لماذا تحدث حرائق الغابات في الشتاء؟ إليك تعليق الخبراء
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
وفقا للإعلام المحلي في الولايات المتحدة، فإن حصيلة الوفيات قد ارتفع إلى 10 أشخاص جراء اندلاع شديد للحرائق اجتاح غربي البلاد في مدينة لوس أنجلوس تحديدا، وقد أدت الحرائق إلى إخلاء مئات المباني في عدة مناطق من ولاية كاليفورنيا، ليبلغ عدد النازحين 180 ألف شخص، في حين أن هناك 200 ألف شخص يستعدون للنزوح بناء على إرشادات السلطات.
وتشير التقديرات إلى أن هذه الحرائق هي الأشد فتكا في تاريخ الولاية، نظرا إلى عدة عوامل ساهمت بشكل فعال في انتشار الحرائق على نحو متسارع وصعّبت على رجال الإطفاء احتواء الخطر وتقليص الضرر، منها أن لوس أنجلوس كانت تعاني من فترة جفاف قاسية حيث لم تستقبل المدينة سوى 0.4 سم من الأمطار منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالإضافة إلى أن رياح "سانتا آنا" الجافة والحارة التي تنشأ عادة في منطقة جبال سييرا نيفادا، بلغت سرعتها 95-130 كيلومترا بالساعة، فدفعت إلى انتشار الحرائق وسط أكوام من الأعشاب الجافة التي كانت وقودا سريع الاشتعال.
وفي إطار البحث عن مسببات الحريق الهائل الذي انتشر على 5 نقاط أساسية، ما زال المحققون في حيرة في أمرهم عما إذا كان الحريق بفعل فاعل أو أنه نتيجة لحدث طبيعي، لا سيما أن ثمة حقائق تستبعد أن يكون الحريق سببه صواعق البرق -الذي يعد أكثر شيوعا للحرائق في أميركا- فإن الرابطة الوطنية للحماية من الحرائق نفت هذا السبب سريعا كون البلاد لم تشهد أي حادثة برق عند بدء اشتعال الحريق.
إعلان لماذا في الشتاء؟ويستعرض تقرير بحثي صادر عن المركز الإعلامي للعلوم تعليقات بعض العلماء المتخصصين حيال ما يحدث الآن في حرائق لوس أنجلوس، ويعد المركز الإعلامي للعلوم منظمة خيرية تأسست في عام 2002، وهي معنية بالعلوم والتكنولوجيا والعلوم الاجتماعية على حد سواء، ويقع مقرها في بريطانيا.
قال الدكتور أبولوستولوس فولغاراكيس، أستاذ التغير المناخي العالمي والتغير البيئي في كلية لندن الإمبراطورية: "إن حرائق الغابات المستمرة في كاليفورنيا غير مسبوقة، من حيث كونها شديدة الحدة في هذا الوقت من العام، وهو الموسم الذي يُفترض أن يشهد أدنى معدلات حدوث الحرائق في المنطقة. ومع ذلك، أظهرت الأبحاث أن موسم الحرائق يتسع بالفعل في كاليفورنيا نتيجة للتغير المناخي".
ويضيف فولغاراكيس أن منطقة غرب الولايات المتحدة بشكل عام منطقة تشهد احترارا مناخيا مصحوبا بانخفاض في معدلات الأمطار، وهي عوامل تؤدي إلى حرائق أكثر ضراوة وشدة. ومن المتوقع أن تسير الأمور إلى هذا الاتجاه في المستقبل وتزداد سوءا.
ويوضح أستاذ التغير المناخي أن الرياح الساخنة والجافة المعروفة برياح سانتا آنا، التي تؤثر غالبا على جنوب كاليفورنيا وتشعل حرائق ضخمة مثل الحرائق الحالية، زادت من تعقيد الأمور. وأظهرت الأبحاث أن حدوث رياح سانتا آنا في الخريف قد يزداد أيضا مع تغير المناخ، مما يؤدي إلى نباتات أكثر جفافا، وانتشار أسرع للحرائق".
أما الدكتور دوغلاس كيلي من المركز البريطاني لعلم البيئة والهيدرولوجيا، فقد أجاب عندما سئل عن الوضع الحالي؟ قائلا "تشهد كاليفورنيا حرائق غابات واسعة خلال فصل الشتاء، تغذيها عوامل متضافرة من النباتات الجافة بشكل غير مسبوق، وارتفاع درجات الحرارة، والرياح القوية القادمة من اليابسة، وهي ظاهرة شائعة في هذا الوقت من العام".
وقال البروفيسور ستيفان دور، رئيس تحرير "المجلة الدولية لحرائق الأراضي البرية" ومدير "مركز أبحاث حرائق الغابات" بجامعة سوانزي إن العوامل الرئيسة لحدوث حرائق الغابات هي الرطوبة النسبية المنخفضة والرياح القوية والجفاف. ولا يتطلب الأمر درجات حرارة مرتفعة بشكل كبير، علما بأن درجات الحرارة العالية تؤدي إلى انخفاض الرطوبة.
إعلانوعند انخفاض الرطوبة، تسهم الرياح القوية في "انتزاع" الرطوبة من النباتات الجافة، مما يزيد من قابليتها للاشتعال. وبمجرد اشتعال النار، تساعد الرياح القوية في تأجيج اللهب. وتزيد التضاريس من تفاقم الوضع، إذ تنشب الحرائق بشكل أكثر كثافة وتنتشر بسرعة أكبر في المناطق الجبلية، بالإضافة إلى أن المنطقة في كاليفورنيا تتميز بنباتات شجرية شديدة القابلية للاشتعال.
ويضيف دور: "نعلم من الأدلة السابقة أن تغير المناخ قد زاد من شدة طقس الحرائق وأطال موسم الحرائق في معظم مناطق العالم. وأن الحرائق شائعة وطبيعية في هذه المنطقة، فإن كاليفورنيا شهدت بعضا من أكبر الزيادات في طول وشدة موسم طقس الحرائق على مستوى العالم في العقود الأخيرة، نتيجة لتغير المناخ".
مستقبل متوتروأما عن سبب الحريق، فقال الدكتور روري هادين، أستاذ علوم الحرائق في جامعة إدنبره: "من المحتمل أن السبب الرئيس للحريق لا يمكن التكهن به في الوقت الحالي، والأحرى هو البحث عن آليات وطرق لمكافحة انتشار الحريق".
وأضاف أن "التضاريس هنا، الجبلية والوعرة، تشكل تحديا في مكافحة الحرائق. وأحد الأسباب الرئيسة هو أن الناس يرغبون في البناء في هذه المواقع لأنها على أطراف المدن، قرب الطبيعة، ويكمن خطر الحرائق في الشرر الطائر، فهذه الجمرات الصغيرة التي تحملها الرياح يمكن أن تهبط في الأحياء وتسبب اشتعال المباني".
وقالت الدكتورة كيمبرلي سيمبسون، من كلية العلوم الحيوية بجامعة شيفيلد، أن هذه الحرائق المدمرة لا تحدث فقط بكثافة أكبر ولكنها أيضا تضرب في وقت أبكر من موسم الحرائق المعتاد في جنوب كاليفورنيا، مما يبرز النقطة المهمة حول قدرة تغير المناخ على تشكيل أنماط الحرائق على كوكب الأرض، وبينما نعمل على إبطاء آثار تغير المناخ وتقليل مخاطر الحرائق من خلال إدارة النباتات بشكل إستراتيجي، يجب علينا أيضا التكيف مع ‘الطبيعة الجديدة’ لحرائق الغابات الكبرى والشديدة، وتعزيز استعدادنا لهذه التحديات المتصاعدة في المستقبل".
إعلانوأما بما يتعلق بوتيرة ازدياد الحرائق على مستوى العالم خلال فصل الشتاء، فقالت الدكتورة ماريا لوسيا فيريرا باربوسا، عالمة حرائق الغابات في مركز المملكة المتحدة لبيئة الأراضي والهيدرولوجيا: "رغم أنه من المبكر ربط حرائق لوس أنجلوس الحالية بتغير المناخ، فإن أبحاثنا أظهرت أن الاحتباس الحراري يؤدي إلى فترات جفاف أطول تزيد من انتشار حرائق الغابات. ومن المتوقع أن يزيد معدل الحرائق الشديدة عالميا بنسبة تصل إلى 14% بحلول عام 2030، و30% بحلول عام 2050، و50% بحلول نهاية القرن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحرائق على لوس أنجلوس
إقرأ أيضاً:
في يومها العالمي.. الغابات المطيرة البحرية في خطر
في الأول من يونيو/حزيران يحتفى باليوم العالمي للشعاب المرجانية، وهو يوم مخصص لرفع مستوى الوعي بالدور المحوري الذي تلعبه الشعاب المرجانية في نظامنا البيئي والحاجة الملحة لحمايتها من التهديدات التي تواجهها جراء الأنشطة البشرية وتغير المناخ.
غالبا ما تُعرف الشعاب المرجانية بـ"الغابات المطيرة البحرية" نظرا لتنوعها البيولوجي المذهل ونظمها البيئية المعقدة. على الرغم من أنها لا تغطي سوى أقل من 1% من قاع المحيط، إلا أنها تدعم ما يُقدر بنحو 25% من جميع الأنواع البحرية.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الاحتباس الحراري يهدد "غابات البحر".. 84% من الشعاب المرجانية تضررتlist 2 of 4مبادرة لزراعة ملايين الشعاب المرجانية في أبو ظبيlist 3 of 4دراسة: تغير المناخ يهدد بانقراض آلاف الأنواعlist 4 of 4خطر عالمي يهدد الشعاب المرجانية في البحر الأحمر والخليج العربيend of listوالشعاب المرجانية، هي مستعمرة تضم مئات الآلاف من الحيوانات الفردية واللافقاريات، تسمى الزوائد أو السلائل المرجانية، وتتميز هذه الحيوانات البحرية اللافقارية بهياكل خارجية صلبة مصنوعة من كربونات الكالسيوم، وهي ثابتة في مكانها بشكل دائم. تنمو السلائل ببطء، وتختلف أشكالها وأحجامها باختلاف نوعها.
توفر الشعاب المرجانية موائل وحاضنات لأعداد لا تُحصى من الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، مما يُسهم في مصائد الأسماك العالمية ويدعم الاقتصادات الساحلية. بالإضافة إلى أهميتها البيئية.
كما تحمي الشعاب المرجانية أيضا السواحل من التآكل وأضرار العواصف، وتستهلك ثاني أكسيد الكربون، وتنتج تقريبا نصف الأكسيجين الصادر من البحار، ما يجعلها ذات قيمة لا تُقدر بثمن للمجتمعات البشرية.
إعلانوتعمل الشعاب المرجانية كحواجز طبيعية للأمواج، حيث تمتص ما يصل إلى 97% من طاقة الأمواج، مما يحمي الشواطئ بشكل كبير من العواصف وتآكل السواحل.
ومع تضرر الشعاب المرجانية، تواجه البيئات الساحلية والبنية التحتية خطرا متزايدا، لا سيما في المناطق المعتمدة على السياحة.
تُعدّ هذه النظم البيئية للشعاب المرجانية بالغة الأهمية، ليس فقط من حيث التنوع البيولوجي الشامل للكوكب، بل لأنها توفّر أيضا الغذاء لملايين البشر، وخاصة في الدول الجزرية. كما تدعم الشعاب المرجانية مصائد الأسماك، والأنشطة الترفيهية، والأغراض التعليمية، وغيرها.
كما يستكشف العلماء المرجان كمصدر جديد لمكونات بعض الأدوية. وقد اكتشفوا إمكانية استخلاص مادة كيميائية منه لإنتاج مضادات حيوية فعالة ضد البكتيريا المقاومة لأنواع أخرى من المضادات الحيوية.
ويأتي المظهر الملون للشعاب المرجانية من الطحالب المجهرية التي تعيش داخل خلاياها، وتقوم هذه الطحالب بعملية البناء الضوئي، مانحة إياها العناصر الغذائية الضرورية.
تهديدات جسيمة
تتعرض الشعاب المرجانية لتهديدات جسيمة من مصادر متعددة. ويشكل تغير المناخ، بما في ذلك ارتفاع درجات حرارة المياه وتحمض المحيطات الذي يعد أحد أهم المخاطر على صحة المرجان.
يمكن أن تؤدي هذه العوامل إلى ابيضاض المرجان، وهي ظاهرة تطرد فيها الشعاب المرجانية الطحالب التكافلية التي تزودها بالمغذيات واللون، مما يؤدي إلى تحول لونها إلى الأبيض وتصبح عرضة للأمراض والموت.
ونتيجة للارتفاع المفرط في درجة الحرارة، شهد العالم في العامين الماضيين تمددا لظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية خاصة في المحيط الأطلسي والمحيط الهادي والمحيط الهندي.
إعلانوكانت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية "نوا" (NOAA) قد أكدت في أبريل/نيسان الماضي بأنه "في الفترة ما بين الأول من يناير/كانون الثاني 2023 و20 أبريل/نيسان 2025، أثر الإجهاد الحراري المرتبط بالابيضاض على 83.7% من الشعاب المرجانية في العالم.
ويتوقع علماء المناخ أن تختفي نسبة تتراوح بين 70% و90% من الشعاب المرجانية بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين في حال حصر الاحترار عند عتبة درجة مئوية ونصف درجة مقارنة بمعدلات ما قبل الصناعة.
كما أن 99% من الشعاب المرجانية مهددة بالزوال، حسب التقديرات، في حال ارتفاع معدلات حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين، وهو الحد الذي وضعته اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.
يسهم التلوث والصيد الجائر وممارسات الصيد المدمرة والتنمية الساحلية أيضا في تدهور الشعاب المرجانية. وبدون جهود متضافرة لمعالجة هذه التهديدات، تواجه العديد من الشعاب المرجانية خطر الاندثار.
ويهدف اليوم العالمي للشعاب المرجانية إلى التثقيف والتحفيز على اتخاذ إجراءات لحماية الشعاب المرجانية. ويشجع الأفراد والمجتمعات والحكومات والمنظمات على اتخاذ خطوات للحفاظ على هذه النظم البيئية الهشة وفائقة الأهمية وإدارتها بشكل مستدام.