تغنى الفلاسفة والنشطاء والحقوقيين بالإنسانية وعن معناها ومرادفتها ، حتي أكدت عليها  كل أدياننا السماوية والتي وضعتها في أطر محددة لتضمن التراحم بين الناس ، وتصدق الغني على الفقير، في طقوس محددة وضوابط بعينها طبقا لكل دين ومعتقد .


ولكن الإنسانية في حقيقة الأمر درجات ، فإذا اكتفيت بكونك إنسان لا يضر أحد ولا يرتكب أي شر ، فربما هذه هي أولى  درجات أن تكون شخصا جيدا يحترم طبيعته الإنسانية ، أما إذا كنت شخصا يحاول أن يكون فردًا ايجابيًا ينفع من حوله بعلمه وعمله  ، فهي ثاني درجة من درجات الإنسانية ، أمّا إذا اخترت أن تكون صاحب قضية وترسي أصول العدل وترفع الظلم عن الناس فهي درجة أرفع وأرفع ، أما إذا أردت أن تصل لقمة الإنسانية  وقمة الانتماء للجنس البشري فستنفع البشر جميعًا  كما فعل كثير من العلماء ومشاهير الأطباء كالدكتور مجدي يعقوب أو السير مجدي يعقوب ، ذلك الإنسان الذي لم يستسلم لهجاء من حوله في بداية الرحلة واستطاع أن يحفر اسمه بحروف من نور ، عندما ذهب لانجلترا وكان أول من يقوم بعملية زراعة قلب ورئتين والتي أعطت ذلك المريض خمسة وعشرين عامًا حياة من بعد تلك الجراحة المعقدة حينذاك .


تكرمه مصر اليوم بإطلاق اسمه على أحد المنشآت الدولية بعد أخر انجازاته في تخليق صمامات طبيعية للقلب عوضًا عن الصمامات الصناعية  ومشاكلها الكثيرة ، ولكن لا يوجد تكريم يكفي لكل مجهودات هذا الطبيب الإنسان الذي عاد مرة أخرى لبلده لينفعها بعلمه ،  في الوقت الذي يجلس فيه السير مجدي يعقوب داخل معمله ليهدى البشرية كلها باختلاف أجناسهم وألوانهم ودياناتهم  هدية ثمينة ، ويمرر علمه لكل الأجيال من الأطباء ، يجلس الآخرون - من ضعاف النفوس-  يفكرون كيف يتربحون من مهنة الطب أكثر وأكثر أو كيف يتباهون بعلمهم بكل عجرفة دون تمرير هذا العلم أو حتي يحاولون هدم من حولهم من الأطباء وعرقلتهم في بداية مشوارهم الطبي وممارسة التعسف والإذلال.


أن أسطورة مجدي يعقوب تبرهن يوم بعد يوم ، إن الطبيب المصري هو من أمهر أطباء العالم ، الذي يستطيع أن يعمل بأقل الإمكانات واقل الأدوات والآلات  جودة  وأن توفر لهم حسن العيش والتمويل اللازم والكافي للبحث العلمي والبيئة  الهادئة الخالية من أي صراعات علمية أو عملية سيصبح لدينا مائة مجدي يعقوب يستطيعون تغيير حياة البشرية للأفضل في عالم ملئ بويلات بشرية من أوبئة وحروب تفقدهم أطرافهم وصراعات ومجاعات وتهجير قسري وحرائق وحوادث إرهابية تودي بحياة البشر 
بين من يخترع سلاح بيولوجي وينشر وباء ليقتل البشر وبين شخص قارب التسعين عامًا يحاول إنقاذ البشرية وكما قالت أدياننا السماوية :- 
"ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " المائدة:32  
" أعط للطبيب كرامته ، لأجل فوائده فان الرب خلقه ." سي 38:1

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مجدي يعقوب الإنسانية السير مجدي يعقوب المزيد مجدی یعقوب

إقرأ أيضاً:

آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند

هل أصبحنا نعيش فقط من أجل التريند؟سؤال قد يبدو بسيطًا، لكنه يعكس واقعًا يفرض نفسه على حياتنا اليومية، خاصة في ظل هيمنة السوشيال ميديا على سلوكياتنا واختياراتنا، وسط زحم التريندات السريعة، ومحاولات كثيرة من صُناع المحتوى وحصد مشاهدات بأي وسيلة.

 

و من هنا، ينطلق فيلم "ريستارت" في محاولة كوميدية لتفكيك هذا الهوس وتصحيح مفاهيم مغلوطة فرضها هذا الهوس على وعي الجيل الجديد، وطرح تساؤل أعمق: ماذا لو أعدنا تشغيل وعينا من جديد؟

 

من أبرز عناصر النجاح في الفيلم القصة والسيناريو لـ أيمن بهجت قمر الذي يتميز دائما أسلوبه في الكتابة في المزج ما بين الكوميديا وعمق الفكر الإنساني لتوصيل الفكرة للجمهور بكل سهولة،حيث تنطلق الأحداث من خلال مهندس فني هواتف ذكية يدعى "محمد" والذي يجسد دوره تامر حسني يحلم بالزواج من فتاة طموحة تدعى "عفاف" والذي تجسد دورها هنا الزاهد تسعى للانتشار كمؤثرة على السوشيال ميديا.


تبدأ الأحداث مع تقديم 'محمد' بـ مشروع خيري في مسابقة ما ولكن يتفاجأ بأنه حصل على أقل الأصوات مقارنة بباقي المشاريع الأخرى التي يعتبر محتواها بلا فائدة،للتأكيد أن هذا الجيل أصبح يقيس نجاحه بعدد اللايكات والمشاهدات، متجاهلًا قيمًا أعمق مثل  المحتوى الهادف، والحب الحقيقي، والنجاح الحقيقي، والانتماء، والمسؤولية.

 


تقف الفلوس عائق أمام تحقيق 'عفاف' لحلمها لتكون مؤثرة على السوشيال ميديا لكنها تلجأ إلى وكيل رقمي غامض يدعى "الچوكر" وهو الذي يجسد دوره باسم سمره يجعلهم يقعون في أكثر من فخ ويفعلون اشياء غريبة لا تتماشى مع مبدأهم من أجل المشاهدات والتريند والشهرة السريعة.


وهو الأمر الذي يجعل' محمد ' يأخذ قرار بقطع كابل الإنترنت العمومي لينتهي هذا الهوس، لكن لم يكن يعلم أن هذا القرار سيعيق حياة كثير من الناس بتوقف حركة البنوك وغيرها من الخدمات التي تعتمد على وجود الإنترنت لتكون رسالة قوية إلى أن الحل ليس في قطع الإنترنت فله الكثير من المزايا مثل عيوبه لكننا فنستطيع التحكم  في الحد من العيوب بأنفسنا بكل سهولة لذلك لا بد من عمل ريستات لأنفسنا.


ومن أهم عوامل النجاح للفيلم تسكين فريق العمل في أدوارهم خاصة تامر حسني وهنا الزاهد معًا، وبالنسبة لهنا الزاهد نجحت في العيش داخل الشخصية مما اتقنتها بشكل كبير في  هذا الدور ليكون هذا الدور بمثابة تغير جلد لها، خاصة بعد نجاح مسلسل "إقامة جبرية" وما قدمته في "المشروع x"، ولا يمكن أن نغفل عن باسم سمرة ومحمد ثروت والقديرة ميمي جمال، وعصام السقا، ومحمد سيد الشهير بـ “ميكا”،ويُحسب لتامر حسني تكرار التعاون مع أيمن بهجت قمر بعد النجاح الكبير لتجربة فيلم البدلة، وأيضًا تقديم وجوه جديدة للسينما لأول مرة.


وأيضًا لا يمكن أن نغفل عن دور "محمد رشاد" ـ لأول مرةـ الذي قام بدور بلوجر مشهور تصيبه حالة من الجنون بعد قطع الإنترنت ليقف شغله بعد ذلك في مشهدين أبرز فيهم كونه ممثل موهوب، لم يكن دوره به مساحة كبيرة مثلما كنت أريد، لكن اتمنى أن تكون البداية له ليظهر بعد ذلك موهبته في أعمال سينمائية ودرامية أخرى.


أبرز ما ميز الفيلم فكرة تواجد ضيوف الشرف من النجوم، فتواجد  إلهام شاهين وشيماء سيف بشخصياتهم الحقيقية ومشهدهم مع تامر حسني الذي كنت أتمنى أن يكون لهم مساحة أكبر في الدور لأن مشاهدهم  اضحكتني كثيرًا  ، بالإضافة إلى وجود محمد رجب كضيف شرف بدور ضابط شرطة.


أخيرًا فيلم "ريستارت" دعوة صريحة لإعادة التفكير، ليس فقط في قراراتنا الشخصية، بل في الطريقة التي نتلقى بها المعلومات، ونتعامل بها مع الشهرة، والمظاهر، والنجاح السريع، فهل نعيش حقًا لأنفسنا؟ أم لأن "اللايك" و"التريند" صارا المحرك الأساسي لمشاعرنا وخياراتنا؟

مقالات مشابهة

  • كريمة أبو العينين تكتب: الدب الروسي وفتى الكاوبوي
  • سيتي ديفيلوبرز تطلق مشروع ARYA.. أيقونة الرفاهية المعاصرة في واجهة جزر دبي المائية
  • آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند
  • المتحف المصري الكبير.. رئيس الوزراء يتابع آخر الترتيبات لافتتاح أيقونة مصر الحضارية المرتقبة
  • الذكاء الإصطناعي يتجاوز البشر في التعلم
  • د. شيماء الناصر تكتب: المرأة بين الأضرار والحرب على البيئة
  • نورهان خفاجي تكتب: صنعاء بلا أجنحة
  • إلهام أبو الفتح تكتب: لبيك اللهم لبيك
  • بن طريف تكتب في حق العيسوي
  • الأمل الواضح في غزة.. الخدمات الإنسانية في قلب المجتمع المحلي