بقلم: د. محمد حمد مفرح
تمثل النهضة الشاملة لأي دولة أو شعب، وفقا للمفهوم المتعارف عليه في الأدبيات السياسية، أساس التحول الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي المبني على التطوير الفكري و الثقافي الهادف لتطور الوطن و رفاه الشعب. و استنادا الى هذا المعنى تحتاج النهضة الى الفكر الثاقب و الاستنارة Enlightenment و العقل سياسي المؤهل لتحقيقها، بجانب حاجتها للأهلية الأخلاقية للساسة و الكيانات السياسية، مع توافر الحس الوطني في هؤلاء الساسة.
و نظرا لأن بناء الأوطان و الرقي الشعوب و بلوغها افاق النهضة الحقيقية يحتاج لجهود ضخمة، فان تحقيق هذه النهضة ليس بالأمر السهل و ان الطريق إليه ليس مفروشا بالورود بل تعتوره المتاريس و الأشواك و الحفر. لذا فالنهضة تحتاج الى نضال فكري و ثقافي لتهيئة البيئة الخصبة لها. ذلك ان عملية التحول الاجتماعي Social transformation تحتاج لرؤية واضحة و أهداف محددة و خطط ذكية علاوة على استراتيجيات تعمل على مواجهة كل التحديات، باعتبار ان بناء الانسان و مواجهة واقع المجتمعات بكل تحدياته و تعقيداته يمثل حربا باردة Cold war في عدة جبهات، إذا جاز التعبير.
و بناء على هذه المعطيات المفتاحية لتحقيق النهضة فانها تمثل، في التحليل النهائي، تحديا تطويريا كبيرا، بحكم طبيعتها و سيرورتها الطويلة long process متعددة المراحل. لذا فان الدول المتقدمة التي تتصدر المشهد الحضاري الدولي الحالي لم تبلغ ما بلغته من شأو الا من خلال عقول متفردة و رجال مراحل مختلفة نوافرت لهم الوطنية و الاهلية الأخلاقية و الهمة و العزم على بناء اوطانهم عبر نظم سياسية منتجة. و قد تمظهر ذلك من خلال النهضة التي حفقتها عدد من دول العالم التي يشبه واقعها واقع بلادنا في بعض الجوانب، مثل ماليزيا و الهند و رواندا، على سبيل المثال لا الحصر.
و تبعا لذلك فقد ادركت الدول التي استشرفت واقعا نهضويا مقدرا ان تحقيق النهضة لا يستند الى التنظير الطوباوي Utopian theorization المجرد بقدر اعتماده اللازم و الضروري على استهداف التنظير لتحقيق النهضة الحقيقية ذات الاثار الايجابية على الأرض.
و تأسيسا على ما سبق فان من المنطقي ان تحتاج النهضة الى عقود بل و ربما قرون من الزمان تتراوح بين قرن الى قرنين، كما حدث في بعض الدول الأوروبية. و تمثل اوروبا، من خلال تاريخها الطويل في مواجهة واقعها الذي كان موسوما بالتخلف و غارقا في التيه و الظلام، تمثل الأنموذح الناصع لقهر التخلف و احداث اختراقات كبيرة في سبيل استشراف النهضة التي حققت التطور الحضاري المادي الذي تعيش في ظله البشرية حاليا، بعد اندياحه على كل أنحاء المعمورة. و قد أنتج هذا التطور ثورة الاتصال و التقنية الحديثة التي نقلت البشرية الى افاق التطور و النهضة غير المسبوقة.
mohammedhamad11960@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: تحقیق النهضة
إقرأ أيضاً:
برلمانية: توطين صناعة السيارات بوابة لتعزيز الإنتاج المحلي
قالت النائبة ميرفت ألكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن توطين صناعة السيارات وزيادة التعاون مع القطاع الخاص تمثل رؤية اقتصادية بعيدة المدى، تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تمثل انطلاقة حقيقية نحو تقليل الاعتماد على الواردات وتعظيم الصادرات.
وأضافت في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن هذه التوجيهات تعكس حرص القيادة السياسية على بناء اقتصاد إنتاجي قائم على التصنيع، وليس الاستهلاك فقط، مشددة على أن الدولة تتحرك في مسار واضح نحو تعظيم الناتج المحلي من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، وفتح آفاق استثمارية في قطاعات استراتيجية، مثل صناعة السيارات.
وأوضحت ألكسان أن توطين هذه الصناعة يسهم في تحقيق التوازن في الميزان التجاري عبر تقليص فاتورة استيراد السيارات، التي تمثل عبئًا كبيرًا على العملة الأجنبية، إلى جانب مساهمته في خفض أسعار السيارات محليًا مع مرور الوقت، نتيجة زيادة حجم المعروض من الإنتاج المحلي ودخول عدد أكبر من الشركات للسوق المصري، ما يخلق منافسة إيجابية لصالح المستهلك.
وأكدت أن لجنة الخطة والموازنة تتابع عن كثب التحركات الحكومية في هذا الملف، وتدعم أية خطوات من شأنها تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وتنويع مصادر الدخل القومي، لافتة إلى أن التوسع في الصناعات المحلية مثل السيارات سيعود بفوائد مزدوجة على الدولة والمواطن، سواء من خلال توفير فرص العمل أو من خلال تعزيز العدالة السعرية للسلع الحيوية.
واختتمت ألكسان تصريحها قائلة: "ما يحدث الآن ليس مجرد توجه صناعي، بل استراتيجية متكاملة لبناء اقتصاد قوي يعتمد على موارده الذاتية ويواكب المتغيرات العالمية، لا سيما في ظل الثورة التكنولوجية في مجال النقل والسيارات الذكية والكهربائية."