الحرب دخلت مرحلة جديدة و قد تكون مرحلة اكثر خطورة على الناس و الاقليم
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
بكري الجاك
اذا استمرت اطراف الحرب فى الاصرار على الحسم العسكري و النصر الحاسم فالواضح انها ستدخل الحرب فى مرحلة جديدة قوامها نقل الحرب إلى كل المناطق التى لم تصلها الحرب او لم تدور فيها مواجهات مباشرة بين القوات على الأرض بهدف منع حدوث اي شكل من أشكال الاستقرار و الأمن النسبي للمدنيين و الشاهد يتمثل فى استهداف سلاح الطيران للمدنيين فى نيالا و الكومة و كاب الجداد و جنوب الحزام و غيرها من اسواق و مناطق تجمعات مدنية هذا من جهة و استهداف مسيرات الدعم السريع لسد مروي و محولات الكهرباء من جهة اخري و قد نري المزيد من هذا النوع كنتيجة لتغير طبيعة الحرب و اهدافها.
ستكون طبيعة الحرب و اهدافها القادمة، اذا صحت الفرضيات، تتمثل فى استهداف المدنيين و استخدامهم كرهينة و ادوات فى هذه المعارك ، اذ يهدف الجيش إلى منع حدوث اي شكل من أشكال الاستقرار فى مناطق لم يعد يقاتل فيها بشكل مباشر حتى ينسجم ذلك مع سردية انه لا يمكن ان تكون هناك حياة فى مناطق يسيطر عليها الدعم السريع و ان تكون السردية الوحيدة السائدة هى ان الدعم السريع شيطانا أشر و على المواطنين الفرار ما ان يدخل الدعم السريع منطقة سواء بهزيمة الجيش او بانسحابه بغض النظر عن الاسباب التى تجبر الناس على البقاء فى مناطق الحرب، و المؤكد ان انتهاكات الدعم السريع لا تحتاج إلى دعاية فهذا أمر وثقته لجان تحقيق دولية و لكن بنفس القدر يقوم معسكر الحرب بتوظيف هذه الانتهاكات لأهداف سياسية و كحجة لاستمرار الحرب بدلا من العمل على ايقاف الحرب التى هي سبب الانتهاكات فى جذورها و بالمقابل يوظف الدعم السريع هجوم الطيران على المدنيين و غير المدنيين للتأكيد على أن استهداف المدنيين و الانتهاكات تحدث من قبل الجيش ايضا و ان الفرق بينهما فرق مقدار و ليس فرق نوع.
العامل الاخر الواضح أن الاستهداف على أساس العرق و اللون و اللهجة و الاثنية ادي إلى تحول الحرب من تصورها العام من انها حرب بين الجيش و حلفائه من مليشيات و الدعم السريع و حلفائه من مليشيات إلى انها حرب بين المكونات الاجتماعية فى كل أنحاء السودان ( و يا لبؤس الطبقة الوسطي و مثقفيها) و هذا يمكن أن يؤدي إلى تقسيم فى المعسكرين على أسس عرقية و اثنية و مناطقية و لا يعلم اي منا كيف ستكون تلك المرحلة من التحلل فى وقت فيه تم التصالح مع العنف اجتماعيا و التبرير له سياسيا سوي انها ستكون مرحلة الأبادات الجماعية و التطهير العرقي كل وفق تصوره للنقاء العرقي او تصوره لمصالحه او فقط لفوضوية المشهد فى كلياته.
حتى هذه اللحظة لا يوجد بديل لتجنيب البلاد هذا السيناريو القادم القاتم و خطر التقسيم الاجتماعي و الكانتونات العسكرية سوي القبول بانه:
١) لا حل عسكري لمشاكل البلاد
٢) هذه الحرب ليست مع قوي اجنبية و هي ليست استهداف خارجي و إنما هى فى صميمها حرب داخلية و بين السودانيين و ان العامل الخارجي يستثمر فى التناقضات الداخلية
٣) السودانيون بامكانهم حل جميع مشاكلهم عبر الحل السياسي المتفاوض عليه و يبدأ هذا الحل بالوقف الفوري لاطلاق النار من غير شروط و العمل على إغاثة الجوعي و حماية المدنيين.
ختاما، بل لو ما زال بينهم (دعاة الحرب فى كل الاطراف) عاقل فليقل لهم جميعا أنه حتى و ان توفرت فرص الحسم العسكري لطرف فإن الحسم العسكري سوف لن يقود إلى سلام و لا استقرار و لا تعايش و قبول و انه لا سبيل لبقاء هذه البلاد موحدة و آمنة و فى حالة تعايش دون حل سياسي يشتمل على برنامج شامل للعدالة الانتقالية و مشروع كامل للتعافي الاجتماعي يضع لبنات لتوطين السلام و من ثم البدء فى رحلة اعادة البناء وفق مشروع وطني متوافق عليه فى عمومياته، و جوهر هذه الرؤية اننا كسودانيين ذاهبون إلى مكان جديد افضل لنا جميعا لأننا سنصنعه سويا و بأيدينا كما انه ليس هناك شيء من الماضي (عن الدولة اتحدث) عظيم للجميع و يمكن الرجوع اليه سوي فعل النوستالجيا بخيالنا الجمعي بتصوير الماضي بجمال ليس فيه، و هذا أمر طبيعي فنحن في حاجة إلى الذاكرة لنحيا و لكننا فى حاجة إلى خيال يتعلم من دروس الحاضر و عبر التاريخ و فى حاجة إلى مخيلة سياسية و اجتماعية تسمو بنا فوق هذا الخراب الوطني العظيم.
الوسومبكري الجاك
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: بكري الجاك الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
بعد زيارة البرهان لمصر.. هل يشهد السودان هدنة قريبة بين الجيش و(الدعم السريع)؟
طرحت زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، إلى مصر ولقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العلمين، الكثير من التساؤلات حول الهدف من تلك الزيارة في هذا التوقيت وهل تحمل جديدا فيما يتعلق بوقف الحرب أو قبول الهدنة التي طرحتها الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية، بحسب سبوتنيك.
ويرى مراقبون أن تلك الزيارة والتي جمعت بين الرئيس السيسي والمشير الليبي خليفة حفتر، والبرهان، كان لها دلالة كبيرة على الوضع الراهن، خاصة وأنها تأتي في أعقاب وصول قوات الدعم السريع لأول مرة على الحدود المصرية بشكل مباشر في منطقة "المثلث" واتهام مجلس السيادة لقوات حفتر، بالمساعدة والتدريب وتقديم الدعم اللوجستي لقوات الدعم السريع، لذا لا يمكن أن تكون تلك الزيارة عادية ولا تحمل جديدا لتغيير الواقع على الأرض وأول تلك الخطوات قبول الدعم السريع لهدنة إنسانية طلبتها الأمم المتحدة ووافق عليها البرهان.
فما هي أهداف زيارة البرهان إلى مصر؟
بداية، يقول الدكتور أحمد المفتي، الحقوقي السوداني، مدير "مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان"، إن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، كانا متواجدين في قمة أسبانيا، ولا نستبعد أن يكون الرجلان قد التقيا، لذلك نرى أن زيارة البرهان لمصر في طريق عودته، لابد أن يكون فيها جديد".
الهدنة المرتقبة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "من الجديد الذي ربما تحمله تلك الزيارة هو ظهور السيسي، متوسطا البرهان وحفتر، ومعلوم دعم حفتر للدعم السريع أو على أقل تقدير اتخاذ الدعم السريع لأراضي ليبيا، التي يسيطر عليها حفتر، ومعسكرات للتدريب وطريقا للتموين، بعد أن ضاقت الطرق الأخرى، وقد يكون توسط السيسي في الصورة، هو وساطة بين البرهان وحفتر".
وتابع المفتي: "من الأشياء التي أراها جديدة أيضا، توجهات حميدتي الودية تجاه مصر، وحرص البرهان على أن لا يكون ذلك على حساب حكومة السودان".
وأشار المفتي إلى أن "المعلوم أن مصر هي واحدة من وسطاء السلام في السودان، وسبق لها أن طرحت مبادرة دول الجوار، وقد تريد أن تُعظم دورها كوسيط بتناول أبعاد المشكلة التي يصعب علي الوسطاء الآخرين الولوج فيها، مثل استياء البرهان من دعم حفتر للدعم السريع".
وفيما يتعلق بالدعوة الأممية للهدنة في هذا التوقيت، يقول المفتي: "العلاقة مع الأمم المتحدة، فقد يكون لحفتر تأثير على الدعم السريع لقبول هدنة الأمم المتحدة، التي قبلها البرهان وسعدت بها الأمم المتحدة، لكنها لا تريد تطوير تلك السعادة إلى إدانة للدعم السريع، ويسعدها كل من يقنع الدعم السريع بقبول الهدنة ولو كان حفتر بوساطة السيسي".
دور مصري فاعل
من جانبه، يقول المحلل السياسي السوداني وليد علي: "هذه الزيارة تبدو مثيرة للاهتمام والجدل، وذلك ليس لأنها جاءت بدون إعلان مسبق، لأن السيد البرهان اعتاد الزيارات غير المعلنة للرئيس السيسي أكثر من مرة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "هذه الزيارة تأتي وقد عقد الرئيس السيسي عدة لقاءات مباشرة قبلها مع جهات مرتبطة بالشأن السوداني، أو بصورة مباشرة بأحداث حرب 15 أبريل(نيسان) 2023، التي لازالت مستمرة بشراسة، لكن هذه المرة يبدو أن السيسي في جعبته أكثر من مجرد دعوة لإيقاف الحرب، وقد يكون قد توصل بالفعل لمعادلة معقولة مع الأطراف التي يُعرف عنها دعمها لقوات الدعم السريع في هذه المعركة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهو الآن بصدد عرض ما توصل إليه مع هذه الأطراف على البرهان".
وتابع علي: "يبدو أن السيسي قد توصل لشيء مهم، لأنه طلب حضور البرهان الذي كان في رحلة إلى إسبانيا لحضور مؤتمر يخص الأمم المتحدة، و يبدو للأهمية قد استجاب البرهان لطلب السيسي وعرّج سريعا على مصر في طريق عودته للسودان".
حميدتي والمثلث الحدودي
وأشار المحلل السياسي إلى أن "السيسي التقى قائد الجيش الليبي المشير حفتر، قبل لقاء البرهان بقليل، وبدون شك أن قضية حرب السودان كانت تتصدر أجندة حواره مع القائد الليبي، الذي يُتهم بتسهيل دخول السلاح والوقود لقوات الدعم السريع، ويأتي هذا اللقاء بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا، مما يجعل هذه القوات متاخمة لأول مرة للحدود المصرية".
وقال علي إن "حميدتي في تصريح سابق أعرب عن رغبته في حل خلافاته بالحوار مع القيادة المصرية التي يتهمها بدعم الجيش السوداني ضده، مما يعني أنه قد تلقى نصيحة بذلك قد تكون من حليف خليجي لمصر، لأنه سوف يواجه إشكالية كبيرة في حالة قام بتصعيد خلافه مع مصر التي تعتبر الأقوى في المنطقة، وذات ثقل مهم داخل مؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي".
واستطرد: "لم تخرج حتى الآن تأكيدات حول ما جرى في الاجتماع ولن تخرج كل المحادثات بالتأكيد، لأنها أمنية بالدرجة الأولى، ولكن أتوقع أن حفتر سوف يتراجع عن تقديم تسهيلات كثيرة كان يقدمها لحليفه القديم حميدتي، وربما يضغط عليه للدخول في حوار مع الجيش السوداني لوقف الحرب".
حميدتي والمثلث الحدودي
وأشار المحلل السياسي إلى أن "السيسي التقى قائد الجيش الليبي المشير حفتر، قبل لقاء البرهان بقليل، وبدون شك أن قضية حرب السودان كانت تتصدر أجندة حواره مع القائد الليبي، الذي يُتهم بتسهيل دخول السلاح والوقود لقوات الدعم السريع، ويأتي هذا اللقاء بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا، مما يجعل هذه القوات متاخمة لأول مرة للحدود المصرية".
وقال علي إن "حميدتي في تصريح سابق أعرب عن رغبته في حل خلافاته بالحوار مع القيادة المصرية التي يتهمها بدعم الجيش السوداني ضده، مما يعني أنه قد تلقى نصيحة بذلك قد تكون من حليف خليجي لمصر، لأنه سوف يواجه إشكالية كبيرة في حالة قام بتصعيد خلافه مع مصر التي تعتبر الأقوى في المنطقة، وذات ثقل مهم داخل مؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي".
واستطرد: "لم تخرج حتى الآن تأكيدات حول ما جرى في الاجتماع ولن تخرج كل المحادثات بالتأكيد، لأنها أمنية بالدرجة الأولى، ولكن أتوقع أن حفتر سوف يتراجع عن تقديم تسهيلات كثيرة كان يقدمها لحليفه القديم حميدتي، وربما يضغط عليه للدخول في حوار مع الجيش السوداني لوقف الحرب".