طرح الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق في حديثة عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”  قراءة حول كتاب الدكتور فوسل، الذي يتناول فكرة "منع شيخوخة الإنسان" وإطالة عمره إلى مدى قد يصل إلى آلاف السنين، وتعتمد هذه الرؤية على أبحاث علمية حول إنزيم التيلوميراز (Telomerase)، وهو إنزيم يعمل على حماية الخلايا من التلف.

هل يمكن إيقاف الشيخوخة؟

وضح جمعة أن الدكتور فوسل يرى وفقًا لأبحاثه، أن العلم قد يتمكن خلال العقدين المقبلين من منع عملية الشيخوخة، مما يتيح للإنسان تجاوز العمر الافتراضي البالغ 120 عامًا، ليعيش لمئات أو ربما آلاف السنين. 

ومع ذلك، فإن هذا الاحتمال يظل متاحًا بشكل أكبر للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا، نظرًا لأن أجسامهم أقل تضررًا.

التحديات الاجتماعية والأخلاقية

تابع جمعةأن الكتاب أشار إلى أن فكرة منع الشيخوخة تثير العديد من التساؤلات الأخلاقية والاجتماعية، من سيتولى تعليم الأجيال الممتدة وإعادة تأهيلهم؟ وكيف ستتم إدارة الصراعات الاقتصادية والسلم التجاري في عالم حيث الأعمار غير محدودة؟

عقبات أمام الخلودرغم التفاؤل العلمي، أكد الدكتور فوسل أن الوصول إلى الخلود ليس بالأمر البسيط، مستعرضًا عددًا من العقبات:

1. عدم انقسام بعض الخلايا: مثل خلايا الدماغ وعضلة القلب، ما يجعلها خارج نطاق الاستفادة من إنزيم التيلوميراز.


2. مخاطر الخلايا السرطانية: بعض الخلايا السرطانية لا تستطيع إنتاج التيلوميراز وتموت، بينما زيادة الإنزيم قد تؤدي إلى تشعب غير محدد للخلايا، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.


3. المخاطر العامة: مد الجسم بإنزيم التيلوميراز عبر أقراص أو حقن يشكل خطرًا كبيرًا بسبب احتمالية تحفيز الخلايا الشاذة.

 

آمال العلم وتحذيراته

وأشار جمعة إلى أن الدكتور فوسل يأمل أن يتمكن العلماء في المستقبل من التحكم في إنتاج التيلوميراز داخل الخلايا الطبيعية والشاذة على حد سواء. لكنه حذر من أن التقدم في هذا المجال لا يعني بالضرورة إطالة الحياة بشكل مباشر، حيث ما زالت عوامل أخرى مثل الأمراض المعدية، والسموم، والجينات المعيبة تمثل تهديدًا للحياة.

هاجس التطور

ختم الدكتور علي جمعة حديثة بالإشارة إلى أن السعي لإطالة الحياة هو جزء من سمة العصر الحديث، الذي يتميز بسعيه نحو التطور العلمي والمادي، إلى جانب مفاهيم أخرى كالعولمة، الحرية، والشفافية. ومع ذلك، يظل القضاء على الموت حلمًا بعيد المنال، محفوفًا بتعقيدات أخلاقية وعلمية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الخلود العلم علي جمعة

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما

 

 

سهام بنت أحمد الحارثية

harthisa@icloud.com

 

 

منذ أن تشكّلت الدول وبدأت تمارس وظائفها، ظل الاقتصاد جزءًا لا يتجزأ من أدواتها السياسية، فالسياسات الاقتصادية ليست مجرد قرارات تقنية تُتخذ بمعزل عن الواقع، بل هي في جوهرها قرارات سياسية تعكس مصالح، وأولويات، وتوازنات قوى. القول إن الاقتصاد محايد أو مستقل عن السياسة يتجاهل حقيقة أن كل قرار مالي أو استثماري أو تجاري يتطلب إرادة سياسية لتوجيهه، وتحمل تبعاته.

في التاريخ القديم، كانت السيطرة على الموارد الاقتصادية تُعد بمثابة إحكام للسيادة السياسية. الإمبراطورية الرومانية لم تكن لتصمد دون تأمين تدفق القمح من مستعمراتها، وعلى رأسها مصر، التي شكّلت “سلة الغذاء” للإمبراطورية. وفي ذلك الزمن، لم يكن الغذاء مجرد سلعة؛ بل أداة للحكم، والاستقرار السياسي كان رهناً بالوفرة الاقتصادية.

أما في العصر الحديث، فقد تجلّت العلاقة بين الاقتصاد والسياسة بوضوح في أزمة النفط عام 1973، حين قررت الدول العربية المنتجة للنفط خفض الإنتاج وفرض حظر على الولايات المتحدة وهولندا بسبب دعمهما لإسرائيل. أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 300%، وانزلاق الاقتصاد العالمي في موجة تضخم وركود حاد. وهنا لم يكن النفط مجرد مادة خام؛ بل أداة سياسية أثَّرت في مواقف دول، وساهمت في إعادة تشكيل النظام الدولي.

في التجربة الصينية، شكّل النمو الاقتصادي منذ نهاية السبعينيات خطة سياسية منظمة، لم يكن تحرير السوق وتوسيع قطاع التصدير هدفًا اقتصاديًا فحسب، بل وسيلة استراتيجية لإرساء شرعية الحزب الشيوعي داخليًا، وتعزيز مكانة الصين في النظام العالمي. خلال أربعة عقود، نجحت الصين في انتشال أكثر من 800 مليون إنسان من الفقر، وفق بيانات البنك الدولي، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو إنجاز اقتصادي ما كان ليتحقق لولا رؤية سياسية محكمة.

الواقع الأوروبي يعزز أيضًا هذا الترابط الوثيق، فالاتحاد الأوروبي بُني على فكرة أن التكامل الاقتصادي سيمنع اندلاع الحروب مجددًا بين دول القارة. إنشاء السوق الموحدة، وتبني العملة الموحدة “اليورو”، لم يكن مسعى اقتصاديًا بحتًا، بل هدفًا سياسيًا طويل المدى لتحقيق السلام والاستقرار. رغم التحديات، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي نحو 18 تريليون دولار في عام 2023؛ مما يعكس عمق هذا التكامل الذي جمع بين السياسة والاقتصاد.

في منطقتنا العربية، تتضح العلاقة في اعتماد العديد من الدول على السياسات الاقتصادية كأدوات للتماسك الاجتماعي والسياسي. برامج الدعم الحكومي للوقود والغذاء، والتوظيف في القطاع العام، والإعفاءات الضريبية، كلها قرارات اقتصادية تُستخدم سياسيًا لاحتواء التوترات الاجتماعية وتعزيز شرعية الدولة. وفي دول الخليج، مثلًا، لا تُفهم خطط التنويع الاقتصادي بمعزل عن التحولات السياسية والاجتماعية التي تهدف إلى ضمان الاستدامة والاستقرار في عالم ما بعد النفط.

ومن واقع تجربتي، حين ناديت أثناء المقاطعة الشعبية الأخيرة بعد حرب غزة بضرورة تطوير المنتج المحلي ليحل محل السلع المُقاطَعة، اعتبر البعض أن هذا الموقف تعاطف عاطفي لا علاقة له بالاقتصاد، وأن الأجدى هو تغيير سلوك المستهلك فقط. لكن هذا الفهم يغفل عن حقيقة أن الأزمات تخلق فرصًا لإعادة توجيه الموارد، وتعزيز الإنتاج الوطني، وتثبيت السيادة الاقتصادية. وقد وقعت بعض الجهات والدول في هذا الخطأ، حين تعاملت مع المقاطعة كفعل شعبي مؤقت بدل أن تستثمره في بناء بدائل وطنية مستدامة.

حتى في مفاوضات صندوق النقد الدولي مع الدول، يظهر الاقتصاد كأداة ضغط سياسي.. الاشتراطات المصاحبة لبرامج الإصلاح، مثل تحرير سعر الصرف، أو خفض الدعم، أو خصخصة المؤسسات، ليست فقط إصلاحات تقنية، بل تؤثر مباشرة في القاعدة الاجتماعية والسياسية للحكم، وتعيد رسم العلاقة بين الدولة ومواطنيها.

في النهاية.. الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة. لا يمكن فصل الإنفاق عن التمويل، ولا الضرائب عن العقد الاجتماعي، ولا الاستثمار عن رؤية الدولة لمكانتها في الداخل والخارج. كل قرار مالي هو رسالة سياسية، وكل سياسة اقتصادية تعكس هوية الدولة وأولوياتها… لهذا، فإن من يزعم أن الاقتصاد حيادي، يغفل عن واحدة من أهم حقائق التاريخ: الاقتصاد كان وسيظل أداة للسياسة، وأحيانًا جوهرها.

 

مقالات مشابهة

  • تأجيل محاكمة والدين متهمين بالاعتداء على ابنتهما وتخديرها بشبرا الخيمة
  • الشثري يوضح حكم الحلف بالطلاق.. فيديو
  • إيقاف العامل دون فصل.. متى يطبق صاحب العمل المادة 145 من القانون؟
  • أحمد الفهيد: تأهل الأخضر المباشر مهمة مستحيلة
  • قرار عاجل.. إيقاف النشاط الرياضي في نادي سموحة لمدة 3 أيام | تفاصيل
  • ليلو أند ستيتش يتفوّق على جون ويك ومهمة مستحيلة ويتصدر للأسبوع الثالث
  • الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما
  • صراع الحسم في نصف نهائي كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي في مهمة شبه مستحيلة وإنبي يطارد التعويض
  • نائب ترامب: نحاول إيقاف الصراع بغزة وهذه ليست إبادة
  • «تحسن فترة الشيخوخة».. دراسة: فوائد مذهلة لشرب النساء لـ القهوة