التوبة والرجوع إلى الله.. قالت دار الإفتاء المصرية، برئاسة الدكتور نظير عياد، مفتي الديار، إن النصوص الشرعية الكريمة من الكتاب والسنة المطهرة اتضح أن من ارتكب ذنبًا أو إثمًا عليه أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، كما عليه أن يكثر من الاستغفار وتلاوة القرآن والصلاة والصدقة: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 39].

حكم التوبة والرجوع إلى الله

وأوضحت الإفتاء أنه ورد أن هذه القربات تمحو الخطايا، داعية الله تعالى قبول التوبة من التائبين وأن يهدينا جميعًا الصراط المستقيم.

حكم التوبة والندم من القرآن الكريم والسنة
قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].

وقال جل شأنه: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 133-135].

وقال عز من قائل: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 70].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الإمام البخاري: «وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً».

دعاء التوبة
اللهم أنت وربي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين. اللهم إني أذنبت ذنبًا كثيرًا فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد اغفر لي خطيئتي كلها. استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.

دعاء الاستغفار والتوبة
«اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ».

 

وفي خطبة جمعة سابقة، ألقى فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق خطبة بتاريخ 12-8-2005، تناول فيها أهمية خطبة الحاجة التي استهل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلامه، مشيرًا إلى ما رواه عبد الله بن مسعود: "كان يعلمنا خطبة الحاجة كما يعلمنا القرآن"، دلالة على أهميتها ومكانتها في الإسلام.

الآية العظيمة: دعوة للاستمرار على ذكر الله

استشهد فضيلة الدكتور بالآية الكريمة من سورة آل عمران:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾.


وأوضح أن هذه الآية تعد من أعظم آيات القرآن من حيث العمل؛ إذ تدعو المسلم للبقاء على ذكر الله وطاعته حتى يأتيه الموت وهو على الإسلام. فالإنسان لا يعلم متى يموت، ولذا يجب أن يكون دائم الذكر والعبادة، دون غفلة أو نسيان.

وأشار فضيلته إلى أن الغفلة عن الله سبحانه وتعالى هي عائق بين العبد وربه، وأن هذا النقص البشري يدعو المسلم إلى الاستغفار والتضرع لله ليغفر له هذه الغفلة.

تحويل العادات إلى عبادات: جوهر الإصلاح

ناقش فضيلة الدكتور أهمية تحويل العادات اليومية إلى عبادات بنية صالحة خالصة لله تعالى، محذرًا من أن تحول العبادة إلى عادة هو أول طريق الفساد. فالصلاة، على سبيل المثال، إذا أداها المسلم دون خشوع أو تركيز، تتحول إلى عادة لا تؤدي وظيفتها التي أرادها الله لها، وهي النهي عن الفحشاء والمنكر كما جاء في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

السلف الصالح: القدوة في الإخلاص والعبودية

أشاد جمعة بالسلف الصالح الذين استطاعوا تحويل العادات إلى عبادات من خلال تطبيق حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". فكانوا يخلصون النية في جميع أفعالهم وأقوالهم، حتى في أبسط أمور حياتهم اليومية، فصاروا عبادًا ربانيين يستجيب الله لدعائهم.

استعدادًا لرمضان: دعوة للتقوى والإخلاص

اختتم الدكتور الخطبة بدعوة المسلمين لاستثمار شهر رجب الفرد كتهيئة روحية لشهر رمضان، وتحقيق معنى التقوى في قوله تعالى:
﴿ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾.
وحثهم على نقل أنفسهم من دائرة الغفلة إلى دائرة رضا الله، وتحويل عباداتهم إلى إخلاص كامل، وعاداتهم إلى عبادات تقربهم من الله سبحانه وتعالى.

 

إن خطبة الجمعة هذه تحمل دعوة واضحة لإحياء القلوب بالذكر، وتحقيق معنى العبودية لله سبحانه وتعالى، والسعي لأن تكون كل لحظة في حياة المسلم فرصة للتقرب إلى الله، استعدادًا لمواسم الخير والطاعة.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التوبة حكم التوبة دعاء التوبة التوبة والاستغفار الإفتاء سبحانه وتعالى إلى عبادات إلى الله

إقرأ أيضاً:

رسمياً.. اختيار الشيخ الدكتور «صالح بن حميد» لإلقاء خطبة عرفة من مسجد نمرة

أعلن رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، عن صدور التوجيهات باختيار الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، لإلقاء «خطبة عرفة» من مسجد نمرة في موسم حج هذا العام، ليصبح الخطيب الـ 16 من خطباء «عرفة» فى العهد السعودى.

من هو صالح بن عبد الله ابن حميد؟

هو داعية وخطيب سعودي، وأستاذ جامعي، عضو هيئة كبار العلماء السعودية، شغل منصب رئيس مجلس الشورى خلال الفترة من عام 2002م حتى تعيينه رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء عام 2009.

واستمر في منصبه حتى عام 2012م حين أُعفي وعُين مستشارًا في الديوان الملكي، وفاز بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 2016.

ومن جهة أخرى، دشنت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي اليوم، مسارًا إثرائيًا استثنائيًا، لايصال ترجمة خطبة عرفة لموسم حج هذا العام للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها والإنسانية جمعاء بـ(35) لغة وأكثر من 5 ملايين مستفيد ومستهدف، وهي الحزمة الإثرائية الأضخم في تأريخ الرئاسة لإثراء تجربة ضيوف الرحمن، وإيصال رسالة «خطبة عرفة» الوسطية عالميًا باللغات المتعددة.

وأطلق رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، الحزمة الإثرائية لترجمة «خطبة عرفة» خلال الاجتماع الذي عقده بمكتبه بالمسجد الحرام اليوم، لاعتماد المسار الإثرائي المخصص لترجمة «خطبة عرفة» وضمان جاهزية الرئاسة لهذا الحدث الإسلامي السنوي البارز، الذي يعد من منطلقات الرئاسة التخصصية وركائز مهامها المناطة بها للبلوغ بمستهدفات ومخرجات الخطبة عبر الترجمة الفورية تزامنًا مع خطيب عرفة، والنقل المباشر عبر القنوات والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي بالتناغم مع شركاء النجاح.

وأكد السديس، أن المملكة حققت الريادة الدينية الوسطية في العالم من خلال مشروع خادم الحرمين الشريفين لترجمة "خطبة عرفة" وبث رسالة الحرمين الدينية والإنسانية، لما تمتاز به بلادنا المباركة من اتسام بالوسطية والتسامح والاعتدال، واتصاف بنشر السلام والمحبة في العالم.

وحرصت الرئاسة على التميز في نشر الصورة المشرقة عن جهود قيادتنا الرشيدة في خدمة الإسلام والمسلمين، والعمل الدائب وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في خدمة قاصدي الحرمين الشريفين من الحجاج والعمَّار، وبث الرسالة الوسطية للعالم، ويأتي في طليعة مرتكزات البث: نشر هدايات «خطبة عرفة» المشتملة على أسس التآخي الإنساني والحضاري والتسامح الديني مترجمة بلغات تبلغ في حج هذا العام 35 لغة.

اقرأ أيضاًموعد وقفة عرفة 2025.. اعرف فضل صيامه والأعمال المستحب تأديتها

«من القرآن والسنة».. دعاء يوم عرفة 2025

موعد وقفة عرفة 2025.. اعرف فضل صيامه والأعمال المستحب تأديتها

مقالات مشابهة

  • «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»
  • مفتى الجمهورية يشهد حفل تكريم حفظة القرآن الكريم بقرية أم الزين بالشرقية
  • خطبة الجمعة اليوم .. ياسر الغاياتي يؤكد: هذا سبب تنوع العبادات من الله للمسلمين .. والعشر من ذي الحجة أحد مواسم الطاعات فاغتنموها.. فيديو
  • رسمياً.. اختيار الشيخ الدكتور «صالح بن حميد» لإلقاء خطبة عرفة من مسجد نمرة
  • هل يجوز صلاة ركعتين تحية المسجد والإمام يخطب الجمعة؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم ترك مخلفات نحر الأضاحي في الشوارع.. الإفتاء: من السيئات
  • موضوع خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف.. «فضائلُ عشرِ ذِي الحجةِ»
  • ما حكم الأضحية وشروط صحتها؟.. الإفتاء توضح
  • فضائلُ العشرِ مِن ذِي الحجةِ.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 30 مايو 2025
  • موضوع خطبة الجمعة القادم 30 مايو.. «فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة»