فرنسا أول المبادرين: مؤتمر دولي جديد لدعم لبنان
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": الزيارة الخاطفة التي بدأها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من الجميزة بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جاءت لتؤكد على حرص فرنسا على الروابط التاريخية بين البلدين، والأهمية الاستراتيجية للبنان في السياسة الخارجية لباريس في بيروت لاسباب جيوسياسية، ف "الأم الحنون" كما يحلو لبعض اللبنانيين ان يسمونها، كانت البلد الوحيد الذي لم يمل من طرح المبادرات الرامية إلى اخراج البلد من أزمته، من المبادرة الفرنسية التي اطلقها ماكرون وكلف بها وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان للبحث عن مخرج لأزمة الرئاسة، إلى الورقة الفرنسية التي تلاقت في بعض جوانبها مع الورقة الاميركية وكان هدفها الدفع نحو تطبيق قرار مجلس الامن ١٧٠١، وصولاً إلى الزيارات المتعددة لوزراء وموفدين فرنسيين إلى بيروت في مسعى لخرق الحصار الاسرائيلي على لبنان إبان حرب الشهرين، وصولاً إلى اتفاق وقف النار.
اما في العنوان الثاني لزيارته فيكمن في إبداء الاستعداد للتعاون في مجال حشد الدعم الدولي لمشروع اعادة الإعمار. وربما سيكون ذلك اما من خلال الصندوق الائتماني الذي تعتزم الحكومة إنشاءه بالتعاون مع البنك الدولي من اجل اعادة اعمار الجنوب، على ما اعلن ميقاتي نفسه، علماً ان هكذا صندوق سيكون على طاولة الحكومة المقبلة.
لم تتأخر فرنسا يوماً عن لعب دور الراعي للبنان، فاستضافت عاصمتها على مر اكثر من ثلاثة عقود سلسلة من مؤتمرات الدعم التي تجاوز بعدها الدعم السياسي ليشمل ترجمة عملية عبر دعم مالي واقتصادي ساهمت فيه الدول والمنظمات المانحة، وليس آخرها المؤتمر المنعقد في باريس في تشرين الاول الفائت لدعم الشعب اللبناني على مواجهة تداعيات الحرب الاسرائيلية.
وعليه، لن تكون المرة الاولى التي تسارع فيها باريس إلى استضافة مؤتمر دعم جديد للبنان مع انبثاق سلطة دستورية جديدة على رأس الجمهورية وعلى طريق تشكيل حكومة جديدة تتولى هكذا امر. وهو اعلن ذلك صراحة من قصر بعبدا عندما اكد ان بلاده ستحشد الدعم الدولي لعقد مؤتمر لاعادة الإعمار.
من مؤتمرات "باريس ١" و"باريس ٢" و"باريس ٣" إلى مؤتمر "سيدر" مروراً بمؤتمر "سان كلو"، وصولاً الى مؤتمر دعم الجيش، والمؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني بعد عام على انفجار مرفأ بيروت، وقد عقد عبر تقنية الفيديو، ومؤتمر دعم اللبنانيين الأخير، ورغم الجدية في التحضير وحشد الدول والمؤسسات المانحة لهذه المؤتمرات، إلا أنها غالبا ما كانت تصطدم عند التنفيذ بألغام الحسابات السياسية الداخلية المعطلة لأي جهود لإخراج لبنان من أزمته من خلال رعاية دولية. علماً ان المؤتمر الأخير خرق المسار الدولي وشكل اول مبادرة تطلقها فرنسا على المستوى العربي او الدولي وسط تحفظ لافت في تعامل الاسرة الدولية مع الوضع اللبناني. اذ باستثناء الدعم الإنساني والإغاثية التي قدمته او ودعت به بعض الدول الصديقة للبنان، لم يتبلور بعد اي مسار ستسلكه البلاد في اعادة اعمار المناطق المهدمة تمهيداً لمعالجة ازمة النازحين الناجمة عنها.
وعلى اهمية الدعم السياسي الذي يحفظ مكانة لبنان على الخارطة الدولية، إلا ان الاهمية الأكبر تكمن في تسييل هذا الدعم نظراً إلى اهمية المساعدات المالية حجماً وتوزيعاً على القطاعات الاقتصادية وليس فقط الإنسانية. فالمؤتمر الاخير لم يسلك طريقه بعد نحو التنفيذ ان بالنسبة إلى مبلغ ٨٠٠ مليون دولار للبنانيين والقطاعات الإنسانية او مبلغ ٢٠٠ مليوناً مخصصة للجيش.
وهذا الواقع ينسحب على المؤتمرات السابقة، التي واجه تنفيذها وتسييل أموالها عقبات عدة تعود إلى منطق الزبائنية والمحاصصة او البيروقراطية او الحسابات السياسية الرامية إلى تفشيل تلك المؤتمرات، فكانت الاموال تصل تباعاً وبصعوبة بحيث تفقد جزءاً من جدواها.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
كشف الدكتور محمد العزبي، خبير العلاقات الدولية، تفاصيل جديدة حول ما وصفه بـ"الصفقة الجارية لإعادة الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى المشهد"، مؤكدًا أن جزءًا من بنودها يتضمن تسليم الأسد لدولة أخرى لإجراء محاكمة شكلية تمهيدًا لتبرئته من تهم جرائم الحرب.
وأشار العزبي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إلى أن هذا الطرح "غير مسبوق وخطير للغاية"، متسائلًا: "وفق أي قانون سيتم محاكمته؟ السوري أم الدولي؟ وكيف يتم إعداد سيناريو يعيد شخصًا متهمًا بقتل شعبه إلى واجهة المشهد؟".
وأوضح أن هذه البنود كانت محل رفض وسخرية في البداية، حيث اتُهم هو وآخرون بـ"الجنون وترويج الأوهام"، قبل أن تظهر تقارير دولية – بينها تقرير لوكالة رويترز وأخرى لهيئة الإذاعة البريطانية BBC – تؤكد صحة ما نشره، وتكشف عن تحركات فعلية تمهّد لهذه الصفقة.
وأكد العزبي أن ما تم نشره في الإعلام الدولي يتوافق مع ما تم كشفه مسبقًا عبر البرنامج، مشيرًا إلى أن هذه التسريبات أحدثت حالة هلع داخل صفوف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة في مناطق نفوذ التنظيم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا غير متوقع، يتمثل في فتح عدد من السجون في حمص وحلب وإطلاق سراح مجموعات معينة، ضمن سيناريو يعزّز مخطط تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة.
وكشف العزبي أن الجولاني وافق ضمن الصفقة على التخلي عن المناطق الغنية بالنفط والغاز لصالح إسرائيل، مستشهدًا بتقرير بثته القناة الإسرائيلية 12، ظهر خلاله مسؤولون إسرائيليون يتحدثون صراحة عن "ضرورة بقاء مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن الجولاني لم يصدر أي تصريح يعترض فيه على هذه التصريحات، رغم ظهوره مؤخرًا في مقاطع وصفت بأنها "استعراضية وغير واقعية".
وأكد العزبي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف ضد سيناريو التقسيم، وقد نجحت بالفعل في تمرير قرار أممي يمنع تفكيك الدولة السورية ويطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي يسيطر عليها.
وفي ختام حديثه، انتقد العزبي الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان وتنظيم داعش، معتبرًا هجومهم الحاد على مصر وعلى كل من يكشف الحقائق "محاولة بائسة للتغطية على حجم الترتيبات التي تجري في الخفاء".