكتبى مفتوح.. مش لازم يعنى تكلم الريس) ابتسم جابر عصفور وهو يقول: "حاضر يا دكتور" ثم توجه إلى الدكتورة سهير القلماوي ليتسلم عمله في شهر مارس من عام 1966 معيدًا في كلية الآداب جامعة القاهرة..
                   •••
وعندما أقف أمام هذا الموقف الذي حدث - ومازال يحدث - وسيظل يحدث - أسأل نفسي: "ماذا لو استسلم جابر عصفور ولم يدافع عن حقه؟ وماذا لو لم يصل خطابه للرئيس جمال عبد الناصر؟ وماذا لو أهمل عم( عبده البقال) ولم يرسل الخطاب؟!
أسئلة كثيرة، ومثيرة لكن الجميل فيها هو الإصرار على (الحق ) الذى أوصل صاحبه إلى (الحلم).. 
وحول مصير جابر عصفور من ( جابر أفندى المدرس فى المدرسة الابتدائية) إلى أن يصبح الدكتور جابر القيمة والقامة فى النقد الأدبى والثقافة المصرية والعربية.

خيري حسن
-----------------
•• الأحداث حقيقية والسيناريو من خيال الكاتب.

•• المصدر : مجلة العربي - عام 2018
•• الصور:
الرئيس جمال عبد الناصر
الدكتور جابر عصفور.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جابر عصفور عبد الناصر خيرى حسن جمال عبد الناصر جابر عصفور

إقرأ أيضاً:

كرمها الرئيس عبد الناصر ودخلت الفن بالصدفة.. زبيدة ثروت «رمز» الجمال والرومانسية

تحل، اليوم السبت، ذكرى رحيل الفنانة الكبيرة زبيدة ثروت، إحدى أبرز نجمات السينما في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، والتي ارتبط اسمها بأدوار الرومانسية الهادئة والجمال الأرستقراطي، حيث تركت بصمة فنية بارزة في تاريخ الفن العربي.

وُلدت الفنانة زبيدة ثروت بمدينة الإسكندرية في 14 يونيو عام 1940، إذ كان والدها أحمد ثروت قبطانًا بالقوات البحرية المصرية، بينما تنتمي والدتها إلى سلالة السلطان حسين كامل، أنهت دراستها بمدرسة الرمل الثانوية، ثم التحقت بكلية الحقوق وتدربت في مكتب المحامي لبيب معوض، قبل أن تتجه لاحقًا لترك العمل بالمحاماة والتفرغ لمسيرتها الفنية.

دخلت عالم الفن بالصدفة بعد فوزها في مسابقة نظمتها «مجلة الجيل»، حيث نشرت صورتها على غلاف المجلة وهو ما لفت أنظار المخرجين والمنتجين إليها، لتظهر لأول مرة على الشاشة عام 1956 من خلال فيلم «دليلة» إلى جانب الفنانين شادية وعبد الحليم حافظ.

وحصلت على أول بطولة مطلقة لها في فيلم «الملاك الصغير» عام 1957 لتتوالى بعده أعمالها السينمائية مقدمة رصيدًا بلغ 27 فيلما من أبرزها «يوم من عمري» و «في بيتنا رجل» و«زوجة غيورة جدًا» و «حادثة شرف» و «زمان يا حب» و«المذنبون»، كما دخل فيلمان من أعمالها قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

شاركت زبيدة ثروت كبار نجوم جيلها وقدمت عددًا من الأعمال المسرحية وكان آخر ظهور فني لها من خلال مسرحية «مين يقدر على ريم» عام 1987 قبل أن تعلن اعتزالها الفن في أواخر الثمانينيات.

وخلال مشوارها الفني كرمها الرئيس جمال عبد الناصر عن فيلم «في بيتنا رجل» مع رشدي أباظة.

وفي ذكرى رحيلها تبقى رمزًا للجمال والرومانسية وأعمالها شاهدًا خالدًا على زمن الفن الجميل.

اقرأ أيضاًذكرى وفاة المؤرخ الوطني عبد الرحمن الرافعي.. صاحب السجل الأصدق لتاريخ مصر الحديث

ذكرى رحيل الفنانة ماري كويني.. مكتشفة النجوم ورائدة صناعة السينما

ذكرى وفاة المؤرخ الوطني عبد الرحمن الرافعي.. صاحب السجل الأصدق لتاريخ مصر الحديث

مقالات مشابهة

  • كرمها الرئيس عبد الناصر ودخلت الفن بالصدفة.. زبيدة ثروت «رمز» الجمال والرومانسية
  • دعاء صلاة العشاء المستجاب.. كلمات تجلب لك خيري الدنيا والآخرة
  • انتصار الحبسية.. فنانة تنسج حكايات الماضي في صورة
  • بورسعيد.. استمرار أعمال تطوير حديقة «جمال عبد الناصر» بمنطقتي السلام الجديد والتصنيع
  • متابعة تطبيق اللغة الصينية بمدرستين في نزوى
  • أذكار الصباح مكتوبة .. تجمع خيري الدنيا والآخرة فلا تتكاسل عنها
  • جابر: ينتظر وصول 18 ألف وافد الى لبنان بدءا من منتصف الشهر الحالي
  • تعلن محكمة ماوية الابتدائية بأن على/ نادر نجيب جابر الحضور إلى المحكمة
  • الطالب اللي يصاب بالبرد يقعد في البيت.. مستشار الرئيس يوجه رسالة للمدارس
  • «الست».. حكايات إنسانية فى حياة أم كلثوم