14 يناير، 2025

بغداد/المسلة:

أصدرت مؤسسة “پوليسي إكسچنج” البريطانية تقريرًا بعنوان “الأزمة والفرصة في الشرق الأوسط: خيارات السياسة البريطانية تجاه إيران”.

التقرير يقدم تحليلًا شاملاً للتحديات التي تواجه المملكة المتحدة في التعامل مع إيران، مع توصيات استراتيجية لموازنة المصالح الوطنية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

السياق الإقليمي والدولي

يأتي التقرير في ظل تصاعد التوترات بين إيران والقوى الغربية، وسط تحركات إيرانية مستمرة لتعزيز نفوذها الإقليمي وزيادة نشاطها النووي. إيران توسّع شراكاتها مع روسيا والصين في تحدٍ مباشر للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، في وقت تلعب فيه دورًا محوريًا في صراعات الشرق الأوسط عبر دعم جماعات مثل “حزب الله” في لبنان و”الحوثيين” في اليمن.

التقرير يصف هذا السياق بـ”اللحظة الحرجة” التي تتطلب استجابة متوازنة بين الضغط الدبلوماسي والعمل الأمني.

أبرز التحديات التي تواجه المملكة المتحدة

1. البرنامج النووي الإيراني
تواصل إيران تخصيب اليورانيوم بنسب تتجاوز الاتفاق النووي لعام 2015، ما يثير قلقًا دوليًا حول إمكانية تطوير أسلحة نووية. ورغم الجهود الدبلوماسية، تواجه المفاوضات جمودًا بسبب مواقف إيران المتصلبة.

2. الأنشطة الإقليمية

تستخدم إيران استراتيجية توسعية لدعم حلفائها الإقليميين في اليمن، لبنان، العراق وسوريا، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهديد المصالح الغربية.

3. العقوبات الاقتصادية

رغم تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني، لم تنجح في تغيير سياسات النظام. التقرير يشير إلى أن الضغوط الاقتصادية أثقلت كاهل الشعب الإيراني دون أن تؤدي إلى تغيير جوهري في سلوك النظام.

4. التدخلات الإيرانية في المملكة المتحدة

أشار التقرير إلى محاولات إيران التأثير في الجاليات المسلمة داخل بريطانيا عبر مؤسسات دينية وثقافية، بالإضافة إلى تهديدات إلكترونية وأنشطة تجسس تستهدف الأمن الداخلي.

التوصيات الاستراتيجية للتعامل مع إيران

1. تعزيز التحالفات الإقليمية

يدعو التقرير إلى توثيق التعاون مع دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، لمواجهة النفوذ الإيراني عبر اتفاقيات أمنية ودبلوماسية تضمن استقرار المنطقة.

2. مراجعة نظام العقوبات

التقرير يقترح تبني عقوبات ذكية تستهدف قادة النظام الإيراني مباشرة دون الإضرار بالشعب، مع استخدام العقوبات كأداة للضغط الدبلوماسي.

3. دعم المعارضة والإصلاح الداخلي

يوصي التقرير بدعم المعارضة الإيرانية المعتدلة، بما في ذلك تقديم مساعدات إنسانية ولوجستية للمجتمع المدني. الهدف هو تمكين قوى الإصلاح الداخلي لإضعاف النظام الحاكم على المدى الطويل.

4. تعزيز الأمن الداخلي

إيران تُتهم بمحاولات للتأثير في الداخل البريطاني من خلال شبكاتها الثقافية والسياسية. التقرير يوصي بتقوية الأجهزة الاستخباراتية لمواجهة هذه التهديدات وضمان حماية الأمن الوطني.

التوازن بين القوة الناعمة والصلبة

يشدد التقرير على أهمية التوازن بين استخدام القوة الناعمة والدبلوماسية من جهة، والقوة الصلبة عبر التعاون العسكري والاقتصادي مع الحلفاء من جهة أخرى.

الحوار مع إيران يجب أن يظل خيارًا متاحًا، لكنه لا يلغي الحاجة إلى الردع في مواجهة أي تهديدات مباشرة.

الخلاصة

تقرير “پوليسي إكسچنج” يعكس تعقيد ملف إيران ويؤكد أن التعامل مع طهران يتطلب استراتيجية مرنة تجمع بين الضغوط السياسية والاقتصادية والدعم الإنساني.

المملكة المتحدة، بحكم موقعها الدولي، تملك فرصة فريدة للعب دور محوري في تعزيز استقرار الشرق الأوسط ودعم تطلعات الشعب الإيراني نحو التغيير. لكن إذا استمر الجمود الدبلوماسي، فإن المنطقة قد تواجه عواقب وخيمة تهدد الاستقرار العالمي.

المواجهة مع إيران، وفق التقرير، ليست حتمية، لكنها تتطلب حسمًا واستراتيجية متوازنة تعكس التحديات الراهنة وآفاق المستقبل.

 

 

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: المملکة المتحدة مع إیران

إقرأ أيضاً:

نسمع ضجيجاً ولا نرى

يذكر التاريخ أن وزارة الخزانة الأميركية هي من أقدم الوزارات التي تكونت في الحكومة الفيدرالية التي تأسست رسمياً في العام 1789م ، حيث عقد الكونغرس القاري في فيلادلفيا مداولات مطولة حول تمويل حرب الاستقلال ضد بريطانيا العظمي في العام 1775م.
وفي الرابع من مارس 1789م أعلن أول كونغرس للولايات المتحدة الأمريكية في نيويورك بداية الحكم بموجب الدستور الأميركي، وفي 2 سبتمبر 1789م أنشأ الكونغرس وزارة الخزانة باعتبارها مؤسسة دائمة لإدارة الشؤون المالية للحكومة، كما تتولى هذة الوزارة عدة مهام منها فرض العقوبات الاقتصادية علي الأفراد والكيانات عالميا ، مستهدفة بذلك اي أفراد او كيانات تري الولايات المتحدة الأمريكية انها متورطة في انشطة غير قانونية مثل الارهاب او تهريب المخدرات او الترويج لاسلحة الدمار الشامل ، وغالبا يكون فرض العقوبات استجابة للتهديدات الموجهة ضد الأمن القومي او السياسة الخارجية او الاقتصاد الأميركي ، وتفرض العقوبات الاقتصادية بغرض الضغط أو الردع أو الإدانة العلنية لأي جهة تعرض المصالح الأميركية للخطر أو تنتهك الأعراف الدولية.

يشرف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية علي أكثر من 30 برنامج للعقوبات الأميركية، وقبل يومين فرضت الإدارة الحالية (إدارة ترامب) عقوبات على شبكة عابرة للحدود تجند جنودا كولومبيين سابقين وتدرب مقاتلين بينهم أطفال، وهذا مخالف (لاتفاقية حقوق الطفل 1989م) و (برتكولها الاختياري بشأن منع اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة والذي اعتمدته الأمم المتحدة في مايو عام 2000م ، ودخل حيز التنفيذ في 12 فبراير 2002م ) ، للقتال في صفوف المليشيا المتمردة ك (مرتزقة) وهذا أيضا مخالف (للاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد واستخدام وتمويل وتدريب المرتزقة التي اعتمدتها الامم المتحدة في العام 1989م ودخلت حيز التنفيذ في العام 2001م ).

هذة العقوبات تشمل تجميد أي أصول لهم داخل الاختصاص القضائي الأميركي، ومنع الأمريكيين من التعامل معهم وحظر دخولهم للولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن أن يتعرض المخالفون لعقوبات مدنية وجنائية.

وجاء في الحيثيات أن واشنطن رصدت شبكة يتكون معظم عناصرها من مواطنين كولومبيين وشركات كولومبية عملت علي استقطاب مرتزقة لمساندة المليشيا الإرهابية، بعضهم يملك خبرات في تشغيل المسيرات والعمل الميداني وبعضهم جاءوا كمدربين لعناصر المليشيا لتشغيل المسيرات وأجهزة تشويش و أجهزة اتصالات مرتبطة بالأقمار الاصطناعية ، هؤلاء انتشروا في عدة مدن سودانية منها الخرطوم وأم درمان وولايات كردفان الكبرى ودارفور حتى اجتياح الفاشر في 26 اكتوبر 2025م ، بعد حصار قاتل استمر 18 شهراً.

ما ذكره التقرير وثقته من قبل القوات المسلحة حينما وجدت أوراق ثبوتية وجوازت سفر مع جثث لكولمبيين كانوا مقاتلين في صفوف المليشيا، وكذلك ما قدمته الحكومة السودانية كـدلائل علي استعانة المليشيا الإرهابية بمرتزقة مولتهم دولة الإمارات.

الغريب أن الولايات المتحدة بدا وكأنها اكتشفت هذة المعلومات مؤخراً !! والأغرب أنها أصدرت عقوبات على هذه (الشبكة الاجرامية) دون الدولة التي رعتهم ومولتهم واستقدمتهم ، رغم أن منظمة (ذا سينتري) البحثية وهي منظمة أمريكية تهتم بتعقب الفساد والكتابة حوله، أوردت أسماء لمسؤولين إماراتيين لهم علاقة وثيقة بالشركات التي ترسل المرتزقة الكولومبيين للسودان، وذكر تقريرها أن الكولومبيين الذين دخلوا السودان تم تدريبهم في أبوظبي على مسيرات استوردتها أبوظبي لصالح المليشيا وتم نقلهم عبر قاعدة عسكرية تسيطر عليها أبوظبي في بوساسو بإقليم بونتلاند بالصومال، وأن هذه المعلومات نشرت قبل أشهر !!
وعلى كل، أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي !!!.

علي صعيد متصل ذكر وكيل وزارة الخزانة الأميركية المختص بالتعامل مع شؤون الإرهاب، نعم (الإرهاب) أن مليشيا الدعمالسريع “استهدفت و أظهرت مرارا استهدافها للمدنيين بمن فيهم الرضع والأطفال وأن الشبكة المعاقبة ساهمت مباشرة في تمكين هذة المليشيا من ارتكاب فظائع”، وعليه يصبح ما قامت به مليشيا الدعم السريع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فعلاً لا قولاً، فلماذا لم تصنف جماعة إرهابية حتى الآن ؟؟

دبلوماسياً ترى الإدارة الأميركية ان هذة العقوبات محاولة لتعطيل الدعم العسكري الخارجي للمليشيا للحد من نشاطها الإرهابي، لكن الجميع يعرف أن بإمكان الإدارة الأميركية إيقاف من يعمل على تمويل ودعم ومساندة المليشيا الإرهابية مباشرة، لكن للحرب وجوة كثيرة .

وقد يكون الأمر التنفيذي رقم 14098 نص يوقع عقوبات ، لكن تلك العقوبات قد لا تكون كافية أو متناسبة مع حجم الجرائم التي ارتكبت ، و السؤال هنا ما تأثير ذلك على مجريات الحرب في الميدان ؟

وهل ستحدث تلك العقوبات تأثيرات واضحة علي أرض الواقع أم أنها ستكون خبراً ضمن الأخبار فقط ، (نسمع ضجيجاً ولا نرى طحيناً)، وهل ستكتفي الإدارة الأميركية بهذة العقوبات فقط أم أن لها (برنامجا) خاصا تسير عليه، الأيام القادمة قد تحمل الكثير لكنه قد لا يكون مثيراً.

د. إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/11 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة إبراهيم شقلاوي يكتب: العودة للخرطوم ورسائل مفضل2025/12/11 إسحق أحمد فضل الله يكتب: (يا أيها القبر… كم أنت حلو)2025/12/11 هذه المقالة حِصراً لغير المتزوجين2025/12/10 قصة السرير !!2025/12/10 الجيش والمليشيات: لكن الدعم السريع وحش آخر2025/12/10 آلهة “تقدم” تعاقبنا بحمل صخرة الكيزان صعوداً وهبوطاً إلى قيام الساعة2025/12/10شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات كانت الحلويات المتاحة في الدكاكين كلها تعود الى العصر الحجري 2025/12/10

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • تقرير أمريكي: نفوذ إيران يقف وراء تراجع بغداد عن تصنيف الحوثيين إرهابيين
  • تهويل بلا وزن استراتيجي: قراءة في تغريدات سافايا
  • محددات العلاقة بين إيران والمقاومة: قراءة في خطاب ظريف حول الهوية الوطنية للفصائل
  • رئيس الجمهورية لبزشكيان: أي عرقلة تواجه إيران هي بمثابة عداء لنا
  • بدء تحصيل تذاكر ركوب لأتوبيسات النقل الداخلي بالعاصمة الإدارية يناير المقبل
  • الرئيس العراقي: أي عرقلة تواجه إيران تعد عداء لنا
  • التقرير المبدئي وضح وفاتها بسبب الضرب المبرح.. محامي عروس المنوفية يوضح تقرير الطب الشرعي
  • عمق الأزمة اليمنية في حضرموت والمهرة
  • نسمع ضجيجاً ولا نرى
  • تفادياً لحرب مباشرة مع إسرائيل.. تقرير أميركي يكشف: هكذا تستغل إيران حزب الله