#نبش_الذاكرة
د. #هاشم_غرايبه
لم يكن مصطلح (التنسيق الأمني) بمعناه المتعارف عليه معروفا في العالم، قبل توقيع المعاهدات بين الأنظمة العربية والكيان اللقيط، والتي أطلق عليها للتمويه (معاهدات سلام)، فالسؤال البريء: على ماذا يتم التنسيق، إن كان سبب العداء بين الفريقين ما زال قائما؟.
لو سألت هذا السؤال لمسؤول عربي، لن يمكنه الإقرار بأن لا يمكن وجود أخطار مشتركة تتهدد طرفي متعاديين، فما يضر بأحدهما هو نفع للأخر، والعكس بالعكس.
لكن الحقيقة أن المعلومات التي يقدمها الطرف العربي هامة، وهي عن مقاومين رافضين للإحتلال وتتهدد الكيان، والمعلومات التي يقدمها الكيان هي عن معارضين للنظام الحاكم، وليست تتهدد الدولة العربية ذاتها، لأنه لا خطر عليها إلا من ذلك الكيان.
من الأمثلة على ذلك ما كشفته المحللة “جوانا بيندر” على القناة الإخبارية الفرنسية (i24) من أن هزيمة العرب في حرب عام 67، تعزى الى الدور الهام الذي قام به الملك الحسن الثاني، الذي كان له علاقات وثيقة مع هذا الكيان، وتمثل ذلك في تسليمه تسجيلات وقائع مؤتمر القمة العربية في الدار البيضاء عام 65، وقالت إن ذلك تم بعد أن حضر مجموعة من الموساد قبل يومين وحجز لهم الملك الطابق العلوي في الفندق، لكن يبدو أن هنالك من حذره من خطورة انكشاف ذلك فنقلهم، لكنه قام بتسجيل الجلسة السرية المخصصة لوضع خطة عسكرية لتحرير فلسطين، وسلمها لصديقه “مئيرعميت” رئيس الموساد، وكشف التسجيل فيها أن عبد الناصر يتوقع من الكيان شن عدوان، فطالب بوضع خطة هجومية لدرئه، فاعترض بعض الزعماء، فتعطلت الخطة.
في آذار 2015 سمحت الرقابة بنشر معلومات عن التنسيق بين الموساد والمخابرات المغربية في الستينيات، فنشر الصحفيان ” رونين بيرجمان وشلومو نكديمون” تقريرا استندا الى روايات “عميت” وآخرين، قالا فيه أن اطمئنان الكيان الى الخلافات العربية وعدم الإستعداد أو النية للهجوم كانت عاملا هاما في اتخاذ قرار بشن حرب عام 67.
ونظير هذه المعلومات الهامة، فقد رد “الموساد” الجميل بعد شهر، فكشف من خلال اختراقاته للداخلية الفرنسية، مكان المناضل المغربي “المهدي بن بركة” الذي كان مختفيا في فرنسا، فحضر وزير الداخلية “أوفقير” وتسلمه، ولما وجد أنه من الصعب تهريبه الى المغرب، قام بعد استشارة الملك بطعنه في كل أجزاء جسده وهو مربوط فوق اسفنج لتمتص دماءه، ثم صبوا عليه مادة مذيبة تسلموها من الموساد، ودفنوا البقايا في حديقة في باريس.
كان دور الشيطان الأكبر ومخلبه القذر (CIA) في هذه العملية أساسيا، لأن “بن بركة” كان على علاقة وطيدة مع مناضلين مثل تشي غيفارا، ومالكوم اكس، فوجّه الموساد لتولي التنفيذ، والذي كان له مكاتب ارتباط رسمية في المخابرات الفرنسية، حيث كانت تتعاون معه في تقديم المعلومات عن الثوار الجزائريين التي يجمعها جواسيهم اليـ.ـهود القاطنون في بلاد المغرب العربي، لذلك كان الموساد ينال رعاية ودعما رسميا.
طبعا، وكما في كل جرائم الموساد، تقيد الجريمة ضد مجهول، لكن عين الله التي لا تنام عن مراقبة هؤلاء، تقيّض من يكشف الأسرار، فعندما علم “ديغول” بما تم غضب و طرد هذه الأوكار الخبيثة، وقطع كل تنسيق مع الكيان اللقيط الذي كانت فرنسا أهم رعاته ومناصريه، لكن القوة العالمية الخفية تحركت ضده بكل قواها، وسرعان ما تمكنت من الإطاحة به بعد تنظيمها الاحتجاجات الطلابية عام 1968، فعاد الموساد يرتع في فرنسا من جديد.
العاقل من يقرأ التاريخ لكي يأخذ العبر والدروس، والأحمق من يتخذه روايات مسلية ولا يفهم مغزى الأحداث، لا يمكن اتهام الزعماء العرب بالحماقة، أو أنهم لا يتعلمون، بل هم يعون ما عليهم فعله، لكنهم يغلبون مصالحهم الفردية على المصلحة الوطنية.
في الماضي كان ذلك التنسيق سريا وعلى أضيق الحدود، ولكنه الآن بات مؤسسيا وعلنيا، وتحت مسمى… التنسيق الأمني.
أي تنسيق هذا الذي يجريه نظام حكم مع عدو وطنه وأمته؟ هل يمكن أن تكون المعلومات لحماية الوطن؟ أم هي مقتصرة على إخباريات عن معارضي حكمه المستبد؟، ولو كان حكمه وطنيا مستمدا من إرادة المواطنين هل كان يخشى المعارضة؟.
دائما علمنا التاريخ حقيقة: إما أن يخشى الحاكم على الكرسي أوعلى الوطن…فإمساك بطيختين بيد واحدة غير ممكن. مقالات ذات صلة
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: هاشم غرايبه الذی کان
إقرأ أيضاً:
الوزير: التنسيق مع الكهرباء لحل مشكلات المرحلة الرابعة بالمنطقة الصناعية بوادي النطرون
عقد الفريق مهندس كامل الوزير لقاءً موسعاً بمقر الهيئة العامة للتنمية الصناعية مع الدكتورة جاكلين عازر محافظ البحيرة ، بحضور الدكتورة ناهد يوسف رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية وقيادات وزارة الصناعة والهيئة العامة للتنمية الصناعية ورؤساء المناطق الصناعية بالمحافظة وأجهزتها التنفيذية وممثلي الجهات المعنية، لبحث التحديات والمشكلات التي تواجه مستثمري المناطق الصناعية المختلفة بالمحافظة والإجراءات اللازمة لتذليل هذه التحديات.
وخلال اللقاء استعرض مستثمرو البحيرة مشكلة الانقطاع المتكرر وتذبذب التيار الكهربائي بالمنطقة الصناعية بوادي النطرون، والتي تمثل تحديًا رئيسيًا أمام استمرار وتشغيل المصانع بكفاءة، ووجّه الوزير بسرعة التنسيق مع وزارة الكهرباء وشركات توزيع الكهرباء المعنية لإيجاد حلول عاجلة ومستدامة، مع إعداد خطة فنية واضحة لتقوية الشبكة الكهربائية بالمنطقة وتلبية احتياجات المستثمرين الحالية والمستقبلية، بما يضمن استقرار الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع وعدم تعطيل الإنتاج.
وفى السياق ذاته، استعرض مستثمرو المرحلة الرابعة بوادى النطرون بالبحيرة مشكلة ضعف الخدمات الأساسية في المنطقة، خاصة ما يتعلق بتوفير المواصلات الداخلية ، حيث أكد الوزير أنه سيتم التنسيق مع جهاز النقل البرى الداخلي والدولي بتوفير خطوط نقل جماعي لنقل العاملين من مدن وقرى وادي النطرون للمنطفة الصناعية ، ضمن خطة متكاملة لتطوير البنية التحتية، ودعم الاستثمار في وادي النطرون.وخلال الاجتماع، استجاب الوزير بشكل فوري لمطلب عبد الله فاروق، أحد المستثمرين الذين تم تخصيص قطع أراضٍ لهم في منطقة وادي النطرون ضمن الطرح الأخير عبر منصة مصر الصناعية الرقمية ، حيث أوضح المستثمر أنه عند توجهه لاستلام الأرض تفاجأ بتأخر المحافظة في إجراءات التسليم، بدعوى عدم توريد قيمة الأرض من جهة التخصيص ، وعلى الفور وجّه الوزير بتسليم الأرض للمستثمر دون تأخير، مشددا على العاملين في كافة المحافظات بضرورة تسليم الأراضي للمستثمرين فور وصول خطاب التخصيص من الهيئة، بالتوازى مع انهاء الإجراءات بين الجهات الحكومية المختلفة دعما للقطاع الصناعي وتعزيزًا لثقة المستثمرين في جدية الدولة في دعمهم.