أدوار أساسية للأغنية الشعبية.. فرح وحزن وتوثيق شفهى لمناسبات مجتمعية بارزة
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تظل الأغنية الشعبية واحدة من أهم فنون الأدب الشعبي المعبرة بإخلاص عن هموم المجتمعات البشرية في كافة مناحي الحياة، في الأفراح كانت عنوانا للبهجة والسرور، وجسرا للتواصل بين جميع أفراد المجتمع للتعبير عن الفرحة والاندماج فيها، وفي الأحزان كانت طريقًا لاستخراج الضيق والكآبة، وتنفيسًا عن الغضب والسخط، وتعبيرًا عن الأحزان المشتركة والجماعية، وفي المناسبات الدينية كانت بمثابة الضراعة والذكر، وتحفيزًا على المشاعر الروحية والقيم النبيلة، وتشجيعًا على أداء الشعائر الدينية.
وتتميز الأغنية الشعبية بموسيقاها المحببة للنفس، وعباراتها القصيرة سهلة الترديد والتكرار، وأجوائها الخيالية التي تقتبس من الطبيعة ومن البيئة المحلية لها مفرداتها بشكل مباشر، لتصنع عالما مميزا داخل الأغنية الشعبية، فـ"الغناء الشعبي هو مغامرة بالخيال، عابرة للمعاني المباشرة، تقف على جسور ممتدة الأمكنة والأزمنة، لتحتفي بالتناقضات البشرية، وهي تحاول في الوقت نفسه امتلاك صوتها المائز في عالم الغناء"؛ وذلك وفقاً لكتاب "تاريخ الغناء الشعبي من الموال إلى الراب" لمؤلفه د. ياسر ثابت.
ويضاف لأهمية الأغنية الشعبية أنها لا تنسب لمؤلف واحد، بل هي نتاج الجماعة البشرية التي عبرت عنها بطريقة مباشرة في المناسبات المختلفة، فهي بمثابة الديوان والتاريخ الحافظ لخبرات الأسلاف وأجيال سابقة من الآباء والأجداد، خبرات عن الزواج، والعمل، والحب، والحزن، والرثاء في الفقد والهزيمة، والمناسبات الدينية، وغيرها من الخبرات والمناسبات المختلفة.
بهذا الموروث الشعبي الثري تغنى أبرز مطربين ومطربات الغناء الشعبي في مصر مثل الفنان محمد طه، والفنانة جمالات شيحة، وغيرهما الكثير..
جمالات شيحة، واحدة من أبرز فنانات الغناء الشعبي في مصر، رحلت في مايو 2018الأفراح.. الفروسية للعريس والجمال للعروسفي تعبيرها عن المناسبات السعيدة في المجتمع الريفي المصري مثلا، وأبرز هذه المناسبات هي الزواج، نلاحظ أن الأغنية ركزت على الفخر باختيار الزوجة، وإلصاق كل معاني الفروسية بالزوج لكونه نجح في الوصول إلى هذه الزيجة حتى باتت مصدرا للفخر.
في إحدى الأغنيات: "هو اللي نقاها / شرب الشاي وياها / هو اللي خطبها / هو اللي فلوسه حلال / واتجوز قبل الجدعان"، وفي غيرها: "يا صياد ياصياد / الواد اصطاد يا صياد / اصطاد غزالة يا صياد / بنت الرجالة يا صياد"؛ وفي كلا النموذجين السابقين نلاحظ أن المغني الشعبي اهتم في النموذج الأول بدور العريس في انتقاء العروس، ومجالستها، مع الإشارة إلى أن ماله حلال، أي أنه صاحب عمل، وهو محل تقدير من المجتمع، وأنه كان له السبق في الزواج قبل جيله من الجدعان، وهذه فضيلة عند المجتمع الريفي الذي يؤيد الزواج المبكر للشباب، وخاصة الشاب الذي يعمل ويوفر مال الزوجية من عرق جبينه، وفي النموذج الثاني تضيف للخاطب أو العريس صفة الصيد، أي أنه استطاع أن ينتقي من الفتيات واحدة، وفي تعبير الصيد ما يدل على الجهد، أي أنه وصل إليها بجهد وعمل، ونتيجة ذلك فقد حصل على الغزالة، إشارة للصفات الحسية في العروسة، وتعبيرا عن جمالها، وأنه حصل على "بنت الرجالة" في إشارة إلى الصفات الخلقية، وشرف النسب الذي حصل عليه.
واحدة من الأغنيات الشعبية تركز على "ليلة الحناء"، إحدى ليالي التجهيزات للزفاف، وفيها يغنون بجمال العروس، هكذا: "على خد النبي غنى/ دا الورد لحمر / على خد النبي غنى / جبنا جهازك وجينا / من مصر حملنا / ونزل علينا الندى / عجن لنا الحنى / وتعالي شوفي يا أم العريس / مراة ابنك تتحني"؛ وفيها إعجاب بالعروس وهي تتزين للزفاف بالحناء، وفيها إشارة لتجهيزها بجهاز من مصر أي من القاهرة، أي استوجب جهازها الرحلة إلى العاصمة لتحميله والمجيء به.
أما عندما عبرت عن جمال العروس، ولهفة العريس وانتظاره ليوم الزفاف ووصول العروس إليه، غنوا: "يا حلاوتك يا سفندي يا بن عم البرتقال / العروسة في بيت أبوها / وأربعة بيزوقها / والعريس بيقول هاتوها / دى وحشانى من زمان".
وتغنت واحدة من الأغنيات الشعبية بالصفات الحسية للعروس، وبأن العثور عليها تطلب جهدا، لأنها بمثابة الكنز المخبي، تقول الأغنية: "كنت فين مخبية / يا سبع وردات مندية يا شعرك صفوف صفوف / يا إيدك دهب مرصوص وخش يا العريس وشوف / دى عروستك مربية كنت فين مخبية / يا سبع فلات مندية يا إيدك بتلمع لمع / ورقبتك بضي الشمع دي عروستك شرفت الجمع / كاملة الأدب ومربية كنت فين مخبية / يا سبع وردات مندية".
وللأغاني الشعبية المعبرة عن الحزن رصيد وافر، خاصة في اللون الذي عرف باسم "العدودة" حيث إنشاد الأغاني الحزينة التي تأتي كرثاء للميت، وفي واحدة من البكائيات التي قيلت في فقدان الأب: "يا أبويا بعتنا ولا قبضت فلوس / دا أمر الله محدش يحوش / ياريت يا أبويا عيني اليمين تفاديك / وأدى الشمال أقعد بها جنبيك/ ياريت يا أبويا يعاود تاني / وأشيل برأس زي جيراني / حلف زماني ما يهنيني / ولا بروس الناس يساويني"؛ وفيها نوع من التمني المستحيل، تمني ذهاب العين في سبيل بقاء الأب، وهو مساواة الأب بأغلى عضو يملكه الإنسان.
أما البكائيات في فقدان الأم، فتقول: خبطت على الباب/ والباب خد وشي / ملقيتش حبيبة تقول لي خشي / كان ليه حبيبة أغيب وأجيلها / يا ريت كان الموت ناسيها / كان لي حبيبة من بعيد جيه / وإيدها في الود مرخية / حق والنبي ما حد زي الأم / زي البدن يركب على الكم"؛ وفي موال فقدان الأم يظهر التركيز على دور الأم في استقبال الأبناء بود زائد، وأنها تمثل الاستقرار والمركز الذي يدور حوله الإبن ويعود إليه، وأنها صاحبة الكرم والود، مشبها إياها بأنها كما الثوب يغطي الجسم وينسجم معه فهكذا تكون الأم مع الأبناء فهي المنسجمة معهم لذا يقر الموال بأنها لا أحد في الدنيا مثل الأم.
وفي رثاء الزوج، تقول العدودة: "نازل من المقعد يهز أناه / وعبايته الحلوة تجر وراه / نازل من المقعد يهز ايديه / وعبايته الحلوة تجر عليه"، وفيها استعراض لمكانته وحضوره في البيت إثارة للأحزان على رحيله وتحسرا على فقده.
وفي واحدة من المواويل الشعبية الحزينة، التي تفيد بحزن الإنسان لتغير الناس من حوله، وفيها يقول الفنان الشعبي: كنتوا جواهر صبحتوا صاج صديتوا / فايت على الباب لقيته مفتوح ورديته/ فضلت أنادي وأنادي لحد ما اتنبح صوتي/ إشمعنا غيري ندا بشويش رديتوا"؛ وفي الموال عتاب شديد وأسى لتغير الأحباب والأشخاص المقربين من القلب، كانوا بمثابة الجواهر النادرة لكنها مع الزمن تحولت وتبدلت إلى صاج لا قيمة له، أصابه الصدى، لأنه صاحب الصوت في الموال ظل ينادي عليهم وهم يتجاهلون النداء بينما أسرعوا في تلبية همس غيره، وهي مفارقة تبرز حجم تبدل أخلاقهم.
تحفل المواويل الشعبية والأغاني الشعبية بالكثير من النماذج التي تخص المناسبات الدينية مثل المولد النبوي الشريف والهجرة النبوية، وليلة النصف من شعبان، وقدوم رمضان، وشعيرة الحج، والحضرات الصوفية التي تركز بشكل كبير على مواويل المدائح النبوية.
وفي أحد النماذج التي يتغنى بها المنشد في الحضرة الصوفية، يصاحبه ترديد الدراويش بقولهم: "الله الله /الله الله / الله الله / لا إله إلا الله"، فينطلق المنشد في غنائه: "قلبي يقول لي امدح محمد / عسى بمدحو من النار تُنجي"، وتكرر الدراويش: الله الله / الله الله / الله الله لا إله إلا الله. فيتابع المنشد: "مهما لاموني فيك قلبي يصلي عليك / مغرم صبابة بيك يا احمد يارسول الله"، فيكررالدراويش: الله الله/ الله الله/ الله الله لا إله إلا الله.
ومن أشهر الأغاني الشعبية في مناسبة الحج: "رايحه فين يا حاجة / يا أم الشال سماوي / رايحة أزور النبي محمد / وارجع ع القناوي / ويا نبي يا نبي / ياما ليك أحبة / هملوا عيالهم يا نبي وجولك محبة"؛ وفي هذه الأغنية إشارة إلى ملابس المرأة التي تخرج لأداء مناسك الحج، وأنها تخرج في رحلة تبدأ بالحج وزيارة النبي الكريم مع التأكيد على العودة إلى مصر وزيارة الأولياء مثل عبدالرحيم القناوي، وفيها توجيه الخطاب إلى النبي الكريم للتأكيد على أن له أحبة كثيرين تركوا الأبناء والأسرة وجاءوا لزيارته محبة وشوقا له.
وفي نفس المناسبة، تركز الأغنية الشعبية على مودعي الحجيج وهم يتمنون الزيارة، ويظهرون شوقهم لزيارة النبي الكريم، حيث تقول الأغنية: "يا زايرين النبى خدونى معاكم/ تركبوا البواخر وأنا أمدحه وياكم/ الباخرة عما تنادي/ يلا يا زوار الهادي".
وهكذا، فإن الأغنية الشعبية لم تترك أي مناسبة أو حزينة كانت أو سعيدة، دينية كانت أو مناسبة للتحميس في العمل الجماعي أو الفردي، إلا وعبرت عنها، مع التعبير الجلي عن هموم المجتمع وتطلعاته وطموحاته، وأيضا مخاوفه ومواطن هواجسه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأغنية الشعبية الادب الشعبي الأفراح الأحزان الشعائر الدينية المناسبات الدینیة الأغنیة الشعبیة الغناء الشعبی الله الله واحدة من
إقرأ أيضاً:
الإمارات.. جهود بارزة لدعم القطاع الزراعي في السودان
أحمد مراد، أحمد عاطف (أبوظبي)
أخبار ذات صلةعصفت الحرب الدائرة في السودان، منذ أبريل 2023، بغالبية القطاعات الحيوية، حيث يُعد القطاع الزراعي الأكثر تضرراً، في ظل تعرض البنية التحتية الزراعية للتدمير الكامل، جراء تصاعد العمليات العسكرية في المناطق التي تمثل القلب النابض للإنتاج الزراعي، خصوصاً الجزيرة وسنار ودارفور وكردفان، ما فاقم معاناة السكان.
وتسببت الحرب في تداعيات كارثية طالت معظم جوانب القطاع الزراعي السوداني، إذ تُشير بعض التقديرات إلى خروج نحو 60 % من مساحة الأراضي المستخدمة عن دائرة الإنتاج. علماً بأن السودان يمتلك 170 مليون فدان صالحة للزراعة، وكان المستخدم منها قبل الحرب 40 مليوناً فقط.
ويُعد مشروع الجزيرة الذي يمتد على مساحة 2.3 مليون فدان واحداً من أكثر المشاريع الزراعية تضرراً من الحرب، مما تسبب في خسائر اقتصادية واجتماعية فادحة، نظراً لكونه أكبر مشروع في العالم يروى بنظام الري الانسيابي، ويشكل مصدر الدخل الأساسي لأكثر من مليون أسرة سودانية.
وفي دارفور، تبدو الأوضاع أكثر كارثية، وأكثر تعقيداً، حيث يعتمد نحو 85 % من سكان الإقليم على الزراعة، وقد أجبرت العمليات العسكرية غالبيتهم إلى الفرار والنزوح بعيداً عن أراضيهم الزراعية.
كما تُعد سنار والنيل الأزرق وشمال وغرب كردفان أكثر الولايات المتضررة من الحرب، حيث شهدت انخفاضاً ملحوظاً في المساحات المزروعة، ولم تسجل ولايتا شمال وغرب كردفان أي إنتاج زراعي في موسم المحاصيل الصيفي لعام 2023.
وبحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو»، فإن إنتاج السودان من الحبوب تراجع بنسبة تزيد على 60%، موضحة أن أكثر من 1.8 مليون أسرة سودانية تعمل في الزراعة والرعي، وبات غالبية المزارعين يجدوا صعوبة في الوصول إلى الأراضي والمواد الأولية.
وتسبب اتساع رقعة الحرب على امتداد نحو 70% من مناطق السودان في تعطيل عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي، لا سيما مع فقدان 85% من قدرات شبكات الري.
دعم الإمارات
منذ اندلاع النزاع في السودان، في أبريل 2023، تحرص دولة الإمارات على دعم جميع القطاعات الحيوية في البلاد، ومن بينها القطاع الزراعي، حيث وقعت اتفاقية مع منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» لتقديم تمويلاً قدره 5 ملايين دولار يوجه لمشروع تخفيف المجاعة ودعم أصحاب المشروعات الزراعية الصغيرة والأسر الرعوية المتأثرة بالحرب.
ويوفر المشروع مساعدات طارئة في مجال المحاصيل والماشية والخدمات البيطرية لنحو 275 ألف أسرة من صغار المزارعين والرعاة الضعفاء، ويستفيد منه نحو مليون و375 ألف شخص.
كما يهدف إلى الحد من الخسائر في الثروة الحيوانية من خلال التطعيم الوقائي ضد الأمراض العابرة للحدود، ويستهدف مليوني رأس من الحيوانات، ويستفيد منه نحو 600 ألف شخص، 25% منهم من الأسر التي تعيلها النساء.
تراجع حاد
شددت الباحثة في الشؤون الأفريقية، نسرين الصباحي، على أن تداعيات الحرب في السودان لم تقتصر على المشهدين السياسي والإنساني فحسب، بل امتدت لتضرب بشدة القطاع الزراعي الذي يُعد أحد أهم ركائز الاقتصاد السوداني، إذ يعتمد عليه ملايين السكان في حياتهم اليومية.
وأوضحت الصباحي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تدهور القطاع الزراعي في السودان جاء نتيجة مباشرة لعدة عوامل تراكمية أفرزها النزاع المسلح، أبرزها موجات النزوح الجماعي التي ضربت المجتمعات الريفية، والتي تُعد الحاضنة الأساسية للنشاط الزراعي في البلاد.
وأشارت إلى أن النساء والفتيات اللاتي يُمثلن عماد القوة العاملة الزراعية في كثير من مناطق السودان، هن الأكثر تضرراً من النزاع، ليس فقط بفعل العنف والنزوح، بل أيضاً نتيجة تحملهن لأعباء جديدة، أبرزها محاولة تأمين الغذاء في بيئات صارت غير صالحة للإنتاج الزراعي بفعل الدمار وانعدام الأمن.
وقالت الباحثة في الشؤن الأفريقية، إن التقارير الأممية تُظهر أرقاماً مرعبة، إذ بلغ عدد النساء والفتيات النازحات داخل السودان نحو 5.8 مليون، ضمن أكثر من 12 مليون نازح داخل السودان وخارجه، وكثير من هؤلاء كانوا في الأصل من سكان المناطق الزراعية، مما يعني فقداناً جماعياً للأيدي العاملة، وانهياراً للقدرة الإنتاجية في قطاعات الزراعة والرعي، لا سيما في مناطق مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق.
وأضافت أن المرأة السودانية في الأرياف أصبحت مضطرة للعب أدوار متعددة، في ظل غياب الرجال بسبب الحرب أو النزوح أو القتل، من الزراعة والرعي إلى رعاية الأطفال وتأمين الغذاء والمأوى، وهو ما يجعل النساء يتحملن العبء الأكبر في مجتمع منهك أصلاً اقتصادياً واجتماعياً.
ونوهت الصباحي بأن استمرار النزاع وتصاعد المعارك، خصوصاً في مناطق الإنتاج الزراعي الأساسية، يُهددان بإدخال السودان في مرحلة انعدام أمن غذائي غير مسبوق، مشددة على أهمية تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل، وإعادة التفكير في سبل تأهيل المجتمعات الزراعية المتضررة، مع التركيز على خدمات الدعم النفسي والصحي للنساء اللواتي تحولن من ضحايا مباشرة للحرب إلى خط الدفاع الأول في مواجهة الجوع والانهيار الاقتصادي.
ضربة قاصمة
قالت الباحثة في الشؤون الأفريقية، نورهان شرارة، إن القطاع الزراعي السوداني كان يمثل ما بين 30 و%35 من الناتج المحلي الإجمالي، ويُعد مصدر رزق لنحو %60 من القوى العاملة. ومنذ اندلاع الحرب، تلقى القطاع ضربة قاصمة، حيث تشير التقارير الدولية والمحلية إلى أن السودان فقد معظم موارده الطبيعية والبشرية، مع نزوح نحو 12 مليون شخص داخل وخارج البلاد، كثير منهم من المزارعين الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للمواسم الزراعية.
وأضافت شرارة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن البيانات تشير إلى أن البنية التحتية الزراعية تعرضت لانهيار شبه كامل، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الوطني من الحبوب بنسبة لا تقل عن %60، في ظل انقطاع الإمدادات الأساسية من بذور وأسمدة، بسبب تفاقم الأوضاع الأمنية في مناطق الزراعة الأساسية مثل الجزيرة والنيل الأزرق وكردفان.
وأكدت أن السودان يقف على حافة المجاعة، وفقاً لتصنيف الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، حيث يعاني نحو 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ورغم وصول بعض المساعدات الإغاثية، فإن المستقبل يبدو قاتماً، مشيرة إلى أن معالجة الانهيار الكارثي للقطاع الزراعي لن تكون سريعة أو سهلة، بل ستتطلب سنوات من العمل، وتمويلاً دولياً ضخماً، وأهم من كل ذلك استقراراً سياسياً حقيقياً يؤسس لإعادة بناء ما دمرته الحرب في الريف السوداني.